المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الطريق الثالث لإفساده: - تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل في التلازم]

- ‌جوابُه من وجهين:

- ‌ كلُّ تقديرٍ لا ينشأ منه قيامُ مقتضٍ ولا نفيُ معارضٍ فإنه غير مفيد

- ‌ معارضة المستدلّ بما ينفي التلازم على وجوهٍ كثيرة

- ‌ كلام المستدلّ إنما يصحّ إذا كان قد بيَّن التلازمَ بطريقٍ صحيح

- ‌(فصل في الدوران)

- ‌ الدوران يفيد كونَ المدار علةً للدائر، بشرطِ أن لا يُزاحمه مدارٌ آخر

- ‌ المثال الذي ذكره صاحبُ الجدل غيرُ مستقيم أن يحتج فيه بالدوران

- ‌ تخلُّف العلّيةِ مع وجود الدوران كثيرٌ لا يُحصَى

- ‌[فصل في القياس]

- ‌ أكثر الأفعال تجتمع فيها الجهات الثلاث

- ‌ كيف يجوز تعليلُ أحكام الله بالمصالح

- ‌معنى قولنا: «إنه يفعل لا لغرضٍ ولا لداعٍ ولا لباعثٍ»

- ‌ المصالح إنما تكون مصالح إذا تجردت عن المفاسد أو ترجحتْ عليها

- ‌ إثباتَ العلّة بالمناسبة أقوى من إثباتها بالدوران

- ‌ هذا الكلام يقدح في القياس القطعي والظني، وما قَدَح فيهما فهو باطلٌ

- ‌ ثبوت المشترك له ثلاث(2)اعتبارات:

- ‌ مناقشة جدلية

- ‌ الدعاوي إذا تعدَّدت لم ينفع تعدُّدها أن يكون الدليلُ على كلٍّ منها غيرَ الدليل على الأخرى

- ‌ الجدل الباطل لا يُفلِحُ فيه مَن سَلكَه استدلالًا وسؤالًا وانفصالًا

- ‌ قَويَّ العمومِ مقَدَّمٌ على ضعيف القياس، وقويّ القياسِ مقدَّم على ضعيف العموم

- ‌ الشارع لا يُخصِّص العام حتى يَنْصِبَ دليلًا دالًّا على عدم إرادة الصورة المخصوصة عقليًّا أو سمعيًّا أو حسّيًّا

- ‌ التخصيص مشتملٌ على أمر وجودي وعدمي

- ‌الدليل يجوز أن يكون عدميًّا باتفاق العقلاء

- ‌ لفظ المصدر يدلُّ على تمام المقصود

- ‌ منع العموم يحتمل شيئين:

- ‌ المرجع في ذلك إلى استقراء صور الاستعمال

- ‌(فصل في تعدية العدم)

- ‌ تقريرُ كلامِه

- ‌(فصلٌ في تَوْجِيْه النُّقُوض)

- ‌ توجيهٌ ثانٍ للنقض

- ‌(فصل في النقض المجهول

- ‌ اقتضاءَ العلةِ المعلولَ أمرٌ فطريّ ضروري

- ‌ صحَّة الحكم لا يستلزم صحةَ الدليل المعيَّن

- ‌ أصل هذا الفساد: دعوى التلازم بين مسألتين لا مناسبة بينهما

- ‌(فصل

- ‌الواجب في مثل هذا الكلام أن يُقابل بالمُنُوعِ الصحيحة

- ‌(فصل

- ‌ صورة أخرى للجواب عن المعارَضَةِ بالقياس المجهول

- ‌(فصلٌ في التنافي بين الحُكمَين)

- ‌ التنافي إذا صحَّ بطريقٍ شرعيٍّ فإنه طريق من الطرق الصحيحة كالتلازم

- ‌ الطرق الصحيحة في تقرير التنافي

- ‌يُسْتَدل على التنافي بالأدلة المعلومة في كل مسألة

- ‌بيانُ ذلك من وجهين:

- ‌الأمرُ الاتفاقي لا يدلُّ على التنافي؛ لجواز تغيُّر الحال

- ‌(فصل في التمسُّكِ بالنص، وهو الكتابُ والسنة)

- ‌النصُّ له معنيان

- ‌جميعُ وجوه الخطأ منفيةٌ عن الشارع

- ‌أحدها: دعوى إرادة الحقيقة إذا لم ينعقد الإجماع على عدم إرادة الحقيقة

- ‌العمومات على ثلاثة أقسام:

- ‌(الثاني(3): دعوى إرادة صورة النزاع

- ‌(الثالث: دعوى إرادة المقيد بقيدٍ يندرج فيه صورة النزاع

- ‌(الرابع: دعوى إرادة شيء يلزمُ منه الحكم في صورة النزاع)

- ‌ معارضة الدعوى الرابعة

- ‌(فصل

- ‌ مُدَّعي الإرادة لا بدَّ أن يبين جواز الإرادة

- ‌سبيل هذه الدعاوى أن تُقَابل بالمنع الصحيح

- ‌ الاستدلال بالأمر على الوجوب له مقامان:

