الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
حرف العين
-
53-
عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو منصور البغداديّ الغزّال، والد يحيى بْن عَبْد الباقي.
شيخ صالح عابد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا الغنائم بْن المأمون.
روى عنه جماعة.
وتوفّي في رجب.
54-
عليّ بْن عقيل بْن محمد بْن عقيل بْن عَبْد الله [2] .
الإمام أبو الوفاء البغداديّ، الظَّفَريّ [3] ، شيخ الحنابلة، وصنف التّصانيف.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2]
انظر عن (علي بن عقيل) في: مناقب الإمام أحمد 526، 527، وطبقات الحنابلة 2/ 259 رقم 705، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 3/ 29- 32، والمنتظم 9/ 212- 215 رقم 360، (17/ 179- 182 رقم 3882) ، والكامل في التاريخ 10/ 561، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 83- 88، وعيون التواريخ 12/ 90، 91، ومعرفة القراء الكبار 1/ 468، 469 رقم 412، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 4/ 229، 230، وميزان الاعتدال 3/ 146 رقم 5892، وسير أعلام النبلاء 19/ 443- 451 رقم 259، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1631 وفيه:«علي بن محمد» وهو غلط، والوافي بالوفيات 21/ 326- 328 رقم 208، ومرآة الجنان 3/ 204، والبداية والنهاية 12/ 184، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 142- 165 رقم 66، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 8/ 60، 61، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 192- 194 رقم 147، وغاية النهاية 1/ 556، 557 رقم 2278، وتقصير المنتبه 3/ 1061، ولسان الميزان 4/ 243، 244، رقم 661، والنجوم الزاهرة 5/ 219، والمنهج الأحمد 2/ 252- 270، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 417 رقم 362، ومختصر طبقات الحنابلة لابن شطّي 36- 38، وكشف الظنون 71، 1447، 1955، وشذرات الذهب 4/ 35- 40، وجلاء العينين لابن الألوسي 99، وإيضاح المكنون 1/ 85، 130، 312، 341 و 2/ 54، 299، 338، والتاج المكلل للقنوجي 194 رقم 191، وهدية العارفين 1/ 695، ومعجم المؤلفين 7/ 151، 152، والأعلام 4/ 313.
[3]
الظّفري: بفتح الظاء المعجمة والفاء، وفي آخرها راء مهملة. نسبة إلى الظّفرية، محلّة بشرقيّ بغداد كبيرة، وإلى جانبها محلّة أخرى كبيرة يقال لها: قراح ظفر، وهي في قبليّ باب أبرز، والظفرية في غربيّه. قال ياقوت: أظنّهما منسوبتين إلى ظفر أحد خدم دار الخلافة. (معجم البلدان 4/ 20) .
كَانَ يسكن الظَّفَريّة، ومسجده بها معروف.
وُلِد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد المُلْك بْن بِشْران، وأبا الفتح بْن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، والحسن بْن غالب المقرئ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو حفص المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، والسّلفيّ، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
وتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وعلى الموجودين بعده.
وقرأ عِلم الكلام عَلَى أَبِي عليّ بن الوليد، وأبي القاسم بن التّبّان البغداديّين صاحبي القاضي أبي الحسين البصريّ [1] .
[1] وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «إن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردّده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة، وكان يقرأ عليهما في السّر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السّنّة وتأوّل لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات، رحمه الله» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله في (معرفة القراء 1/ 468، 469) : وأخذ علم الكلام عن أَبِي عليّ بْن الوليد، وأبي القاسم بْن التبان، ومن ثم حصل فيه شائبة تجهّم واعتزال وانحرافات.
وقال في (ميزان الاعتدال 3/ 146) : أحد الأعلام، وفرد زمانه علما ونقلا وذكاء وتفنّنا
…
إلّا أنه خالف السلف، ووافق المعتزلة في عدّة بدع، نسأل الله السلامة، فإنّ كثرة التبحّر في علم الكلام ربّما أضرّ بصاحبه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وقال في (سير أعلام النبلاء 19/ 444) : وأخذ علم العقليات عن شيخي الاعتزال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبّان صاحبي أبي الحسين البصري، فانحرف عن السّنّة.
