المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السماء، فإن من الملائكة من لا يصعد من الأرض إلى - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٩

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: السماء، فإن من الملائكة من لا يصعد من الأرض إلى

السماء، فإن من الملائكة من لا يصعد من الأرض إلى السماء أبدًا، كما أن منهم من لا ينزل من السماء إلى الأرض أبدًا.

والحاصل: أن الجملة الأولى قد أفادت نفي العناد والاستكبار عنهم، فهي كقوله:{لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} ، وأفادت الثانية نفي الكسل عنهم، فهي كقوله تعالى:{وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} .

وخلاصة ذلك: يمتثلون الأمر ولا يمتنعون عن تنفيذه، بل يؤدونه من غير تثاقل ولا توانٍ.

‌7

- وبعد أن ذكر شدة العذاب في النار واشتداد الملائكة في الانتقام من أعداء الله الكافرين .. بين أنه يقال للكافرين: لا فائدة في الاعتذار؛ لأنه توبة، والتوبة غير مقبولة بعد الدخول في النار، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} ؛ أي: تقول الملائكة للذين كفروا عند إدخالهم النار حسبما أمروا به: لا تعتذروا في هذا اليوم عن كفركم ومعاصيكم، فقد فات الأوان ولا يجدي رجاء ولا اعتذار، فلات ساعة مندم:

نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ

وَالْبَغْي مَرْتَعُ مُبْتَغِيْهِ وَخِيمُ

قال الراغب: العذر: تحري الإنسان ما يمحو به ذنوبه. وذلك ثلاثة أضرب: أن يقول: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا - فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبًا - أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك، وهذا الثالث هو التوبة، فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة، واعتذرت إليه: أتيت بعذر، وعذرته: قبلت عذره.

ثم بيَّن السبب في عدم فائدة الندم، فقال:{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ} اليوم {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا من الكفر والمعاصي بعدما نهيتم عنها أشد النهي، وأمرتم بالإيمان والطاعة، فلا عذر لكم قطعًا؛ أي: حقيقة. وفي بعض التفاسير: لا تعتذروا اليوم؛ لما أنه ليس لكم عذر يعتد به حتى يقبل فينفعكم. وهذا النهي لهم إن كان قبل وقوع الاعتذار منهم .. فهو لا يوافق ظاهر قوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} ، وإن كان بعده .. فيؤول هذا القول ويقال: لا يؤذن لهم أن يتموا اعتذارهم ولا يسمع إليه.

والمعنى: أي لا تعتذروا لأنكم، إنما تثابون اليوم، وتعطون جزاء أعمالكم

ص: 475