المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (48) * قَالَ الله عز وجل: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (48) * قَالَ الله عز وجل: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ

‌الآية (48)

* قَالَ الله عز وجل: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 48].

* * *

قَوْلهُ: {وَإِذَا دُعُوا} الضَّمِير يَعود على هَؤُلَاءِ القائلين الَّذينَ يَقُولُونَ: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ} يتولون.

قَوْلهُ: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} يَقُول المُفَسِّر رحمه الله: [أَي: المُبَلِّغ عَنْهُ {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} عَنِ المَجِيءإِلَيْهِ] اهـ.

قَوْلهُ: {وَإِذَا دُعُوا} أي: دعاهم من يخاصمهم إلى الله وإلى رسوله ليحكم بينهم، أعرضوا.

قَوْلهُ: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ} ؛ هل المُراد أن يُدعَوا إلى الله سبحانه وتعالى ليصلوا إلَيْه فوق عرشه؟

الجواب: لا، وإنما يَكُون الدُّعاء إلى الله بالدَّعوة إلى كتابِه؛ لأَن كتاب الله كلام الله عز وجل، فالدُّعاء إلى الله هو الدُّعاء إلى كتاب الله.

وقَوْلهُ: {وَرَسُولِهِ} هل المُراد أن يصلوا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بيته أو في مسجده أو في سوقه؟

ص: 322

نقول: في حياته يصلون إلَيْه شخصيًّا في المسجد أو في البَيْت أو في السوق، وبعد وفاته إلى سنَّته؛ لأَن سنته عليه الصلاة والسلام هي: قَوْلهُ وفعله وإقراره، فإننا نشاهده عنْدَما ندعوا إلى قَوْلهُ أو إلى فعله أو إلى إقراره.

وقول المُفَسِّر رحمه الله: [المبلغ عنه] أي: عن الله، وإنما قَالَ المُفَسِّر رحمه الله هَذَا لأجل أن يبين أن حكم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هو حكم الله، وحتى لا يقع إِشْكال في قَوْلهُ:{لِيَحْكُمَ} مع أنهم مدعوون إلى الله ورسوله.

ثم قَالَ المُفَسِّر: [المُبَلِّغ عَنْهُ أَوْ ذُكِر الله لِتَعْظِيمِهِ]. وقَوْلهُ: [أَوْ ذُكِر الله لِتَعْظِيمِهِ] غير موجود في النُّسخ الأُخْرَى، فهَذه الحاشية إن صحت فيَكُون مراده رحمه الله أن ذكر الله لَيْسَ مقصودًا ولكن للتعظيم، أي لتعظيم حكم الرَّسُول عليه الصلاة والسلام؛ لأَن الَّذِي سيحكم هو النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام، لكن هَذَا لا وجه له.

وقَوْلهُ: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (اللَّام) للتَّعليل، يعني دُعوا لهَذَا الغرض {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الضَّمِير في قَوْلهُ:{لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} هل يَعود على الله أو على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أو عليهما؟ لا يصِح أن يَعود عليهما، إِذْ لو كَانَ عائدًا عليهما لوجب أن يَكُون الضَّمِير بِصيغَة التثنية، أي: إِذَا دعوا إلى الله ورسوله ليحكما بينهم، لكنها تعود إلى واحد منهما، إلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لأنَّه أقرب مذكور، لكن بالنِّسْبَةِ لله سبحانه وتعالى إما أن يُقدر جملة مثل هَذه الجُمْلَة يعني مثل قَوْلهُ:"إلى الله ليحكم بينهم ورسوله ليحكم بينهم"، مثل ما قُلْنا في قَوْله تَعَالَى:{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التَّوبة: 62]، ولم يقل: أن يُرضوهما بل قَالَ: {أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} فقالوا: إن التَّقدير: "والله أحق أن يُرضوه ورسوله أحق أن يُرضوه"، وإما أن يُقال: إن حكم الرَّسُول عليه الصلاة والسلام هو حكم الله ويشير إلى هَذَا قَوْل المُفَسِّر رحمه الله: [أي إلى رَسُول الله المبلغ عنه]؛

ص: 323

فإذا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله صَارَ حكمه حكم الله.