- ‌فصلُ الخطابِ في هذه المسألة:

- ‌ الشرائع لم تشتمل على قبيح

- ‌لا يجوز أن يراد به نفي الأحكام الشرعية

- ‌ لا يجوز أن يُراد به نفي الإيجاب أو التحريم

- ‌ لا يصح اندراج الإيجاب أو التحريم فيه إلا بإضمار الأحكام

- ‌(فصلٌ في الأثر)

- ‌(فصلٌ في الإجماع المركَّب)

- ‌ التركيب المقبول فُتيا(4)وجدلًا

- ‌(فصلٌ في الاستصحاب)

- ‌ الاستصحاب في أعيان الأحكام

- ‌الطريق الثاني في إفساده:

- ‌الطريق الثالث لإفساده:

الفصل: ‌الطريق الثالث لإفساده:

قلنا: بتقدير أن يكون الإيجابُ معدومًا في نفس الأمر، فيكون قد فُرِض وجود ما هو معدوم على تقدير وقوع الواقع، ومعناه: تقدير وجود المعدوم على تقدير عدمه، وتقدير وجوده على تقدير عدمه تقدير الجمع بين النقيضين، وهو تقديرٌ مُحَال، وإذا كان تقديرًا ممتنعًا جاز أن يلزم عليه حكم ممتنع، وهو موجبيَّة أحدهما، وعدم موجبيَّتِه؛ لأنه قدَّر وجود الموجبية على تقدير عدمها، فتكون الموجبيَّة موجودة معدومة، [فلا] يصحُّ دعوى وجودها دون عدمها، ولا عدمها دون وجودها.

وإيضاح ذلك: أنَّا لو فَرَضنا اجتماعَ السوادِ والبياض مُنضمًّا إلى جملة الأمور الواقعة؛ لكان هذا الاجتماع واقعًا على ذلك التقدير، وجملةُ الأمور

(1)

الواقعة في نفس الأمر واقعة على ذلك التقدير.

فلو قيل: عدمُ اجتماع السواد والبياض ليس واقعًا على ذلك التقدير، للزم أن لا يكون عدم اجتماعهما واقعًا في نفس الأمر، فيكون اجتماعُهما هو الواقع، وهذا باطل، وإنما ذلك لأنَّ اجتماعَهُما مع الأمور الواقعة اجتماعهما مع عدم اجتماعهما؛ لأن عدم اجتماعهما من الأمور الواقعة.

فالتقدير: لو فرَضْناهما مجتمِعَين مع عدم كونهما مجتمعين، وحينئذٍ لا يقال: عدمُ اجتماعهما ليس واقعًا على ذلك التقدير؛ لأنَّ فرضَ اجتماع النقيضين يستلزمُ ثبوتَ كلٍّ من النقيضين، لكنَّه فرضٌ مُحال.

‌الطريق الثالث لإفساده:

أن يُقال: قوله: "عدم موجبيَّة أحدهما ليس ثابتًا على ذلك التقدير".

(1)

لم يظهر إلا جزء من الكلمة.

ص: 600

أيَّ شيءٍ تعني به؟ أتعني به تقدير الأمور الواقعة؟ أو تعني به تقدير انضمام الموجبيَّة إلى الأمور الواقعة؟

إن عَنَيْت الأول، فلا نُسَلِّم، فإنَّ من الأمور الواقعة عندنا هذا العدم، أو يجوز أن تكون من الواقعة، أو لا نُسَلِّم أنه ليس من الواقعة.

[ق 325] وإن عَنَيْتَ: على تقدير انضمام الموجبيَّة إلى الأمور الواقعة، فَلِمَ قلتَ: إن هذا الانضمام ممكن أو واقع؟ وإذا لم يَثْبُت أنَّ هذا الانضمامَ ممكنٌ أو واقع، كان عدمُ الموجبيَّة ليس ثابتًا على تقديرٍ لا يُعْلَم ثبوتُه ولا إمكانُه، وذلك لا يقدح في كونه ثابتًا في نفس الأمر، فلا تَغْفُل عن الفرق بين تقدير الأمور الواقعة، وتقدير انضمام المدَّعَى إليها.

* * *

جاء في خاتمة النسخة: "آخر الكتاب، والحمد لله الملك الوهاب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

وافقَ الفراغ منه العشرون من شهر المحرم سنة تسعٍ وخمسين وسبعمائة، الحمد لله رب العالمين".

ص: 601

ملحق

الكتاب المردود عليه

فصُوْلٌ في الجَدَلِ

تأليف

برهان الدين محمد بن محمد النَّسَفي الحنفي

(ت 687)

تحقيق

علي بن محمد العمران محمد عزير شمس

ص: 603

[1 ب] الرَّحِيمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ بِسْمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين.

وبعد؛ فاللازم على المناظر تحرير المباحث وتقديم الإشارة إليها وتصوير المسائل في الأوائل، وتقرير الأقوال قبل الدلائل، وذلك بطريق الحكاية فلا دخل عليها، غير أنه إذا انتهض بإقامة الدليل على ما ادَّعاه فالخصم إما أن لا يساعده فيه بل تلازم المنع في مقدماته، وهذا بطريق المناقضة.

