المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (18) ° قَالَ اللهُ - عَزَوَجلَّ -: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (18) ° قَالَ اللهُ - عَزَوَجلَّ -: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ

‌الآية (18)

° قَالَ اللهُ - عَزَوَجلَّ -: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)} [النور: 18].

* * *

قَوْلهُ: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [في الْأَمْر وَالنَّهْي {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بِمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ {حَكِيمٌ} فِيهِ] اهـ.

قَوْلهُ: {يُبَيِّنُ} بمَعْنى يظهر و {الْآيَاتِ} بمَعْنى العلامات الدّالة علَيْه- وقد تقدَّم أن {الْآيَاتِ} تنقسم إلى كونيَّة وشرعيَّة.

فالآيات الْكَوْنِيَّة: هي ما خلقه الله في الكون وقَدَرِه كالليل والنَّهار والشَّمس والقمر، وهَذِهِ ظاهرة للمُؤْمِنِينَ وغيرهم فهم يعرفون أن هَذِهِ آيَات لا يسْتَطيع البشر أن يأتوا بمثلها.

والآيات الشرعيَّة: لا تتبين وتظهر إلَّا للمُؤْمِنِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} ماذا؟ {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].

فالآيَات الشَّرْعِيَّة الَّتِي تضمنها وحيه المنزل على رسله سواء القُرْآن أو غير القُرْاَن لا يَستَفِيد منها إلَّا المُؤْمِن، أما الكافر والعِيَاذ باللهِ فإنَّه يَزدَاد بها رجسًا إلى رجسه ويموت على كفره، والآيَات الْكَوْنِيَّة حَتَّى غير المُؤْمِنِينَ باللهِ سبحانه وتعالى-يعني غير المنقادين والمذعنين لشرائعه- يؤمنون بأن مثل هَذِهِ الْأُمُور لا يُمْكِن

ص: 94

لبشر أن يأتي بها على اختلاف مشاربهم.

والحَقيقَة عند التأمل ربَّما يُقالُ: حَتَّى الآيات الْكَوْنِيَّة ربَّما يعمى عنها بعض النَّاس؛ لأَنَّ من النَّاس من يظن أن هَذِهِ الآيات لَيْسَت ناتجة أو لَيْسَت من فعل خالق، وإنَّما هي طبائع تتفاعل ويتولَّد بعضها من بعض وبدون أن يَكُون لها مدبر أو خالق، وعلى هَذَا فتكون أيضًا الآيات الْكَوْنِيَّة كالآيات الشَّرْعِيَّة خلافًا لما قررناه سابقًا.

لهَذَا نقول: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ} أي: يُظهرها حَتَّى تَتَبيّن، ولا فرق في ذَلِك بين الآيات الْكَوْنِيَّة والآيات الشَّرْعِيَّة، ولهَذَا لما خسفت الشَّمس في عهد الرَّسُول عليه الصلاة والسلام ماذا قَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ"

(1)

.

حَتَّى خسوفهما من آيات الله لأنَّه لو أن البشر كلهم اجتمعوا على أن يكسفوا الشَّمس لا يستطيعون، فإِذَنْ الكُسوف من آيات الله لأَنَّ معنى الآية هو ما يدُلّ على ما كَانَت آية له، بمَعْنى أنَّها لا يُمْكِن أن يأتي بها أحد سوى من كَانَت آية له.

قول المفسر رحمه الله: [في الْأَمْر والنَّهْي] كأنه حملها على الآيات الشَّرْعِيَّة، والحقيقَة أنَّها شاملة للآيات الشَّرْعِيَّة والآيات الْكَوْنِيَّة.

وقَوْلهُ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} أي ذو علم واسع شامل فيما يَتعلَّق بفعله وفيما يَتعلَّق بفعل المخْلُوقين، فالله سبحانه وتعالى عليم بما كَانَ وبما سيَكُون من فعله ومن فعل المخْلُوقين، و {حَكِيمٌ} سبق أنَّها مشتقة من الحكْمَةِ والحُكْم، وموضع الحكْمَةِ ومحلها الشَّرع والقَدَر، ففي الشَّرع كُلُّ ما شرعه الله فإنَّه مطابق للحكمة.

