المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس عشر هل يدخل العبد في الخطاب المضاف إلى الناسوالمؤمنين، والأمة، والمسلمين - المهذب في علم أصول الفقه المقارن - جـ ٤

[عبد الكريم النملة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني عشر في العموم والخصوص

- ‌المبحث الأول في العموم

- ‌المطلب الأول تعريف العام

- ‌المطلب الثاني بيان أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

- ‌المطلب الثالث هل العموم من عوارض المعاني حقيقة أو لا

- ‌المطلب الرابع أقسام العام

- ‌المطلب الخامس هل للعموم صيغة في اللغة موضوعة له

- ‌المطلب السادس في صيغ العموم

- ‌المطلب السابع الجمع المنكر هل يفيد العموم إذا لم يقع في سياق النفي

- ‌المطلب الثامن هل نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفي المساواةبينهما من كل الوجوه

- ‌المطلب التاسع الفعل المتعدي إلى مفعول هل له عمومبالنسبة إلى مفعولاته أو لا

- ‌المطلب العاشر دلالة العام هل هي ظثية أو قطعية

- ‌المطلب الحادي عشر أقل الجمع ما هو

- ‌المطلب الثاني عشر هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب

- ‌المطلب الثالث عشر حكاية الصحابي للحادثة بلفظ عام هل يفيد العموم

- ‌المطلب الرابع عشر حكاية الراوي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "كان " هل يفيد العموم؛ وأن هذا الفعل يتكرر منه صلى الله عليه وسلم، أو لا

- ‌المطلب الخامس عشر هل يدخل العبد في الخطاب المضاف إلى الناسوالمؤمنين، والأمة، والمسلمين

- ‌المطلب السادس عشر الجمع الذي فيه علامة التذكير هل يتناول النساء

- ‌المطلب السابع عشر العام بعد التخصيص هل هو حقيقةفي الباقي أو يكون مجازاً

- ‌المطلب الثامن عشر هل العام المخصوص حُجَّة في الباقي

- ‌المطلب التاسع عشر هل يجوز تخصيص العام إلى أن يبقى واحد

- ‌المطلب العشرون المخاطِب - بكسر الطاء - هل يدخل في عموم خطابه

- ‌المطلب الواحد والعشرون هل يجب اعتقاد عموم اللفظقبل البحث عن المخصص

- ‌المطلب الثاني والعشرون الجمع المنكر المضاف إلى ضمير الجمع هل يقتضيالعموم في كل من المضاف والمضاف إليه

- ‌المطلب الثالث والعشرون هل المفهوم له عموم

- ‌المطلب الرابع والعشرون ترك الاستفصال في حكاية الحال مع وجود الاحتمال هل ينزل منزلة العموم في المقال

- ‌المبحث الثاني في الخصوص

- ‌المطلب الأول تعريف التخصيص

- ‌المطلب الثاني هل يجوز تخصيص العموم

- ‌المطلب الثالث في مخصِّصات العموم المنفصلة

- ‌المطلب الرابع في المخصصات المتصلة

- ‌الفصل الثالث عشر المطلق والمقيد

- ‌المبحث الأول تعريف المطلق

- ‌المبحث الثاني في أي شيء يكون المطلق؛ والأمثلة على ذلك

- ‌المبحث الثالث تعريف المقيد

- ‌المبحث الرابع على أي شيء يطلق المقيد

- ‌المبحث الخامس مقيدات المطلق

- ‌المبحث السادس إذا اجتمع مطلق ومقيد فهل يحملالمطلق على المقيد أو لا

- ‌المبحث السابع إذا ورد لفظ مطلق، ثم قيده مرة، ثم قيده مرة ثانيةبخلاف التقييد الأول، فما الحكم

- ‌الفصل الرابع عشر في المنطوق والمفهوم

- ‌المبحث الأول في المنطوق

- ‌المطلب الأول تعريف المنطوق

- ‌المطلب الثاني أقسام المنطوق

- ‌المطلب الثالثأقسام المنطوق غير الصريح

- ‌المبحث الثاني في المفهوم

- ‌المطلب الأول تعريف المفهوم، وبيان قسميه

- ‌المطلب الثاني في مفهوم الموافقة

- ‌المطلب الثالث في مفهوم المخالفة

- ‌الباب الخامس في القياس

- ‌الفصل الأول في تعريف القياس

- ‌المبحث الأول في تعريف القياس لغة

- ‌المطلب الأول فيما يطلق عليه لفظ " القياس " لغة

- ‌المطلب الثاني في خلاف العلماء في لفظ " القياس " هل هو حقيقةفي هذين المعنيين، أو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر

- ‌المبحث الثاني في تعريف القياس اصطلاحا

- ‌المطلب الأول هل يمكن تحديد القياس بحد حقيقي

- ‌المطلب الثاني هل القياس دليل مستقل أو هو من فعل المجتهد

- ‌المطلب الثالث تعريف القياس المختار، وبيانه بالشرح والأمثلة

- ‌الفصل الثاني في حجية القياس، أو التعبد بالقياس

- ‌المبحث الأول في بيان معنى الحجية، والتعبد

- ‌المبحث الثاني تحرير محل النزع

- ‌المبحث الثالث هل القياس حُجَّة؛ أي: هل يجوز التعبد بالقياسويكون دليلاً من الأدلة على إثبات الأحكام أو لا