ولئن منع المقدمة بإثبات حُكمٍ متنازعٍ فيه.

فيقال: إنه غصب لا يُلْتفت إليه في اصطلاح أهل النظر، وإن كان مسموعًا عند البعض.

وإما أن يساعده في الدليل دون المدلول عليه.

واسْتُدِل بالدليل على خلاف ما قال به المعلل وأنه بطريق المعارضة، إذ المعارضة هي المقابلة على سبيل الممانعة.

ثم الدليل هو الذي يلزم من العلم به العلم بوجود المدلول نقليًّا كان أو عقليًّا. وقد يقال: المعنيُّ من الدليل ما لو جرد النظر إليه يغلب على الظن ثبوت المدلول.

والاستدلال: أن ينتقل الذهن من الأثر إلى المؤثر، كالدخان مع النار، والتعليل على العكس.

ص: 605

فصل في التلازم

(1)

هو امتناع تحقُّق الملزوم إلا عند تحقق اللازم، والتلازم لا يفتقر وجوده لا إلى وجود اللازم ولا إلى وجود الملزوم. ثم اللازم قد يكون عامًّا بالنسبة إلى الملزوم نحو الحيوان بالنسبة إلى الإنسان، وقد يكون مساويًا كالناطق بالنسبة إلى الإنسان، ولا يمكن أن يكون خاصًّا، وإلا يلزم تحقق الملزوم بدون [2 أ] اللازم.

ثم الحكم قطعي في الصور الأربع منها إذا كان اللازم مُسَاويًا، فإنه يلزم من وجود الملزوم وهو الإنسان وجود اللازم وهو الناطق، ومن وجود الناطق وجود الإنسان، وكذلك من عدم الناطق عدم الإنسان، ومن عدم الإنسان عدم الناطق بخلاف ما إذا كان اللازم عامًّا فإنه يلزم من وجود الملزوم ــ وهو الإنسان ــ وجود اللازم ــ وهو الحيوان ــ ومن عدم اللازم عدم الملزوم، ولكن لا يلزم من عدم الملزوم عدم اللازم ولا وجوده إلا على سبيل الاحتمال، ولا من وجود اللازم وجود الملزوم ولا عدمه كذلك.

واعتبر

(2)

في المناظرة متى قلت: لو وجبت الزكاةُ على المديون لوجَبَت على الفقير، إما بالنص أو بالقياس أو بغيرهما من الدلائل، فإنه يلزم من الوجوب هنا الوجوبُ ثَمَّة، ومن العدم ثَمَّة العدمُ هنا، فإنّ عدمَ الملزوم من لوازم عدم اللازم.

ولئن قال: لا تجبُ الزكاة على الفقير بالمانع على تقدير الوجوب على

(1)

"التنبيه"(ص 9 - 76).

(2)

بعده في "التنبيه": "ما ذكرناه".

ص: 606

المديون.

فنقول: لا نسلِّم بأن المانعَ متحققٌ على ذلك التقدير

(1)

.

ولئن قال: المانع المستمرّ واقعٌ في الواقع، وإلّا لوجبت الزكاة على الفقير في الواقع بالمقتضي السالم عن المعارض القطعي، وهو المانع المستمرّ، ولم تجب فيوجد المانع.

فنقول: ما ذكرتم

(2)

وإن دلَّ على وجود المانع على ما ذكرنا من التقدير إلّا أن عندنا ما ينفيه، فإن المانع إذا كان متحققًا على ذلك التقدير، والمقتضي متحقق، فيقع التعارض بينهما [2 ب]، والتعارض على خلاف الأصل لاستلزامِه التركَ بأحدِ الدليلين، وهو إما المقتضي أو المانع، وما تُرِك على ذلك التقدير فذلك غير متروكٍ في نفس الأمر، لأنّ أحد الأمرين لازم، وهو إمّا عدمُ ذلك الدليل أو وجود مدلوله، لقيام الدليل على أحدهما. فإن الحال لا يخلو عن وجود ذلك الدليل في الواقع أو عدمه.

ولئن قال: المانع متحقق على ذلك التقدير، وإلّا لوَقَع التعارض بين المقتضي السالم عن المانع المستمرّ وبين المانع الواقع في الواقع. فنقول: المانع غير متحقق على ذلك التقدير، وإلّا لتحقَّق المانعُ المستمرّ في الواقع، فيقع التعارض بينه وبين المقتضي الواقع في الواقع وغير الواقع.

ولئن منع وقال: لا نسلّم بأن المانع المستمر متحقق في الواقع، وإنما يكون كذلك أن لو كان المانع على ذلك التقدير هو المانع الواقع في الواقع.

(1)

"التنبيه": "على ما ذكرنا من التقدير".

(2)

بعده في "التنبيه": "من الدليل".

ص: 607

فنقول: هذا المنع لا يضُرّنا، فإن المانع على ذلك التقدير لا يخلو إمّا أن كان واقعًا في الواقع أو لم يكن، فإن كان واقعًا يتم ما ذكرنا، وإن لم يكن واقعًا ينتفي ذلك التقدير لانتفاء اللازم.

