المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السادس في صيغ العموم - المهذب في علم أصول الفقه المقارن - جـ ٤

[عبد الكريم النملة]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني عشر في العموم والخصوص

- ‌المبحث الأول في العموم

- ‌المطلب الأول تعريف العام

- ‌المطلب الثاني بيان أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

- ‌المطلب الثالث هل العموم من عوارض المعاني حقيقة أو لا

- ‌المطلب الرابع أقسام العام

- ‌المطلب الخامس هل للعموم صيغة في اللغة موضوعة له

- ‌المطلب السادس في صيغ العموم

- ‌المطلب السابع الجمع المنكر هل يفيد العموم إذا لم يقع في سياق النفي

- ‌المطلب الثامن هل نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفي المساواةبينهما من كل الوجوه

- ‌المطلب التاسع الفعل المتعدي إلى مفعول هل له عمومبالنسبة إلى مفعولاته أو لا

- ‌المطلب العاشر دلالة العام هل هي ظثية أو قطعية

- ‌المطلب الحادي عشر أقل الجمع ما هو

- ‌المطلب الثاني عشر هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب

- ‌المطلب الثالث عشر حكاية الصحابي للحادثة بلفظ عام هل يفيد العموم

- ‌المطلب الرابع عشر حكاية الراوي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "كان " هل يفيد العموم؛ وأن هذا الفعل يتكرر منه صلى الله عليه وسلم، أو لا

- ‌المطلب الخامس عشر هل يدخل العبد في الخطاب المضاف إلى الناسوالمؤمنين، والأمة، والمسلمين

- ‌المطلب السادس عشر الجمع الذي فيه علامة التذكير هل يتناول النساء

- ‌المطلب السابع عشر العام بعد التخصيص هل هو حقيقةفي الباقي أو يكون مجازاً

- ‌المطلب الثامن عشر هل العام المخصوص حُجَّة في الباقي

- ‌المطلب التاسع عشر هل يجوز تخصيص العام إلى أن يبقى واحد

- ‌المطلب العشرون المخاطِب - بكسر الطاء - هل يدخل في عموم خطابه

- ‌المطلب الواحد والعشرون هل يجب اعتقاد عموم اللفظقبل البحث عن المخصص

- ‌المطلب الثاني والعشرون الجمع المنكر المضاف إلى ضمير الجمع هل يقتضيالعموم في كل من المضاف والمضاف إليه

- ‌المطلب الثالث والعشرون هل المفهوم له عموم

- ‌المطلب الرابع والعشرون ترك الاستفصال في حكاية الحال مع وجود الاحتمال هل ينزل منزلة العموم في المقال

- ‌المبحث الثاني في الخصوص

- ‌المطلب الأول تعريف التخصيص

- ‌المطلب الثاني هل يجوز تخصيص العموم

- ‌المطلب الثالث في مخصِّصات العموم المنفصلة

- ‌المطلب الرابع في المخصصات المتصلة

- ‌الفصل الثالث عشر المطلق والمقيد

- ‌المبحث الأول تعريف المطلق

- ‌المبحث الثاني في أي شيء يكون المطلق؛ والأمثلة على ذلك

- ‌المبحث الثالث تعريف المقيد

- ‌المبحث الرابع على أي شيء يطلق المقيد

- ‌المبحث الخامس مقيدات المطلق

- ‌المبحث السادس إذا اجتمع مطلق ومقيد فهل يحملالمطلق على المقيد أو لا

- ‌المبحث السابع إذا ورد لفظ مطلق، ثم قيده مرة، ثم قيده مرة ثانيةبخلاف التقييد الأول، فما الحكم

- ‌الفصل الرابع عشر في المنطوق والمفهوم

- ‌المبحث الأول في المنطوق

- ‌المطلب الأول تعريف المنطوق

- ‌المطلب الثاني أقسام المنطوق

- ‌المطلب الثالثأقسام المنطوق غير الصريح

- ‌المبحث الثاني في المفهوم

- ‌المطلب الأول تعريف المفهوم، وبيان قسميه

- ‌المطلب الثاني في مفهوم الموافقة

- ‌المطلب الثالث في مفهوم المخالفة

- ‌الباب الخامس في القياس

- ‌الفصل الأول في تعريف القياس

- ‌المبحث الأول في تعريف القياس لغة

- ‌المطلب الأول فيما يطلق عليه لفظ " القياس " لغة

- ‌المطلب الثاني في خلاف العلماء في لفظ " القياس " هل هو حقيقةفي هذين المعنيين، أو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر

