الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السابع القياس في العاديات
ما كان طريقه العادة والخلقة كأقل الحيض وأكثره، وأقل الحمل
وأكثره، هل يجوز إجراء القياس فيه؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجري القياس في الأمور العادية والخلقية.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن القياس - كما
علمنا سابقاً - مبني على إدراك العلَّة في الأصول والفروع، والأمور
العادية ترجع إلى العادة والخلقة تختلف باختلاف الأشخاص
والأمزجة، ولا يعرف أسبابها، فلا يجوز إثباتها بالقياس.
المذهب الثاني: أنه يجري القياس في الأمور العادية.
وهو مذهب بعض العلماء، نقله أبو عبد اللَّه المحلي.
دليل هذا المذهب:
أن مدار القياس على إدراك المعنى الذي لأجله شرع الحكم، وهذه
الأمور العادية والخلقية ممكن إدراك معناها.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ إدراك المعنى الذي لأجله شرع الحكم في الأمور
العادية؛ نظراً لاختلاف عادات الناس، وأمزجتهم، وما يصلح لهذا
قد لا يصلح لذاك وهكذا، فيصعب إدراك عِلَّة تجمع بين الأصل
والفرع، بل لا يمكن.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف لا شك أنه معنوي؛ حيث أثر في مسألة وهي:
هل الحامل تحيض أو لا؟
فمن ذهب إلى أن القياس يجري في الأمور العادية: أثبت أن
الحامل تحيض وقال: لو منع الحمل دم الحيض لمنع دم الاستحاضة،
ألا ترى أن الصغر لما منع أحدهما منع الآخر، فكذلك الكبر.
ومن ذهب إلى أن القياس لا يجري في هذه الأمور قال: إن
الحامل لا تحيض، وقال: لو كان الدم الذي ينزل من الحامل دم
حيض لحرم به الطلاق، وانقضت به العدة، ولكن كل ذلك لم
يصح، فلم يكن ما ينزل منها دم حيض.
فإذا ثبت أن ما ينزل من الحامل هو دم حيض - كما قال الأولون
هنا - فإنه يترتب على ذلك أحكام شرعية مثل: تحريم مس
المصحف، وامتناعها عن الصلاة، وامتناعها من مواصلة الصوم،
وتحريم وطئها.