ولئن قال: لا تجب الزكاة ثمة على ما ذكرتم من التقدير، لأن أحد الأمرين لازم، وهو إمّا وقوعُ ما هو الواقع على التقدير في الواقع، أو وقوع ما هو الواقع في الواقع على التقدير من الحكم في تلك الصورة أو عدم الحكم فيها.

فنقول: نحن لا ندَّعي الوجوبَ ثَمَّة على التعيين، بل ندَّعي أحد الأمرين، وهو إما الملازمة بين الوجوبين [3 أ] أو الوجوب ثَمَّة. وبهذا يندفع ما ذكرتم، فإنه لا يمكن أن يقال: لا وجودَ لهذا ولا لذلك في نفس الأمر، كما يمكن في الوجوب على الفقير.

ولئن قال: لا وجودَ لأحدهما أصلًا على ما ذكرتم من التقدير، إذ لو تحققَ أحدُهما لتحقَّقَ الوجوب على الفقير لا مَحالةَ، ولا يتحقق [هذا] على ذلك التقدير لما قررنا. فنقول: يتحقق أحدُهما على ما مرَّ آنفًا.

فصلٌ في التنافي بين الحكمين

(1)

وهو امتناع الاجتماع بينهما في محلٍّ واحد في زمانٍ واحد. كما يقال: الوجوب على المديون مع عدم الوجوب على من ملك مالًا دون النصاب مما لا يجتمعان، والثاني ثابت إجماعًا فيلزم انتفاء الأوَّل.

(1)

هذا الفصل تأخر موضعه في شرح شيخ الإسلام عن هذا الموضع، فوقع بين فصل المعارضة بالقياس المجهول، وفصل التمسك بالنص (ص 397 - 443).

ص: 608

والدليل على عدم الاجتماع متعدِّد، فإنه يمكن أن يتمسَّك بالنص والقياس والتلازم وغيرها، لكن نفي الاجتماع بِنَفْي أحدهما في مثل ما ذكرنا من المثال لا يتم لوجهين:

أحدهما: أنه دعوى أحد الأمرين اللذين أحدهما لازم الانتفاء، وهذا باطل سيُعرف من بعد.

والثاني: أنه معارَض بمثله، فإن الخصمَ يقول: العدمُ هنا مع العدم ثَمَّةَ مما لا يجتمعان بعينِ ما ذكرتُم.

وأما إذا ردَّدَ الكلامَ في أمرٍ ونَفَى الاجتماعَ على كلِّ واحدٍ من التقديرَيْن بما هو المختص بذلك التقدير، كما إذا قال: المشترك بينهما لا يخلو إمَّا أن كان موجِبًا لوجوبِ الزكاة أو لم يكن، فإذا كان موجبًا تجبُ الزكاة ثمَّة عملًا بالموجِب، وإن لم يكن لا تجبُ هنا

(1)

بالنافي السَّالم عن معارضةِ كونه موجبًا، [3 ب] فإنه يتم؛ لأنه لا يمكن له أن يقول بمثل ما قلنا، سواء كان ذلك الأمر ــ وهو الذي ضم إليه ضد المدَّعَى ــ من صُوَر الإجماع كما مر، أو من صور الخلاف نحو المركَّب مثلًا، أو كان فيه روايتان عن مجتهدٍ، والترديد لازم بعد اللزوم فيهما.

فصل في الدوران

(2)

هو ترتُّب الأثر على الشيء الذي له صلوح

(3)

العِلِّيّة مرةً بعد أخرى.

(1)

هنا تعليق في الهامش نصه: "وإلا لكان موجبًا، أو يقال: لا يجب" ورمز في آخره بحرف (خ).

(2)

"التنبيه": (77 - 100).

(3)

"التنبيه": "صلاح".

ص: 609

واعلم بأن الدوران غير الدائر والمدار، ولا يتوقف وجوده عليهما. ثم المدار قد يكون مدارًا وجودًا وعدمًا، كالزنا الصادر من المحصن لوجوب الرجم عليه، فإنه لو وُجِد يجب الرجم، ولولاه لا يجب. وقد يكون وجودًا لا عدمًا، كالهبة لثبوت الملك، فإن الملك يُوجد عند وجود الهبة، ولا يُعدم عند عدمِها قطعًا، لاحتمال أن يكون ثابتًا بالإرث أو بغيره. وقد يكون عدمًا لا وجودًا، كالطهارة لجواز الصلاة، فإن الجواز يُعدَم عند عدم الطهارة، ولا يوجد عند وجودها جَزْمًا، لجواز أن لا يتحقق شرطٌ من الشرائط، كاستقبال القبلة وغيره.

ويُقال: بأن المدار إذا لم يكن معينًا لا يتم، كما إذا قال في مسألة الأكل والشرب: شيء هو متحقق هنا مُوجِبٌ لوجوب الكفارة، فإن الوجوب دار معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي فصل الوقاع أول مرة، وأما عدمًا ففي الإفطار بالحصاة والنواة وغيرهما، لأن الخصم يقول: شيء وهو متحقق هنا موجب للعدم، فإن العدم دار معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي فصل الأكل والشرب مرةً ثانية، وأما عدمًا ففي فصل الواقع أول مرة.

