الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* ولقد كانت بداية معرفة الناس بوظيفة الفص الأمامي الجبهي في عام 1842 م، حين أصيب أحد عمال السكك الحديد في أمريكا بقضيب اخترق جبهته، فأثر ذلك في سلوكه ولم يضر بقية وظائف الجسم، فبدأت معرفة الأطباء بوظيفة الفص الجبهي للمخ، وعلاقته بسلوك الإنسان.
* وكان الأطباء يعتقدون قبل ذلك أن هذا الجزء من المخ الإنساني منطقة صامته لا وظيفة لها. فمن أعلم محمدا صلى الله عليه وسلم بأن هذا الجزء من المخ (الناصية) هو مركز القيادة للإنسان والدواب وأنه مصدر الكذب والخطيئة؟!.
* لقد اضطر أكابر المفسرين إلى تأويل النص الظاهر بين أيديهم لعدم إحاطتهم علما بهذا السر، حتى يصونوا القرآن من تكذيب البشر الجاهلين بهذه الحقيقة طوال العصور الماضية، بينما نرى الأمر في غاية الوضوح في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه في الإنسان والدواب.
فمن أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم من بين كل أمم الأرض بهذا السر وبهذا الحقيقة؟!.
إنه العلم الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو شهادة من الله بأن القرآن من عنده؛ لأنه نزل بعلمه سبحانه.
[3] والجبال أوتاد:
قال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (6) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (7) .
[النبأ: 6- 7] .
تشير الآية إلى أن الجبال أوتاد للأرض، والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض، ومعظمه غائر فيها، ووظيفته التثبيت لغيره.
بينما نرى علماء الجغرافيا والجيولوجيا يعرّفون الجبل بأنه: كتلة من الأرض
تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل «1» .
ويقول د. زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذه التضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيرا أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات «2» .
ثم يقول: ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما تقدم السير جورج ايري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساسا مناسبا للجبال التي تعلوها، وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها من جبال لا تمثل إلا جزآ طافيا على بحر من الصخور الكثيفة المرنة، وبالتالي فلا بد أن يكون للجبال جذور ممتدة داخل تلك المنطقة العالية الكثافة لضمان ثباتها واستقرارها «3» .
وقد أصبحت نظرية ايري حقيقة ملموسة مع تقدم المعرفة بتركيب الأرض الداخلي عن طريق القياسات الزلزالية، فقد أصبح معلوما- على وجه القطع- أن للجبال جذورا مغروسة في الأعماق ويمكن أن تصل إلى ما يعادل 15 مرة من ارتفاعاتها فوق سطح الأرض، وأن للجبال دورا كبيرا في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقة الأرض الصخرية. هذا وقد بدأ فهم هذا الدور في إطار تكتونية الصفائح منذ أواخر الستينيات.
.Websters Seventgh New Collegiate Dictionary. (1)
(2)
الفكرة الجيولوجية عن الجبال في القرآن/ الدكتور زغلول النجار ص 3 (بالإنجليزية) ، 1992 إصدارات هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة/ رابطة العالم الإسلامي/ مكة.
(3)
المرجع السابق.
شكل توضيحي آخر يبين كيف تشبه الجبال الأوتاد في شكلها بسبب جذورها العميقة.
ويعرف الدكتور زغلول الجبال في ضوء المعلومات الحديثة فيقول: إن الجبال ما هي إلا قمم لكتل عظيمة من الصخور تطفو في طبقة أكثر كثافة كما تطفو
جبال الجليد في الماء «1» .
ولقد وصف القرآن الجبال شكلا ووظيفة، فقال تعالى: وَالْجِبالَ أَوْتاداً (7)[النبأ: 7] .
وقال تعالى: وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ [لقمان: 10] .
وقال تعالى: وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)[الأنبياء: 31] والجبال أوتاد بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض.
وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقة لزجة نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية «2» .
ولقد تنبه المفسرون- رحمهم الله إلى هذه المعاني فأوردوها في تفسيرهم لقوله تعالى: وَالْجِبالَ أَوْتاداً واليك أمثلة من ذلك:
[1]
قال ابن الجوزي: وَالْجِبالَ أَوْتاداً للأرض لئلا تميد «3» .
[2]
وقال الزمخشري «4» : وَالْجِبالَ أَوْتاداً أي أرسيناها بالجبال كما يرسى
(1) المرجع السابق، ويقول: وإن جبلا ذا متوسط جاذبية نوعية مقداره 7، 2 (وهي جاذبية الجرانيت) يمكن أن يغطس في طبقة من الصخور البلاستيكية متوسط جاذبيتها النوعية حوالي 0 ر 3، حتى يطفو مرسلا جذرا يبلغ حوالي تسعة أعشار امتداده الكلي، وتاركا عشر حجمه الكلي فقط فوق سطح الأرض. وفي بعض الحالات تكون نسبة جذر الجبل إلى ارتفاعه الظاهر 15 إلى 1 تبعا لتركيبة صخوره.
(2)
تسمى المنطقة اللزجة" منطقة الوشاح".
(3)
زاد المسير.
(4)
محمد بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، له باع في اللغة والبيان والتفسير، أخذ بمذهب الاعتزال ودافع عنه، له «الكشاف» في التفسير وغيره من المؤلفات، توفي عام 538 هـ، وكلامه المذكور في كتابه الكشاف.