المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حرف الياء - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٤١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الحادي والأربعون (سنة 581- 590) ]

- ‌الطبقة التاسعة والخمسون

- ‌ذكر الوقائع الكائنة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة

- ‌[وقوع البَرَد]

- ‌[تدريس النظامية]

- ‌[منع الوعّاظ]

- ‌[مولود بأذن واحدة]

- ‌[خطبة الملثّم للناصر لدين اللَّه]

- ‌[مسير السلطان إِلَى الموصل]

- ‌[منازلة صلاح الدين ميّافارقين]

- ‌[منازلة المَوْصِل]

- ‌[مرض السلطان]

- ‌[وفاة صاحب حمص]

- ‌[مصالحة أَهْل خلاط للبهلوان]

- ‌[فتنة التركمان والأكراد]

- ‌[استيلاء ابن غانية عَلَى بلاد إفريقية]

- ‌سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة

- ‌[اعتدال صحَّة السلطان]

- ‌[رواية المنجّمين عَنْ خراب العالم]

- ‌[فتنة عاشوراء]

- ‌[خِلاف الفرنج]

- ‌[غدْر أرناط صاحب الكَرَك]

- ‌[خروج طغتكين عَنْ طاعة صلاح الدين]

- ‌[مزاعم المنجّمين]

- ‌[عقد قران الخليفة الناصر]

- ‌[الفتنة بَيْنَ الرافضة والسُّنَّة]

- ‌[الفِتَن بأصبهان]

- ‌[إمرة الركْب العراقي]

- ‌كثرة الخُلْف بَيْنَ الأمم والطوائف]

- ‌[تصادم الطيور فِي الجوّ]

- ‌سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة

- ‌[اتفاقات الأوائل]

- ‌[نقابة النقباء]

- ‌[قتل مجد الدين ابن الصاحب]

- ‌[إحراق النقيب]

- ‌[نيابة الوزارة]

- ‌[وفاة ابن الدامغانيّ]

- ‌[هدم مملكة السلطان طغرل]

- ‌[الحرب بَيْنَ الركْب العراقي والركْب الشامي]

- ‌[وفاة ابن المقدَّم]

- ‌[إحراق ضياع الكرك والشوبك]

- ‌[الإغارة عَلَى طبريَّة]

- ‌[هزيمة الفِرَنج بصفُّوريَّة]

- ‌[موقعة حِطّين]

- ‌[رواية ابن الأثير]

- ‌[رواية ابن شدّاد]

- ‌[إنشاء العماد]

- ‌[تتابع الفتوحات]

- ‌[فتح تبنين وصيدا وبيروت وجبيل]

- ‌[فتح بيت المَقْدِس]

- ‌[تطهير قبة الصخرة والمسجد الأقصى]

- ‌[عمل منبر الأقصى]

- ‌[رواية سبط ابن الجوزي]

- ‌[فتح عسقلان]

- ‌[الصَّلاة فِي المسجد الأقصى]

- ‌[وقعة حِطّين يصفها العماد]

- ‌[حصار صور]

- ‌سنة أربع وثمانين وخمسمائة

- ‌[فتح بلاد الساحل الشمالية]

- ‌[فتح برزية ودربساك وبغراس]

- ‌[مهادنة صاحب أنطاكية]

- ‌[دخول السلطان حلب ودمشق]

- ‌[فتح تبنين والشوبك]

- ‌[فتح صفد]

- ‌[فتح حصن كوكب]

- ‌[تعبيد السلطان فِي القدس]

- ‌[رواية سبط ابن الجوزي]

- ‌[فتح صهيون]

- ‌[فتح الحصون الشمالية]

- ‌[مهادنة صاحب أنطاكية]

- ‌[رواية ابن الأثير عَنْ فتوحات الشمال]

- ‌[نيابة الوزارة]

- ‌[المصافّ بَيْنَ طغرل والوزير ابن يُونُس]

- ‌[رواية سبط ابن الجوزي عَنِ ابن يُونُس]

- ‌[العزل عَنْ نيابة الوزارة]

- ‌[وزارة بغداد]

- ‌[قضاء القضاة]

- ‌[ضعف تدبير الوزارة]

- ‌[ولاية الأستاذ دارية]

- ‌[ظهور الباطنية بالقاهرة]

- ‌[استرجاع السلطان عسقلان]