- ‌المبحث الثاني في تعريف القياس اصطلاحا

- ‌المطلب الأول هل يمكن تحديد القياس بحد حقيقي

- ‌المطلب الثاني هل القياس دليل مستقل أو هو من فعل المجتهد

- ‌المطلب الثالث تعريف القياس المختار، وبيانه بالشرح والأمثلة

- ‌الفصل الثاني في حجية القياس، أو التعبد بالقياس

- ‌المبحث الأول في بيان معنى الحجية، والتعبد

- ‌المبحث الثاني تحرير محل النزع

- ‌المبحث الثالث هل القياس حُجَّة؛ أي: هل يجوز التعبد بالقياسويكون دليلاً من الأدلة على إثبات الأحكام أو لا

- ‌المبحث الرابع النص على عِلَّة الحكم هل هو أمر بالقياس أو لا

- ‌المبحث الخامس هل التنصيص على العلَّة يوجب الإلحاق عن طريقالقياس، أو عن طَريق اللفظ والعموم

- ‌المبحث السابع في ما يجري فيه القياس وما لا يجري فيه

- ‌المطلب الأول في القياس في العقوبات

- ‌المطلب الثاني القياس في المقدرات

- ‌المطلب الثالث القياس في الأبدال

- ‌المطلب الرابع في القياس في الرخص

- ‌المطلب الخامس القياس في الأسباب والشروط والموانع

- ‌المطلب السادس القياس في العبادات وما يتعلَّق بها

- ‌المطلب السابع القياس في العاديات

- ‌المطلب الثامن القياس في العقليات

- ‌المطلب التاسع في القياس في كل الأحكام

- ‌المطلب العاشر في القياس في الأمور التي لا يراد بها العمل

- ‌المبحث الثامن هل القياس من الدين

الفصل: ‌المطلب السادس في صيغ العموم

‌المطلب السادس في صيغ العموم

بعد أن عرفنا أن للعموم صيغة في اللغة خاصة، موضوعة له، تدل

على العموم حقيقة: نريد أن نبين في هذا المطلب تلك الصيغ، فأقول:

هي كما يلي:

الصيغة الأولى: أدوات الاستفهام.

الصيغة الثانية: أدوات الشرط.

الصيغة الثالثة: " كل " و " جميع ".

الصيغة الرابعة: الجمع المعرف بـ " أل ".

الصيغة الخامسة: الجمع المعرف بالإضافة.

الصيغة السادسة: " واو " الجماعة.

الصيغة السابعة: " النكرة في سياق النفي ".

الصيغة الثامنة: المفرد المحلى بـ " أل ".

الصيغة التاسعة: المفرد المعرف بالإضافة.

الصيغة العاشرة: الاسم الموصول.

الصيغة الحادية عشرة: " سائر " المشتق من سور المدينة.

ص: 1487

وإليك بيان تلك الصيغ، مع الاستدلال على كل واحدة منها، وبيان

المتفق عليه والمختلف فيه منها.

وقد ذكر بعضهم: أن الصيغ أكثر من هذا، ولكن كل ما ذكروه

يرجع إلى ما ذكرناه، فأقول:

ص: 1488

الصيغة الأولى: أدوات الاستفهام، وهي أنواغ:

النوع الأول: " من " المستعملة للعقلاء كقولك: " من عندك من

الطلاب؟ ".

النوع الثاني: " ما " المستعملة لغير العقلاء كقولك: " ما عندك

من البهائم؟ ".

النوع الثالث: " أي " المستعملة للعقلاء كقولك: " أي العلماء

قابلت؟ "، والمسنعملة لغير العقلاء كقولك: " أي الدواب

ركبت؟ ".

النوع الرابع: " متى " الزمانية كقولك: " متى تزورني؟ ".

النوع الخامس: " أين " المكانية كقولك: " أين تذهب؛ ".

النوع السادس: " أيان " الزمانية كقوله تعالى: (يسألونك عن

الساعة أيان مرساها) ، وغير ذلك.

دليل إفادة هذه الصيغة للعموم:

دل على أن أدوات الاستفهام تفيد العموم: أن تلك الألفاظ

والصيغ إما أن تكون للعموم فقط، أو للخصوص فقط، أو لهما

معاً بالاشتراك اللفظي، أو لا تكون لكل واحد منهما، والكل باطل

إلا الأول.

بيان ذلك:

أنه لا يصح أن تكون موضوعة للخصوص فقط، إذ لو كانت

موضوعة له: لما حسن من المجيب أن يجيب بلفظ كل أو جميع؛

لأن الجواب يجب أن يكون مطابقاً للسؤال، لكن لا نزاع في ذلك،

ص: 1489

فإذا قال: " من عندك؟ " يمكن للمجيب أن يقول: " عندي جميع

أو كل الطلاب "، فلو كانت للخصوص لما صح ذلك.

