الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - بابُ هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ دارَ هِجْرَتَكُم ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ"، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(باب هِجْرة الحبَشة)
قوله: (وقالت عائشة) موصولٌ في (الصّلاة).
(أريت) بضم الهمزة.
(لابتين) اللَّابَة -بتخفيف الموحَّدة-: الحَرَّة ذات حِجارةٍ سُودٍ.
(قِبَل) بكسر القاف: الجِهَة.
(فيه عن أبي موسى وأسماء) موصولان في (غزوة خيبر) في حديثٍ واحدٍ.
* * *
3872 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِي، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ
يَغُوثَ قَالَا: لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ فِي أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبةَ؟ وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَهْيَ نصَيحَةٌ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَرْء! أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلَاةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِي، فَقَالَا: قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا، إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ، فَقَالَا لِي: قَدِ ابْتَلَاكَ اللهُ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا نصَيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا؟ قَالَ: فتَشَهَّدْتُ ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ، وَقَدْ أكثَرَ النَّاسُ فِي شَاْنِ الْوَليدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي! آدْرَكتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا، قَالَ: فتَشَهَّدَ عُثْمَانُ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ، وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعْتُهُ، وَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ
وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ، أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَلَى: قَالَ فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ بِالْحَقِّ، قَالَ: فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ.
وَقَالَ يُونس وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ.
الحديث الأوّل:
(خالك عُثمان) ليس ذلك لكون أُمه أُختَ عُثمان، بل لكونها من بني أُمَيَّة، وهي أُمُّ قِتَال بنت أُسيد بن أبي العِيْص بن أُمَيَّة، وكذا أُمُّ أبي عُبيد الله، وهو عدي، أُمُّ إياس بنت أُمَيَّة.
(الهجرتين الأولتين)؛ أي: هجْرة المدينة، وهجْرة الحبَشة، والأَوليَّة فيهما باعتبار هِجْران مَنْ هاجَر بعده من الصَّحابة.
(هَدْيه) بفتح الهاء، وسُكون الدال: الطَّريقة، والسِّيرة.
(يا ابن أُختي) هو الصَّواب، وفي بعضها:(أخي)، فإما أنَّه سهوٌ، أو على عادة العرَب من قوله: يا ابن أخي، ويا ابن عَمِّي.
(العذراء) البِكْر، أي: إلى عِلْم الشَّريعة كما وصَل إلى المُخدَّرات، بل وُصولُه إليَّ بطريقٍ أَولى.
وسبق الحديث في (مناقب عُثمان)، وشرحه، والجواب عن قوله هناك:(جلَده ثمانين)، وهنا:(أربعين)؛ إمّا بأن العدَد لا يَنفي
الزائدَ، وإما بأن السَّوط له طرَفان، فهي أربعون باعتبارٍ، وثمانون باعتبارٍ.
(النعم)؛ أي: لأن البلاء من الأَضداد، بمعنى: النِّعمة، أو النِّقمة، وهما من الإفعال، يُقال: أبلاه اللهُ بلاءً حسنًا، وأَبليتُه مَعروفًا، والذي من المِحْنة فمن الافتِعال، أي: الابتِلاء بالمصيبات.
* * *
3873 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَن أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ، فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِه مَسْجدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
الثّاني:
سبق في (المساجد)، في (باب: هل تُنبش قُبور المشركين؟).
* * *
3874 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ، قَالَتْ: قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُويرِيَةٌ، فَكَسَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَمِيصَةً لَهَا أَعْلَامٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الأَعْلَامَ بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: "سَنَاهْ،
سَنَاهْ"، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: يَعْنِي حَسَنٌ حَسَنٌ.
الثّالث:
(أُم خالد) اسمها: أَمَة، بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، كُنيت بذلك؛ لأنها أُم خالد بن الزُّبير بن العَوَّام، وهي أيضًا بنت خالد بن سَعيد بن العاص.
(سَنَاه) بفتح المهملة، وتخفيف النُّون: كَلِمةٌ حبَشيةٌ، بمعنى: حسَنٌ.
مرَّ في (باب: مَنْ تكلَّم بالفارسية)، في (كتاب الجهاد).
ولا يُنافي هذا قولها هناك: (أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مع أبي وعليَّ قميصٌ أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَنَه)؛ لجواز اجتماع الأمرين، أو أن القصَّة مكررةٌ.
* * *
3875 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فترُدُّ عَلَيْنَا؟ قَالَ: "إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا"، فَقُلْتُ لإبْرَاهِيمَ: كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَرُدُّ فِي نَفْسِي.
الرابع:
(شغلًا)؛ أي: بالله عنكم.
(لإبراهيم)؛ أي: قال الأعمش لإبراهيم النَّخَعي.
* * *
3876 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنحنُ بِالْيَمَنِ، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ".
الخامس:
(النجاشي) بفتح النون: أصْحَمة، بفتح الهمزة، وإسكان المهملة الأُولى، وفتْح الثّانية.
وزعم ابن دِحْيَة أنه بكسر النون أيضًا، والحبَشة تقولُه بالخاء المعجمة.
وقيل: اسم النجاشي: عَطيَّة.
وفي "نوادر التفسير" لمُقاتِل: أن اسمه: مَكْحُول بن صَعْصَعة.
* * *