الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع الجمع المنكر هل يفيد العموم إذا لم يقع في سياق النفي
؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يفيد العموم، وهو مذهب أكثر العلماء،
وهو الحق عندي؛ لأن الجمع المنكر صالح لكل مرتبة من مراتب
الجماعة التي تبتدي من الثلاثة إلى العشرة، فيصح أن تقول:
"رجال ثلاثة وأربعة وخمسة"، وهذا كله جائز، لكن لا تشير بذلك
إلى أقل من ثلاثة، إذن الثلاثة لا بد منها، فثبت أنها تفيد الثلاثة
فقط؛ لأنه أقل الجمع، ولا يحمل على ما زاد عليه إلا بدليل.
المذهب الثاني: أنه يفيد العموم.
وهو مذهب الجبائي.
دليل هذا المذهب:
أن المرتبة المستغرقة لهذه المراتب إحدى مراتب الجمع المنكر،
فيحمل عليها؛ لأنه أحوط، فإن ما عداها داخل فيها، أما هي فلا
تدخل في غيرها، وما دام الجمع المنكر يصح حمله على المرتبة
المستغرقة لجميع المراتب كان عاما؛ لأنه يصدق عليه تعريف العام،
وهو: أنه لفظ استغرق جميع ما يصلح له.
جوابه:
لا نسلم أن الأحوط هو حمل الجمع المنكر على المرتبة المستغرقة،
بل هذا ممنوع؛ لجواز أن يكون الأحوط هو حمله على أقل مراتبه،
خصوصاً إذا وقع الجمع في جانب الأمر؛ لأن ذلك فيه براءة الذمة
بخلاف حمله على المرتبة المستغرقة، فإن ذلك يكون شغل الذمة بما
لم يقم الدليل على شغلها به، والأصل أن الذمة بريئة من
التكاليف.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي، وهو ظاهر، فلو قال السيد لعبده: " أكرم
علماء "، فإنه بناء على المذهب الأول: يكرم العبد ثلاثة فقط وتبرأ
ذمته، وبناء على المذهب الثاني: فإنه لا تبرأ ذمة العبد إلا بعد أن
يكرم جميع العلماء.