ولا يصح أن تكون موضوعة للخصوص والعموم بالاشتراك

اللفظي؛ لأنه يكون مجملاً، والمجمل لا يمكن أن يجاب عنه

بجواب معين إلا بعد عدة استفهامات عن الأقسام الممكنة، فمثلاً إذا

قال: " من عندك؟ "، فإذا كانت " من " مشتركة بين الخصوص

والعموم، فإن المجيب - لا بد أن يقول له: " أتسألني عن الرجال

أم عن النساء؟ "، فإذا قال: أسألك عن الرجال، فلا بد أن

تقول: أتسألني عن رجال العرب أو عن رجال العجم؟ ، فإذا قال:

أسألك عن رجال العرب، فلا بد أن تقول: أتسألني عن رجال

ربيعة، أو مضر؟

وهلم جرا إلى أن يأتي على جميع أحياء العرب

وقبائلهم، ثم يأتي على جميع أصنافها من العلماء، والجهال،

والشيوخ، والكهول، والبيض، والسود، وغير ذلك.

فثبت أنه لو صح الاشتراك لوجبت هذه الاستفهامات، لكنها غير

واجبة؛ لأمرين:

أولهما: أنه لا عام إلا وتحته عام آخر، وإذا كان كذلك: كانت

التقسيمات الممكنة غير متناهية، والسؤال عنها على سبيل التفصيل

محال.

ثانيهما: أنا علمنا بالضرورة من عادة أهل اللسان: أنهم

يستقبحون مثل هذه الاستفهامات، فبطل كون تلك الصيغ موضوعة

للعموم والخصوص بالاشتراك اللفظي.

ولا يصح أن لا تكون تلك الصيغ موضموعة للعموم

ص: 1490

ولا للخصوص بالاتفاق؛ لأن هذا يؤدي إلى أنه يوجد في الكتاب

والسّنَّة ألفاظ لا تفيد شيئاً، وهذا غير ممكن.

فلما بطلت الأقسام الثلاثة: لم يبق إلا الأول - وهو أنها

موضوعة للعموم - وهو الصحيح.

***

الصيغة الثانية: أدوات الشرط، وهي أنواع:

النوع الأول: " من " المستعملة للعقلاء كقوله تعالى: (ومن

يتوكل على اللَّه فهو حسبه) .

النوع الثاني: " ما " المستعملة لغير العقلاء كقوله تعالى:

(ما عندكم ينفد) .

النوع الثالث: " أي " المستعملة للعقلاء كقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت نفسها فنكاحها باطل "،

والمستعملة لغير العقلاء كقولك:

"أي بهيمة رأيتها فاشترها "،

و" أي " عامة فيما تضاف إليه من

الأشخاص، والأزمان، والأمكنة، والأطوال.

النوع الرابع: " أين " المكانية كقوله تعالى:

(أينما تكونوا يدرككم الموت) .

النوع الخامس: " متى " الزمانية كقولك: " متى تجلس أجلس ".

ونحو ذلك.

الأدلة على إفادة تلك الصيغة للعموم:

دل على أن أدوات الشرط تفيد العموم ما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: صحة الاستثناء مما دخلت عليه أداة الشرط، فيصح

أن يقول: " من دخل داري فأكرمه إلا زيداً "، والاستثناء يخرج من

الكلام ما لولاه لدخل، فثبت أن " من " الشرطية للعموم.

ص: 1491

الدليل الثاني: إجماع الفقهاء وأهل اللسان على ترتب الأحكام

العامة إذا عبر بلفظ من هذه الألفاظ الشرطية، فمثلاً لو قال: " من

دخل من عبيدي هذه الدار فهو حر "، فإن الفقهاء وأهل اللسان قد

أجمعوا على أنه يعتق كل عبد له دخل الدار، ولهذا يجوز لكل من

سمع هذا ورأى دخول العبد الدار أن يستخدمه، ويستأجره،

ويشتري منه ويبيع عليه، دون إجازة مولاه.

الدليل الثالث: توجيه الاعتراض والذم إلى من خالف الأمر العام

بها، وسقوطه عمن جرى على موجب العموم، فمثلاً لو قال

السيد لعبده: " من دخل داري فأكرمه "، فإن أكرم جميع الداخلين

فإنه يستحق المدح والثواب، وإن أكرم بعض الداخلين فقط دون

البعض الآخر، فإنه يستحق الاعتراض من السيد، وذمه وعقوبته فلو

جاء عقلاء أهل اللغة وهو يعاقبه فقالوا: لماذا تفعل به هذا؛ فقال

لهم: إني قد أمرته بأمر عام، فلم ينفذ ذلك الأمر العام، فهنا

يوافقونه على هذا الذم، وهذا يدل على أن أداة الشرط تفيد العموم.

الصيغة الثالثة: " كل "، و " جميع ":

مثل قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ،

وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) .

