المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (24) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ تَشْهَدُ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (24) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ تَشْهَدُ

‌الآية (24)

* * *

* قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)} [النور: 24].

* * *

قَوْلهُ: {يَوْمَ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [نَاصِبُهُ الاستِقْرَارُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ {وَلَهُمْ}]. اهـ.

(يوم)، لم يجعلها المُفَسِّر متعَلِّقة بـ (لعنوا في الدُّنْيَا والآخِرَة) جعلها متعَلِّقة بالاستقرار الَّذِي تعلق به الجارّ والمَجْرور لأَنَّ لهم عَذابًا عَظِيمًا، إِعْرابها:(لهم) جار ومجرور خبر مقدم و (عَذاب) مُبْتَدَأ و (عَظِيم) صفة، والجارّ والمَجْرور إِذَا كَانَ خبرًا لا بُدَّ أن يَتعلَّق بمحذوف، إما أن تقدره فعلًا وإما أن تقدره اسم فاعل فتقول: استقر لهم أو مستقر لهم، قَالَ ابن مالك رحمه الله

(1)

:

وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أوْ بِحَرْفِ جَرْ

اوِينَ مَعْنَى كَائِنٍ أوِ اسْتَقَرْ

(كائن) هَذه اسم فاعل و (استقر) فعل.

لكن هل الجارّ والمَجْرور هو الخبر أو متعَلِّق الجارّ والمَجْرور هو الخبر؟

الجواب: متعَلِّقه، لكن هم يَقُولُونَ: الجارّ والمَجْرور خبر من باب التسامح والتجوز، والخبر هو المحذوف الَّذِي تعلق به الجارّ والمَجْرور، تقديره كما تقدَّم مستقر لهم عَذاب عَظِيم أو استقر لهم عَذاب عَظِيم.

(1)

البيت رقم (123) من الألفية.

ص: 133

والمُفَسِّر رحمه الله يَقُول في التفسير: [نَاصِبُهُ الاسْتِقْرَارُ] الَّذِي تعلق به الجارّ والمَجْرور (لهم) وهو الاستقرار الَّذِي قدرناه وقُلْنا: تقديره مستقر لهم أو تقديره استقر لهم يومئذٍ.

قَوْلهُ: {تَشْهَدُ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَالتَّحْتَانِيَّة {عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} مِنْ قَوْل وَفِعْل وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة] اهـ.

متى يَكُون هَذَا الْعَذَاب العَظِيم؟

الجواب: يَكُون {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ} الآية، يعني اليوم الَّذِي تشهد فيه هَذه الجوارِح هو يوم القِيامَة.

قوله رحمه الله: {تَشْهَدُ} [بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَالتَّحْتَانِيَّة] اهـ. يعني أن في الآية قراءتين: {تَشْهَدُ} و"يَشْهَدُ"

(1)

، وَذلِك لأَن ألسِنة جمع تكسير وجمع التكسير يجوز فيه التذكير والتأنيث تقول:"قَالَ الرِّجَال، وقالتِ الرِّجَال" فـ (تَشْهَدُ) مؤنث و (يَشْهَدُ) مذكر وكلاهما جائز.

قَوْلهُ: {أَلْسِنَتُهُمْ} جمع لسان {وَأَيْدِيهِمْ} جمع يد {وَأَرْجُلُهُمْ} جمع رجل {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [مِنْ قَوْل وَفِعْل]، استفدنا من كلام المُفَسِّر رحمه الله فَائِدَة عَظِيمة وهي أن العَمَل يشمل القَوْل والفِعْل بخلاف الفِعْل، ولهذَا نجعل القَوْل قسيمه الفِعْل، لا تقول: قَوْل وعمل، إِذَا أردت أن تحرر تمامًا تقول: قَوْل وفعل، ويجوز قَوْل وعمل، لكن على سبيل التَّجوُّز.

فإذا قِيلَ: قَوْل وعمل من باب التَّقسيم لكنَّه تجَوَّز بإطلاق العَمَل على أحد معنييه وهو الفِعْل.

(1)

حجة القراءات (ص: 496).

ص: 134

إِذَنْ العَمَل يطلق على القَوْل وعلى الفِعْل بل قَالَ أهل السُّنَّةِ والجماعة في بحثهم في الإِيمَان: إن العَمَل يشمل عمل اللِّسَان وهو القَوْل وعمل الجوارِح وهو الفِعْل وعمل الْقَلْب أيضًا، عمل الْقَلْب مثل خوفه ورجائه ومحبته وما أشبه ذَلِك، يعني الحركة الْقَلْبية.