- ‌سنة خمس وثمانين وخمسمائة

- ‌[اعتذار شحنة أصبهان]

- ‌[الخطبة لوليّ العهد]

- ‌[ولاية ابن يُونُس المخزن]

- ‌[عزْل ابن حديدة]

- ‌[وصول صليب الصلبوت إلى باب النوبيّ]

- ‌[محاصرة قلعة الْحَدِيثة]

- ‌[تقليد نيابة الوزارة]

- ‌[مقتل زعيم قلعة تكريت]

- ‌[عزل صدر المخزن]

- ‌[وصول شباب منَ الفِرَنج]

- ‌[تسليم أرناط حصن الشقيف وغدره]

- ‌[مقتل الفِرَنج عِنْد صيدا وعكا]

- ‌[القتال عَلَى عكا]

- ‌[نيابة دمشق]

- ‌[رواية ابن الأثير عَنْ تحشّدات الفِرَنج]

- ‌[ذكر الوقعة الكبرى]

- ‌[محاصرة الفِرَنج عكا]

- ‌[ذكر وصول ملك الألمان إلى الشّام]

- ‌[رواية ابن واصل]

- ‌[استشهاد الأمير جمال الدين بن ألدكز]

- ‌سنة ست وثمانين وخمسمائة

- ‌[العفو عَنِ الملك طُغْرُل]

- ‌[ولادة ابنين وبنتين فِي بطن واحد]

- ‌[مقتل آلاف الفِرَنج أمام المصريين]

- ‌[موت ملك الألمان]

- ‌[دخول بُطْسة المسلمين عكا]

- ‌[خروج كمين المسلمين عَلَى الفِرَنج]

- ‌[اشتداد الغلاء عَلَى الفِرَنج]

- ‌[تبديل عسكر عكا]

- ‌[كسرة مراكب القوت عِنْد عكا]

- ‌سنة سبع وثمانين وخمسمائة

- ‌[استيلاء الفِرَنج عَلَى عكا]

- ‌[رواية ابن شدّاد]

- ‌[تحصين القدس]

- ‌[وقعة نهر القصب]

- ‌[هدم عسقلان وتخريب الرملة ولُدّ]

- ‌[إقطاع الدينور للماهكي]

- ‌[أستاذ داريّة الخلافة]

- ‌[السعي من تكريت إلى بغداد فِي يوم]

- ‌[جاثليق النَّصارى]

- ‌[خروج عسكر الخليفة إلى خوزستان]

- ‌[إحراق السَّهْرُوَرْديّ الساحر]

- ‌[تراجع الفِرَنج إلى الرملة]

- ‌[انتحار تاجر حلبي]

- ‌[حجّ طاشتكين]

- ‌[إمارة مكة]

- ‌سنة ثمان وثمانين وخمسمائة

- ‌[استتابة ابن عَبْد القادر]

- ‌[عزل قاضي القضاة]

- ‌[ترسُّل السَّهْرُوَرْديّ]

- ‌[حبْس أمير الحاج طاشتِكِين]

- ‌[بناء دار الخلافة]

- ‌[عمارة الفِرَنج عسقلان]

- ‌[قَتْلُ المركيس صاحب صور]

- ‌[تملُّك كندهري صور]

- ‌[انتهاب البصرة]

- ‌[انصباب البلاء عَلَى الفِرَنج]

- ‌[غزو الهند وقتل ملكها]

- ‌[كسرة المسلِمين]

- ‌[المشورة فِي أمر القدس]

- ‌[عمارة سور القدس]

- ‌[موت ابن المشطوب]

- ‌[أَخَذَ الفِرَنج للداروم]

- ‌[فتح يافا وقلعتها]

- ‌[الهدنة بَيْنَ السلطان والفِرَنج]

- ‌[امتناع جُند السلطان عن القتال]

- ‌[توثيق الهدنة]

- ‌[مقتل سلطان الروم]

- ‌سنة تسع وثمانين وخمسمائة

- ‌[قدوم ابن شملة عَلَى الخليفة]

- ‌[إمرة الحاجّ]

- ‌[إعادة ابن الْبُخَارِيّ للقضاء]

- ‌[مقتل بكتمر]

- ‌[مرض السلطان طُغْرُل]

- ‌[الخِلعة عَلَى قيماز]

- ‌[وفاة السلطان صلاح الدين]

