المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (50) * قَالَ اللهُ عز وجل: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (50) * قَالَ اللهُ عز وجل: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ

‌الآية (50)

* قَالَ اللهُ عز وجل: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: 50].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} كُفْرٌ، {أَمِ ارْتَابُوا} أَي: شَكُوا فِي نُبُوَّته {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} فِي الحكْم أَي: فَيَظْلِمُوا فِيهِ. لَا، {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ] اهـ.

يَقُول الله عز وجل مبينًا حال هَؤُلَاءِ الَّذينَ يَردُّون ما حكم الله به ورسوله بأنهم لا يخلون من هَذه الأَحْوال الثَّلاثة:

الأوَّل: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} والمرض هو عِلَّة تصيب الصَّحيح فيخرج عن الاعتدال، وهَذَا التعريف للمريض يشمل المرضي الجسمي والمرض الْقَلْبي، فالمرض الجسمي في الحقيقَة عِلَّة تصيبه فيخرج عن الاعتدال، كَذلِكَ المرض الْقَلْبي عِلَّة تصيب الْقَلْب فتخرجه عن الاعتدال حَتَّى ينحرف ولا يقبل الحَقّ، والمرض المشار إلَيْه هُنا، المُفَسِّر فسّره بالكفر، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن المُراد به الشَّهْوَة في الإِرادَة السيئة بِدَلِيل التقسيم سواء كَانَ كفرًا أو نفاقا أو غير ذَلِك، المُهِمّ أن المرض هو الإِرادَة السيئة الَّتِي تصرفهم عن قبول الحَقّ.

الثَّاني: {أَمِ ارْتَابُوا} هَذَا الشَّك، وهو مرض الشُّبهة؛ وقد تقدّم كثيرًا أن أَسْبَاب

ص: 327

الانحراف عن الحَقِّ إما شبهة وإما شَهْوَة، يعني إما أن الْإِنْسَان يشتهي أمرًا مخالفًا للشَّرع فيتبعه، وإما أن يَكُون عنْدَه شبهة في هَذَا الحَقّ فيمتنع منه، فنقول هُنا: يَنْبَغِي أن يفسر المرض بالإِرادَة السيئة الَّتِي هي الشَّهْوَة، أي: اشتهاء ما يُخالف الشَّرع، فقَوْلهُ:{أَمِ ارْتَابُوا} أي: شكوا، هَذَا مرض الشُّبهة الَّذِي يعرض لِلإنْسان حَتَّى لا يتبَيَّن له الحَقّ.

ونضرب لِذَلك مثلًا برجل أُمِرَ بأمر من الْأُمُور، أمر أن يصلي ولكنه قدم أمرًا دنيويًّا على صلاته، ما الَّذِي في قلبه من الْأَمْراض؟ في قلبه مرض الشَّهْوَة، وآخر أمر أن يصلي لكنَّه شك في فَائِدَة الصَّلاة أو شك في وُجوبها أو ما أشبه ذَلِك، هَذَا في قلبه مرض الشُّبهة، فقَوْلهُ:{مَرَضٌ} أي: إرادة سيئة، {أَمِ ارْتَابُوا} هَذَا الشَّك - والعِيَاذ باللهِ -.

الثَّالث: {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} يعني: لَيْسَ عندهم إرادة سيئة ولا عندهم شك في حكم الله ورسوله فقط، لكن عندهم شك آخر، شك في عدالة الله ورسوله، ولهَذَا هم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله، فيخشون من الميل والجور، وفي الحَقيقَة أن الميل والجور عندهم هم لَيْسَ في حكم الله ورسوله، بل إن حكم الله ورسوله على الحَقّ والعَدْل، ولكنَّ الجور في ميزانهم هم، لأنهم هم الَّذينَ حادوا عما يَجب أن يَكُونوا علَيْه من الامتثال والطَّاعة.

قَوْلهُ: {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {بَلْ} هَذه للإضراب، هَذَا الإضراب؛ هل هو إضراب إبطال أو إضراب انتقال؟ المُفَسِّر رحمه الله ماذا يراه؟

موجب كلام المُفَسِّر أن الإضراب هُنا للإبطال ولذَلك قدَّر، لا، بعد الاحتمالات الثَّلاثة السَّابِقة، وعندي أن الإضراب هُنا لَيْسَ للإبطال، وإنما هو للانتقال؛ لأَن

ص: 328

حَقِيقَة الْأَمْر أن الَّذِي لا يقبل حكم الله ورسوله لا يخرج عن هَذه الْأُمُور الثَّلاثة: إما أن عنْدَه إرادة سيئة أو عنْدَه شك أو خوف، لا نتصوَّر أمرًا رابعًا يرد على هَذه الاحتمالات الثَّلاثة.

ثم إن وصفهم بالظُّلْم لا يخرج عن هَذه الاحتمالات الثَّلاثة أيضًا، فمن في قلبه مرض فهو ظالم، ومن في قلبه شبهة فهو ظالم، ومن خاف أن يحيف الله ورسوله علَيْه فهو ظالم، إِذَنْ فالمَسْأَلَة من باب الإضراب الانتقالي ولَيْسَ من باب الإضراب الإبطالي.

وقَوْلهُ: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} {أَمِ} في هَذه المواضع هل هي للتسوية الَّتِي بمَعْنى (أو) أو للإضراب الَّذِي بمَعْنى (بل)؟ تقدَّم فيما سبق أن (أم) الَّتِي بمَعْنى (أو) هي الَّتِي تأتي بعد همزة التسوية مثل قَوْله تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]، وقَوْلهُ:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [المُنافِقُونَ: 6]؛ هَذه هي الَّتِي بمَعْنى (أو) ويسمونها متصلة، وأما الَّتِي تأتي بمَعْنى (بل) فهي الَّتِي لا يسبقها همزة تسوية وتسمى منقطعة، وعلى هَذَا فـ {أَمْ} في قَوْلهُ:{أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ} هَذِهِ منقطعة بمَعْنى (بل)، وقد وردت كثيرًا في آخر سورة الطور؛ قَالَ تَعَالَى:{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ} ثم قَالَ: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الطور: 29 - 33]؛ فهمزة الاستفهام هُنا منقطعة بمَعْنى (بل) ولَيْسَت متصلة؛ لأَن المتصلة هي الَّتِي تأتي بعد همزة التسوية وتكون بمَعْنى (أو) وأما المنقطعة فهي الَّتِي لا تأتي بعد همزة التسوية وتكون بمَعْنى (بل).

ص: 329

وقَوْلهُ: {بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} هُنا سجل عليهم الظُّلْم وأكده بنوعين من التَّأكيد، أكده بضمير الفصل وبكون الجُمْلَة اسمية مُعرَّفة الطرفين؛ لأَن الجُمْلَة إِذَا كَانَت اسمية معرفة الطرفين فإنها تفيد الحصر، هُنا (أولاء) مُبْتَدَأ وهي معرفة؛ لأنَّها اسم إِشارَة {الظَّالِمُونَ} خبر وهو معرفة لأنَّه محلى بـ (ال) وعلى هَذَا أكد الله ظلمهم بنوعين من التَّأكيد وقد تقدَّمت فوائد ضمير الفصل الَّذِي يرد كثيرًا في القُرْآن وفي غير القُرْآن.

* * *

ص: 330