والفرق بين " كل " و " جميع ":

أن " كل " تقتضي الاستغراق والعموم مطلقا، سواء أضيفت إلى

نكرة نحو قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) .

أو أضيفت إلى معرفة وهي جمع كقولك: " كل الرجال ".

ص: 1492

أو أضيفت إلى معرفة وهي مفرد كقولك: " كل غزال جميل ".

ولذلك كانت " كل " أصرح صيغ العموم؛ لشمولها العاقل

وغيره، والمذكر والمؤنث، والمفرد، والمثنى، والجمع، وسواء ذكر

المضاف إليه كما سبق، أو حذف المضاف إليه نحو قوله تعالى:

(كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ) .

أما " جميع " فهي مثل " كل " إلا أنها لا تضاف إلا إلى معرفة

فقط، فتقول:" جميع الرجال "، ولا تقول:" جميع رجل "،

أما " كل " فيجوز ذلك.

الأدلة على إفادة هذه الصيغة للعموم:

دل على أنهما يفيدان العموم: ما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن أهل اللغة إذا أرادوا التعبير والغوص في

الاستغراق، فإنهم يفزعون إلى استعمال لفظ " كل "، و " جميع "

ولو لم يفيدا العموم لما فزعوا إليهما وتركوا غيرهما.

الدليل الثاني: أنه لما سمع عثمان بن مظعون قول لبيد:

...

...

وكل نعيم لا محالة زائل

قال له: " كذبت نعيم الجنة لا يزول "، فلولا أن " كل " تفيد

العموم لما صح هذا التكذيب، وقد سبق هذا.

الدليل الثالث: لو قال السيد: " أعتقت كل - أو جميع -

عبيدي وإمائي "، ومات في الحال، ولم يعلم منه أمر آخر سوى

هذه العبارة: فإن الفقهاء قد أجمعوا على أن جميع عبيده وإمائه قد

عتقوا، ولهذا يجوز أن يتصرف معهم بأي نوع من أنواع التصرف

بدون الرجوع إلى الورثة.

الدليل الرابع: أن لفظ " كل " و " بعض " موضوع أحدهما

ص: 1493

للعموم، والآخر موضوع للخصوص، و "كل " مقابل للبعض، واتفق

على أن لفظ " بعض " للخصوص، فيكون لفظ " كل " للعموم.

الدليل الخامس: سقوط الاعتراض عن المطيع بالأمر بهما،

وتوجيهه على العاصي، بيانه:

أن السيد لو قال لعبده: " أكرم كل من دخل داري "، فإن أكرم

جميع الداخلين، فإنه يسقط الاعتراض عنه، ويستحق المدح، فلو

قال السيد لعبده: " أنت أفنيت دراهمي بإكرامك جميع الداخلين

وإنما قصدت من عبارتي: إكرام العلماء فقط "، فيقول العبد

- مدافعاً عن نفسه -: " أنت ما أمرتني بإكرام العلماء، وإنما أمرتني

بإكرام جميع الداخلين "، فعقلاء أهل اللغة يوافقون العبد على

تصرفه، ويخالفون السيد، فلو لم تكن " كل " مفيدة للعموم لما

صح ذلك.

وكذلك لو أن العبد أعطى كل الداخلين إلا واحداً، فقال له

السيد: لماذا لم تعطه؛ فقال العبد: لأنه جاهل - مثلاً - فإن العبد

يستوجب التأديب من قبل السيد، ومن قبل عقلاء أهل اللغة، لأنه

لم يمتثل الأمر على العموم، ولو لم تكن " كل " تفيد العموم لما

صح ذلك.

***

الصيغة الرابعة: الجمع المعرف بـ " أل " مثل: " الرجال "

و" المسلمين " و " الناس ":

إن كان هناك معهود، فإنه ينصرف إلى المعهود مثل قولهم:

"جمع الأمير الصاغة "، وإن لم يكن هناك معهود، فقد اختلف

العلماء هل يفيد العموم أو لا؛ على مذهبين:

ص: 1494

المذهب الأول: أنه يفيد العموم.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، للأدلة التالية:

الدليل الأول: أنه لما قال بعض الأنصار: " منا أمير ومنكم أمير "

قال أبو بكر رضي الله عنه: إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:

" الأئمة من قريش "، فسلم الأنصار ذلك وانسحبوا، ولو لم يدل

الجمع المعرف بـ " أل " - وهو هنا " الأئمة " على العموم لما صحت تلك

الدلالة، ولما انسحب الأنصار - ولما وافقه بقية الصحابة على ذلك،

وقد سبق.

الدليل الثاني: أنه لما عزم أبو بكر على قتال مانعي الزكاة، قال

له عمر: أليس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه - فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها "،

فهنا قد احتج عليه بعموم لفظ " الناس "، ولم ينكر

عليه أبو بكر ولا أحد من الصحابة إفادته للعموم، بل عدل أبو بكر

إلى الاستثناء، فقال: أليس قد قال: " إلا بحقها "، وأن الزكاة

من حقها.

