الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثلاث ظلمات متعلقة بالحوائل (الموج الداخلي، والموج السطحي، والسحاب) .
وبينت الآية التدرج في اشتداد الظلام في البحار العميقة باستعمال فعل من أفعال المقاربة وهو (كاد) وجعلته منفيا. قال تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها.
فدل هذا الاستعمال الدقيق على معنيين:
الأول: أن الذي يخرج يده في هذه الأعماق ليراها لا يراها إلا بصعوبة بالغة كما فهم ذلك بعض المفسرين، ومنهم المبرد والطبري.
الثاني: أن الذي يخرج يده في هذه الأعماق ليراها لا يراها البتة، لأن فعل المقاربة كاد جاء منفيا، فإذا نفيت مقاربة الرؤية دلت على تمام نفي الرؤية، وهذا ما ذهب إليه بعض المفسرين، أمثال الزجّاج وأبو عبيده والفرّاء والنيسابوري.
والآية استعملت تعبيرا يدل على المعنيين معا، فتكون الرؤية بصعوبة في الأعماق القريبة، وتنتفي الرؤية تماما في الأعماق البعيدة، على عمق 1000 متر تقريبا كما مر بنا.
فتأمل كيف جاء التعبير القرآني الموجز دالا على المعاني الصحيحة المتعددة.
وجه الإعجاز:
لقد ذكر القرآن الكريم معلومات دقيقة عن وجود ظلمات في البحار العميقة وأشار إلى سبب تكوينها، ووصفها بأن بعضها فوق بعض، ولم يتمكن الإنسان من معرفة هذه الظلمات إلا بعد عام 1930 م. وأخبر القرآن عن وجود موج داخلي في البحار لم يعرفه الإنسان إلا بعد عام 1900 م، كما أخبر بأن هذا الموج الداخلي يغطي البحر العميق، الأمر الذي لم يعرف إلا بعد صناعة الغواصات بعد الثلاثينيات من القرن العشرين، كما أخبر القرآن عن دور الموج السطحي،
والموج الداخلي في تكوين ظلمات في البحار العميقة، وهو أمر لم يعرف إلا بعد تقدم العلم في القرون الأخيرة. وما سبق من المعلومات لم يكتشفه الإنسان إلا بعد أن ابتكر أجهزة للبحث العلمي تمكنه من الوصول إلى هذه الأعماق، ودراسة هذه الظواهر، وبعد أن استغرق البحث فترة طويلة امتدت لثلاثة قرون من الزمن، واحتشد لها مئات الباحثين والدارسين حتى تمكنوا من معرفة تلك الحقائق. فمن أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بهذه الأسرار في أعماق البحار في وقت كانت وسائل البحث العلمي فيه معدومة، والخرافة والأسطورة هي الغالبة على سكان الأرض في ذلك الزمان، وبخاصة في مجال البحار؟!.
كيف جاءه هذا العلم الدقيق بهذه الأسرار، وهو الرجل الأمي في أمة أمية وبيئة صحراوية، ولم يتيسر له ركوب البحر طوال حياته؟.
وحين عرضت هذه الحقائق على البرفسور (راو) وسئل عن تفسيره لظاهرة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وكيف أخبر محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الحقائق منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام أجاب: (من الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة العلمية كان موجودا في ذلك الوقت منذ ألف وأربعمائة عام، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جدا، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علما بشريا بسيطا. لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة للطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعية)«1» .
إنه لدليل قاطع على أن هذا العلم الذي حملته هذه الآية قد أنزله الله الذي يعلم السر في السموات والأرض، كما قال تعالى: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ
(1) إنه الحق ص 78، للشيخ/ عبد المجيد الزنداني.