المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (25) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ - تفسير العثيمين: النور

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌نُبْذَةٌ مُخْتَصَرَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ العُثَيْمِين 1347 - 1421 هـ

- ‌نَسَبُهُ وَمَوْلِدُهُ:

- ‌نَشْأَتُهُ العِلْمِيَّةِ:

- ‌تَدْرِيسُهُ:

- ‌آثَارُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌أَعْمَالُهُ وجُهُودُهُ الأُخْرَى:

- ‌مَكانَتُهُ العِلْمِيَّةُ:

- ‌عَقِبُهُ:

- ‌وَفَاتُهُ:

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الآية (8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآية (13)

- ‌الآية (14)

- ‌الآية (15)

- ‌الآية (16)

- ‌الآية (17)

- ‌الآية (18)

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌الآية (21)

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الآية (24)

- ‌الآية (25)

- ‌الآية (26)

- ‌الآية (27)

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌الآيتان (30، 31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآيتان (36، 37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية: (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية: (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الآية (51)

- ‌الآية (52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌الآية (59)

- ‌(الآية: 60)

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

الفصل: ‌ ‌الآية (25) * * *   * قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ

‌الآية (25)

* * *

* قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النور: 25].

* * *

قَوْلهُ: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [يجازِيهِمْ جَزَاءَهُ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} حَيْثُ حَقَّقَ لهمْ جَزَاءه الَّذِي كَانُوا يَشُكُّونَ فِيهِ وَمنْهُمْ عَبْد الله بْن أُبَيّ، وَالمُحْصَنَات هُنَا أَزْوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُذْكَر فِي قَذْفهنَّ تَوْبَة وَمَنْ ذُكِرَ فِي قَذْفهنَّ أَوَّل سُورَة التَّوْبَة غَيْرهنَّ] اهـ.

قَوْلهُ: {يُوَفِّيهِمُ} بمَعْنى يعطيهم وافيًا، تقول: وَفّيته حقه، أي: أعطيته إياه وافيًا.

وقَوْلهُ: {دِينَهُمُ} أي: جزاءهم، والدِّين كما أسلفنا كثيرًا يُطلق على العَمَل وعلى جزاء العَمَل، فمن إطلاق الدِّين على العَمَل قَوْله تَعَالَى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فلَيْسَ المُراد بالدِّين هُنا الجزاء وإنما المُراد العَمَل الَّذِي تدينون الله به، ومثل قَوْله تَعَالَى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} [الفاتحة: 4]، ما المراد؟ المُراد: الجزاء.

فالدِّين إِذَنْ يُطلق ويُراد به العَمَل والجزاء على العَمَل ومنه قولهم: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، يعني كما تعمل تجازى، إِذَنْ معنى {دِينَهُمُ} أي: جزاء عملهم.

ص: 138

وقَوْلهُ: {الْحَقَّ} بمَعْنى العَدْل وَذلِك لأَن (الحقّ) إن قِيلَ في مقابلة الجيْر فهو بمَعْنى الصِّدق، وإن قِيلَ في مقابلة الحُكْم سواء كَانَ الحُكْم تَشْريعيًّا أو جزائيًّا فمعناه العَدْل، هُنا قِيلَ في مقابلة حكم جزائي، وعلَيْه فيَكُون المُراد بالحقِّ يعني العَدْل الَّذِي لَيْسَ فيه ظلم ولا جور، وهَكَذا جزاء الله سبحانه وتعالى يَكُون دائمًا حقًّا يعني عدلًا لَيْسَ فيه جور.

لو قَالَ قَائِل: جزاء الله سبحانه وتعالى بالحسنات الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كَثيرَة هل ينافي هَذه الآية أو لا؟

الجواب: لا ينافيها؛ لأَن هَذَا عدل وزيادة، فكون الله يجازي العامِل أكثر من عمله هَذَا عدل وزيادة، لكن كون الْإِنْسَان يجازي غيره على عمل سيئ فيعاقبه بأكثر مما يستحق هَذَا جَوْر، فالله تَعَالَى منزه عن الأَخِير لأنَّه جَوْر، لكن الأوَّل فضل من الله والله سبحانه وتعالى ذو الفَضْل العَظِيم.

قَوْلهُ: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} في هَذه الجُمْلَة مؤكدان وإن شئنا قُلْنا: ثلاث مؤكدات: (أنَّ)، وضمير الفصل والمؤكد الثَّالث الجُمْلَة المكونة من مُبْتَدَأ وخبر كلاهما معرفة، وكون المبتدأ والخبر معرفة هَذَا يُفيد التَّوكيد والحصر، إِذَنْ فالله تَعَالَى هو الحق مؤكد بهَذه المؤكدات الثَّلاث، لكن ما معنى كون الله حقًّا؟

الجواب: أولًا: وجوده حق أي: ما يستحقه من الحقوق حق كالعِبادَة مثلًا فهو الإله الحق، ما صدر عنه من خبر أو حكم فهو حق.