الدليل الثالث: أن هذا الجمع يؤكد بما يقتضي العموم، كقوله

تعالى: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) ، فلو لم يفد العموم لما

جاز تأكيده بـ كل، وبـ أجمع.

الدليل الرابع: صحة الاستثناء من الجمع المعرف بـ " أل " فتقول.:

"أكرم الرجال إلا زيداً"، ولو لم يكن مفيداً العموبم لما صح الاستثناء

منه.

الدليل الخامس: الجمع المعرف أعلى في الكثرة من الجمع المنكر؛

لأنه يصح انتزاع المنكر من المعرف، ولا ينعكس: فيجوز أن تقول:

ص: 1495

" رجال من الرجال "، ولا يجوز أن تقول:" الرجال من رجال "،

ومعلوم بالضرورة أن المنتزع منه أكثر من المنتزع.

المذهب الثاني: أن الجمع المعرف بـ " أل " لا يفيد العموم، بل هو

يحتمل العموم والخصوص، وهو مذهب قد حكي عن أبي هاشم

المعتزلي.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن " أل " يحتمل أن تكون استغراقية، ويحتمل أن

تكون عهدية، والاحتمالان متساويان، فيكون الجمع المعرف بأل

مشتركا بين العموم والخصوص.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أن " أل " للتعريف، فينصرف إلى ما يعرفه

السامع، فإن كان هناك عهد، فالسامع به أعرف، فيصرفه إليه،

وإن لم يكن هناك عهد كان السامع أعرف بالكل من البعض؛ لأن

الكل واحد، والبعض كثير مختلف، فيكون الجمع المعرف بـ أل

منصرفا إلى الكل.

الجواب الثاني: إنما يقال ذلك: إذا كان لا يتبادر من الجمع

المعرف بـ " أل " أي معنى من المعنيين، وهذا غير صحيح هنا؛ لأنه يتبادر

من الجمع المعرف بـ " أل " الاستغراق، فيكون يقتضيه حقيقة، ولا يحمل

على العهد إلا بقرينة.

الدليل الثاني: أنه يقال: " جمع الأمير العلماء "، فإنه معلوم:

أنه ما جمع جميع العلماء الذين على وجه الأرض، والأصل في

ص: 1496

الكلام الحقيقة، فتكون هذه الألفاظ حقيقة فيما دون الاستغراق،

فوجب أن لا تكون حقيقة في الاستغراق.

جوابه:

أن هذا القول صحيح، ولكنه مخصص بالعرف، فهو جمع

العلماء الذين يمكنه جمعهم عرفا، كما يقال: " من دخل داري

أكرمته "، فإنه لا يتناول الملائكة واللصوص.

الدليل الثالث: أنه لو كان الجمع المعرف بـ " أل " يفيد العموم: للزم

أن يكون قولنا: " رأيت كل الناس " خطأ؛ لأنه تكرار للفظين

يؤديان معنى واحداً وهما: " كل "، و " الناس "، حيث يفيدان

العموم.

وللزم أن يكون قولنا: " رأيت بعض الناس " خطأ؛ لأنه

تناقض، حيث إن لفظ " بعض " مناقض للفظ:" الناس ".

جوابه:

لا نسلم أن الأول يكون تكراراً، بل يكون تأكيداً.

ولا نسلم أن الثاني يكون نقضا، بل يكون تخصيصا.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا معنوي وهو ظاهر، فإنه على المذهب الأول يكون

لفظ " الرجال "، أو " المؤمنون " مفيداً للعموم بدون قرائن، أما

على المذهب الثاني فإنه لا يفيد العموم إلا بقرينة.

فلو حلف ليصومن الأيام، فإنه بناء على المذهب الأول: يحمل

ص: 1497

على جميع أيام العمر، وبناء "على المذهب الثاني: لا يحمل على

شيء حتى تأتي قرينة تبين المراد، وهكذا.

***

الصيغة الخامسة: الجمع المعرف بالإضافة يفيد العموم:

دلَّ على ذلك ما يلي:

الدليل الأول: صحة الاستثناء، فيجوز أن تقول: " أكرم طلاب

الكلية إلا زيداً ".

الدليل الثاني: لو قال: " أعتقت عبيدي وإمائي "، و " طلقت

نسائي "، فإنه يعم جميع العبيد، والإماء، والنساء بإجماع العلماء.

الدليل الثالث: سقوط الاعتراض عن المطيع بالأمر بهذه الصيغة

وتوجهه على العاصي.

وكل هذه الأدلة قد سبق بيانها.

