الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين وقلل المشركين في أعين المسلمين «1» .
(ج) إنزال الملائكة للقتال مع المؤمنين:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى المشركين يوم بدر وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فدعا الله سبحانه مادّا يديه مستقبلا القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، أن ينصره على المشركين قائلا:
اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا، وأتاه أبو بكر وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربّك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله سبحانه قوله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)[الأنفال: 9]«2» .
فخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يثب في الدرع ويقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)[القمر: 45]«3» .
بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يحدد مواضع قتل المشركين، فيقول:
هذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غدا وويضع يده على الأرض، وهذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غدا وويضع يده على الأرض، فكان الأمر
(1) انظر فتح القدير للشوكاني عند قوله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ [الأنفال: 45] .
(2)
أخرجه مسلم ك/ الجهاد والسير ب/ الإمداد بالملائكة، والترمذي ك/ التفسير ب/ ومن سورة الأنفال وابن حبان في صحيحه 11/ 114، وأحمد في المسند 1/ 30 وأبو عوانة في مسنده 4/ 255 وابن أبي شيبة في المصنف 7/ 357 وغيرهم، وأخرج البخاري منه جملة الدعاء ك/ التفسير ب/ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ.
(3)
أخرجه البخاري ك/ التفسير ب/ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وأحمد في المسند 1/ 329 والنسائي في السنن الكبرى 6/ 477 والبيهقي في السنن الكبرى 9/ 46 وغيرهم.
كما قال صلى الله عليه وسلم «1» .
وأمد الله المسلمين في تلك الغزوة بألف من الملائكة الكرام وأمرهم بالقتال مع المؤمنين وأوحى إليهم أن يثبتوا المؤمنين، ووعد سبحانه أنه سيلقي الرعب في قلوب الكافرين. قال تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (12)[الأنفال: 12] قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم بدر: هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب «2» .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط من فوقه، وصوت الفارس فوقه يقول:
أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه «3» ، وشقّ وجهه، كضربة السوط، فاخضرّ ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة «4» .
وقال أبو داود المازني: إنّي لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنّه قد قتله غيري «5» .
(1) أخرجه مسلم ك/ الجهاد والسير ب/ غزوة بدر وفي ك/ صفة القيامة والجنة والنار ب/ عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وأبو داود ك/ الجهاد ب/ في الأسير ينال منه الضرب والنسائي ك/ الجنائر ب/ أرواح المؤمنين وأحمد في المسند 1/ 26 وابن حبان في صحيحه 11/ 25 وغيرهم.
(2)
أخرجه البخاري ك/ المغازي ب/ شهود الملائكة بدرا والطبراني في المعجم الكبير 11/ 342.
(3)
خطم أنفه: أصيب أنفه وضرب.
(4)
أخرجه مسلم ك/ الجهاد ب/ الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وابن حبان في صحيحه 11/ 115 والبزار في مسنده 1/ 306 وعبد بن حميد في مسنده 1/ 41 من المنتخب والأصبهاني في دلائل النبوة 1/ 119.
(5)
أخرجه أحمد في المسند 5/ 450، وابن هشام في السيرة وسنده حسن، وأخرجه ابن جرير في تفسيره عنده قوله تعالى: أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ [آل عمران: 124] .
خطط غزوة بدر الكبرى في 17 رمضان السنة الثانية للهجرة
إحدى العدوات في بدر
وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا، فقال العباس: إن هذا والله ما أسرني! لقد أسرني رجل أجلح «1» من أحسن الناس وجها، على فرس أبلق «2» ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال:
اسكت، فقد أيدك الله بملك كريم «3» .
وقال الربيع بن أنس: كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة ممن
(1) الأجلح: من انحسر شعره عن جانبي رأسه.
(2)
الأبلق: ما فيه سواد وبياض.
(3)
أخرجه أحمد في مسنده 1/ 117 و 4/ 283 وابن أبي شيبة في المصنف 7/ 357 والطبري في تفسيره 4/ 78 وفي تاريخه 2/ 40 قال في مجمع الزوائد 6/ 76: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة، واسناده صحيح كما في تحقيق المسند 2/ 261.