إِذَنْ فهو الحق في ذاته وجودًا واستحقاقًا وكَذلِك أحكامًا، فالله سبحانه وتعالى موجود حقًّا وهو المستحق لِمَا يختص به حقًّا لا يشاركه أحد فيه، وهو سبحانه وتعالى لا يصدر عنه إلا الحق يعني أحكامه، وأفعاله كلها حق.

ص: 139

إِذَنْ وجه الأحقية لله عز وجل من وجوه ثلاثة: أولًا: لِوُجوده فإن وجوده حق فهو أحق الأَشْيَاء وجودًا ولهذَا جميع الفطر السَّليمة تشهد به وكَذلِك العقول الصريحة، يعني الخالصة من الشُّبُهَات والشَّهَوَات تشهد به، ثانيًا: وكَذلِك أيضا ما يصدر عنه فهو حق، ما يصدر عنه من خبر أوحكم فما أخبر به فهو حق وما حكم به فهو حق سواء كَانَت الأَحْكام هَذه تَشْريعية وهو ما يشرعه للعباد، أو جزائية وهو ما يجازي به العباد.

هل نقول: أو قدريًّا لأَن الأَحْكام القدرَّية أيضًا تعتبر حكمًا مثلما قُلْنا: إن الحُكْم قسمان: كوني وقدري؟

الجواب: في الحقيقَة أنَّه لا بُدَّ أن يضاف أن ما يصدر عنه من أحكام جزائية أو كونية أو تَشْريعية فهي حق.

وأيضًا ما يستحقه من الْأُمُور فهو حق يعني من كمال الصِّفات والعِبادَة، يعني كون الله يختص بأشياء لا يشاركه فيها غيره هَذَا أيضا حق، ولهذَا يَقُول الله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)} [الحج: 62].

والثَّالث: أفعاله كلها حقّ.

قَوْلهُ: {الْمُبِينُ} من (أبانَ) يعني من الفِعْل الرُّباعي، وهل (أبان) بمَعْنى أظهر أو بمَعْنى ظهر؟ (أبان) الفِعْل الرُّباعي يصح أن يستعمل متعديًا ولازمًا فيستعمل لازمًا بمَعْنى (بان) ومتعديًا بمَعْنى (بان) أي ظهر هُنا.

{الْمُبِينُ} هل المَعْنى البَيِّن الأحقية أو المَعْنى الَّذِي أبان لخلقه أنَّه حق أو كلاهما؟

ص: 140

الجواب: كلاهما، الواقِع أن الله تَعَالَى بَيِّن الأحقية وقد أبان لعباده كونه حقًّا كما في قَوْله تَعَالَى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)} [يس: 69].

والحاصل أن كَلِمة مبين تستعمل من المتعدي واللازم، لأَن أصلها أبان رباعي والَّذِي يستعمل لازمًا ومتعديًا، فإن كَانَ لازمًا فهو بمَعْنى بَيّن ومنه قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]، وإن كَانَت من المتعدي فهي بمَعْنى مظهر، مظهر للشَيْء، فأبنته بمَعْنى أظهرته حَتَّى بان ومنه قَوْله تَعَالَى:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69)} [يس: 69]، أي: مظهر، لقَوْلهُ:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: 70].

وكَذلِك قَوْله تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 195]، بمَعْنى مظهر وإن كَانَ من اللازم أنَّه إِذَا كَانَ مظهرًا فهو ظاهر في نفْسِه، فالمبين بمَعْنى المظهر لا بُدَّ أن يَكُون بينًا بنَفْسِه وإلا لما أظهر.

قَوْلهُ: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} هَذه الآية هل ننزلها على المبين اللازم أو المبين المتعدي؟

الجواب: في الحَقيقَة تنزل على كليهما، لأَن الله تَعَالَى بَيِّن الأحقية ومبين ذَلِك لعباده، كَيْفَ أبان لعباده أنَّه حق؟ أولًا: بما ركب فيهم من الفطر السَّليمة والعقول، ولهذَا دائما يحيل الله سبحانه وتعالى هَذه الْأُمُور إلى العَقْل فقَوْلهُ:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)} [القصص: 60]، دَليل على أن العَقْل مرجع، لكن المُراد بالعقل العَقْل السَّليم الَّذِي لَيْسَ فيه شبهات ولَيْسَ فيه شهوات، وأما العَقْل الَّذِي استولت علَيْه الشُّبُهَات أو الشَّهَوَات فهَذَا عقل فاسد لا يحكم بشَيْء.

ص: 141

أيضًا أبان الحق تبارك وتعالى بغير العَقْل بالفطرة فإن الفطرة السَّليمة تشهد بالحق، وأبان الحق بالوَحْي الَّذِي أرسل به الرُّسل، فتكون إبانة الله تَعَالَى للحق بهَذه الطرق الثَّلاث وهي: العَقْل والفطرة والوَحْي.

كُلُّ هَذه الطرق الثَّلاث يتبَيَّن بها الحق ولِذَلك يضرب الله الأمثال للنَّاس لأجل أنهم يعتبرون المورد والمضرب؛ أي: مورد المثل ومضربه، فيعتبرون بهَذَا على هَذَا، والله أعلم.

* * *

ص: 142