***

الصيغة السادسة: " واو " الجمع تفيد العموم، فإذا أمر جمعا

بصيغة الجمع فإنه يكون للعموم:

يدل على ذلك: أن السيد لو قال لعبيده: " قوموا "، فإن قاموا

جميعا، فإنهم يستحقون المدح، وإن قام بعضهم، دون بعض،

فإن الذين قاموا يستحقون المدح، أما الذين لم يقوموا فإنهم

يستحقون الذم والتأديب.

فاستحقاق هؤلاء للمدح، وهؤلاء للذم دليل على أن الصيغة

للعموم.

ص: 1498

أثر هذه الصيغة:

أنه لو قال - مثلاً - لوكلائه: " أعطوا زيداً مما في أيديكم

عشرة"، فإن كل واحد مأمور بإعطاءه شيئاً، ويفهم أيضا من كلامه:

أن كل واحد مأمور بإعطاءه عشرة غير ما يعطيه صاحبه.

***

الصيغة السابعة: النكرة في سياق النفي هل تفيد العموم؟

مثاله: " لا أحد في الدار "، أو " ما قام أحد " ونحو ذلك.

اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: صحة الاستثناء من هذه النكرة، فيجوز أن تقول:

" لا رجل في الدار إلا زيداً "، و " ما قام أحد إلا زيداً "،

والاستثناء دليل على أن المستثنى منه عام.

الدليل الثاني: أنه لو لم تكن النكرة في سياق النفي تعم لما كان

قول الموحد: " لا إله إلا اللَّه " نفيا لجميع الآلهة سوى اللَّه تعالى.

الدليل الثالث: أن " لا " في قولهم: " لا رجل في الدار "

مسماة بـ " لا الجنس "، وإنما ينتفي الجنس بانتفاء كل فرد من أفراده،

وذلك يدل على أنه يفيد الاستغراق.

المذهب الثاني: أن النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا

بشرط أن تكون النكرة مسبوقة بـ " من " الجارة، سواء كانت ظاهرة

كقوله تعالى: (وما من إله إلا الله)، أو مقدرة كقوله:(لا إله إلا الله)، والتقدير: ما من إله يعبد بحق إلا اللَّه.

ص: 1499

وهو مذهب بعض النحاة كأبي البقاء العكبري، وبعض اللغويين.

دليل هذا المذهب:

أن النكرة في سياق النفي إذا خلت من حرف " من " تكون غير

صريحة في إفادتها للعموم؛ حيث يجوز الزيادة عليها فتقول مثلاً:

" ما عندي رجل بل رجلان "، وهذا لا يؤدي إلى التناقض؛ حيث

إنه قصد: أن ما عنده رجل واحد، بل عنده رجلان، لذلك لا تعم.

أما إذا قال: " ما عندي من رجل "، فإنه يعم؛ لامتناع إثبات

الزيادة عليه، فلا يمكنه أن يقول:" ما عندي من رجل بل رجلان "

صمان قاله: وقع تناقض، ولا فرق بين الصورتين إلا إثبات " منْ "

وعدمها، فدل على أن " من " هي المؤثرة في العموم.

جوابه:

يجاب عن هذا بجواب إجمالي، وتفصيلي:

أما الجواب الإجمالي فهو أن يقال: إن هذا مخالف لإجماع

العلماء في الفقه والعقيدة.

أما مخالفته لما أجمع عليه العلماء في الفقه، فهو أن العلماء قد

أجمعوا على أن الشخص لو حلف وقال: " والله لا آكل رغيفا "

فإنه يحنث إذا أكل رغيفين، وتجب عليه كفارة يمين، فلو كان قولكم

صحيحا: لما حنث؛ حيث إنه يؤول - على زعمكم - بأنه حلف أن

لا ياكل رغيفا واحداً، ولم يحلف على أنه لا ياكل رغيفين.

أما مخالضه لما أجمعت عليه الأُمَّة في العقيدة فبيانه أن يقال:

لو كان يجوز أن يقال: " ما عندي رجل بل رجلان " لجاز أن

يقال في قوله تعالى: (ولم تكن له صاحبة) بل صاحبتان.

ص: 1500

ولجاز أن يقال في قوله تعالى: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) ، بل

يظلم اثنين، لأنه ورد فيها كلها نكرة، ولم يتوفر فيها شرطكم،

وهو: كونها مسبوقة بـ مِن، لذلك ما تقتضي العموم على زعمكم،

وهذا ظاهر البطلان، بل يؤدي إلى الكفر.

أما الجواب التفصيلي فهو أن يقال: إن النكرة إذا أطلقت - أي:

لم تقيد بأي قرينة - فإنها تكون مستعملة فيما وضعت له حقيقة،

وهو العموم مثل قولنا: "ما عندي رجل "، و " لا رجل في الدار".

