الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكانت هذه الحادثة توطئة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن تيمية- رحمه الله:
وكان جيران البيت مشركين يعبدون الأوثان، ودين النصارى خير من دينهم، فعلم بذلك أن هذه الآية لم تكن لأجل جيران البيت حينئذ، بل كانت لأجل البيت، أو لأجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي ولد في ذلك العام عند البيت، أو لمجموعهما، وأيّ ذلك كان، فهو من دلائل نبوته، وذلك أنه ليس من أهل الملل من يحج إلى هذا البيت ويصلي إليه إلا أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، التي فرض الله عليها ذلك برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا أهلك الله النصارى أهل الكنائس الذين أرادوا هدم البيت، فتعين بذلك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير من النصارى، وذلك يستلزم أن نبيهم صلى الله عليه وسلم صادق فيما أتى به من ربه «1» .
انشقاق القمر:
سأل كفار مكة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يريهم علامة تدل على صدق نبوته. قال أنس رضي الله عنه: سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يريهم آية (أي علامة على صدق نبوته) فأراهم القمر شقّتين، حتّى رأوا حراء «2» بينهما «3» .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: انشقّ القمر ونحن مع النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فصار فرقتين فقال لنا: اشهدوا اشهدوا «4» . وفي رواية عنه: أنهم
(1) الجواب الصحيح 6/ 55- 56 بتصرف.
(2)
حراء: جبل مرتفع من جبال مكة.
(3)
رواه البخاري ك/ المناقب ب/ انشقاق القمر ومسلم ك/ صفة القيامة ب/ انشقاق القمر وأحمد في المسند 3/ 207 وأبو يعلى في مسنده 5/ 424 والطبري في تفسيره 27/ 85.
(4)
رواه البخاري ك/ التفسير ب/ (وانشق القمر) ونحوه عند مسلم ك/ صفة القيامة ب/ انشقاق القمر والترمذي ك/ التفسير ب/ ومن سورة القمر، والبزار في مسنده 5/ 202 وابن حبان في صحيحه 14/ 420 وأحمد في المسند 1/ 377 والطبراني في المعجم الكبير 10/ 77 وغيرهم.
كانوا وقت انشقاقه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى «1» .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إن القمر انشق في زمان النبي صلى الله عليه وسلم «2» ، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: انفلق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا «3» .
ونزل القرآن العظيم ذاكرا هذه الحادثة العظيمة قال تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)[القمر: 1] . ومع ذلك كذب الكفار هذه الآية العظيمة وزعموا أنهّا سحر «4» .
قال ابن حجر- رحمه الله: وقد ورد انشقاق القمر من حديث علي وحذيفة وجبير بن مطعم وابن عمر وغيرهم.
(1) رواه البخاري ك/ المناقب ب/ انشقاق القمر ومسلم ك/ صفة القيامة ب/ انشقاق القمر.
(2)
البخاري ك/ المناقب ب/ انشقاق القمر، مسلم ك/ صفة القيامة ب/ انشقاق القمر.
(3)
الترمذي ك/ الفتن ب/ ما جاء في انشقاق القمر، وذكر ذلك مسلم في صحيحه ك/ صفة القيامة ب/ انشقاق القمر والطيالسي في مسنده 1/ 257.
(4)
وذكر الحافظ ابن حجر أن أبا نعيم أخرج في الدلائل: أن كفار قريش زعموا أن ذلك سحر فسألوا المسافرين عن ذلك فأخبروهم بوقوعه فتح الباري شرح: ك/ مناقب الأنصار ب/ انشقاق القمر.
وقال ابن عبد البر: قد روى هذا الحديث جماعة كبيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله عنهم الجمّ الغفير إلى أن انتهى إلينا، ويؤيد ذلك بالآية الكريمة، فلم يبق لاستبعاد من استبعد وقوعه عذر.
وقال الخطابي: انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شئ من آيات