(1)

أخرجه البُخاريّ، كتاب الجمعة، باب صلاة الكسوف جماعة، حديث رقم (1052)، عن ابن عباس، ومسلم، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، حديث رقم (901)، عن عَائِشَة.

ص: 95

وأيضًا في القدر، كُلُّ ما خلقه الله فهو مطابق الحكْمَةِ، أما الحكْمَةُ نفسها فتكون في ثلاثة أشْيَاء: في الإِيجَاد والصُّورَة والغَايَة، فإيجاد الشَّيء حِكْمَة لَوْلا أن الحِكْمة في وجوده ما وُجد، وكونه على هَذَا الشَّكل المعين أو بهَذ الصُّورة المعينة هو أيضًا حِكْمَة، والغَايَة منه أيضًا حِكْمَة قَالَ تَعَالَى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون: 115].

إذا ضربنا اثنين: (الشَّرع والقدر) في ثلاثة: (في الإِيجَاد أو في الصُّورَة أو في الغَايَة) يَكُون الجميع ستة.

أما الحُكْم فإنَّه ينقسم أيضًا إلى قِسْمَيْن: كوني وشرعي، مثال الشَّرعي قَوْله تَعَالَى:{ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: 10]، هَذَا حكم شرعي ولَيْسَ كونيًّا لأنَّه ذكره بعد أَنْ قَالَ اللهُ تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)} [الممتحنة: 10] هَذَا شرعي لأَنَّ هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي سبقت كلها تَشْريعات.

ومثال الكَوْنِيّ قَوْل أخي يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف: 80].

إذا كَانَ الحُكْم كونيًّا أو شرعيًّا مطابقًا للحكمة فهل يَلْزَم أن نعرف هَذِهِ الحِكْمة أو لا يَلْزَم؟

الجواب: لا يلْزَم، لكن يَجب علَيْنا أن نُؤْمِن بأنه ما من شَيْء أوجده الله أو شرعه إلا وله حِكْمَة، لكنَّنا لقُصورنا يخفى علَيْنا كثير من هَذِه الحِكَم.

ص: 96

مِن فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: أنَّه يَنْبَغِي للمُؤْمن إِذَا خفي علَيْه شَيْء أن يتأمَّل لأَنَّ الآيَات مبينة وظاهرة، فمثلًا إِذَا خفي عَليْك حكم شَيْء من كتاب الله فأعد النَّظر لأَنَّ الله قَالَ:{وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ} فالآيات مبينات، وخفاؤها على الْإِنْسَان في بعض الأَحْيان يدُلّ على قُصوره إمَّا في العِلْم أو الفَهْم أو التدبير.

الفَائِدة الثَّانية: بَيان الآيات للْكافِر والمُسْلِم، فالآيات ظاهرة لكل أحد للْكافِر والمُسْلِم، والآيات الشَّرْعِيَّة لا تبيّن ولا يَنتفِع بها إلَّا المُؤْمِنون، أما الْكُفَّار فإنهم يَقُولُونَ هَذِهِ أساطير الأولين لأَنَّه {رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]، فلم يعرفوها وقد تقدَّم هَذَا في التفسير.

الفَائِدة الثَّالِثَة: إِثْبات الصِّفات والأَسْماء لأَنَّ {عَلِيمٌ} من أَسْماء الله -جَلَّ وَعَلَا- و {حَكِيمٌ} من أسْمَائِه أيضًا وهما متضمنان لصفتين: العِلْم والحِكْمة.

لو قَالَ قَائِلٌ: هل يُمْكِن أن نثبت أَسْماء الله من مُجرَّد الفِعْل؟

الجواب: لا يجوز إِثْبات الاسْم من مُجرَّد الفِعْل، ولِهَذَا لا يُمْكِن أن نثبت أن الله ماكر من قَوْله تَعَالَى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30]، فما جاء بِصيغَة الفِعْل يبقى على الفِعْل، وما جاء بِصيغَة الاسْم هو الَّذِي يُمْكِن أن يؤخذ منه الفِعْل، فالسَّميع يُمْكِن أن نأخذ منه أن الله يسمع.

* * *

ص: 97