أما إذا كان المدارُ [4 أ] مُعَيَّنًا فإنه يتم، كما إذا قال في هذه المسألة بأن الهتْكَ ــ وهو إفساد صوم رمضان بأحد الأفعال الثلاثة عن تعمُّد أول مرة ــ موجبٌ لوجوب الكفارة، لأن الوجوب دارَ معه وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي فصل الوقاع أول مرة، وأما عدمًا فظاهر، ودورانُ الأثر مع الشيء وجودًا وعدمًا آيةُ كونِ المدارِ علةً للدائر، كما في النظائر.

ولئن قال: وجوب الكفارة كما دارَ مع الهتك، فكذلك دارَ مع الوِقاع

ص: 610

وجودًا وعدمًا، ومتى كان الوقاع مدارًا لا يمكن أن يكون الهتكُ مدارًا وجودًا وعدمًا، وإلّا يلزم اجتماع النقيضين، وهو الوجوب مع العدم فيما ذكرتم من الصورة.

فنقول: نحن لا ندّعي المداريَّة وجودًا في فصل الوقاع على التعيين، بل ندّعي في كلّ صورةٍ من صور الوجوب أولًا. والدورانُ على هذا التفسير لا يدلُّ إلّا على مداريَّةِ الهتك وجودًا وعدمًا.

ولئن قال: دارَ معَ ما يكون مختصًّا بتلك الصورة، فنقول: دارَ مع ما يكون مشتركًا بينها وبين صورة النزاع.

ولئن قال: دارَ مع المختصّ، وإلا لا يجب ثمة

(1)

، فنقول: دارَ مع المشترك، وإلّا لا يجب ثمة.

ولئن قال: سلَّمنا بأن الدوران متحقق، ولكن لِمَ قلتم بأنه لا يفيد علِّيةَ المدار؟ بل لا يفيد، وإلّا لكان مفيدًا في الأمور الاتفاقية، فإن الآثار حادثة في الأمكنة والأزمنة، ولا يكون المدار علةً للدائر. فنقول: الكلام فيما إذا كان المدار صالحًا للعلِّية، فلو كان المدارُ فيما ذكرتم صالحًا فلا نسلِّم بأنه لا يكون علّة، وإن لم يكن علة فلا يتّجه نقضًا.

فصلٌ في القياس

(2)

[4 ب] وهو تعدية الحكم المُتَّحد من الأصل إلى الفرع بعلةٍ متحدة فيهما. وسبيلُه أن يقال: الوجوب ثابتٌ في المضروب بالإجماع، فكذا في

(1)

في هامش الأصل: "لا يلزم" ورمز لها بـ (خ).

(2)

"التنبيه"(ص 101 - 202).

ص: 611

صورة النزاع بالقياس عليه، لأن الوجوب في المضروب إنما كان تحصيلًا للمصالح المتعلقة بالوجوب، كتطهير المزكي وغيره بشهادة المناسبة، ونعني بالمناسبة مباشرة الفعل الصالح لحصول المطلوب

(1)

. والمناسبة على هذا التفسير ثابتةٌ في تلك الصورة، فإن المصلحة المتعلقة بالوجوب أمرٌ مطلوب، والوجوب طريق صالح لحصول ذلك المطلوب، لأنه لو وُجِد يوجد ذلك المطلوب، ولولاه لا يوجد. ولا نَعني بكونه طريقًا صالحًا سوى هذا. والشرع قد حكم بالوجوب في تلك الصورة، فتوجد المناسبة فيها، والمناسبة تُوجِب إضافةَ الفعل الصالح لحصول المطلوب إلى حصول

(2)

ذلك المطلوب، لأن الظنّ بالإضافة دَار

(3)

مع المناسبة على ما ذكرنا من التفسير وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي أداء الفرائض مثلًا، فإن تغليبَ الوصول إلى المَثُوبات

(4)

وتخليص النفس عن العقوبات لمَّا كان مطلوبًا، وأداءُ الفرائض

(5)

طريقٌ صالح لحصول ذلك المطلوب، فلو شاهدنا الإقامة من العاقل يغلب على الظن أنه إنما اشتغل بأداء الفرائض والواجبات لحصولِ ذلك المطلوب. وأمّا عدمًا ففي فصل الترك والاشتغال بالمعاصي، والدوران يدلُّ على كونِ المدارِ علةً للدائر.

ولئن قال: الحكم في الأصل لا يُضاف إلى المشترك، [5 أ] فإن الأصل

(1)

هنا تعليق بين الأسطر، لم يتبين لدقة الخط وتقطّعه.

(2)

ليست في "التنبيه".

(3)

ليست في "التنبيه".

(4)

في "التنبيه": "المحبوبات".

(5)

في "التنبيه" زيادة "والواجبات".

