الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصوص التي تحث على ملاحظة أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كانت أعماله صلى الله عليه وآله وسلم وأقواله وحركاته وسكناته ومعجزاته الشاهدة بصدق رسالته محل مراقبة من أصحابه لأنها دين يتلقى، ويتوقف دخولهم الجنة، ونجاتهم من النار على اتباعه.
ولما كان الصحابة رضي الله عنهم هم الشهود المباشرون لتلك المعجزات النبوية والناقلون لها، وجب علينا أن نعلم مكانتهم من الضبط والعدالة والتوثيق.
الصحابة حملة الدين الثقات:
(أ) شهادة القرآن والسنة لهم:
لقد قيض الله لخاتم الأنبياء والمرسلين جيلا من الصحابة الصادقين المؤهلين لحفظ الدين، وأخبر سبحانه أنّه قد أعدّ هؤلاء الصحابة إعدادا إيمانيا رفيعا، ليكونوا أهلا لشرف الصحبة وحمل الرسالة. قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)[الحجرات: 7] .
وشهد الله عز وجل لهؤلاء الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار بصدق الإيمان فقال سبحانه: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)[الأنفال: 74] .
وأخبر سبحانه أنه قد رضي عنهم فقال: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)[التوبة: 100] .
وقال تعالى مبينا فضل المهاجرين والأنصار ومثنيا عليهم: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ «1» وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) .
[الحشر: 8- 9] .
وقال تعالى عن أهل بيعة الرضوان «2» : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18)[الفتح: 18] أي فعلم ما في قلوبهم من صدق النية والوفاء بالبيعة. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه حينذاك: " أنتم خير أهل الأرض"«3» .
واستخلفهم الله تعالى في الأرض لتمكين دينه ونشره بين الناس، كما قال تعالى مخاطبا نبيه وأصحابه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (55)[النور: 55] .
كما قال تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج: 41] .
(1) تَبَوَّؤُا الدَّارَ: الدار هي المدينة، دار الهجرة فقد آمن الأنصار وهم في ديارهم قبل قدوم إخوانهم المهاجرين إليهم، انظر تفسير الطبري والبغوي.
(2)
بيعة الرضوان، كانت في شهر ذى القعدة سنة ست من الهجرة، بمكان يسمى الحديبية حيث بايع الصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مناجزة قريش الحرب وعلى أن لا يفروا ولا يولوهم الدبر، فرضي الله عنهم، فسميت هذه البيعة بيعة الرضوان.
(3)
رواه البخاري ك/ التفسير في تفسير سورة الفتح، ومسلم في الإمارة ب/ استحباب مبايعة الإمام الجيش.
وأثنى الله سبحانه عليهم فقال: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [عمران: 110] والخطاب في الآيات يدخل فيه الصحابة رضي الله عنهم دخولا أوليّا. لأنهم أول من خوطب بهذه الآيات الكريمات من الأمة المحمدية، ولتحقق التمكين لهم في الأرض كما وعدهم الله.
وجعل الله سبحانه الصحابة والأمة من بعدهم شهودا على الأمم، وذلك لفضلهم وخيريتهم كما قال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: 143] .
ومعنى الوسطية هنا كونهم عدولا وأخيارا، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم يا ربّ، فتسأل أمّته هل بلّغكم فيقولون: ما جاءنا من نذير، فيقول: من شهودك؟
فيقول: محمّد وأمّته، فيجاء بكم فتشهدون. ثمّ قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً قال عدلا: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: 143]«1» والصحابة أول الأمة دخولا في هذه الآية.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» «2» .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسبّوا أصحابي فلو أنّ أحدكم أنفق
(1) أخرجه البخاري ك/ الاعتصام بالسنة ب/ قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً، والترمذي ك/ تفسير القرآن ب/ ومن سورة البقرة.
(2)
أخرجه البخاري ك/ الشهادات ب/ لا يشهد على شهادة جور إذا شهد، ومسلم ك/ فضائل الصحابة ب/ فضل الصحابة ثم الذين يلونهم.