- ‌[افتتاح مدرسة ببغداد]

- ‌[فتوحات أيبك]

- ‌[انقضاض كوكبين]

- ‌سنة تسعين وخمسمائة

- ‌[ولاية شحنكية بغداد]

- ‌[الحرب بَيْنَ ملك غزنة وسلطان الهند]

- ‌[مقتل السلطان طُغْرُل]

- ‌[التجاء خوارزم شاه إلى الجبال]

- ‌[ولاية الأستاذ دارية]

- ‌[قُتِلَ متولّي الحلَّة]

- ‌[وزارة ابن القصّاب]

- ‌[حبس ابن الجوزي]

- ‌[السلاطين الأيوبيّون وبلادهم]

- ‌[قصد الملك الْعَزِيز دمشق]

- ‌[استعادة الفِرَنج جُبَيل]

- ‌[الصلح بَيْنَ الأخوين الأفضل والعزيز]

- ‌[زواج الْعَزِيز منَ ابْنَة عمّه]

- ‌[دهاء الملك العادل]

- ‌[المصالحة بَيْنَ الأيوبيّين]

- ‌[الإفساد عَلَى الأفضل]

- ‌الموتى في هذه الطبقة

- ‌الموتى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الثاء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌[مواليد السنة]

- ‌سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الواو

- ‌الكنى

- ‌[مواليد السنة]

- ‌سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌سنة أربع وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف الظاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الغين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة خمس وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الغين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ست وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة سبع وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الغين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة ثمان وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الزين

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة تسع وثمانين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف الظاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة تسعين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌وممن كَانَ فِي هَذَا الوقت ولم تتصل بِي وفاته

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

الفصل: ‌ حرف الياء

أجاز لها شجاع الذُّهْليّ، وأبو طَالِب بْن يوسف، وعُبَيْد اللَّه بْن نَصْر الزّاغونيّ.

رَوَت بالإجازة.

وتُوُفّيت فِي رَجَب.

-‌

‌ حرف الياء

-

278-

يَحْيَى [1] بْن حَبَش [2] بْن أميرك [3] .

الشّهاب السَّهْرُوَرْديّ، الفيلسوف [4] .

شابٌّ فاضل، متكلّم، مُناظر، يتوقّد ذكاء.

ذكره ابن أَبِي أُصَيْبَعَة [5] فَقَالَ: اسمه عُمَر. كَانَ أوحد فِي العلوم الحكميَّة، جامعا لفنون الفلسفة، بارعا فِي أصول الفِقه، مُفْرط الذّكاء، فصيح العبارة، لَمْ يناظر أحدا إلّا أرْبى عليه، وكان علمه أكثر من عقله.

[1] انظر عن (يحيى بن حبش) في: معجم الأدباء 7/ 269، ووفيات الأعيان 6/ 268، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/ 167، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 571، والمختصر في أخبار البشر 3/ 82781، ودول الإسلام 2/ 99، وسير أعلام النبلاء 21/ 207- 211 رقم 102، والإعلام بوفيات الأعلام 242، والعبر 4/ 263- 265، وتاريخ ابن الوردي 2/ 104، 105، ومرآة الجنان 3/ 434- 437، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 442، 443، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 144 ب، 145 أ، والعسجد المسبوك 2/ 213، 214، وتاريخ ابن الفرات ج 4 ق 2/ 51- 57، والفلاكة والمفلوكين 67، والنجوم الزاهرة 6/ 114، ومفتاح السعادة 1/ 340، 341، وشذرات الذهب 4/ 290، 291.

[2]

تحرّف من «حبش» إلى «حنش» في: المختصر في أخبار البشر 3/ 81، وتاريخ ابن الوردي 2/ 104، وقد قيّدها ابن خلّكان بفتح الحاء المهملة والباء الموحّدة. (وفيات الأعيان 6/ 273) .

[3]

أميرك: بالفارسية تعني «أمير» بالتصغير، والعجم يضيفون الكاف في آخر الأسماء للتصغير.

[4]

وقيل في اسمه: يحيى، أو محمد، أو عمر، (الفلاكة 67) وقيل يكنى: أبو الفتوح، وقيل اسمه أحمد، وقيل اسمه كنيته. (تاريخ ابن الفرات ج 4 ق 2/ 51) .

[5]

في عيون الأنباء 2/ 167.

