المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (15) * * *   ° قَالَ اللهُ عز وجل: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (15) * * *   ° قَالَ اللهُ عز وجل: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ

‌الآية (15)

* * *

° قَالَ اللهُ عز وجل: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)} [النور: 15].

* * *

قَوْلهُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} هَذَا التفات من الغيبة إلى الخِطَاب، وفَائِدَته التَّنْبيه وقوة التَّوبِيخ؛ لأَنَّ الخِطَاب أبلغ في التَّوبِيخ فإنَّك إِذَا تحدثت لصاحبك بِصيغَة الغائب صَارَ ألطف وأهون، وإذا أتيت بعد ذَلِك بِصيغَة الخِطَاب صَارَ أبلغ سواء كَانَ ذَلِك مدحًا أم ثناء.

فمن الثَّناء قَوله تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة: 2 - 4]، ثم قَالَ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]، فأثنى المصلِّي على الله عز وجل في أول السُّورة بِصيغَة الغائب {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ثم بِصيغَة المخاطب {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} كأنه بعد الثَّناء صَارَ حاضرًا بين يدي ربه فقال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، وانظر إلى قَوْله تَعَالَى:{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} [عبس: 1 - 3]، فقَوْلهُ:{عَبَسَ} للغائب ثم قَالَ: {وَمَا يُدْرِيكَ} كأن الله سبحانه وتعالى لم يشأ أن يخاطب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بهَذَا اللَّفْظ عبست وتوليت قَالَ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)} حَتَّى تبيّن ثم قَالَ: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3)} فهَذِه مثلها.

المُهِمّ أنَّه إِذَا انتقل من صِيغَة الغيبة إلى صِيغَة الخِطَاب فله فَائِدَة وهي التَّنْبيه

ص: 81

وأُخْرَى تُستفاد من السِّياق.

قَوْلهُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [أَي يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ وَحُذِفَ مِنْ الْفِعْلِ إحْدَى التَّاءَيْنِ]. اهـ.

أصله: (تتلقونه بألسنتكم)، ولا يُمْكِن أن نقول: إن قَوْلهُ: تلقى هُنا فعل ماضي لكن قَوْله تَعَالَى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]، يُمْكِن أن يُقالَ إن {تَلَظَّى} فعل ماضي مع أنَّها في الآية فعل مُضارع لأَنَّ أصلها تتلظى، لكن هُنا لا يُمْكِن أن نجعل (تتلقونه) فعلًا ماضيًا؛ لأَنَّ (تلقى) تَكُون فعلًا ماضيًا إِذَا جاءت مجرَّدَة نحو (تلقيتُ) الحَديث؛ ولأن الفِعْل الماضي لا تتَّصل به الواو والنُّون، بل الواو فقط لأَن النُّون من الأفْعال الخمْسَة المضارِعَة.

وفي قَوْلهُ: {تَلَقَّوْنَهُ} النُّون موجودة، فإِذَنْ هُنا لا يجوز أن تَكُون فعلًا ماضيًا فيقينًا أنَّه حذف منها إِحْدَى التاءين.

ثم قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [و {إِذْ} مَنْصُوبٌ بِمَسَّكُمْ أَوْ بِأَفَضْتُمْ] اهـ. التَّقدير لمسُّكم {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} أو أفضتم {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} .

ويُستفاد من كلام المُفَسِّر أن {إِذْ} هُنا اسم، وقد تقدَّم أن كثيرًا من المعربين يجعلون {إِذْ} التَّعليليَّة حرفًا لا اسمًا لأَنَّ المَعْنى من أجل كذا، فقَوْلهُ:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} يعني أنَّه يرويه بعضُكم عن بعض، تلقى الشَّيء بمَعْنى استقبله وأخذه فهم يتلقَّوْنه بألسِنَتهم وَيقُولُونَ بأفواههم ما لَيْسَ لهم به علم.

و(الباء) في قَوْلهُ: {بِأَلْسِنَتِكُمْ} للتَّعدِية، وأصل التَّلقِّي يَكُون بالسّمع في الحقيقَة لكن عبر به هُنا على أساس أنَّه بمجرَّد ما يتلقَّاه يفيض به.

