الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التلاشي التدريجي لألوان الطيف السبعة.
ب- ظلمات الحوائل الثلاثة:
1-
السحب. 2- الموج السطحي. 3- الموج الداخلي.
وهي أيضا ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ.
الاكتشافات العلمية المتعلقة بالآية:
مما سبق يتبين أن العلم التجريبي قد اكتشف في فترة طويلة، خلال القرون الثلاثة الماضية، وبعد توفر الأجهزة الدقيقة، وبتضافر جهود أعداد كبيرة من الباحثين وعلماء البحار، الحقائق الآتية:
وجود ظلمات في البحار العميقة.
* وأن هذه الظلمات بعضها فوق بعض.
* تزداد هذه الظلمات بالتدريج مع زيادة العمق حتى تنعدم الرؤية تماما.
* وجود أمواج داخلية تغشى البحر العميق.
* تعمل الأمواج الداخلية بما عليها من الكائنات الهائمة على حجب الضوء.
* عدد الظلمات المتراكمة في البحار العميقة عشر ظلمات، سبع منها بسبب عمق الماء وثلاث بسبب الحوائل الثلاثة: السحاب، الموج السطحي، الموج العميق.
تنقسم مياه البحر قسمين:
أ- مياه البحر السطحي حيث توجد فيها طاقة الضوء.
ب- مياه البحر العميق التي تراكمت عليها الظلمات.
وصف القرآن لهذه الأسرار والحقائق البحرية:
قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ
ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (40)[النور: 40] .
أثبت القرآن وجود ظلمات في البحر العميق، وقيد وصف البحر بلفظ لُجِّيٍّ ليعلم قارئ القرآن أن هذه الظلمات لا تكون إلا في بحر لجي أي عميق، أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ويخرج بهذا القيد البحر السطحي الذي لا توجد فيه هذه الظلمات.
وقد بين أهل اللغة والتفسير معنى لفظ لُجِّيٍّ، فقال قتادة وصاحب تفسير الجلالين: لجي هو العميق، وقال الزمخشري: اللجي العميق الكثير الماء، وقال الطبري: ونسب البحر إلى اللجة بأنه عميق كثير الماء، وقال البشيري: هو الذي لا يدرك قعره واللجة معظم الماء، والجمع لجج، والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه.
وهذه الظلمات تتكون بسبب العمق في البحر اللجي، وهي ظلمات الأعماق التي سبق الإشارة إليها. قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ.
قال الزمخشري: (بظلمات متراكمة من لج البحر والأمواج والسحاب)، وقال الخازن: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ أي عميق كثير الماء
…
معناه أن البحر اللجي يكون قعره مظلما جدّا بسبب غمورة الماء) ، وقال المراغي: (فإن البحر يكون مظلم القعر جدّا بسبب غور الماء
…
) .
وذكر القرآن أن للبحر العميق موج يغشاه من أعلاه. قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ.
وذكرت الآية وجود موج آخر فوق الموج الأول، قال تعالى: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ. وهذه صفة للبحر وهي: وجود موجين في وقت واحد أحدهما فوق الآخر، وليست أمواجا متتابعة على مكان واحد بل هي
موجودة في وقت واحد، والموج الثاني فوق الموج الأول.
وتشير الآية إلى أن فوقية الموج الثاني على الموج الأول كفوقية السحاب على الموج الثاني. قال تعالى: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ....
ذكرت الآية وجود موج يغشى البحر العميق ويغطيه كما ذكرت وجود موج ثان فوق الموج الأول، وهذا يستلزم وجود بحر فوق (الموج الأول والبحر العميق) وهو البحر السطحي الذي يغشاه الموج الثاني الذي فوقه السحاب.
وأثبت القرآن دور هذه الحوائل الثلاثة في تكوين الظلمات في البحار العميقة، وأن بعضها فوق بعض كما قال تعالى: يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ [النور: 40] وهو ما فهمه بعض المفسرين:
قال الإمام البغوي في تفسيره لهذه الآية: " ظلمة الموج الأول على ظلمة البحر، وظلمة الموج الثاني فوق الموج الأول وظلمة السحاب على ظلمة الموج الثاني".
وقال الإمام ابن الجوزي في تفسيره: " ظُلُماتٍ يعني ظلمة البحر وظلمة الموج الأول، وظلمة الموج الذي فوق الموج، وظلمة السحاب".
اشتملت الآية على ذكر ظلمات الأعماق (السبعة) في أولها وظلمات الحوائل (الثلاثة) في آخرها: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ.
وذكرت الآية أن هذه الظلمات التي سبق ذكرها بسبب الأعماق أو الحوائل بعضها فوق بعض، واستعمل القرآن لفظ ظلمات الذي تستعمله العرب للدلالة على جمع القلة، من الثلاثة إلى العشرة، فقبلها تقول ظلمة وظلمتان، وبعدها تقول إحدى عشرة ظلمة، ومن ثلاث إلى عشر تقول ظلمات كما هي في الآية، وهذا ما كشفه العلم كما سبق بيانه: سبع ظلمات للألوان متعلقة بالأعماق