فإذا قِيلَ: عمل يشمل القَوْل والفِعْل، وإذا أردت أن تُقَسِّم تقول قَوْل وفعل إِذَا سمعت عِبارَة فيها قَوْل وعمل فاعلم أن هَذَا من باب التجوُّز؛ تجوز بالعَمَل عن الفِعْل، وإلا فالأَصْل أن الفِعْل قَسيم القَوْل لا أن العَمَل قسيم القَوْل، والفَرْق عَظِيم إِذَا قلت: عمل يشمل القَوْل والفِعْل، وإذا قلت: فعل يختص بالفِعْل الَّذِي هو عمل الجوارِح والقول عمل اللِّسَان، فالعَمَل يشمل قَوْل اللِّسَان وفعل الجوارِح لكن الفِعْل يختص بفعل الجوارِح فقط.

وقَوْلهُ: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} اللِّسَان يشهد على الْإِنْسَان لكن كَيْفَ يشهد؟

يَقُول لهذَا القاذِف للمحصنة الغافِلة المُؤْمِنة: إنك قذفتها، لسانه نفسه يَقُول: إنك قذفتها، مع أن العَمَل في الدُّنْيَا عمل اللِّسَان في الحقيقَة، ومع ذَلِك يشهد اللِّسَان على صاحبه بهَذَا القَوْل الَّذِي هو القَذْف.

قَوْلهُ: {وَأَيْدِيهِمْ} أيضًا تشهد عليهم {وَأَرْجُلُهُمْ} كَذلِكَ تشهد عليهم، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن هَذه الأعضاء تشهد على الْإِنْسَان يوم القِيامَة وكَذلِك ذكر أن الجلود تشهد أيضًا وأنه يحصل محاورة بين الْإِنْسَان وبين جلده قَالَ تَعَالَى:{وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)} [فصلت: 21].

ص: 135

لو قَالَ قَائِل: كَيْفَ الجمع بين قَوْلِه تَعَالَى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} وبين قَوْلهُ وتعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65]؟

الجواب: المُراد بالخَتْم على الأفْواه بحيثُ لا ينكرون، ولا يُنافي أن تشهد الألْسُن بما يضاد مراده، يعني أن اللِّسَان يدافع عنهم ولكن يشهد بخلافه، فيصير اللِّسَان لسانين: لسان شاهد وموافق للجوارح وهر المَقْصُود بهَذه الآية، ولسان آخر منكر وهو موافق لمراد صاحبه، فلو أنكر إِنْسَان باللِّسَان الَّذِي يتابعه بإرادته، نفس اللِّسَان يشهد عليه، والحكْمَةُ والله أعلم من ذكر اللِّسَان لأَن القَذْف إنما حصل به، ولهذَا قدمه على الأيدي والأرجل.

أو يُقالُ: إن القِيامَة مواقِف؛ لأَن يوم القِيامَة بخمسين ألف سنة، فتارة كذا، وتارة كذا، مثلما جمع ابن عباس رضي الله عنهما بين قَوْله تَعَالَى:{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42)} [النساء: 42]، فقَوْلهُ:{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} يعني: كُلُّ شَيْء يخبرون به، وقال في آية أُخْرَى:{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23)} [الأنعام: 23]، وهَذَا جُحود، فكَيْفَ نجمع بين الآيتين؟

الجواب: أن نقول إن القِيامَة مواقِف، وهَكَذا أيضًا جمع بعض العُلَماء بين قَوْله تَعَالَى:{وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)} [طه: 102]، وقَوْلهُ:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]، فهُنا سواد وهناك زرقة.

والجمع: منهم من قَالَ هَذَا باعتبار مواقِف القِيامَة، ومنهم من قَالَ: إن الزرقة في العيون والسَّواد في الوجوه، ومنهم من قَالَ: إن النَّاس يختلفون، الْكُفَّار منهم أزرق ومنهم أسود، عَلَى كُلِّ حَالٍ أهْل العِلْم رحمهم الله لجئوا إلى الجمع بين الآيَات

ص: 136

الَّتِي ظَاهِرها التعارض يوم القِيامَة بأن يوم القِيامَة لَيْسَ ساعة واحدة حَتَّى تتعارض فيه الآيات، يوم القِيامَة خمسين ألف سنة تختلف فيه الأَحْوال.

مِن فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: تمام قدرة الله عز وجل حيث إن هَذه الأعضاء تنطق مع أن النُّطق في العادة باللِّسَان لكن يَكُون النُّطق بكل شَيْء إِذَا أَرَادَ الله سبحانه وتعالى ولهذَا تقول الجلودُ أنطقنا اللهُ الَّذِي أنطقَ كُلَّ شَيْء.

الفَائِدة الثَّانية والثَّالِثَة: إِثْبات البعث وإِثْبات الجزاء.

الفَائِدة الرَّابِعَة: أن الجزاء من جنس العَمَل؛ والدَّليل قَوْلهُ: {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24]، استشهد بما كانوا يعملون لا بزيادة ولا بنقص.

* * *

ص: 137