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية نوع الخطأ الّذي وقع فيه فقال في (درء تعارض العقل والنقل 8/ 60، 61) : ولابن عقيل أنواع من الكلام، فإنه كان من أذكياء العالم، كثير الفكر والنظر في كلام الناس، فتارة يسلك مسلك نفاة الصفات الخبرية وينكر على من يسمّيها صفات، ويقول:
إنما هي إضافات موافقة للمعتزلة، كما فعله في كتابه «ذم التشبيه وإثبات التنزيه» وغيره من كتبه، واتبعه على ذلك أبو الفرج بن الجوزي في «كف التشبيه بكف التنزيه» ، وفي كتابه «منهاج الوصول» . وتارة يثبت الصفات الخبرية ويردّ على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة الواضحات، وتارة يوجب التأويل كما فعله في كتابه «الواضح» وغيره. وتارة يحرّم التأويل ويذمّه وينهى عنه، كما فعله في كتابه «الانتصار لأصحاب الحديث» ، فيوجد في كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظّم مشكور، ومن الكلام المخالف للسّنّة والحق ما هو مذموم
أُنبئتُ عَنْ حمّاد الحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: ما رأت عيني مثل الشَّيْخ أَبِي الوفاء بْن عقيل الفقيه. ما كَانَ أحد يقدر أن يتكلّم معه لغزارة عِلْمه، وحُسْن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوّة حُجّته. ولقد تكلَّم يومًا مَعَ شيخنا أَبِي الحَسَن إلْكيا [1] في مسألةٍ، فقال لَهُ شيخنا: هذا لَيْسَ بمذهبك. فقال لَهُ أبو الوفاء:
أكون مثل أَبِي عليّ الْجُبّائيّ، وفلان، وفلان لَا أعلم شيئًا؟ أَنَا لي اجتهاد، حتى ما طالبني خصْمٌ بحُجةٍ، كَانَ عندي ما أدفع بِهِ عَنْ نفسي وأقوم لَهُ بحجَّتي.
فقال شيخنا: كذلك الظنّ بك.
قلت: وكان إمامًا مبرَّزًا، مناظرًا، كثير العِلْم، لَهُ يدٌ طُولي في علم الكلام. وكان يتوقّد ذكاءً. لَهُ كتاب «الفنون» [2] لم يصنَّف في الدُّنيا أكبر منه.
حدَّثني مِن رَأَى المجلّد الفلانيّ بعد الأربعمائة يحكي فيه بحوثًا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع لَهُ [3] .
قَالَ رحمه الله: عَصَمني الله في شبابي بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم، وما خالَطْتُ لعّابًا قطّ، ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم، وأنا في عَشْر الثّمانين، أجد مِن الحرص عَلَى العِلْم أسند ما كنت أجده وأنا ابن عشرين [4] ، وبلغت لاثنتي عشرة سنة. وأنا اليوم [5] لَا أرى نقصًا في الخاطر والفِكْر والحِفْظ، وحدَّة النَّظر بالعين لرؤية الأَهِلَّة [6] الخفيّة، إلّا أنّ القوّة ضعيفة [7] .
[ () ] ومدحور
…
ولابن عقيل من الكلام في ذم من خرج عن الشريعة من أهل الكلام والتصوّف ما هو معروف كما قال في «الفنون» ومن خطّه نقلت.
[1]
هو الكيا الهرّاسي. بكسر الكاف.
[2]
قال ابن رجب: وأكبر تصانيفه «الفنون» ، وهو كتاب كبير جدا، فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ، والتفسير، والفقه، والأصلين، والنحو، واللغة، والشعر، والتاريخ، والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره، ونتائج فكره قيّدها فيه. (ذيل طبقات الحنابلة) .
[3]
وقال ابن الجوزي: وهذا الكتاب مائتا مجلّد، وقع لي منه نحو من مائة وخمسين مجلّدا.
وقال سبط ابن الجوزي: واختصر منه جدّي عشر مجلّدات فرّقها في تصانيفه، وقد طالعت منه في بغداد في وقف المأمونية نحوا من سبعين، وفيه حكايات ومناظرات، وغرائب وعجائب وأشعار. (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 151) .
[4]
المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[5]
في المنتظم: «وأنا في سنة الثمانين» .
[6]
في الأصل: «لرؤية أهلة الخفية» .
[7]
في المنتظم: «إلّا أن القوّة بالإضافة إلى قوّة الشبيبة والكهولة ضعيفة» .
قَالَ ابن الجوزيّ: [1] وكان دَينًا، حافظًا للحدود. تُوُفّي لَهُ وَلَدان، فظهر منه مِن الصَّبر ما يتُعَجَّب منه. وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلَّف سوى كُتُبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار [2] .
وتُوُفّي بُكْرة الجمعة ثاني عشر جُمَادَى الأولى. وكان الْجَمْع يفوت الإحصاء.
قَالَ شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاثمائة ألف [3] .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَسَدِيُّ: أَنَا أَبُو الْبَقَاءِ يَعِيشُ، أَنْبَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَنْبَا أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلٍ الْفَقِيهُ: أَنْبَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نَبَا هَوْذُ، نَبَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِن صَنْعَةِ يَدَيِ التَّصَاوِيرِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، عَذَّبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فيها، وليس بنافخ فيها أبدا» [4] .