ص: 82

لو قَالَ قَائِل: ما الفَرْق بين قَوْله تَعَالَى: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} وقَوْلهُ: {تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} ؟

الفَرْق بين قَوْلهُ: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} وقَوْلهُ: {تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} أن التَّلقِّي أخذه من الغير، مثل "تلقي الجَلَب"

(1)

يعني استقبالهم، فالتَّلقي استقبال الكَلام.

وعبر بقَوْلهُ: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} ذَلِك لإلقاء الكَلام إلى الغير وفيه إِشارَة إلى أن هَذَا القَوْل لا يصل إلى الْقَلْب وإنَّما هو مُجرَّد كلام اللِّسَان وَذلِك لتشكك كثير من الصَّحابَة في هَذَا الخبر، وسبق أن جمهورَهم وفُضلاءَهم أنكروه من أول الْأَمْر.

قَوْلهُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} وفي هَذَا من التَّوبِيخ ما فيه و (أَفْوَاه) جمع (فَاه) وهو الفَمُّ، تقول بفمك ما لَيْسَ لك به علم.

إذا قَالَ قَائِل: لماذا قَالَ: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ} مع أن القَوْل لا يَكُون إلَّا بالفم؟

الجواب: لأنَّه مُجرَّد كلام باللِّسَان وبالفم لم يستقر في الْقَلْب، ولم يصل إلى قَرارة النَّفس؛ لأنَّه لَيْسَ عن علم؛ لأنهم وإن كانوا يَقُولُونَه لكن كأنهم يستبعدونه، مستريبون في حقيقته، وقد يُقالُ: إن هَذَا من باب التَّاكيد يُراد به تحقيق القَوْل وأنه لَيْسَ مُجرَّد ظن أو تخيل بل يَقُولُونَه صراحة بأفواههم، كما تقول: مشى برجله إلى فلان تحقيقًا للمشي، يعني أنَّه قَوْل محقق تقولونه قولًا صريحًا ولَيْسَ ظنًّا في النَّفس، فإن القَوْل يطلق على الظَّن.

ومثله أيضًا قَوْله تَعَالَى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38]، ومعْلُوم أن الطَّائر لا يطير إلَّا بجناحَيْه.

(1)

أخرجه مسلم: كتاب البيوع، باب تحريم تلقي الجلب، رقم (1519).

ص: 83

وقَوْلهُ: {مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ما أكثر ما يقع هَذَا من النَّاس، وهَذَا يُفيد أن الْإِنْسَان لا يَقُول قولا إلا وله به علم، لا يكفي أن تقول قولًا لمجرد الظَّن ولا لمجرد الوهم أو التَّخيَّل، لا تقل خصوصًا في الْأُمُور الخطيرة إلَّا مالك به علم، ولهَذَا قَالَ اللهُ عز وجل في سُورة الإسراء:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} يعني لا تتبعه {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، فأنت مسْؤولٌ عن سمعِك وبصَرِك وقلْبِك الَّذِي هو محل الظَّن والاعتِقاد.

إِذَنْ لا تقل ما لَيْسَ لك به علم، ولا تتَّبعْ ما لَيْسَ لك به علم، فلا بُدَّ من أن يَكُون الْإِنْسَان على علم، وهَذِهِ تربية من الله عز وجل تفيد أن الْإِنْسَان يتثبَّت فيما يَقُول؛ ليَكُون قَوْلهُ معتبرًا؛ ولَيْسَلم من إثم القَوْل بلا علم، لا سيَّما إِذَا كَانَ القَوْل على الله، فإنَّه لا أحد أظْلَم ممَّن افترى على الله كذبًا أو كَانَ القَوْل في مثل هَذِهِ الْأُمُور الخطيرة الَّتِي فيها القَدْح بالنَّبيّ صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأصْحابه، وبالتالي القَدْح في الدِّين؛ لأنَّه إِذَا قُدح في الرَّسُول الَّذِي جاء به فهو قدح في نفس الدِّين الَّذِي أتى به هَذَا الرَّسُول المقدوح فيه.

قَوْلهُ: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [لَا إثْمَ فِيهِ {وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} فِي الْإِثْم] اهـ.