ص: 283

قَالَ فخر الدّين المارْدِينيّ: ما أذكى هَذَا الشّابّ وأفصحه إلّا أنّي أخشى عليه لكثرة تهوّره واستهتاره تلافَه [1] .

ثُمَّ إنّ الشّهاب السَّهْرُوَرْديّ قدِم الشامَ فناظر فُقهاء حلب، ولم يُجارِه أحدٌ، فاستحضره الملك الظّاهر، وعقد لَهُ مجلسا، فبان فضله، وبهر علمه، وحَسُنَ موقعه عِنْد السّلطان، وقرّبه، واختصّ بِهِ، فشنّعوا عليه، وعملوا محاضر بكُفره، وسيّروها إلى السّلطان صلاح الدّين، وخوّفوه من أن يفسد اعتقاد ولده، وزادوا عليه أشياء كثيرة، فبعث إلى ولده الملك الظّاهر بخطّ القاضي الفاضل يَقُولُ فِيهِ: لا بدّ من قتله، ولا سبيل إِلَى أن يُطْلق ولا يُبْقى بوجه. فَلَمَّا لَمْ يبْقَ إلّا قتْله اختار هُوَ لنفسه أن يُتْرَك فِي بيتٍ حَتَّى يموت جوعا، فَفُعِل بِهِ ذَلِكَ فِي أواخر سنة ستّ وثمانين بقلعة حلب. وعاش ستّا وثلاثين سنة.

حكى ابن أَبِي أُصَيْبَعَة [2] هَذَا الفصل عَنِ السّديد محمود بْن زُقَيْقَة [3] . ثُمَّ قَالَ: وحَدَّثَنِي الحكيم إِبْرَاهِيم بْن صَدَقَة أَنَّهُ اجتمع مَعَ الشّهاب هُوَ وجماعة، وخرج من باب الفَرَج إلى الميادين، فجرى ذِكر السِّيمياء، فمشى قليلا وقَالَ:

ما أحسن دمشق وهذه المواضع. فنظرنا فإذا من ناحية الشّرق جواسق مبيّضة كثيرة مزخرفة، وَفِي طاقاتها نساء كالأقمار ومغاني، وغير ذَلِكَ فتعجّبنا وانذهلنا فبقينا ساعة، وعُدنا إلى ما كنّا نعرفه، إلّا أنّي عِنْد رؤية ذَلِكَ بقيت أحسّ من نفسي كَأَنِّي فِي سِنَّة خَفِيَّة، ولم يكن إدراكي كالحالة الّتي أتحقَّقها منّي.

وحَدَّثَنِي بعض فُقهاء العجم قَالَ: كُنَّا مَعَ شهاب الدّين عِنْد القابون، فَقُلْنَا: يا مولاي، نريد رأس غنم. فأعطانا عشرة دراهم، فاشترينا رأسا، ثمّ

[1] عيون الأنباء 2/ 167.

[2]

في عيون الأنباء.

[3]

زقيقة: بالزاي المضمومة وفتح القاف، وبعدها ياء مثنّاة من تحتها ساكنة، وقاف مفتوحة أخرى. وهو سديد الدين محمود بن عمر الشيبانيّ الطبيب، له شعر جيد، روى عنه منه القوصيّ في معجمه. (المشتبه 1/ 322) .

ص: 284

تنازعنا نحن والتّركمانيّ فَقَالَ الشَّيْخ: رُوحوا بالرأس وأنا أُرْضِيه، فتقدّمنا، ثُمَّ تبِعَنا الشَّيْخ، فَقَالَ التُّرْكماني: أعطني رَحْلي وأرْضِني. وَهُوَ لا يردّ فِي التُّرْكمانيّ، وجذب يده وقَالَ: كيف تَرُوح وتُخلّيني؟ فإذا بيد الشَّيْخ قَدِ انخلعت من كتفه، وبقيت فِي يد التُّرْكمانيّ، ودمُها يَشْخَب. فتحيّر التُّرْكمانيّ، ورماها وهرب، فأخذ الشَّيْخ تِلْكَ اليد اليُسرَى بيده اليُمنى، فَلَمَّا صار معنا رأينا فِي يده منديله لا غير [1] .

