المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[وقعة حمص [1]] - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٥٠

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخمسون (سنة 671- 680) ]

- ‌الطّبقة الثّامنة والسّتّين من «تاريخ الإسلام»

- ‌سنة إحدى وسبعين وستّمائة

- ‌مسير السلطان بيبرس إِلَى دمشق

- ‌[عدوان صاحب النُّوبة والردّ عليه]

- ‌[موقعة البيرة]

- ‌[الإفراج عن الأمير الدّمياطيّ]

- ‌[خِلعة الأمراء]

- ‌[إطلاق سنجر المعزّي]

- ‌[مهاداة السلطان لمنكوتمر]

- ‌[اعتقال الشَّيْخ خضر]

- ‌سنة اثنتين وسبعين وستّمائة

- ‌[مسير السلطان إِلَى الشام]

- ‌[قصَّة ملك الكُرْج]

- ‌[ختان وُلِدَ السلطان]

- ‌[سفر الملك السعيد إِلَى دمشق]

- ‌[حضور قليج خان إِلَى مصر]

- ‌[رؤية المؤلّف لقليج قان]

- ‌[كتاب صاحب الحبشة وجواب السلطان عليه]

- ‌[وعظ ابن غانم]

- ‌سنة ثلاثٍ وسبعين وستّمائة

- ‌[سفر السلطان إِلَى الكَرَك]

- ‌[غزوة سِيس]

- ‌[ذكر استيلاء بيت لاون على سيس والثغور]

- ‌[الرمل بالموصل]

- ‌[قُتِلَ الزنديق بغَرناطة]

- ‌[القحط باليمن]

- ‌سنة أربع وسبعين وستّمائة

- ‌[منازلة التتار البيرة]

- ‌[اتفاق البرواناه مع السلطان الظاهر]

- ‌[غزوة النُّوبة ودُنْقُلَة]

- ‌سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌[نزول السلطان على حارم]

- ‌[مقتل ابن الخطير]

- ‌[قتل القسّيس مرخسيا]

- ‌[واقعة صاحبي مكة والمدينة]

- ‌[انتصار السلطان على التتار]

- ‌[فتح قيصرية]

- ‌[أخْذ قونية]

- ‌[مذبحة أبغا بأهل قيصريّة]

- ‌سنة ستٍّ وسبعين وستّمائة

- ‌[دخول السلطان دمشق]

- ‌[المشورة فِي أمر التتار]

- ‌[وفاة الملك الظاهر]

- ‌[سلطنة الملك السعيد]

- ‌[القبض على سُنقر والبَيْسري]

- ‌[نيابة الفارقاني]

- ‌[قدوم رُسُل بركة]

- ‌[القبض على الفارقاني]

- ‌[الإفراج عن سنقر والبيسري]

- ‌[اختلاف الآراء على الملك السعيد]

- ‌[دفن الملك الظاهر]

- ‌[قضاء القضاة فِي مصر]

- ‌[قضاء الشام]

- ‌سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌[الترحيب بالقاضي ابن خلّكان بدمشق]

- ‌[التدريس فِي الظاهرية بدمشق]

- ‌[قضاء الحنفية بدمشق]

- ‌[التدريس بالنجيبيّة]

- ‌[فتح الخانكاه النجيبيّة]

- ‌[عبور الملك السعيد إِلَى قلعة دمشق]

- ‌[وزارة السنجاري بمصر]

- ‌[وزارة ابن القيسراني بالشام]

- ‌[الإغارة على بلاد سيس]

- ‌[إسقاط المقرَّر على الأمراء]

- ‌[ولاية شدّ الشام]

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌[قضاء المالكية بدمشق]

- ‌[ولاية دمشق]

- ‌[وقوع الخلاف بين الخاصكية والسلطان]

- ‌[مشاركة قلاوون الملك السعيد فِي السلطنة]

- ‌[ضرْب السكّة]

- ‌[نفي الملك السعيد إِلَى الكرك]

- ‌[انحياز سُنْقر إِلَى قلاوون]

- ‌[القبض على نائب دمشق]

- ‌[عزل قضاة مصر]

- ‌[نيابة سُنْقر بدمشق]

- ‌[سلطنة السلطان الملك المنصور]

- ‌[القبض على ابن القيسراني]

- ‌[تحليف الأمراء]

- ‌[عزل السنجاري عن وزارة مصر]

- ‌[حبس أيدمر الظاهريّ]

- ‌[حجّ الركْب الشامي]