ص: 612

راجح على الفرع، وإلّا لما ثبت الحكم فيه بالنافي أو بالقياس على النقض السالم عن معارضة كونه راجحًا، والحكم ثابت فيه فيتحقق الرجحان، والرجحانُ مانعٌ عن الإضافة أو ملزوم لعدم الإضافة، وإلّا لكان الحكم في الأصل مضافًا إلى المشترك بينه وبين النقض بالمناسبة السالمة عن معارضة كون الرجحان مانعًا أو ملزومًا، ولا يضاف بالاتفاق.

فنقول: لا نسلِّم بأن الأصل إذا لم يكن راجحًا لما ثبتَ الحكم فيه، بل يثبت بالمقتضي أو بالقياس على الوجوب في أحدهما، أعني الفرع أو الأصل.

ولئن منع الحكم في أحدهما على ذلك التقدير فنقول: الحكم متحققٌ في أحدهما، إمّا في الواقع أو على ذلك التقدير، فيتحقق في الأصل على ذلك التقدير بالقياس السالم عن المعارض القطعي، وهو العدم فيهما.

على أن الأصل لا يكون راجحًا، إذ لو كان راجحًا لكان الرجحان مختصًّا بالأصل، على معنى أنه يكون راجحًا على الغير فرعًا ونقضًا، بخلافِ كلّ واحدٍ منهما، ولا يكون الرجحان مختصًّا بالأصل، لأن الغير راجح أو هو غير راجح، لقيام الدليل على أحدهما، وهو المناسبة مثلًا.

أو نقول: الأصل لا يكون راجحًا، لكونه قاصرًا أو مساويًا، لما مرّ. أو نقول ابتداءً كما قال السائل في التلازم.

ولئن قال: الحكم في الأصل يُضاف إلى ما هو جائز العدم في إحدى الصورتين، وذاك لا يكون مشتركًا، إذ المشترك هو الثابت فيهما قطعًا.

ص: 613

فنقول: الحكم يضاف إلى ما هو اللَّازم فيهما

(1)

أو في الفرع على تقدير اللزوم في الأصل، وأنه هو المشترك بينهما.

[5 ب] ولئن قال: الحكم في الأصل يضاف إلى ما هو المختصّ بالأصل أو لا يضاف إلى المشترك، وأيًّاما كان لا يضاف إلى المشترك.

فنقول: لا يضاف إلى ما يكون مختصًّا بالأصل أصلًا، أو يُضاف إلى المشترك، ويلزم من لزوم أيِّهما كان إضافة الحكم إلى المشترك، فإن الحكم في الأصل يضاف إلى ما هو الثابت به قطعًا.

ولئن قال: الحكم في الأصل لا يُضاف إلى ما لا يكون مختصًا بالأصل أصلًا، أو لا يضاف إلى المشترك، وأيّهما لزم يلزم

(2)

عدم الإضافة.

فنقول: الحكم في الأصل يضاف إلى المشترك أو إلى ما يُحقِّق الإضافة إلى المشترك.

ولئن قال: هذا مُعارَضٌ بمثلِه، فنقول بعد المنع: المدعى إضافة الحكم في الأصل إلى المشترك أو الحكم في الفرع، وبهذا يندفع ما ذكرتم.

ولئن قال: لا يتحقق أحدهما أصلًا، وإلا لتحقق إضافة الحكم

(3)

إلى المشترك، ولا يكون مضافًا

(4)

لما بيناه، ولأنه لو كان مضافًا إلى المشترك لكان المشترك علة، والمانع من الحكم متحقق في الفرع، فيتحقق التعارض

(1)

"التنبيه": "فيهما قطعًا".

(2)

"التنبيه": "وأيهما كان لزم".

(3)

بعده في "التنبيه": "في الأصل".

(4)

بعده في "التنبيه": "إلى المشترك".

ص: 614

بينهما، وأنه على خلاف الأصل على ما عُرِف.

فنقول: لا نُسلِّم بأنه لو تحقق أحدهما لكانت الإضافة متحققةً، بل لا يكون كذلك لما ذكرتم من الدلائل. ولئن منع فذلك مدفوعٌ بالضم، بأن نقول: المدَّعَى أحد الأمرين ابتداءً منضمًّا إلى ما ذكرتم من الدلائل، أو نقول: المدَّعَى أحدهما على تقدير عدم أحدهما.

ولئن قال: العدم في المتنازع مما يستلزم عدمَ كل واحد ممّا ذكرتم، والدليل دلَّ عليه [6 أ]، فيتحقق هو أو ملزومٌ من ملزوماتِ عدم كل واحدٍ منهما.

فنقول: الوجوب في المتنازع مما يستلزم أحدَهما قطعًا، فالدليل دلَّ على الوجوب، فيتحقق هو أو ملزومٌ من ملزوماتِ أحدِهما. والله الموفق.

فصل

(1)

ثم القياس قد يكون مخصَّصًا، كما يقال في مسألة شرائط الإحصان جوابًا عن النصّ العام، كقوله عليه السلام:"الثيّبان يُرجَمان"، أنه خُصَّ عن النص موضعُ الإجماع، وهو ما إذا ظهر زناه بشهادة أهل الذمة على معنى عدم إرادته أصلًا منه، مع تناول اللفظ إياه، فكذا صورة النزاع بالقياس، لأن التخصيص ثمة إنما كان لدفع ضرر وجوب الرجم بالمناسبة، إلى آخر ما مرَّ في فصل القياس سؤالًا وجوابًا.