وقَالَ الضّياء صَقْر: فِي سنة تسعٍ وسبعين قدِم إلى حلب شهاب الدّين عُمَر السَّهْرُوَرْديّ، ونزل فِي مدرسة الحلاويَّة، ومدرسُها الافتخار الهاشميّ، فحَضَر وبحث وَهُوَ لابس دلق، وَلَهُ إبريق وعكّاز. فأخرج لَهُ افتخار الدّين ثوب عتّابيّ [2] ، وبقيار [3] ، وغلالة، ولباس [4] ، وبعثها مَعَ ولده إِلَيْهِ. فسكت عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ضَعْ هَذَا واقضِ لي حاجة. وأخرج فَصّ بَلَخْش كالبيضة، ما ملك أحدٌ مثله وقَالَ: نادِ لي عليه وعرِّفْني. فجاب خمسة [5] وعشرين ألفا.

فأخذه العريف وطلع إلى الملك الظّاهر غازي، فدفع فِيهِ ثلاثين ألفا. فنزل وشاور، فأتاه ابن الافتخار وعرّفه، فتألَّم وصعُب عليه، وأخذ الفَصَّ جعله عَلَى حَجَر، وضربه بحجرٍ آخر فتّته، وقَالَ: يا ولدي، خُذْ هَذِهِ الثّياب، وقبلْ يدَ والدك، وقُلْ لَهُ: لو أردنا الملبوس ما غُلِبنا عَنْهُ.

فراح إلى أَبِيهِ، وعرّفه، فبقي متحيّرا.

وأمّا السّلطان فطلب العريف وقَالَ: أريد الفَصّ. فَقَالَ: هُوَ لابن الشّريف الافتخار. فركب السّلطان، ونزل إلى المدرسة، وقعد في الإيوان

[1] انظر وفيات الأعيان.

[2]

هكذا في الأصل، وكذا في سير أعلام النبلاء 21/ 209، والصواب:«ثوبا عتابيا» .

[3]

هكذا في الأصل. والصواب: «بقيارا» ، والبقيار من البقير المشقوق كالمبتور، وهو برد بلا كمّين يشقّ فيلبس. (القاموس المحيط- مادة «بقر» ) .

[4]

هكذا في الأصل، والصواب «لباسا» ، وقد أبقيت على الأصل كما كتبه المؤلّف- رحمه الله.

[5]

في الأصل: «خمس» .

ص: 285

وكلّمه، فَقَالَ السّلطان: إن صَدَق حدسي فهذا الشّهاب السَّهْرُوَرْديّ. ثُمَّ قام واجتمع بِهِ، وأخذه معه إلى القلعة، وصار لَهُ شأنٌ عظيم، وبحث مَعَ الفقهاء وعجّزهم، واستطال عَلَى أهل حلب، وصار يكلّمهم كلام من هُوَ أعلى [1] منهم قدْرًا، فتعصّبوا عليه، وأفتوا فِي دمه حَتَّى قُتِلَ.

وقيل: إنّ الملك الظّاهر سيّر إِلَيْهِ من خنقه، ثُمَّ بعد مدةٍ نقم عَلَى الَّذِين أفتوا فِي دمه، وحبس جماعة وأهانهم وصادرهم.

حَدَّثَنِي السّديد محمود بْن زُقَيْقَة قَالَ: كَانَ السَّهْرُوَرْديّ لا يلتفت إلى ما يلبسه، ولا يحتفل بأمور الدُّنْيَا. كنتُ أتمشّى أَنَا وَهُوَ فِي جامع ميّافارقين وعليه جُبَّة قصيرة زرقاء، وعلى رأسه فُوطة، وَفِي رِجليه زرْبول، كأَنَّه خربنْدا.

وللشّهاب شِعْر رائق حَسَن، وَلَهُ مصنّفات منها كتاب «التّلويحات اللّوحيَّة والعرشيَّة» [2] ، وكتاب «اللَّمْحَة» ، وكتاب «هياكل النّور» ، وكتاب «المعارج» وكتاب «المطارحات» [3] ، وكتاب «حكمة الإشراق» .

قُلْتُ: سائر كتبه فلسفة وإلحاد. نسأل اللَّه السّلامة فِي الدّين.

قُتِلَ سنة سبع وثمانين [4] .

