الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير الآية:
المعنى اللغوي:
الفرث هو ما في الكرش «1» .
وقيل هو السرجين ما دام في الكرش «2» .
أقوال المفسرين:
اختلف المفسرون في معنى الآية الكريمة بسبب اختلافهم في فهم مدلولات بعض الألفاظ فتصور البعض أن عبارة مِنْ بَيْنِ جاءت للتبعيض أي من بعض الفرث أو من بعض الدم، بينما رأى آخرون أنها مكانية أي من مكان بين الدم والفرث- ونجمل فيما يأتي حصيلة ما قاله المفسرون رحمهم الله تعالى.
[1]
وردت رواية ضعيفة عن ابن عباس رضي الله عنهما مفادها: " أن الدابة تأكل العلف فإذا استقر في كرشها طحنته فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما. "
وقد أورد هذا الحديث كثير من المفسرين، منهم البيضاوي والقرطبي وأبو السعود والشوكاني وابن الجوزي في زاد المسير والآلوسي في روح المعاني وغيرهم. وقد علق بعض هؤلاء المفسرين على القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنهما بعد أن لاحظوا أنه يخالف الواقع المشهود، فقال كل من أبو السعود والبيضاوي والألوسي أن اللبن والدم لا يتكونان في الكرش. ففي روح المعاني يقول الألوسي:
" وتعقب ذلك أي قول ابن عباس الرازي بقوله: ولقائل أن يقول اللبن والدم لا يتولدان في الكرش والدليل عليه الحس، فإن الحيوانات تذبح دائما ولا يرى في كرشها شيء من ذلك ولو كان تولد ما ذكر فيه لوجب أن يشاهد في بعض الأحوال والشيء الذي دلت المشاهدة على فساده لم يجز المصير إليه".
(1) في القاموس المحيط.
(2)
الفيروزأبادي/ وابن منظور في لسان العرب.
[2]
ذكر بعض المفسرين أن الفرث هو مصدر الدم واللبن أي يخرج الدم من الفرث ويخرج اللبن من الفرث كذلك. قال بهذا البيضاوي عندما أوّل الكلام المنسوب لابن عباس بقوله: إن صح فالمراد أن أوسطه يكون مادة اللبن وأعلاه مادة الدم؛ لانهما لا يتكونان في الكرش وقال به الشوكاني في (فتح القدير) .
[3]
وذكر كثير من المفسرين ما يتفق مع جاء به العلم الحديث من أن مكونات اللبن تستخلص من الفرث ثم تستخلص من الدم. وممن قال بذلك القرطبي وأبو السعود وصاحب معاني القرآن، وفي زاد المسير لابن الجوزي في قوله: " الفرث ما في الكرش والمعنى أن اللبن كان طعاما فخلص من ذلك الطعام دم وبقي فرث في الكرش وخلص من ذلك الدم لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ.
وهكذا نلاحظ اختلاف المفسرين في هذه المسألة بسبب عدم توافر المعرفة العلمية في زمانهم، ومع ذلك فقد هدى الله تعالى بعض المفسرين إلى الفهم الصحيح لمعنى مِنْ بَيْنِ وأنها تعنى من بعض الفرث، ثم من بعض الدم، على الرغم من عدم معرفتهم للكيفية التي لم يطلع عليها البشر إلا بعد قرون من نزول هذه الآية الكريمة.
[4]
أن لفظ خالِصاً في الآية دليل آخر على أن مواد اللبن تخلص من بين الدم بعد أن خلصت من الفرث، وقد ألمح إلى هذا المعنى الطبري بقوله:
خلص من مخالطة الدم والفرث فلم يختلطا به.
إلا أن المفسرين- رحمهم الله لم يشيروا إلى هذا المعنى الظاهر وإنما اقتصروا على القول بأن خالِصاً تعنى أن اللبن لا يستصحب لون الدم ولا رائحة الفرث كما قاله البيضاوي والبغوي؛ أو حمرة الدم وقذارة الفرث كما قاله القرطبي والشوكاني؛ أو خالصا عن شائبة ما في الدم والفرث من الأوصاف كما قاله أبو السعود وصاحبا تفسير الجلالين.