أما إذا لم تطلق بل قيدت بقرينة، فإنها تكون لما اقتضته هذه

القرينة، فتكون لغير ما وضعت له، وهو المجاز، أي: الخصوص

مثل قوله: " ما عندي رجل بل رجلان "، فقوله:" بل رجلان "

قرينة لفظية صرفت اللفظ، وهي: النكرة في سياق النفي من كونها

مفيدة للعموم إلى أنها للخصوص، فإذا زالت هذه القرينة، فإن

الصيغة وهي: النكرة في سياق النفي تعود لما وضعت له أصلاً،

وهو: العموم، قياساً على أسماء الحقائق، فلو قال مثلاً: " رأيت

أسداً "، فإن السامع يحمل لفظ " الأسد " على ما وضع له حقيقة

وهو: الحيوان المفترس، فإذا قال المتكلم:" رأيت أسداً يخطب "

فإن السامع يحمل لفظ " الأسد " على غير ما وضع له، وهو:

الرجل الشجاع بسبب تلك القرينة، وهي لفظ " يخطب "، فلو

زالت القرينة، فإن السامع يحمل لفظ " الألممد " على الحقيقة،

وهو الحيوان المفترس.

كذلك هنا: فإن لفظ " بل رجلان " إذا وجد لم تفد النكرة في

سياق النفي العموم، وصارت للخصوص، وإذا عدم هذا اللفظ

أفادت النكرة في سياق النفي العموم.

ص: 1501

اعتراض على هذا الجواب:

قال قائل - معترضاً -: إن كلامكم يدل على أن " من " الجارة لا

تأثير لها في العموم، ووجودها في بعض الآيات، كقوله تعالى:

(مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) لا فائدة منه، مما يؤدي إلى أن نقول: إن

هناك حروفاً في القرآن قد وردت عبثا.

جوابه:

نحن لا نقول: إن لفظ: " من " لا فائدة لها، بل لها فائدة

وهي: أنها مؤكدة للعموم، أي: أن النكرة في سياق النفي المسبوقة

بـ " من " اَكد من النكرة في سياق النفي التي لم تسبق بـ " من "،

وفائدة التوكيد في الكلام: رفع اللبس، وإزالة الاتساع في الفهم.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا معنوي، حيث أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها:

ما سبق من أنه إذا قال: " والله لا آكل رغيفاً "، فإنه بناء على

المذهب الأول يحنث إذا أكل رغيفاً فأكثر، وبناء على المذهب الثاني

فإنه لا يحنث إذا اكل رغيفين.

***

الصيغة الثامنة: المفرد المحلى بـ " أل " هل يفيد العموم؛

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يفيد العموم.

وهو مذهب كثير من العلماء وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: صحة الاستثناء من المفرد المحلى بال، وقد ورد

ذلك في القرآن كقوله تعالى: (إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا) .

ص: 1502

فاستثنى اللَّه تعالى هذا الجم الغفير - وهم المؤمنون - من

لفظ " الإنسان "، وهو مفرد محلى بـ أل، فلو لم يكن المفرد المحلى

بـ أل مفيداً للعموم لما جاز الاستثناء منه.

الدليل الثاني: أنه يؤكد بما يؤكد به العموم، وقد ورد ذلك في

قوله تعالى: (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) ، فلفظ

"الطعام " مفرد محلى بـ " أل "، وأكد بلفظ " كل "، فلو لم يكن المفرد

المحلى بـ " أل " مفيداً للعموم لما جاز تاكيده بما يؤكد به العموم.

الدليل الثالث: أنه ينعت بما ينعت به العموم، وورد ذلك بقوله

تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) ، فهنا

قد نعت لفظ " الطفل " وهو مفرد محلى بـ " أل " بالجمع، وهو قوله:

(الذين)، فلو لم يكن المفرد المحلى بـ " أل " مفيداً للعموم: لما جاز

ذلك.

المذهب الثاني: أن المفرد المحلى بـ " أل " لا يفيد العموم.

وهو مذهب كثير من العلماء كفخر الدين الرازي، وأكثر أتباعه،

وأبي هاشم.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أنه لو كان المفرد المحلى بـ " أل " يفيد العموم للزم أنه

إذا قال: " لبست الثوب "، أو " شربت الماء " أنه لا يصدق إلا إذا

لبس جميع ثياب العالم، وشرب جميع مياه الدنيا، وهذا لا يمكن،

فدل على أن المفرد المحلى بـ " أل " لا يفيد العموم.

جوابه:

إن هذه الأقوال مفيدة للعموم، لكنها مخصصة بالعرف، ودليل

ص: 1503

العقل، وهما مخصصان للعموم، فهو لم يلبس إلا الثوب المتعارف

عليه أن يلبس، ولم يشرب إلا الماء الذي يرويه عرفا.