وذكره في حرف الياء ابن خَلِّكان [5] ، فسمّاه كَمَا ذكرنا، وأنّه قرأ الحكمة والأصول عَلَى مجد الدّين الْجِيليّ شيخ الفخر الرَّازيّ بَمَراغة، وقَالَ:

كَانَ شافعيّ المذهب، وَلَهُ فِي النَّظْم والنَّثْر أشياء، ولقّبوه المؤيّد بالملكوت.

قَالَ [6] : وكان يُتَّهم بانحلال العقيدة والتّعطيل، ويعتمد مذهب الحكماء

[1] في الأصل: «أعلا» .

[2]

في المختصر لأبي الفداء 3/ 82: «التلويحات والتنقيحات والمشارع والمطارحات» .

[3]

جعله المؤلّف- رحمه الله والّذي قبله كتابا واحدا في سير أعلام النبلاء 21/ 210 فقال:

«كتاب المعارج والمطارحات» .

[4]

وفي: الفلّاكة للدلجي 67 مات سنة 586 هـ.

[5]

في وفيات الأعيان 6/ 268.

[6]

في وفيات الأعيان 6/ 272.

ص: 286

المتقدّمين. اشتهر ذَلِكَ عَنْهُ، وأفتى علماء حلب بإباحة دمه. وكان أشدّهم عليه زين الدّين، ومجد الدّين ابني جَهْبَل.

ابن خَلَّكان قَالَ [1] : قَالَ السيفُ الآمِديّ: اجتمعت بالسَّهْرُوَرْديّ بحلب، فرأيته كثير العِلم، قليل العقل. قَالَ لي: لا بُدّ أن أمِلك الأرض. رأيتُ كَأَنِّي قَدْ شرِبتُ ماء البحر. فقلتُ: لعلّ هَذَا يكون اشتهار العِلم وما يناسب هَذَا.

فرأيته لا يرجع [2] . ولمّا أن تحقّق هلاكه قَالَ:

أرى قدمي أراقَ دمي

وهانَ دمي فها نَدَمي

قَالَ ابن خَلِّكان [3] : حَبَسه الملك الظّاهر، ثُمَّ خنقه فِي خامس رجب سنة سبْع.

وقَالَ بهاء الدّين بْن شدّاد [4] : قُتِلَ ثُمَّ صُلِب أيّاما.

وقَالَ: أُخْرِج السَّهْرُوَرْديّ ميّتا فِي سَلْخ سنة سبْعٍ منَ الحبس، فتفرَّق عَنْهُ أصحابه.

وَقَدْ قرأتُ بخطّ كاتب ابن وداعة أنّ شيخنا محيي الدّين بْن النّحّاس حدّثه قَالَ: حَدَّثَنِي جدّي موفّق الدّين يعيش النَّحْويّ، أنّ السَّهْرُوَرِديّ لمّا تكلّموا فِيهِ قَالَ لَهُ تلميذ: قَدْ كثّروا القول بأنّك تَقُولُ النُّبُوَّة مُكْتَسَبة، فانْزَحْ بنا.

فَقَالَ: اصبرْ عليَّ أيّاما حَتَّى نأكل البِطّيخ ونروح، فَإِن بي طرفا منَ السِّلّ، وَهُوَ يوافقه.

ثُمَّ خرج إلى قرية دوبران الخشّاب، وبها مَحْفَرة تُراب الرّاس، وبها بِطيخٌ مليح، فأقام بها عشرة أيّام، فجاء يوما إلى المَحْفَرة، وحفر فِي أسفلها، فطلع لَهُ حَصًى، فأخذه ودهنه بدهنٍ معه، ولفّه في قطن وتحمّله في وسطه

[1] في وفيات الأعيان 6/ 272.

[2]

المختصر لأبي الفداء 3/ 82.

[3]

في وفيات الأعيان 6/ 272.

[4]

في النوادر السلطانية.

ص: 287

ووسط أصحابه أيّاما. ثُمَّ أحضَر بعض من يحكّ الجوهر، فحكّه فظهر كلُّه ياقوتا أحمر، فباع منه ووهب. ولمّا قُتِلَ وُجد منه شيءٌ فِي وسطه [1] .

279-

يَحْيَى بْن غالب [2] بْن أَحْمَد بْن أَبِي غالب.

أَبُو القاسم الْبَغْدَادِيّ، الحربيّ.

سَمِع: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يوسف.

وأجاز لَهُ شجاع الذُّهْليّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن بْن قريش.

وحدَّث.