[1] في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[2]
كذا في الأصل. وفي المنتظم بقيّة: «كفنه وقضاء دينه. وكان إذ طال عمره يفقد القرناء والإخوان» .
وقال ابن الجوزي: «فقرأت بخطه: رأينا في أوائل أعمارنا أناسا طاب العيش معهم كالدينوري والقزويني، وذكر من قد سبق اسمه في حياته، ورأيت كبار الفقهاء كأبي الطيب، وابن الصباغ، وأبي إسحاق، ورأيت إسماعيل والد المزكّي تصدّق بسبعة وعشرين ألف دينار، ورأيت من بياض التجار كابن يوسف وابن جردة وغيرهما، والنظّام الّذي سيرته بهرت العقول، وقد دخلت في عشر التسعين وفقدت من رأيت من السادات ولم يبق إلا أقوام كأنهم المسوخ صورا، فحمدت ربي إذ لم يخرجني من الدار الجامعة لأنوار المسار بل أخرجني ولم يبق مرغوب فيه فكفاني محنة التأسّف على ما يفوت، لأن التخلّف مع غير الأمثال عذاب، وإنما هوّن فقداني للسادات نظري إلى الإعادة بعين اليقين، وثقتي إلى وعد المبدئ لهم، فلكأنّي أسمع داعي البعث وقد دعا كما سمعت ناعيهم وقد نعى، حاشى المبدئ لهم على تلك الأشكال والعلوم أن يقنع لهم في الوجود بتلك الأيام اليسيرة المشوبة بأنواع الغصص وهو المالك، لا والله لا أقنع لهم إلّا بضيافة تجمعهم على مائدة تليق بكرمه، نعيم بلا ثبور، وبقاء بلا موت، واجتماع بلا فرقة، ولذّات بغير نغصة.
وحدّثني بعض الأشياخ أنه لما احتضر ابن عقيل بكى النساء، فقال: قد وقفت خمسين سنة، فدعوني أتهنّأ بلقائه» :
[3]
المنتظم 9/ 215 (17/ 182) .
[4]
صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 360 من طريقين عن عوف بهذا الإسناد. وأخرجه
فَرَنَا لَهُ الرَّجُلُ وَاصْفَرَّ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ بُدٌّ فَعَلَيْكَ بِالشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ.
رَأَيْت شيخنا وغيره مِن علماء السُّنَّة والأثر يحطّون عَلَى ابن عقيل لمّا تورَّط فيه مِن تأويل الجهْميّة، وتحريف النّصوص، نسأل الله السّتْر والسّلامة.
وقد تُوُفّي في سادس عشر جُمَادَى الآخرة، وقيل في جُمَادَى الأولى، فاللَّه أعلم.
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فيه [1] : فريد دهره، وإمام عصره، وكان حَسَن السّيرة والصّورة، ظاهر المحاسن.
قرأ بالروايات عَلَى أبي الفتح بْن شيطا، وأخذ النَّحْو عَنْ أَبِي القاسم بْن برهان.
وقال: [2] قرأت عَلَى القاضي أبي يَعْلَى مِن سنة سبْعٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي [3] . وحظيت مِن قُربه بما لم يحظ بِهِ أحدٌ مِن أصحابه مَعَ حداثة سنّي.
وكان أبو الحَسَن الشّيرازيّ إمام الدُّنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلّمني المناظرة، وانتصفت بمصنَّفاته. ثمّ ذكر جماعة مِن شيوخه.
قَالَ: [4] وكان أصحابنا الحنابلة يريدون منّي هجران جماعة مِن العلماء، وكان ذَلِكَ يحرمني عِلمًا نافعًا. وأقبل عليَّ أبو [5] منصور بْن يوسف، [6] وقدَّمني عَلَى [7] الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لمّا مات شيخي
[ () ] من طرق أخرى كل من: البخاري (2225) و (5963) في اللباس، ومسلم (1110/ 100) في اللباس والزينة، والنسائي 8/ 215.
[1]
في المنتظم 9/ 212 (17/ 179) بتصرّف.
[2]
في المنتظم 9/ 212 (17/ 180) .
[3]
[4]
في المنتظم 9/ 213 (17/ 180) .
[5]
في الأصل: «أبي» .
[6]
في المنتظم زيادة بعدها: «فحظيت منه بأكثر من حظوة» .
[7]
المنتظم: «في الفتاوى مع حضور من هو أسنّ منّي» .