- ‌[موت الملك السعيد]

- ‌[سلطنة سُنْقر الأشقر بدمشق]

- ‌[سلطنة الملك خضر فِي الكرك]

- ‌سنة تسع وسبعين وستمائة

- ‌[استعراض سُنْقر بالسلطنة]

- ‌[انهزام الشاميّين عند غزّة]

- ‌[قدوم ابن مهنا وأمير آل مرّي على سُنْقر]

- ‌[تدريس الأمينيّة]

- ‌[انهزام سُنْقر أمام المصريّين]

- ‌[ولاية ابن سنيّ الدولة قضاء دمشق]

- ‌[التحاق ابن مُهنّا بسُنقر]

- ‌[أحكام القاضي الحلبي بدمشق]

- ‌[عفو السلطان المنصور عن الرعيّة]

- ‌[نيابة السلطنة بدمشق]

- ‌[إعادة ابن خَلِّكان إِلَى القضاء بدمشق]

- ‌[ولاية ابن الحرّاني]

- ‌[مطاردة المصريين سُنْقر الأشقر]

- ‌[نزول الحاج أزدمر بشَيْزر]

- ‌[ولاية ابن النّحاس الدواوين]

- ‌[وقوع الجفل فِي البلاد الحلبية]

- ‌[تواتر العساكر لمواجهة التتار]

- ‌[اتفاق الأمراء مع سُنْقر لقتال التتار]

- ‌[نداء حلبي يائس بنصر الإِسْلَام]

- ‌[تسحُّب الأمراء عن سُنْقر]

- ‌[الخطبة بولاية العهد للملك الصالح]

- ‌[عودة السنجاري وابن لقمان إِلَى منصبيهما]

- ‌[رجوع السلطان من غزّة]

- ‌[إعادة القضاة إِلَى مناصبهم بمصر]

- ‌[هزيمة طائفة من الشاميّين أمام الفرنج بالمرقَب]

- ‌[خروج السلطان إِلَى الشام]

- ‌[البَرَد بمصر]

- ‌[الصاعقة بالجبل الأحمر]

- ‌[الصاعقة بالإسكندرية]

- ‌[مراسلة أَهْل عَكَا بالهدنة]

- ‌[قدوم ابن مُهنّا على السلطان]

- ‌[وزارة ابن مزهر بدمشق]

- ‌سنة ثمانين وستمائة

- ‌[كشف مؤامرة الفتك بالسلطان]

- ‌[جرح الأمير طقصو]

- ‌[حبْس أمراء بقلعة دمشق]

- ‌[دخول السلطان دمشق]

- ‌[مصالحة السلطان وسُنقر الأشقر]

- ‌[إدارة الخمور بدمشق ومصر وإبطالها]

- ‌[مصالحة السلطان والملك خضر]

- ‌[إقامة العزاء بالملك السعيد]

- ‌[عزل ابن البيّع ووزارة ابن السنهوري]

- ‌[الأخبار بخروج التتار]

- ‌[وقعة حمص [1]]

- ‌[دخول السّلطان القاهرة]

- ‌[ولاية شدّ الدواوين]

- ‌[موت ملك التتار]

- ‌[القبض على أميرين بمصر]

- ‌[فتح المدرسة الجوهرية]

- ‌الثلج والبرد والجليد ببعلبكّ]

- ‌[الاستسقاء بصحراء دمشق]

- ‌[إرسال بنات الملك الظاهر إِلَى الكَرَك]

- ‌[جفاف تربة ببولاق وغلاء الماء]

- ‌[الإفراج عن السنجاري]

- ‌[تدريس ابن الزملكاني بالأمينية

- ‌المتوفّون في هذه الطبقة

- ‌سنة إحدى وسبعين وستّمائة هجرية

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الكاف

- ‌ حرف اللام

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف اللام ألف

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الثاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الْيَاءِ

- ‌فصل

- ‌الكنى

- ‌سنة سبْعٍ وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف الظاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الغين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف اللام

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة تسع وسبعين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة ثمانين وستمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌ذِكر جماعة انقطع خبرهم فِي هَذَا العام

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌الكنى والألقاب

الفصل: ‌[وقعة حمص [1]]

[وقعة حمص [1]]