أو نقول: التخصيص ثابت هنا، وإلّا لما ثبتَ ثمةَ بالنافي للتخصيص، وهو المقتضي لوجوب الرجم. أو نقول: لم يرد الفرع أصلًا، وإلا لأريدَ مع

(1)

انظر "التنبيه"(ص 203 - 277).

ص: 615

الأصل بالمقتضي للإرادة.

ولئن منع اللازم

(1)

بالمانع فنقول: المانع غير متحقق على ما ذكرتم من التقدير، وإلا لوقع التعارض بينه وبين المقتضي على ما عُرِفَ في التلازم.

ولئن قال: لِمَ قلتم بأن التخصيصَ عبارةٌ عما ذكرتم؟

فنقول: بالنقل وعمومه موارد استعمال اسم التخصيص في الشرع.

ولئن مَنَع العموميَّة، فنقول: إنه ثابت في صورة التخصيص، إذ التخصيص غير ثابت بدونه بالنافي للتخصيص، أو لأن أحد الأمرين لازم، وهو إما عدمُ النصِّ العام أو تحقُّق موجبِه إما بالضرورة أو بالنصّ، [6 ب] فإن الحال لا يخلو عن وجود النصّ أو عدمِه، فإذا كان عامًّا يكون حقيقةً له، فإن الغير لا يكون حقيقةً، وإلّا يلزم الاشتراك أو المجاز.

ولئن قال: لِمَ قلتم بأن اللفظ تناولَه؟

فنقول: بدليل صحة الاستثناء.

ولئن مَنَعَ فنقول: يصحّ استثناء البعض في بعض الأسامي المحلَّاة بالألف واللام، كما في قوله تعالى:{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: 1 - 3]، فوجبَ أن يصحَّ في الكلّ، وإلّا يلزم أن يكون البعض مختصًّا بالموجب، وليس كذلك. وإذا صحَّ في الكلِّ صحَّ فيما نحن فيه. ولئن قال: لِمَ قلتم بأنه إذا صحَّ في البعض صحَّ في هذا المعيَّن؟ فنقول مثل ما قلنا.

(1)

"التنبيه": "التلازم".

ص: 616

ولئن منع الإضافة وقال: إنه غير ثابت أو غير مضاف

(1)

، فذلك باطلٌ يُعرَف من بعدُ.

وكذلك إذا قال: لو أضيفَ لتَرجَّح القياسُ على النصّ، فإن الترجيح بعد التعارض، ولا تعارضَ بينهما في الحقيقة.

فصل في تَعدِية العدم

(2)

كما يقال: العدم ثابت في فصل اللآلئ والجواهر، فكذا في الحُلِيِّ

(3)

بالقياس، إذ العدم في اللالئ

(4)

يدلُّ على أن المشترك بين الوجوبين لا يكون علةً أصلًا، أو المشترك بين العدمين مانعٌ عن الوجوب قطعًا وإلَّا لتحقق الوجوبُ فيهما بالمقتضى السالم عن المعارِضَين القطعِيَّين، أحدهما: مانعيّة المشترك بين العدمَين، والثاني: شمول العدم. فإن عدم شمول العدم من لوازم عليَّة المشترك.

ولئن منعَ الوجوبَ بالمانع فنقول: المانعُ غير مُتحقِّق على ذلك التقدير، [7 أ] وإلا لوقعَ التعارضُ بين المقتضي والمانع، إلى آخر ما ذكرنا في التلازمُ.

أو يقول: العدم في اللآلئ يدلُّ على أنَّ العدمَ متحقِّق فيهما، أو لا يكون المشترك بينهما علة للوجوب أصلًا، فإنه إذا لم يتحقق أحدهما لتحقق الوجوب عنه أصلًا، وإلا لوجب ثمة

(5)

ولم تجب فيلزم أحدهما، ويلزم من

(1)

"التنبيه": "غير مضاف أو غير ثابت".

(2)

"التنبيه": (ص 278 - 305).

(3)

في المخطوط: "فصع"! وبجانبها ما أثبتناه، ورمز بجانبه (خ).

(4)

بعده في "التنبيه": "والجواهر" ومثله في الموضع الآخر بعده.

(5)

في نسخة: "

أصلًا ولو لم تجب" كما في حاشية المخطوط.

ص: 617

لزوم أيهما كان عدم الوجوب هنا، أما إذا لزم الأول فظاهر، وأما إذا لزم الثاني فكذلك؛ لأنه لو وجب هنا لكان المشترك علة إما بالمناسبة أو بالدوران، فإن الوجوب حينئذٍ دار مع المشترك وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي هذه الصورة، وأما عدمًا ففي صورة عدم المشترك.

أو يقول: لو وَجَبت لكانت العلةُ متحقَّقة

(1)

لا محالة، وغير المشترك ليس بعلَّة؛ لأنه غير ثابت، أو غير علة بالأصل.