سنة ثمانٍ وخمسين. وقام بكلّ مئونتي وتجمُّلي [1] ، وأما أهل بيتي فأيّ بيت، أي كلّهم [2] أرباب أقلام وكتابة وأدب [3] ، وعانيت مِن الفقر والنَّسْخ بالأجرة شدّةً [4] ، مَعَ عفّة وتُقَى. ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رُتبةً مِن رُتَب أهل العِلْم القاطعة [5] عَنِ الفائدة [6] ، وأوذيت مِن أصحابي حتّى طُلب [7] الدّم. وأوذيت في دولة النّظام بالطّلب والحبْس [8] .
وقال ابن الأثير في تاريخه: [9] كَانَ قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد [10] ، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدّة سنين، ثمّ أظهر التّوبة.
قَالَ ابن الجوزيّ: [11] وتكلّم عَلَى المنبر بلسان الوعظ مدّة، فلمّا كانت سنة خمسٍ وسبعين، وجَرَت الفتنة ترك الوعظ [12] .
وذكر سِبْط ابن الجوزيّ [13] في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثمّ قَالَ: ومنها ما حكاه ابن عقيل عَنْ نفسه، قَالَ: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط
[1] في المنتظم زيادة: «فقمت من الحلقة أتتبّع حلق العلماء لتلقّط الفوائد» .
[2]
في المنتظم: «فأما أهل بيتي فإن بيت أبي فكلهم أرباب
…
» .
[3]
بعدها زيادة في المنتظم: «وكان جدّي محمد بن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة، وهو المنشئ لرسالة عزل الطائع وتولية القادر، ووالدي انظر الناس، وأحسنهم جدلا وعلما، وبيت أمّي بيت الزهري صاحب الكلام والمدرّس على مذهب أبي حنيفة» .
[4]
كلمة «شدّة» ليست في المنتظم.
[5]
في المنتظم: «القاطعة لي» .
[6]
في المنتظم زيادة: «وتقلّبت على الدول فما أخذتني دولة السلطان ولا عاقه عمّا اعتقد أنه الحقّ» .
[7]
هكذا. وفي المنتظم: «طل» .
[8]
[9]
الكامل 10/ 561.
[10]
في المطبوع من الكامل: «على أبي الوليد» .
[11]
في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[12]
في المنتظم: «جرت فيها فتن بين الحنابلة والأشاعرة، فترك الوعظ واقتصر على التدريس، ومتّعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه» .
[13]
في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 84 وما بعدها.
أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار. فرددْتُه عَليْهِ وقال: خُذ الدّنانير. فامتنعت.
قَالَ: وخرجت إلى الشّام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمّي باقية، فاجتزت بحلب، وأوَيت إلى مسجدٍ وأنا جائع بردان، فقدّموني فصلّيت بهم، فعشّوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا تُوُفّي مِن أيّام، ونسألك أن تصلّي بنا هذا الشّهر. ففعلت. فقالوا: لإمامنا الميت بِنْت.
فتزوَّجت بها، فأقمت معها سنة، ووُلِد لي منها وُلِد. ثمّ مرضَتْ في نفاسها، فتأمّلتها ذات يوم، وإذا خيط أحمر في عنقها، وإذا بِهِ العقْد الَّذِي لقيته بعينه.
فقلت لها: يا هذه، إنّ لهذا العقد قصّة. وحكيت لها، فبكت وقالت: أنتَ هُوَ والله، لقد كَانَ أَبِي يبكي ويقول: اللَّهمّ ارزُق بنتي مثل الَّذِي ردّ عليَّ العقد. وقد استجاب الله منه. ثمّ ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد [1] .
ومنها ما حكاه أيضًا عَنْ نفسه قَالَ: كَانَ عندنا بالظَّفَريّة دار [2] كلمّا سكنها ناس أصبحوا موتى. فجاء مرّة رجل مقريء، فقال: أُكْروني إيّاها.
فقالوا: قد عرفتَ حالها.
قَالَ: قد رضيت.
فبات بها وأصبح سالمًا. فعجب الجيران، وأقام بها مدّة، ثمّ انتقل، فسُئل عَنْ ذَلِكَ فقال: لمّا دخلتها صلّيت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا بشابٍ قد صعد مِن البئر، فسلَّم عليَّ، فبُهتُّ، فقال: لَا بأس عليك، علَّمني شيئًا مِن القرآن. فشرعت أُعلّمه. فلمّا فرغت قلت: هذه الدّار كيف حديثها؟
قَالَ: نحن قوم مِن الجنّ مسلمون نقرأ ونصلّي، وهذه الدّار ما يكتريها إلّا الفُسّاق، فيجتمعون عَلَى الخمر، فنخنقهم.
قلت: وفي اللَّيلْ أخاف منك فاجعل مجيئك في النّهار.
قَالَ: نعم. فكان يصعد مِن البئر في النّهار، ووالفته. فبينما هو قاعد
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 85، 86.
[2]
في الأصل: «دارا» .