المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (54) * قَالَ اللهُ عز وجل: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (54) * قَالَ اللهُ عز وجل: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا

‌الآية (54)

* قَالَ اللهُ عز وجل: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54].

* * *

قَوْلهُ: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [عَنْ طَاعَته بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ خِطَاب لَهُمْ {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} مِنْ التَّبْلِيغ {وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} مِنْ طَاعَته {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي: التَّبْلِيغ الْبَيِّن] اهـ.

يَقُول الله تَعَالَى للنبي عليه الصلاة والسلام آمرًا له أنْ يقولَ للنَّاس: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وقد سبق أن الطَّاعة موافقة الْأَمْر بفعل الأوامر واجتناب النَّواهي.

وقَوْلهُ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إعادة العامِل تدُلّ على أن طاعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم طاعة مستقِلَّة، وأن ما جاء به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فكَما جاء به عنه الله، ولهَذَا قَالَ العُلَماء: إن ما وجب في سُنَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كالذي وجب في القُرْآن من أمر ونهي، وهَذَا واضح، لأنَّه جعل طاعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم طاعة مستقِلَّة حيث قَالَ:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} .

وقَوْلهُ: {الرَّسُولَ} (ال) للعهد وهو عهد ذهني يعني الرَّسُول المعهود بينكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم الَّذِي تعرفونه، و (ال) هَذِهِ لَيْسَت كالتي في قَوْل الله تعالى: {فَعَصَى

ص: 348

فِرْعَوْنُ} [المزمل: 16]، لأَن (ال) في قَوْلهُ:{فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} للعهد الذكري، {أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: 15]؛ فعصى فرعون رسوله.

قوله رحمه الله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} : عَنْ طَاعَته بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ خِطَاب لَهُمْ.

معنى: {تَوَلَّوْا} تُعرضوا، فالتولِّي الإِعْراض لكن من حيث اللَّفْظ أصلها تتولّوا، فإن تتولّوا، خطاب للنَّاس، فإن تتولوا - أيها النَّاس - {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} إِلَى آخِرِهِ، لكن حذفت منه إِحْدَى التاءين، وقد اختلف النَّحويون هل المحذوف تاء المُضارَعة أو المحذوف تاء الفِعْل؟ منهم من قَالَ: المحذوف تاء الفِعْل، لأَن تاء المُضارَعة جيء بها لمعنى فلا يَنْبَغِي حذفها، ومنهم من قَالَ المحذوف تاء المُضارَعة؛ لأَن تاء الفِعْل أصليَّة وأما تاء المضارَعة فهي زائدة، فهي أولى بالحذف من الحرف الأَصْلي، وعلى كل حال الخلاف في هَذَا لفظي لا يترتب علَيْه أمر معنوي، لكن المُراد بقول:{تَوَلَّوْا} تتولوا، نظير ذَلِك، حذف إِحْدَى التَّاءَيْن، في قَوْله تَعَالَى:{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]، {تَلَظَّى} بمَعْنى: تتلظى، ولَيْسَ تلظى فعلًا ماضيًا، لو كَانَ ماضيًا لقال: تلظت، لكنَّه فعل مُضارِع حذف منه إِحْدَى التاءين.

قَوْلهُ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} {عَلَيْهِ} أي: على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم {مَا حُمِّلَ} من التبليغ والبَيان والدعوة؛ فإنَّه عليه الصلاة والسلام بلغ بلاغًا مبينًا ودعا النَّاس، أيضًا قَالَ تَعَالَى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 108]؛ فالواجب على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمران، والمُفَسِّر رحمه الله اقتصر على أحَدهما، الواجب علَيْه التبليغ والدعوة، وقد بلَّغ ودعا صلى الله عليه وسلم، بلغ النَّاس ودعاهم وقام بما يَجب عليه.

قَوْلهُ: {وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} ما الَّذِي حُمّلنا؟ حُمِّلنا طاعته واتِّباعه. وعلى هَذَا فإن أخل هو بما يَجب علَيْه صَارَ مستحقًّا لما يترتب على ذَلِك، وإن أخللتم أنت بما

ص: 349

يَجب عليكم صرتم مستحقين لجزاء ذَلِك، والنَّبيّ عليه الصلاة والسلام بلغ البلاع المبين؛ فقام بما حُمِّل، لكن الَّذينَ أعرضوا لم يقوموا بما حُمِّلوا، وفي هَذَا دَليل على أن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَيْسَ ملزمًا بهدايتهم، وهَذَا كثير في القُرْآن، قَالَ تَعَالَى:{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22]، وقَوْلهُ:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]، وقَوْلهُ:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 40].