وفي الحَقيقَة أن الحاكم المباشر هو الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فعند النِّزاع في حياته نرجع إلَيْه مباشرة لِذَلك نقول: {لِيَحْكُمَ} الضمِير يَعود على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ولماذا؟ لأنَّه أقرب مذكور، ثم نقول: إن حكم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هو حكم الله، لأنَّه مبلغ عنه، لا يحكم إلا بما حكم الله به.

هَؤُلَاءِ إِذَا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم، {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} {إِذَا} يسميها النَّحويون فجائية، يعني المفاجئة، ففي هَذه الآيَة {إِذَا} الأولى في قَوْلهُ:{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ} شرطية جوابها {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} لكنَّه صدَّر بـ {إِذَا} الفجائية؛ لأنَّه جملة اسمية، وإذا كَانَ الجواب جملة اسمية، فلابُدَّ أن يصدر بالفاء أو بـ (إذا) الفجائية.

إِذَنْ (إذا) فُجائية، يعني تدُلّ على مفاجئة ما بعدها لما قبلها فهَؤُلَاءِ إِذَا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم هل يُفكرون وينظرون هل يقبلون أو لا يقبلون؟

الجواب: لا، يردون مباشرة - والعِيَاذ باللهِ - لا يتأنون في الْأَمْر ويفكرون: بل {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} بسرعة يعني بدون تروٍ، فكأنهم من الأَصْل مستعدون لرد حكم الله ورسوله، وهَذَا - والعِيَاذ باللهِ - أَشَدّ في الاسْتِكْبار وفي العتو من رجل يَقُول: يتروى ثم يعرض، وإن كَانَ الحُكْم واحدًا؛ إِذْ الواجب قبول ما حكم به الله ورسوله، لكن كون الْإِنْسَان يُفَاجِئ بالإعراض دَليل على أنَّه مستكبر ولا يُرِيد أبدًا أن يخضع للحق، ولهَذَا قَالَ:{إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} .

ص: 324

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: أن الحُكْم لله ورسوله والتحاكم إلى الله ورسوله، قد أقسم الله تَعَالَى قسمًا مؤكَّدًا بأنهم لن يؤمنوا حَتَّى يُحكِّموا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، قَالَ تَعَالَى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]، هَذه مرحلة، المرحلة الثَّانية:{ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65]، هاتان مرحلتان، يعني لا يَكُون في نفسك ضيق أو كراهة لما حكم به الرَّسُول عليه الصلاة والسلام، المرحلة الثَّالِثَة {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، يعني: ينقادوا انقيادًا تامًّا.

والنَّاس مختلفون فيما يلتزمون من هَذه المراحل، فمن النَّاس من لا يُحكِّم الرَّسُول عليه الصلاة والسلام وهَذَا من الأَصْل لم يدخل في المراحل الثَّلاث، ومن النَّاس من يحكم الرَّسُول عليه الصلاة والسلام لكن يجد في نفْسِه حرجًا من حكم الله ورسوله؛ لأنَّه يخالف هواه فتجده متحرِّجًا، يعني يحكم الله ورسوله لكن مع ضيق وحرج، هَذَا أيضًا لَيْسَ بمؤمن، ومن النَّاس من يحكم الرَّسُول عليه الصلاة والسلام ولا يَكُون في صدره حرج من حكمه، لكن لا يستسلم، يَكُون مثلًا عنْدَه تأنٍّ وعنده تهاون أو تقصير في بعض التنفيذ، هَذَا أيضًا لَيْسَ بمؤمن.

إِذَنْ لا بُدَّ من الْأُمُور الثَّلاثة: التحكيم وانتفاء الحرج والتسليم، وتأمل قَوْلهُ:{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} إِشارَة إلى أنَّه تسليم كامل، ولهَذَا يُسمي النَّحويون هَذَا المَصْدَر مصدرًا مؤكِّدًا، يعني: أنهم يُسلِّموا تسليمًا كاملًا لَيْسَ فيه أي التواء أو إعراض، هَذِهِ الآية مثلها.

* * *

ص: 325