انجفل أَهْل البلاد الشّماليّة، وقويت الأخبار، واهتمّ السّلطان بدمشق للعَرْض، وجاء أَحْمَد بن حجّي بخلق من العربان، وكثُرت الأراجيف، وكثُرت الْجُفّال، وعدّى التّتار الفُرات من ناحية حلب، ونازل الرّحبَةَ منهم ثلاثة آلاف، منهم القان أبْغا، فخرج السّلطان بسائر الجيوش، وقَنت الأئمّةُ فِي الصَّلوات، وحضر سُنْقر الأشقر، وأيْتمش السَّعْديّ، والحاجّ أزْدمر، وبالغَ السّلطان في احترام سُنْقر الأشقر، وأقبل منكوتمر يطوي البلاد، فالتقى الجمعان، ووقع المَصَافّ ما بين مشهد خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى قريب الرَّسْتن، وذلك شماليّ حمص، فِي يوم الخميس رابع عشر رجب. ويوم الأربعاء فاق العالم بدمشق وأحسّوا بقرب اللّقاء، وفزِعوا كافّة إِلَى جامع دمشق بالشّيوخ والأطفال، واستغاثوا إِلَى الله تعالى، ثُمَّ خرج الخطيب بالمُصْحَف العثمانيّ إِلَى المُصَلّى، ومعه خلائق يتضرّعون إِلَى الله تعالى، وكان يوما مشهودا، شهدَهُ مع السّلطان مماليكُهُ، مثل طرنطيه، وبيدرا، وكَتْبُغا، ولاجين، وجنق، وسنْجر الشِّجاعيّ، والطّبّاخيّ، وسَنْدَمُر، وعدّةٌ كلّهم أمراء، ومنهم من تَسَلْطَن، وسُنْقُر الأشقر، والحاجّ أزْدَمر الَّذِي قيل إنّه طعن طاغية العدوّ،

[1] انظر عن (وقعة حمص) في: الحوادث الجامعة 198، والتحفة الملوكية 99- 102، وزبدة الفكرة، ورقة 113 ب- 124 أ، والفضل المأثور، ورقة 47 أ- 52 أ، ونزهة المالك والمملوك، ورقة 64 ب، المختصر في أخبار البشر 4/ 14، والدرّة الزكية 241- 247، ونهاية الأرب 31/ 30- 36، وتذكرة النبيه 1/ 62، 63، وتاريخ مختصر الدول 288، 289، وتاريخ الزمان 341، 342، ودول الإسلام 2/ 182، 183، والعبر 5/ 326، 327، وتاريخ ابن الوردي 2/ 228، 229، والبداية والنهاية 3/ 295، 296، وعيون التواريخ 21/ 278- 280، ومرآة الجنان 4/ 191، وتاريخ ابن خلدون 5/ 398، ومآثر الإنافة 2/ 129، والسلوك ج 1 ق 3/ 690- 699، وتاريخ الخميس 2/ 424، ومشارع الأشواق 2/ 947، 948، وعقد الجمان (2) 272- 288، والنجوم الزاهرة 7/ 302- 306، وتاريخ ابن سباط 1/ 475- 478، وتاريخ الأزمنة 259، 260، وتاريخ ابن الفرات 7/ 212، وبدائع الزهور ج 1 ق 2/ 350، ومنتخب الزمان 2/ 363، 364، والجوهر الثمين 2/ 94، 95.

ص: 57

وعلم الدّين الدّواداريّ، والمنصور صاحب حماة فِي أَمرائه، فكان رأس الميمنة، ويليه البَيْسَريّ، ثُمَّ طَيْبَرس الوزيريّ، وعزّ الدّين الأفرم، ونائب دمشق لاجين المذكور فِي عسكر دمشق.

وكان رأس الميسرة سُنْقر الأشقر المذكور، ثُمَّ الأيْدمريّ، ثُمَّ بكتاش أمير سلاح. وكان فِي طرف الميمنة العرب، وفي طرف الميسرة التُّرْكُمان.

وشاليش القلب طرنطايّ.

وكانت المُغْلُ خمسين ألفا، والمجمَّعة ثلاثين ألفا.

قلت: وكان الملتقى يوم الخميس، كما ذكرنا، طلوع الشّمس. وكان عدد التّتار على ما قيل مائة ألف أو يزيدون. وكان المسلمون على النّصف من ذلك أو أقلّ.