وتوفّي فِي شعبان.

280-

يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي إِسْحَاق.

أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، الأندلسيّ، الّلِريّيّ، من أَهْل لِرْيَة.

أَخَذَ القراءات عَنْ أَبِيهِ، وسَمِع منه، ومن: ابن هُذَيْل.

وأجاز لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الدَّانيّ، والسِّلَفيّ.

وتصدّر للإقراء. وخَلَف أَبَاه جاريا عَلَى مهْيَعه.

سَمِع منه مُحَمَّد بْن عُبَاد كثيرا، وأخذ عَنْهُ القراءات أَبُو عَبْد اللَّه بْن هاجر.

وسَمِع منه فِي هَذِهِ السّنة أَبُو عَبْد اللَّه بْن غبَرة.

281-

يَحْيَى بْن أَبِي القاسم مقبل بن أحمد بن بركة بن الصّدر [3] .

[1] وقال القزويني: وحكى الحكيم الفاضل أبو الفتح يحيى السهروردي الملقّب بشهاب الدين في بعض تصانيفه: بينا أنا بين النائم واليقظان رأيت في نور شعشعاني بمثل إنساني، فإذا هو المعلّم، فسألته عن فلان وفلان من الحكماء فأعرض عني، فسألته عن سهل بن عبد الله التستري وأمثاله فقال: أولئك هم الفلاسفة حقّا، نطقوا بما نطقنا فلهم زلفى وحسن مآب! (آثار البلاد 571) .

[2]

في الأصل (يحيى بن أبي غالب) والتصحيح من: التكملة لوفيات النقلة 1/ 157 رقم 146.

[3]

انظر عن (يحيى بن مقبل) في: مشيخة النعال 109، 110، والتكملة لوفيات النقلة 1/ 163 رقم 156، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 899 (في من لقبه: عفيف الدين) ، والمختصر المحتاج إليه 3/ 251 رقم 1368، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 373،

ص: 288

أَبُو طاهر الْبَغْدَادِيّ، الحريميّ، المعروف بابن الأبيض ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة.

وسمع: أَبَا القاسم بْن الحُصَيْن، وأبا بَكْر الْأَنْصَارِيّ.

وحدَّث.

تُوُفّي رحمه الله فِي ذِي القعدة.

282-

يَحْيَى بْن هبة اللَّه بْن فَضْل اللَّه بن محمد [1] .

أبو الحسن ابن النّخاس، بخاء معجمة، الواسطيّ، الغَرَّافيّ [2] .

حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ الفارقيّ، وأبي الْحَسَن بْن عَبْد السّلام.

تُوُفّي فِي رابع شوّال.

وكان أَبُوهُ أَبُو المعالي قاضيا بالغرّاف.

283-

يعقوب بْن يوسف بْن عُمَر بْن الْحُسَيْن [3] .

أَبُو محمد الحربيّ، الْمُقْرِئ.

قرأ القراءات عَلَى: الْحُسَيْن بْن محمد البارع، ومحمد بْن الْحُسَيْن المَزْرَفيّ، وغيرهما.

وسَمِع منَ: ابن الحُصَيْن، وابن كادش، وأبي الْحُسَيْن بْن الفرّاء، وجماعة.

وأقرأ النّاس القراءات، وكان مبرّزا فِي معرفتها، قيّما بها، ثقة، مُسِنًّا.

رَوَى عَنْهُ: البهاء عَبْد الرَّحْمَن وقَالَ: سمعنا عليه، وعلى عَبْد المغيث «مُسنّد» الْإِمَام أَحْمَد.

[ () ] 374، وشذرات الذهب 4/ 292.

[1]

انظر عن (يحيى بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 1/ 160 رقم 151، والمشتبه 2/ 541، وتوضيح المشتبه 6/ 220.

[2]

الغرّافي: بالغين المعجمة، وتشديد الراء، ثم فاء. نسبة إلى الغرّاف: من سواد واسط.

[3]

انظر عن (يعقوب بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 1/ 160، 161، رقم 152، والمختصر المحتاج إليه 3/ 230، رقم 1308، ومعرفة القراء الكبار 2/ 560، 561 رقم 515، وغاية النهاية 2/ 391.

وقد ذكره المؤلّف- رحمه الله في سير أعلام النبلاء 21/ 180 ولم يترجمه.

ص: 289