الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[5] وأنزلنا الحديد:
قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ [الحديد: 25] .
تتحدث هذه الآية عن وجود الحديد في الأرض وأنه وجد فيها بعملية إنزال من السماء، وهذا يسوقنا إلى دراسة كيفية تكوين الحديد في الكون.
وقد درس العلماء المتخصصون هذا الأمر فوجدوا أن 98 من الكون يتكون من الهيدروجين والهليوم، وهما أخف العناصر «1» ، وأن ال 2 الباقية تشكل العناصر الأثقل وعددها مائة وخمسة عناصر، مما حمل الدارسين على استنباط حقيقة تكون المواد الأثقل وزنا ذريّا من المواد الأخف، وأن ذلك يتم عن طريق الاندماج النووي «2» الذي تصحبه طاقة هائلة، ووجد الباحثون أن هناك نجوما تصل درجة حرارتها من 300 ألف مليون درجة إلى 400 ألف مليون درجة مئوية «3» تسمح بأن يتكون الحديد بداخلها. فإذا وصلت كمية الحديد إلى 50 من كتلة النجم وأصبح قلب النجم كله حديدا تتوقف العملية بالكامل وعندئذ ينفجر النجم، وإذا انفجر تناثرت أشلاؤه في صفحة الكون ودخلت بقدر الله في مجال جاذبية أجرام سماوية أخرى تحتاج إلى هذا الحديد، ونرى ذلك يحدث الآن كما نرى نيازك حديدية تصل إلى الأرض مثل ما حدث في جنوب السودان حين نزل في مدينة جوبا نيزك كتلته (90 طنا) . وأغلب النيزك يحترق باحتكاكه بالغلاف الغازي، ووصول (90 طنا) من الحديد الصافي يعني أن كتلة هذا النيزك كانت أكبر من ذلك بأضعاف كثيرة.
(1)(يكون غاز الهيدروجين وحده وهو أخف العناصر أكثر من 74 من مادة الكون، يليه في الكثرة غاز الهليوم، ثاني أخف العناصر، الذي يكون أكثر من 24 من مادة الكون) .
(2)
إن التفاعل الأساسي الذي يولد كميات الطاقة الهائلة التي تشعها الشمس ومعظم النجوم الآخرى سببه الاندماج النووي لعنصر الهيدروجين وتحوله إلى هليوم، الذي تندمج ذراته بدورها مكونة عناصر أثقل وصولا إلى عنصر الحديد.
(3)
بينما لا تزيد درجة حرارة الشمس عن 600 ألف درجة عن سطحها و 20 مليون في باطنها.
ونحن نرى النيازك الحديدية تصل إلى الأرض وتصل إلى القمر وإلى المجموعات الآخرى، مما دفع العلماء إلى تصور أن الأرض حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوى كومة من الرماد.
ويقول المختصون إن الأرض تشكلت قبل أربعة بلايين ونصف بليون عام، وكانت النيازك والمذنبات تقصفها بشدة وعنف بحيث كانت الحرارة المنبعثة من هذا التصادم والقصف الفائق السرعة كافيه لإذابة الكوكب بأكمله، ثم بدأت تبرد بعد ذلك واستمرت تبرد إلى اليوم، وأخذت المواد الأكثر كثافة مثل الحديد والقادمة من تلك النيازك طريقها إلى قلب ومركز الأرض، بينما صعدت السيليكات الأخف وزنا وكذلك مركبات الأوكسجين الآخرى والماء القادم من المذنبات إلى قرب السطح. ويكون الحديد أكثر من 35 من كتلة الأرض حيث تتكون الأرض من قلب صلب من الحديد ثم يليه قلب منصهر أغلبه من الحديد، ثم أربعة أوشحة متمايزة يشكل الحديد فيها نسبة عالية ثم الغلاف الصخري للأرض وفيه نسبة جيدة من الحديد، ويوضح الشكل الآتي تركز المعادن في طبقات الأرض المختلفة.
ونلاحظ أن القلب الداخلي يتكون في معظمه من الحديد في حالته الصلبة بينما يتكون القلب الخارجي الذي يحيط به من الحديد و 10 من الكبريت، وبهذا يكون الحديد عنصرا مهما من مكونات طبقات الأرض السبع.
وقال البرفسور آرمسترونج «1» أحد مشاهير علم الفلك في أمريكا والذي يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا حين سألناه كيف تكون الحديد: (سأحدثكم كيف تكونت كل العناصر على الأرض. لقد اكتشفناها، بل لقد أقمت عددا من التجارب لإثبات ما أقول لكم. إن العناصر المختلفة تجتمع فيها الجسيمات المختلفة من إلكترونات وبروتونات وغيرها، لكي تتحد هذه الجسميات في ذرة كل عنصر تحتاج إلى طاقة. وعند حسابنا للطاقة اللازمة لتكوين ذرة الحديد وجدنا أن الطاقة اللازمة يجب أن تكون كطاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، ولذلك يعتقد العلماء أن الحديد عنصر
(1) انظر كتاب إنه الحق، الشيخ عبد المجيد الزنداني، ص 67- مطابع المحرابي.
غريب وفد إلى الأرض ولم يتكون فيها.
وعند سؤاله متى اكتشف العلماء التجريبيون حقيقة إنزال الحديد إلى الأرض؟ قال: (بأنها لم تعرف عن العلماء التجريبيين إلا في الربع الأخير من القرن العشرين وأنه لم يشر أحد من العلماء المتخصصين والباحثين إلى شيء من ذلك، ولم تشر كتب العلم التجريبي إلى هذه الحقيقة قبل هذا التاريخ) .
إن علماء الفيزياء قد تمكنوا من أن يوجدوا عناصر أثقل من عناصر أخف «1» واستطاعوا أن يحسبوا الطاقة اللازمة لتكوين كل عنصر من هذه العناصر وقد وجدوا أن الطاقة اللازمة لتكوين ذرة واحدة من الحديد تحتاج إلى أربعة أضعاف
(1) وأن وراء كل اكتشاف من هذه الاكتشافات جائزة نوبل.