الدليل الثاني: أن المفرد المحلى بـ " أل " لا ينعت بما ينعت به الجمع،

فلا يقال: " جاءني الطالب الفضلاء "، فلو كان مفيداً للعموم لجاز

ذلك.

جوابه:

أنا أثبتنا أن المفرد المحلى بـ " أل " ينعت بما ينعت به الجمع، وهذا ثبت

عن طريق النقل من كتاب الله، ومن كلام العرب:

أما الكتاب، فقد قال تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا على

عورات النساء) .

أما كلام العرب فقد قالوا: " أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم

البيض "، فهنا قد نعت المفرد المحلى بـ " أل " وهو: " الدينار "،

و"الدرهم " بالجمع، وهو " الصفر "، و " البيض "، ولم يقولوا:

" أهلك الناس الدينار الأصفر والدرهم الأبيض " مما يدل على أن

المفرد المحلى بـ " أل " يفيد العموم، أما ما ذكرتموه فهو من إنشاءكم لا

يقوى على معارضة ما ذكرناه.

بيان نوع الخلاف:

هذا الخلاف معنوي؛ حيث إنه أثر في بعض الفروع، ومنها:

1 -

أنه لو قالت المرأة: " قد أذنت للعاقد بهذا البلد أن يزوجني "

فإنه على المذهب الأول: يجوز لكل عاقد أن يزوجها، أما على

المذهب الثاني: فلا يجوز.

2 -

أنه لو قال: " إذا قدم الحاج فأنت طالق ".، فعلى المذهب

ص: 1504

الأول: أنها لا تطلق إلا إذا قدم جميع حجاج هذه البلدة، فلو مات

أحد حجاج هذه البلدة، أو لم يرجع فإنها لا تطلق.

أما على المذهب الثاني: فإنها تطلق إذا قدم واحد من الحجاج.

3 -

إذا نوى التيمم بتيممه الصلاة وأطلق، ولم ينو فرضاً ولا

نفلاً - وقلنا: إن التيمم يبيح الصلاة ولا يرفع الحدث - فهل يتناول

هذا التيمم الفرض والنفل؛ فبناء على المذهب الأول: أنه يتناول

الأمرين، وبناء على المذهب الثاني: فإنه يتناول النفل فقط.

الصيغة التاسعة: المفرد المعرف بالإضافة يفيد العموم:

وهذا دلَّ عليه: صحة الاستثناء، فتقول مثلاً: " أكرم عالم هذه

المدينة إلا زيداً "، والاستثناء دليل على أن المستثنى منه عام.

أثر هذه الصيغة:

1 -

إذا قال: " زوجتي طالق وعبدي حر "، ولم ينو معيناً: فإن

جميع زوجاته طوالق، وجميع عبيدء أحرار؛ استدلالاً بهذه القاعدة.

2 -

إذا قال: " وقفت هذه الدار على ولدي "، فإنه يتناول

جميع أولاده الذكور والإناث؛ بناء على هذه القاعدة.

***

الصيغة العاشرة: الاسم الموصول، سواء كان مفرداً كالذي،

والتي، أو مثنى كاللذين، أو جمعاً كاللذين، واللاتي، واللائي

يفيد العموم:

دل على ذلك ما يلي:

الدليل الأول: صحة الاستثناء فتقول: "أكرم الذي نجح إلا زيداً".

ص: 1505

الدليل الثاني: سقوط الاعتراض من السيد لعبده إذا أمر بأمر فيه

اسم موصول، وامتثل العبد أمر السيد، وتوجهه إذا لم يمتثل.

وهذا إذا قال للعبد: " أكرم الذي يدخل الدار ".

وقد سبق بيان ذلك مراراً.

***

الصيغة الحادية عشرة: " سائر ":

وهي المشتقة من سور المدينة، أي: الشامل.

أما " سائر " التي بمعنى الباقي فليست من صيغ العموم، ومنه

قوله صلى الله عليه وسلم لغيلان الثقفي لما أسلم وتحته عشر من النسوة -: " اختر منهن أربعاً وفارق سائرهن " أي: باقيهن.

ويدل على أن " سائر " من صيغ العموم ما يلي:

الدليل الأول: استعمال فصحاء العرب لها على أنها تفيد العموم

كقول أبي العلاء المعري:

أشرب العالمون حبك طبعا

فهو فرض في سائر الأديان

وقال:

فظن بسائر الإخوان شراً

ولا تأمن على سر فؤادا

الدليل الثاني: صحة الاستثناء، وقد ورد ذلك في قول ذي الرمة:

معرسا في بياض الصبح وقعته

وسائر السير إلا ذاك منجذب.

فسائر هنا بمعنى: جميع، بدليل أنه استثني منه.

ص: 1506