- ‌المبحث الرابع النص على عِلَّة الحكم هل هو أمر بالقياس أو لا

- ‌المبحث الخامس هل التنصيص على العلَّة يوجب الإلحاق عن طريقالقياس، أو عن طَريق اللفظ والعموم

- ‌المبحث السابع في ما يجري فيه القياس وما لا يجري فيه

- ‌المطلب الأول في القياس في العقوبات

- ‌المطلب الثاني القياس في المقدرات

- ‌المطلب الثالث القياس في الأبدال

- ‌المطلب الرابع في القياس في الرخص

- ‌المطلب الخامس القياس في الأسباب والشروط والموانع

- ‌المطلب السادس القياس في العبادات وما يتعلَّق بها

- ‌المطلب السابع القياس في العاديات

- ‌المطلب الثامن القياس في العقليات

- ‌المطلب التاسع في القياس في كل الأحكام

- ‌المطلب العاشر في القياس في الأمور التي لا يراد بها العمل

- ‌المبحث الثامن هل القياس من الدين

الفصل: ‌المطلب الخامس عشر هل يدخل العبد في الخطاب المضاف إلى الناسوالمؤمنين، والأمة، والمسلمين

‌المطلب الخامس عشر هل يدخل العبد في الخطاب المضاف إلى الناس

والمؤمنين، والأمة، والمسلمين

؟

لقد اختلف في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: أن العبد يدخل تحت خطاب التكليف بالألفاظ

العامة المطلقة مثل: " الناس "، و " المؤمنين "، و " المسلمين "،

و"الأمة "، فهو كالحر، فلا يخرج منها إلا بقرينة.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن العبد من جملة

من يتناوله اللفظ؛ فهو من " الناس "، ومن " المؤمنين "، ومن

"المسلمين "، ومن " الأُمَّة "، بدليل: أنه يوصف فيقال: هذا العبد

مسلم، ومؤمن، ومن الناس، والأُمَّة، ولا يوجد مانع من دخوله

لا شرعي ولا عقلي.

المذهب الثاني: أن العبد لا يدخل تحت تلك الخطابات إلا بدليل

وقرينة تدخله، وهو مذهب بعض الشافعية، وبعض المالكية.

دليل هذا المذهب:

أن أكثر الأوامر الشرعية لم يدخل العبد فيها كالأمر بصلاة الجمعة،

والأمر بالزكاة، والأمر بالحج، والأمر بالجهاد، ونحو ذلك، مما

يدل على أن تلك الخطابات موجهة إلى كاملي التكليف، وهم

الأحرار.

ص: 1547

أي: أنه نظراً إلى خروج العبد عن بعض التكاليف، فإنه لا

يدخل ضمن الخطابات العامة إلا بدليل وقرينة.

جوابه:

إن خروج العبد عن بعض التكاليف لا يلزم منه: عدم دخوله في

الخطابات العامة؛ لأن هذه التكاليف التي سقطت ورفعت عنه: قد

سقطت ورفعت عنه لعذر، وهو: كونه رقيقا مما جعله فقيراً مشتغلاً

بخدمة سيده، فإذا زال هذا العذر - وهو الرق - عادت إليه

التكاليف كاملة، قياساً على المريض والمسافر والحائض والنفساء،

فإن هؤلاء تسقط عنهم بعض التكاليف كأداء صوم رمضان في وقته

لعذر، وهو التلبس بالمرض، أو السفر، أو الحيض، أو النفاس،

فإذا زال هذا العذر عاد إليهم هذا التكليف.

وقياساً على الحائض، والنفساء، حيث تسقط عنهما الصلاة في

وقتها لعذر وهو: الحيض، والنفاس، ولا يقضيان، فإذا زال

الحيض أو النفاس عاد إليهما وجوب الصلاة.

ولم يقل أحد: إن المريض، والمسافر، والحائض، والنفساء لا

يدخلون تحت لفظ " الناس "، و " المؤمنين "، و " المسلمين "،

و" الأمَّة "، وهم في حالة عذرهم، فكذلك العبد يدخل تحت لفظ

الناس والمؤمنين، وغيرها من الخطابات، وهو في حالة الرق، ولا

فرق بين العبد وهؤلاء، والجامع: أن كلًّا من العبد والمريض

والمسافر والحائض والنفساء قد زال عنه التكليف لعذر، وهو الرق

بالنسبة للعبد، والمرض، والسفر، والحيض، والنفساء، فإذا زال

هذا العذر عادت إلى هؤلاء جميعاً التكاليف كاملة.

