الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الجمعة
سورة الجمعة مدنية، قال القرطبي: في قول الجميع، نزلت بعد الصف. وأخرج ابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(نزلت سورة الجمعة بالمدينة). وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله.
وآيها: إحدى عشرة آية. وكلماتها: مئة وثمانون كلمة. وحروفها: سبع مئة وثمانية (1) وأربعون حرفًا.
مناسبتها لما قبلها من وجوه (2):
1 -
أنه ذكر في السورة قبلها حال موسى مع قومه بإيذائهم له ناعيًا عليهم ذلك، وذكر في هذه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل أمته تشريفًا لهم ليعلم الفرق بين الأمتين.
2 -
أنه حكى في السورة قبلها قول عيسى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} وذكر هنا {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} إشارة إلى أنه هو الذي بشر به عيسى عليه السلام.
3 -
أنه لما ختم السورة قبلها بالأمر بالجهاد وسماه تجارة .. ختم هذه السورة بالأمر بالجمعة، وأخبر أن ذلك خير من التجارة الدنيوية.
وعبارة أبي حيان (3): مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما ذكر تأييد من آمن على أعدائهم .. أتبعه بذكر التنزيه لله تعالى وسعة ملكه وتقديسه، وذكر ما أنعم به على أمة محمد صلى الله عليه وسلم من بعثته إليهم وتلاوته عليهم كتابه وتزكيتهم، فصارت أمته غالبة على سائر الأمم قاهرة لها منتشرة الدعوة كما انتشرت دعوة الحواريين في زمانهم، انتهى.
(1) المراح.
(2)
المراغي.
(3)
البحر المحيط.
تسميتها: سميت سورة الجمعة لذكر يوم الجمعة فيها. وقال محمد بن حزم: سورة الجمعة كلها محكم ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
فضائلها: ومن فضائلها: ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة سورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون). وأخرج مسلم وأهل السنن عن ابن عباس نحوه.
ومنها: ما أخرجه ابن حبان، والبيهقي في "سننه" عن جابر بن سمرة قال:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقون).
وأخرج مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة". وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له - قال: يوم الجمعة - فاليوم لنا وغدًا لليهود وبعد غدٍ للنصارى".
والله أعلم
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
المناسبة
قد تقدم لك ذكر مناسبة هذه السورة لما قبلها آنفًا، وأما قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ
…
} الآيات، مناسبته لما قبله: أن الله سبحانه وتعالى لما (1) أثبت التوحيد والنبوة وذكر أنه بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم للأميين، وقال اليهود: إن الرسول لم يبعث لنا .. رد عليهم مقالهم بأنهم لو فهموا التوراة حق الفهم، وعملوا بما فيها لرأوا فيها نعت الرسول صلى الله عليه وسلم والبشارة به، وأنه يجب عليهم اتّباعه، وما مثلهم في حملهم للتوراة وتركهم العمل بها إلا مثل الحمار يحمل الكتب ولا يجديه حملها نفعًا.
ثم رد عليهم مقالًا آخر، إذ قالوا: نحن أحباء الله وأولياؤه، وأنه لن يدخلنا
(1) المراغي.
النار إلا أيامًا معدودات؛ بأنه لو كان ما تقولونه حقًا، لتمنيتم الموت حتى تخلصوا من هذه الدار دار الأكدار وتذهبوا إلى دار النعيم، وإنكم لن تفعلوا ذلك، فأنتم كاذبون فيما تدعون، ولم تفرون منه وهو ملاقيكم ولا محالة، وهناك ترجعون إلى ربكم فينبئكم بما قدمتم من عمل ويجازيكم عليه إن خيرًا وإن شرًا.
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
…
} إلى آخر السورة، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما نعى على اليهود فرارهم من الموت حبًا في الدنيا والتمتع بطيباتها .. ذكر هنا أن المؤمن لا يمنع من اجتناء ثمار الدنيا، وخيراتها مع السعي لما ينفعه في الآخرة؛ كالصلاة يوم الجمعة في المسجد مع الجماعة، فعليه أن يعمل للدنيا والآخرة معًا، فما الدنيا إلا مزرعة الآخرة، كما ورد في الأثر:"اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا".
ثم نعى على المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تشاغلهم عن سماع عظاته - وهو يخطب على المنبر - بأمور الدنيا، من تجارة وضرب دف وغناء بالمزامير ونحو ذلك. وأبان لهم أن ما عند الله تعالى من الثواب والنعيم المقيم خير لهم من خيرات الدنيا والتمتع بلذاتها الفانية.
أسباب النزول
قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية (1): ما أخرجه الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ أقبلت عير قد قدمت، فخرجوا إليها حتى لم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلًا، فأنزل {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .
وفي "الدر المنثور"(6/ 221): أن النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فإذا كان نكاح .. لعب أهله وعزفوا ومروا باللهو على المسجد، وإذا نزلت بالبطحاء جلب - قال: وكانت البطحاء مجلسًا بفناء المسجد الذي يلي بقيع الغرقد، وكانت
(1) لباب النقول.