فالرَّسُول لَيْسَ ملزمًا بل إن الله نهاه أن يَكُون في صدره حرج وضيق وحزن؛ قَالَ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127]، وقَالَ تَعَالَى:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3]؛ يعني مهلك نفسك لعدم إيمانهم، وهَكَذا أيضًا من ورث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهم العُلَماء - إنما عليهم البلاع والدعوة، أما هداية الخلق فهو إلى خالقهم تبارك وتعالى، ولَيْسَ عَليْك هداهم.

قَالَ اللهُ تَعَالَى مرغبًا في طاعته: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} أي: إن تُطيعوا الرَّسُول عليه الصلاة والسلام {تُطِيعُوهُ} ، وفي هَذَا إِشارَة إلى ما سبق من أن ما جاءت به السُّنَّة فهو حكم مستقل يَجب أن يُطاع ويتبع كما جاء في القُرْآن، ولهَذَا قَالَ:{تَهْتَدُوا} فالهداية مطلوبة؛ فإذا أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بأمر فلا يجوز لنا أن نقول: هل لهَذَا أصل في القُرْآن أو لا؟ إن كَانَ له أصل قبلناه وإن لم يكن له أصل لم نقبله؛ لأَن هَذَا حرام، وهو كفر بالقرآن نفسه؛ لأَن الله يَقُول:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ثم قَالَ: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} فدل هَذَا على أن كل ما جاء به فهو حق وهداية، لَيْسَ فيه باطل وضلال.

ص: 350

قَوْلهُ: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} هَذَا الحصر حقيقيٌّ أو إضافيٌّ، وإذا قُلْنا: حقيقي كَيْفَ يَكُون حقيقيًّا وهو عليه الصلاة والسلام يَجب علَيْه أن يُصلي وأن يزكي وأن يصوم؟ فالحصر الحقيقي معناه أن ما سواه منتهٍ، فهل يُمْكِن أن نقول: إن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَيْسَ علَيْه إلا أن يبلغ النَّاس، وأما أنَّه يفعل الطاعات هو بنَفْسِه فلَيْسَ علَيْه منها شَيْء؟

الجواب: هَذَا الحصر إضافي؛ يعني بالنِّسْبَةِ لما يَجب علَيْه نحوكم؛ لأنَّه قَالَ: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ} بالنِّسْبَةِ إليكم {إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} ، أما أن يهديكم ويرغمكم على الحَقّ فهَذَا لَيْسَ علَيْه كما قَالَ اللهُ تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 272]؛ فيَكُون هَذَا الحصر بالنِّسْبَةِ لما يَجب علَيْه نحو أمته؛ فإنَّه لا يَجب علَيْه إلا البلاغ المبين، وهو حصر حقيقي بالنِّسْبَةِ لما يَجب علَيْه لا بالنِّسْبَةِ للعموم.

لكن الحصر الحقيقيَّ هو الَّذِي يَكُون بالنِّسْبَةِ إلى العُموم، لا شَيْء علَيْه سوى هَذَا، ومعنى قولنا: إضافي أي: بالإضافة إلى كذا، كما لو قلت: لا جواد إلا فلان، هَذَا حصر، أي: أنَّه لا يوجد جواد سواه، مع أن الأجواد سواه كثيرون، لكن معنى لا جواد إلا فلان بالنِّسْبَةِ إلى قبيلته مثلًا أو بالإضافة إلى بلده أو ما أشبه ذَلِك، فإِذَنْ الحصر يَكُون إضافيًّا إِذَا كَانَ بمَعْنى الإضافة إلى كذا، وإذا صَارَ الحصر بالإضافة إلى الكل فهو حقيقي.

قَوْلهُ: {الْبَلَاغُ} بمَعْنى التبليغ، وأصل البلاغ: الوصول إلى الغَايَة، يقال: بلغ كذا بمَعْنى وصل، فالمُبلِّغ موصل إلى غايَة؛ وهي: الهداية الَّتِي أَرَادَ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى

ص: 351

من عباده أن يَكُونوا عَلَيْها، وقول المُفَسِّر:{المُبِينُ} (بمَعْنى البيِّن) فيه نظر؛ لأَنَّه سبق أن {المُبِينُ} تصح بمَعْنى البيِّن، وتصح بمَعْنى المبيِّن؛ يعني: الَّذِي أظهر وأوضح ما دعا إلَيْه وبلغه؛ فالمبين بمَعْنى المظهر ولَيْسَت بمَعْنى البين كما قَالَ المُفَسِّر رحمه الله.

وأيهما أبلغ: المبين بمَعْنى المظهر أو المبين بمَعْنى البين؟ بمَعْنى المُظهر؛ لأَن المبين بمَعْنى المظهر، أي: بيِّن بنَفْسِه مبيِّن لغيره، والبيِّن بيِّن بنَفْسِه فقط، قد يبين غيره وقد لا يبين.

* * *

ص: 352