الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الله نبأ صدق ما وعدهم في قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: 53] .
وإذا بالوعد يتحقق، [انظر فصل: البينة العلمية] .
[7] حفظه من التغيير والتبديل:
ومن العلامات الإلهية في القرآن كونه محفوظا من التغيير والتبديل، مع مرور الأزمنة المتطاولة على نزوله، وكثرة المعادين والحاقدين والخصوم المتربصين به وبأهله، ومع ذلك لم تنله يد التغيير والتبديل، وما حصل من محاولات التحريف باءت جميعها بالفشل.
فهو محفوظ على مستوى الحرف الواحد بل على مستوى حركة الحرف الواحد، وإنك لتسمع القرآن اليوم يذاع من إذاعات العالم المختلفة ومن الدول المعادية للإسلام «1» ، فإذا هو القرآن المعروف الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا كله تصديق لوعد الله سبحانه الذي تكفل بحفظه فقال سبحانه:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)[الحجر: 9] .
[8] علامات أخرى:
وهناك علامات أخرى تدل المنصف العاقل أن القرآن ليس من عند محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذلك: ما نزل من القرآن بعد طول انتظار:
فقد حصلت في عهد النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حوادث مهمة وحرجة كانت تستدعي بيانا سريعا لها، وكان النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقع في موقف حرج فيها، ومع ذلك كان ينتظر حتى يأتيه الوحي والبيان من الله لتلك
(1) تذيع هذه الدول القرآن تأليفا لقلوب عامة المسلمين.
المواقف. ولو فرضنا أن القرآن كان من عنده صلى الله عليه وآله وسلم لأنقذ نفسه من الحرج دون حاجة إلى التأخير:
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ما قاله أهل الإفك في زوجته السيدة الطاهرة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، ومكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرابة شهر وأهل الإفك يخوضون في باطلهم ومع ذلك لم يتبين له الأمر حتى نزل الوحي من السماء ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)[النور: 11- 18] ، ولو كان القرآن من عنده صلى الله عليه وسلم لأمكنه أن يتلو على الناس بعض الآيات فور ظهور مقالة أهل الإفك في مثل هذه الحادثة التي لا تستدعي أقل وقت للتأخير، وذلك ليبرئ ساحته وعرض أهله، ولكنه لم يفعل لأنه ما كان ليفتري الوحي من دون الله «1» .
(1) ومن ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يتشوق للاتجاه إلى الكعبة في صلاته كما قال تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [البقرة 144] ومع ذلك لم يفعل ذلك حتى جاءه الوحي به، ومنه أنه سئل عن الروح فلم يدر ما يقول، وتأخر عليه الوحي ثم نزل قوله سبحانه: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)[الإسراء 85] ، ولو كان الوحي من عنده لأوجد لنفسه المخارج من مثل هذه المضايق. وانظر مناهل العرفان 2/ 425- 428.