في هَذِهِ الجُمْلَة من تعظيم هَذَا الْأَمْر ما فيها يعني تحسبون أن القَوْل في هَذَا الْأَمْر هينًا وأنَّها كَلِمات تُقال وتُنقل لكنَّه عند الله عَظِيم، ويتعاظَم كلما كَانَ الْإِنْسَان المقول فيه أبعدَ عما قِيلَ فيه، ولهَذَا قذف المحصن فيه الحدّ وقذف غير المحصن فيه التَّعْزِير، يعني لو قذف إنسانًا متهمًا بالزِّنَا ولَيْسَ عفيفًا عُزر، ولو قذف إنسانًا معْرُوفًا بالعِفَّة وجب فيه الحدّ كاملًا ولهَذَا قَالَ:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} .

ص: 84

وقُلْنا: إنَّه يتعاظَم بحسَب حال المقْذُوف المتكَلَّم فيه، وكَذلِك إِذَا لم يكن الكَلام قذفًا يَكُون أعظم بحسَب حال القَوْل، ولهَذَا يَقُول الله عز وجل:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [العنكبوت: 68]، فأعظم الكَذِب: الكَذِب على الله ثم على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهَكَذا يتعاظم الكَذِب بحسب من نمى إلَيْه الكَلام.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: أن قلوبَهم لم تستقرّ بهَذَا القَوْل، ولم تطمئِنَّ به، بل هي أقوالٌ بالألسُن، لقَوْلهُ:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} .

الفَائِدة الثَّانية: التَّحذِير من القَوْل على الله بلا علمٍ؛ لقَوْلهُ: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} .

الفَائِدة الثَّالِثَة: التَّحذِير من صغائر الذُّنوب، لقَوْلهُ:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا} ولهَذَا قَالَ أنس رضي الله عنه: "إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدَّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المُوبِقَاتِ"

(1)

.

الفَائِدة الرَّابِعَة: أن الْإِنْسَان يحافظ على ما يقول في غيرِه مما يقْدَح فيه، وإن كَانَ هو لا يعتَقِده، بل هَذَا يَكُون أَشَدَّ؛ أي: أن يجمع الْاِنْسَان بين أن يقولَ شيئًا يعتقد أنَّه كذب وأيضًا يسيء إلى غيره.

الفَائِدة الخَامِسَة: تحْرِيم القَوْلِ على الله بلا علمٍ، كما لقَوْلهُ:{وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} وهَذَا يشمل الفتوى والحُكْم والشَّهادة والأَخْبار الشَّائعة،

(1)

أخرجه البُخاريّ، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من محقرات الذنوب، حديث رقم (6492)، عن أنس رضي الله عنه.

ص: 85

فالْإِنْسَان لا يَقُول إلَّا بعلم، ومثله تحْرِيم فتوى المقلد، ففتوى المقلد معْرُوف أنَّها حرام لأنَّها لَيْسَ عن علم، لكن إِذَا اضطر النَّاس ولم يجدوا إلَّا مقلِّدًا فماذا يصنعون؟

استفتاء المقلِّد خيرٌ من أن تستفتي إنسانًا جاهلًا لَيْسَ عنْدَه إلمام بالعلم أبدًا.

وأيُّهما أقرب للصَّواب في نفسِك: أن تستفتِيَ مقلِّدًا أو أن تستفْتِي عاميًّا جالسًا في السَّوق يسُبُّ النَّاس؟ لا شكَّ أن المقلِّد أقربُ للصَّواب، فإذا لم نجد إلَّا مقلِّدًا فيكونُ الرُّجوع إليْه أفضلَ مِن أن نقول للنَّاس: لا تستفتوا، فيَبْقى هَؤُلَاءِ الجهال يُفتي بعضهم بعضًا.

فلا شَكَّ أن المقلِّد خيرٌ من الْإِنْسَان العامِّيِّ إِذَا لم يكن سواه، قَالَ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173].

الفَائِدة السَّادِسَة: ظن الشَّيء العَظِيم هينًا لا شَكَّ أنَّه من قُصور النَّظر؛ لقَوْلهُ: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} .

* * *

ص: 86