وكانت ملحمة عظيمة، واستظهر التّتار فِي أوّل الأمر، واضطربت ميمنة المسلمين، ثُمَّ حملت التّتار على الميسرة فكسروها، وهزموها مع طرف القلب. وثبت السّلطان بمن معه من أبطال الإِسْلَام، وكان القتال يعمل من ضحوةٍ إِلَى المغيب. وساق طُلُبٌ من التّتار وراء الميسرة إِلَى بُحَيْرة حمص، وقتلوا خلقا من المطّوّعة والغلمان، وأشرف الإِسْلَام على خطّهِ صَعْبة. ثُمَّ إنّ الكبار مثل البَيْسريّ، وسُنْقُر الأشقر، وعلاء الدّين طيبرس، وأيْتمِش [1] السَّعْديّ، وبكتاش أمير سلاح، وطرنطيه [2] ، ولاجين، وسنْجر الدّواداريّ لمّا رأوا ثبات السّلطان حملوا على التّتار عدّة حملات، ثُمَّ كان الفتح، ونزل النّصر وجُرح مقدَّم التّتار منكوتمر بْن هولاكو، وجاءهم الأمير عِيسَى بْن مُهَنّا عَرْضًا، فتمّت هزيمتهم، واشتغلوا بما دَهَمُهم من جرح مقدَّمهم. وركب المسلمون أقفيتهم، وقتلوا منهم مقتلة هائلة، وساقوا وراءهم حَتَّى بقي السّلطان فِي نفرٍ قليل من الخاصكيّة، ونائبة طرنطاي قُدّامه بالسّناجق. وردّت

[1] ويقال «أيتامش» .

[2]

ويقال: «طرنطاي» .

ص: 58

ميمنة التّتار الّتي كسرت ميسرة المسلمين، فمرّوا بالسّلطان وهو تحت العصائب والكوسات تضرب، وحوله من المقاتلة أقلّ من ألف، فَلَمَّا جاوزوه ساق وراءهم، فانهزموا لا يلوون على شيء، وتمّ النّصر بعد العصر، وانهزموا عن آخرهم قبل الغروب، وافترقوا، فأخذت فرقة على سَلَمية والبرّيّة، وأخرى على ناحية حلب. وعاد السّلطان إِلَى منزلته بليلٍ، وجهّز من غدٍ وراءهم الأيْدمريّ فِي طائفةٍ كبيرة [1] .

وجاءت يوم الجمعة بطاقة بالنّصر، فضُربت البشائر، وزُيّنت دمشق، فَلَمَّا كان نصف اللّيل وصل إِلَى ظاهر دمشق المنهزمون من الميسرة أمراء وجناد، ولم يعلموا بما تجدّد من النّصر، فقلق الخلْق، وماج البلد، وشرع خلْقٌ فِي الهروب. ثُمَّ وصل وقت الفجر بريديّ بالبشارة بعد أن قاسي الخلْق ليلة شديدة، وتودّعوا من أولادهم واستسلموا للموت، فإنّ أولئك التّتار كانوا يبذلون السّيف من غير تردُّد. ورأسهم كافر، وأكثرهم على الكُفر، فلله الحمدُ على السّلامة. وكان للصّبيان والنّسوان فِي تلك اللّيلة فِي الأسطحة ضجيجٌ عظيمٌ وبُكاء والتجاء إلى الله تعالى لا يعبّر عنه.

وكان رُكْنُ الدّين الجالق من جملة المنهزمين، ولم يعنّفْه السّلطان لأنّه رَأَى ما لا قِبَل له به. فَلَمَّا صُليّت الصُّبْح قُرِئ الكتاب السّلطانيّ بكسرة التّتار، وأنّهم كانوا مائة ألفٍ أو يزيدون. ثُمَّ جاء كتاب آخر قبل الظُّهْر فِي المعنى، وزُيّنت دمشق. واستشهد نحو مائتي فارس منهم الحاجّ أزْدمر، وسيف الدّين الرُّوميّ، وشهاب الدّين توتل الشَّهْرَزُوريّ، وناصر الدّين ابن جمال الدّين الكامليّ، وعزّ الدّين ابن النّصرة المشهور بالقوّة المُفْرِطة والصّرامة.

ودخل السّلطان دمشق يوم الجمعة المقبلة، وبين يدي موكبه أسرى

[1] وقال ابن أيبك الدواداريّ: حدّثني والدي- سقى الله عهده- قال: لما كسرت ميمنتنا ميسرة التتار، نظرت إلى من بقي مع السلطان تحت السناجق، فلم يكونوا يلحقوا عنده ثلاثمائة فارس. وكنت في ألف السلطان، وكان مقدّمنا يومئذ علم الدين زريق الرومي، فلم يبرح مع السلطان وأنا معه. (الدرّة الزكية 243) .

ص: 59