المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

منه ألف ألف درجة في فراديس جنتك ودار كرامتك، ولم - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٩

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: منه ألف ألف درجة في فراديس جنتك ودار كرامتك، ولم

منه ألف ألف درجة في فراديس جنتك ودار كرامتك، ولم أكن بدعائك رب شقيًا بكرةً وعشيًا ما دمت حيًا، ذلك الحمد - يا إلهي - في الأولى والأخرى على عنايتك الكبرى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وبتوفيقه أقول، وقولي هذا:

‌سورة المجادلة

سورة المجادلة نزلت بعد المنافقون، وهي مدنيَّةٌ، قال القرطبي: في قول الجميع إلَّا روايةً عن عطاء: أن العشر الأول منها مدني، وباقيها مكّي. وقال الكلبي: نزلت جميعها بالمدينة إلا قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} . فنزلت بمكّة.

وهي اثنتان وعشرون آية وأربع مئة وثلاث وسبعون كلمة، وألف وسبع مئة واثنتان وتسعون حرفًا.

التسميةُ: سميت بالمجادلة - بكسر الدال، اسم فاعل على الأصح كما سيأتي عن الشهاب - لبيانها قصة المرأة المجادلة - خولة بنت ثعلبة - في شأن زوجها الذي ظاهر على عادة أهل الجاهلية في تحريم الزوجة بالظهار منها.

المناسبةُ: مناسبتها لما قبلها من وجهين (1):

1 -

أن الأولى ختمت بفضل الله، وافتتحت هذه بما هو من هذا الوادي.

2 -

أنه ذكر في مطلع الأولى صفاته الجليلة، ومنها: الظاهر والباطن، وذكر في مطلع هذه أنّه سميع قول المجادلة التي شكت إليه تعالى.

الناسخُ والمنسوخُ فيها: قال محمد بن حزم: سورة المجادلة كلها محكم إلا آية واحدة؛ وهي: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً

} الآية (12) من المجادلة، نسخت بقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ

} الآية (13). فنسخ الله تعالى ذلك بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والطاعة لله وللرسول.

(1) المراغي.

ص: 8

سبب نزولها: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "الحمد لله الذي وسع سمعه كل الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت، ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا

} إلى آخر الآية".

وأخرجه البخاري تعليقًا، والنسائي وابن ماجه وابن جرير والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وأقره الذهبي.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 9

بسم الله الرحمن الرحيم

{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} .

المناسبة

تقدم لك بيان المناسبة بين أول هذه السورة وآخر السابقة.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا

} الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما:

ص: 10

أن الله سبحانه لما ذكر أحكام كفّارة الظهار، وبين أنه إنما شرعها تغليظًا على الناس حتى يتركوا الظهار - وقد كان ديدنهم في الجاهلية - ويتبعوا أوامر الشريعة، ويلين قيادهم لها، ويخلصوا لله ربهم في جميع أعمالهم، فتصفو نفوسهم وتزكو بصالح الأعمال .. أردف هذا ببيان أنّ من يشاق الله ورسوله، ويعصي أوامره يلحق به الخزي والهوان في الدنيا، وله في الآخرة العذاب المهين في نار جهنم، ثم أعقب ذلك بالوعيد الشديد، فبين أنه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، فهو عليم بمناجاة المتناجين، فإن كانوا ثلاثة .. فهو رابعهم، وإن كانوا خمسة .. فهو سادسهم، وإن كانوا أقل من ذلك أو أكثر .. فهو معهم أينما كانوا، فلا تظنوا أنه تخفى عليه أعمالكم وسينبئكم بها عند العرض والحساب، وحين ينصب الميزان، فتلقون جزاء ما كسبت أيديكم، وتندمون ولات ساعة مندم.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله (1) سبحانه لمّا ذكر أنّه عليم بالسر والنجوى، وأنه لا تخفى عليه خافية من أمرهم، فهو عليم بما يكون من التناجي بين الثلاثة والخمسة والأكثر والأقل، ومجازيهم على ما يكون به التناجي .. خاطب رسوله معجبًا له من اليهود والمنافقين الذين نهوا عن التناجي دون المؤمنين، فعادوا لما نهوا عنه، وما كان تناجيهم إلا بما هو إثم وعدوان على غيرهم، ثم ذكر أنهم كانوا إذا جاؤوا الرسول .. حيوه بغير تحية الله، فيقولون: السام عليك - يريدون الموت، ثم يقولون في أنفسهم: لو كان رسولًا .. لعذبنا الله؛ للاستخفاف به، وإن جهنم لكافية جدّ الكفاية لعذابهم، ثم نهى المؤمنين أن يفعلوا مثل فعلهم، بل يتناجون بالبرّ والتقوى. ثم بين أن التناجي بالإثم والعدوان من الشيطان، ولن يضيرهم شيء منه إلا بإذن الله، فعليه فليتوكلوا.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا

} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما نهى عباده المؤمنين عما يكون سببًا للتباغض من التناجى بالإثم والعدوان .. أمرهم بما يكون سبب التوادّ والتوافق بين بعض المؤمنين وبعضٍ، من التوسع في المجالس حين إقبال الوافد، والانصراف إذا طلب

(1) المراغي.

ص: 11

منكم ذلك. فإذا فعلتم ذلك .. رفع الله سبحانه منازلكم في جناته، وجعلكم من الأبرار الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً

} الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أنه لما كان المؤمنون يتنافسون في القرب من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم لسماع أحاديثه ولمناجاته في أمور الذين، وأكثروا في ذلك حتى شق عليه صلى الله عليه وسلم، وشغلوا أوقاته التي يجب أن تكون موزعة بين إبلاغ الرسالة والعبادة والقيام ببعض وظائفه الخاصة، فإنه بشر يحتاج إلى قسط من الراحة، وإلى التحنث إلى ربّه في خلواته .. أمرهم الله سبحانه وتعالى بتقديم الصدقات قبل مناجاة الرسول والحديث معه؛ لما في ذلك من منافع ومزايا:

1 -

إعظام الرسول، وإعظام مناجاته؛ فإن الشيء إذا نيل مع المشقة استعظم، وإن نيل بسهولة لم يكن له منزله ورفعة شأن.

2 -

نفع كثير من الفقراء بتلك الصدقات المقدمة قبل المناجاة.

3 -

وتمييز المنافقين الذين يحبون المال ويريدون عرض الدنيا من المؤمنين حق الإيمان الذين يريدون الآخرة وما عند الله من نعيم مقيم.

قال ابن عباس: أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه، وأراد الله أن يخفّف عن نبيه، وأنزل هذه الآيات، فكفّ كثير من الناس عن المناجاة.

أسباب النزول

قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا

} الآيات، سبب نزول هذه الآيات (1): ما أخرجه الحاكم، وصححه عن عائشة قالت: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء، إني لأسمع لام خولة بنت ثعلبة، ويخفى علي بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: يا رسول الله! أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني، وانقطع ولدي ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. فما

(1) لباب النقول.

ص: 12

برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وهو أوس بن الصامت.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى

} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان، قال: (كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة، فكانوا إذا مرّ بهم رجل من الصحابة جلسوا يتناجون بينهم، حتى يظن المؤمن أنّهم يتناجون بقتله أو بما يكرهه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى فلم ينتهوا، فأنزل الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى

} الآية.

قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ

} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه أحمد، والبزار والطبراني بسند جيّد عن عبد الله بن عمرو: أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: السام عليكم، ثم يقولون في أنفسهم: لولا يعذّبنا الله بما نقول. فنزلت هذه الآية {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ

} الآية. وفي الباب عن أنس وعائشة.

قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ

} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير عن قتادة قال: كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين ويَكْبُر عليهم، فأنزل الله سبحانه: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ

} الآية.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ

} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير - أيضًا - عن قتادة قال: كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلًا ضنوا بمجلسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل: أنها نزلت يوم الجمعة، وقد جاء ناس من أهل بدر وفي المكان ضيق فلم يفسح لهم، فقاموا على أرجلهم، فأقام صلى الله عليه وسلم نفرًا بعدتهم وأجلسهم مكانهم، فكره أولئك النفر ذلك، فنزلت.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ

} الآية فلما نزلت صبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، فأنزل الله ذلك: {أَأَشْفَقْتُمْ

} الآية.

وأخرج الترمذي - وحسنه - وغيره عن علي قال: لما نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} . قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ترى دينارًا"؟ قلت: لا يطيقونه، قال:"فنصف دينار"، قلت: لا يطيقونه، قال:"فكم"؟

ص: 13