ص: 1548

اعتراض على هذا:

قال قائل - معترضاً -: إن الصلاة والصيام قد سقطت عن

المسافر، والحائض، والمريض، والنفساء؛ نظراً لوجود السبب

السقط وهو: وجود مشقة الجمع بين هذه التكاليف والمرض،

والسفر، والحيض، والنفاس، أما العبد فلا توجد هذه المشقة

فيستطيع أن يصلي الجمعة، ويحج، ويزكي، ويجاهد، ومع ذلك

فقد أسقطت عنه تلك التكاليف، فلم تسقط عنه تلك إلا لأنه لا

يدخل تحت الخطابات الموجهة إلى الأحرار.

جوابه:

كذلك العبد قد أسقطت عنه هذه التكاليف لأسباب، وهي كما

يلي:

أما سبب سقوط صلاة الجمعة عمه فهو: أنه مأمور بخدمة سيده؛

حيث إنه يعتبر من مال السيد، فلا بد أن يسخر لهذه الخدمة.

والخدمة لا تتم إلا إذا كان خادماً في كل الأوقات، ومنها وقت

صلاة الجمعة؛ حيث إنه يبقى في المنزل ويجهزه استعداداً لقدوم سيده

من الصلاة، ثم إنه قد أخرج أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجمعة حق على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ".

فاستثناء هؤلاء يدل على أنهم يدخلون في الخطابات، كما دخل

غيرهم، وإنما خرج العبد بالاستثناء؛ لما ذكرناه من السبب.

أما سبب سقوط الزكاة عنه فهو: أن الزكاة تجب على من ملك

نصابا وحال عليه الحول، والعبد لا يملك المال، بل كله مملوك؛

ص: 1549

قياساً على الحر الفقير الذي لا يملك نصابا، فإنه لا تجب عليه

الزكاة، ومع ذلك فقد دخل تحت تلك الخطابات، فكذلك العبد.

أما سبب سقوط الحج عنه فهو: ما قلناه في سبب سقوط صلاة

الجمعة عنه.

ولأن الحج مشروط بالاستطاعة المالية، والعبد لا يملك شيئاً،

لذلك سقط عنه الحج، قياساً على الحر الذي لا يملك ما يحج به،

فإنه يسقط عنه الحج، ومع ذلك يدخل تحت الخطابات، فكذلك

العبد.

أما سبب سقوط الجهاد عنه فهو: أن رقبته مال، والمالية التي فيه

للسيد، وفي الجهاد تعرض للتلف، والسيد له حفظ ماله من التلف.

المذهب الثالث: أن العبد لا يدخل في الخطابات العامة المتعلقة

بحقوق الآدميين، أما الخطابات العامة المتعلقة بحقوق اللَّه، فيدخل.

حكي هذا عن أبي بكر الجصاص.

دليل هذا المذهب:

أن العبد لا يملك فعل شيء من حقوق الآدميين كالعقود

والإقرارات، ونحو ذلك، فلم يدخل في الخطاب بها، أما حقوق

الله فإنه يملك أن يتعبد اللَّه سبحانه.

جوابه:

إن العبد لم يمبك التصرف في العقود والإقرارات بسبب: كونه

رقيقاً وملكاً لسيده، وهذا لا يمنع من دخوله في الخطاب بها وبغيرها،

ثم يخص بدليل، وذلك كصيغة العموم، فإنها تستغرق جميع

الأفراد، وإن جاز أن يخصص فرداً، وتخصيص هذا الفرد لا يبطل

ص: 1550

ما وضع له، وكذلك حقوق اللَّه تعالى يتوجه إليه الخطاب بها،

وكثير منها لا يملك فعله - كما سبق بيانه - ومع ذلك لا يمنع دخوله

تحت تلك الخطابات.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف معنوي؛ وذلك لأن أصحاب المذهب الأول قصدوا: أن

العبد يدخل ضمن الخطابات الموجهة إلى الأحرار كالناس، والأُمَّة،

والمسلمين، والمؤمنين دخولاً أصلياً، ولا يخرج عن ذلك الخطاب إلا

بدليل، وهي الأسباب التي ذكرناها سابقاً.

أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم قصدوا: أن العبد لا يدخل

ضمن تلك الخطابات أصلاً، وما دخل فيها فإنه دخل بدليل مثل

القياس.

أما أصحاب المذهب الثالث فهم وافقوا أصحاب المذهب الأول

بالنسبة لحقوق اللَّه تعالى، ووافقوا أصحاب المذهب الثاني بالنسبة

لحقوق الآدميين.

ويلزم من ذلك: بناء على المذهب الأول أنه تجب على العبد صلاة

الجمعة إذا أذن له سيده في حضورها؛ لأن المانع كان من جهة السيد

وقد انتفى.

وكذلك يلزم منه بناء على المذهب الأول: أنه يجب عليه الحج إذا

أذن له سيده في دخول الحرم.

أما على المذهب الثاني فإنه يلزم منه: أنه لا تجب عليه صلاة

الجمعة، ولا الحج، ولو أذن له سيده؛ لأنه أصلاً لم يدخل تحت

التكاليف إلا بدليل خارجي.

ص: 1551