الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اجتماعهما مكانًا وزمانًا، فإذا اجتمعا في محلٍّ واحد في زمانٍ واحد فليسا متنافيين. وإن لم يجتمعا في المحلِّ الواحد إلا في زمانين، أو لم يجتمعا في الزمان الواحد إلا في محلَّين فهما متنافيان. وإن لم يمكن اجتماعُهما لا في محلٍّ واحد ولا محلين، ولا زمانٍ واحد ولا زمانَيْن فهما أشد تنافيًا.
واعلم أنهما قد يتنافيان
(1)
مطلقًا، وقد يتنافيان [ق 226] على بعض
(2)
الوجوه، وكثيرًا ما يقع الغلطُ في هذا فيوجد المطلق موضع المقيَّد وبالعكس.
والنَّقِيضان نوعان من المتنافيين، وقد عُلِم أنه لابدَّ في المتناقِضَيْن من اتحادهما
(3)
في النسبة التي تناقضا فيها، حتى يلزم من عدم أحدهما وجود الآخر، وبالعكس، وقد فصَّلها بعضُ الناس وعدُّوها ثمانية، ومنهم مَن زعم أنَّ الأقسامَ متداخلة إلى ثلاثة، وقيل: إلى اثنين، وقيل: إلى واحد، وهو الصواب. فالمعتبر أن يكون المثبت هو المنفي، وكل ما اقتضى تغايرهما لم يتحقَّق معه التناقض.
وأما المتنافيان فأعمّ من ذلك، فلا يشترط إلا أن يكون أحدهما بحيث يلزم من وجوده عدم الآخر، سواء كان نقيضه أو ضده.
واعلم أن
التنافي إذا صحَّ بطريقٍ شرعيٍّ فإنه طريق من الطرق الصحيحة كالتلازم
. وتحقيقُه إنما يكونُ بالمناهج العلمية أو المعاني الفقهية، وهؤلاء المموِّهون يدَّعُونه ويحتجُّون عليه بما لا دليل فيه، والله المستعان.
(1)
بالأصل: «يتنافيا» !.
(2)
الأصل: «نقص» والصواب ما أثبت.
(3)
رسمها في الأصل: «ايمادهما» ، ولعل الصواب ما أثبت.
قوله
(1)
: (كما إذا قال: الوجوب على المديون مع عدم الوجوب على من ملك مالًا دون النصاب مما لا يجتمعان، والثاني ثابت إجماعًا فيلزم انتفاء الأوَّل).
اعلم أن المتنافيين قد يكونان وجودِيَّيْن، وقد يكونان عدَمِيَّيْن، وقد يكون الأول وجودًا والثاني عدمًا وبالعكس، كما في التلازم. فإذا ادَّعَى أن الوجوبَ هنا، وعدم الوجوب هنا
(2)
لا يجتمعان، فهو معنى دعوى التلازم بين الوجودِيَّيْن، وقوله:«والثاني ثابت» ، مثل قوله:«والملزوم منتفٍ» ، لكن الكلام في هذه الصورة له طريق يختصُّ بها.
فإن قيل: إذا قيل: إن المتنافيين إنما
(3)
يمتنع اجتماعهما في محلٍّ واحدٍ وزمانٍ واحد، فالوجوبُ على المَدِيْن وعدمُه على مالك ما دون النصاب لا يكونان في محلٍّ واحد حتى يقال: اجتمعا فيه أو لم يجتمعا. مرادهم: أنهما لا يجتمعان في حكم الشارع، وجعلوا الحكم الشرعي محلًّا
(4)
لما هو أخص منه من الأحكام، كالوجوب هنا، والوجوبُ كما يجعل الأمور العامة أوعية
(5)
ومحالًّا لأقسامها الخاصة؛ لأنها جَمَعَتْها ووَعَتْها
(6)
كالظرف والوعاء، فيقال: الجِسْم يجمع النامي والجامد والحيوان والجامد والبهيم
(1)
«الفصول» (ق/3 أ).
(2)
كذا ولعلها: «هناك» .
(3)
الأصل: «ما» ولعل الصواب ما أثبت.
(4)
الأصل: «محالًا» .
(5)
كلمة غير واضحة، ولعلها ما أثبتّ.
(6)
كلمتان هكذا استظهرتهما.