أو نقول

(2)

: إباحةُ التَّرْك متحقِّقة في تلك الصورة، فكذا في المتنازع، كما في القياس الوجوديِّ، ويلزمُ منه العدمُ هنا.

فصلٌ في توجيه النقوض

(3)

ثم النقض قد يكون معيَّنًا مفردًا كان أو مركبًا، وقد لا يكون، أما المعيَّن؛ فمثاله أن يقال: لا يُضاف الحكمُ إلى المشترك فيما إذا قاس الحُلِيّ على المضروب بدليل التخلُّفِ في فصل اللآلئ؛ إذ المشترك متحقِّق، ولا حكمَ فيه.

ولئن قال: لا نسلِّم بأنَّ التخلُّف مما يُخْرِج المعنى عن العِلِّية، بل التخلف لا لمانع مختص؛ إذ التخلُّف لمانع مختص يصادف مطلق التخلُّف، والمانعُ المختصُّ متحقِّق في فصل اللآلئ، وإلا لثبتَ الحكمُ فيه.

فنقول: لا يتحقَّق [7 ب] وإلا لوقع التعارض بين المقتضي والمانع

(1)

"التنبيه": "محققة".

(2)

"التنبيه": "أو يقال".

(3)

"التنبيه"(ص 306 - 349).

ص: 618

حنيئذٍ، على ما عُرِف في التلازم سؤالًا وجوابًا.

وكذلك إذا ادَّعى الحُكم في النقض على تقدير الإضافة، والخصمُ يمنعه.

أو يقال: لا يُضاف إلى المشترك؛ إذ لو أُضيف لكان المشترك علة، ولو تحقَّق أحدُهما ــ وهو إما الإضافة أو العلية ــ لثبتَ الحكمُ ثمةَ عملًا بالعلة، ولم يثبت فلا يضاف.

أو يقال: لو أُضيف لكان الحكم ثابتًا ههنا، ولو ثبت أحدُهما ــ وهو إما اللازم أو الملزوم ــ لثبت ثَمَّة.

هذا إذا تمسَّك بالدليل الخاص، أما إذا تمسَّك بالدليل العام، فذلك معارَضٌ بمثله، ولا تفاوتَ في التوجيه بين ما ذكرنا.

والمركَّب كحليِّ الصبيَّةِ ــ مثلًا ــ غير أنَّ الجواب عنه أن يقال: [الوجوب] في المضروب من أموال الصبية لا يخلو إما أن كان ثابتًا، أو لم يكن، فإن كان ثابتًا فلا نُسَلِّم تحقُّق العدم في تلك الصورة، فإن لم يكن ثابتًا لكان الفرع راجحًا على النقض، وإلا لثبتَ

(1)

ثمةَ بالقياس على الأصل ولم يثبت.

أو يقال: إذا لم يكن ثابتًا ثمَّة يكون ثابتًا ههنا إجماعًا، ولو ثبتَ هنا لكان الحكمُ في الأصل مضافًا إلى المشترك على ما عُرِف.

أو يقال: الوجوبُ في إحدى الصورتين راجح على الوجوب في حُلِيِّ الصبيَّة، بدليل الافتراق في الحكم، فالوجوبُ في المضروب من أموال

(1)

بعده في "التنبيه": "الوجوب".

ص: 619

الصبيَّة لا يخلو إما أن كان ثابتًا أو لم يكن، فإن كان ثابتًا فظاهر، وإن لم يكن فلا يترجَّح على النقض، فيترجَّح الفرعُ عليه.

فصل في النقض المجهول

(1)

وطريقُه أن يقال: لا يُضاف الحكم إلى المشترك [8 أ]؛ إذ لو أُضيف لكان المشترك عِلَّة، ولو كان عِلَّة لثبتَ الحكمُ في كلِّ صورة من صور وجودِ العلة وأنه غير ثابت في البعض

(2)

منها، أو يقال: المشترك متحقِّق في صورة من صور العدم، أو العدم ثابت في صورة من صُوَرِ وجود المشترك، ويلزم من هذا عدم الإضافة إلى المشترك، لما مرَّ آنفًا.

ثم المعلَّل أوَّلًا يمنع الحكم

(3)

في كل صورة من صور

(4)

العلة بإثبات العدم في البعض منها. أو يقول: لو لم يُضَف إلى المشترك لما كان المشترك علة، فلا يتحقَّقُ الحكم في كلِّ صورة من صور عدم كونه علَّة، وقد تحقَّق في البعض منها. وكذلك نقول: الحكم ثابتٌ في صورة من صُوَر المشترك، أو المشترك في كل صورة من صور الحكم، فيُضافُ الحكم إلى المشترك.

(1)

"التنبيه"(ص 350 - 361).

(2)

الأصل: "النقض"، والمثبت من "التنبيه" ويؤيده ما في شرح الخوارزمي:(ق/71 ب). ومثله ما سيأتي قريبًا.

(3)

"التنبيه": "الوجوب".

(4)

بعده في "التنبيه": "وجود".

ص: 620

فصلٌ

(1)

وأما النقض المفرد، فهو المجرَّد عن مساعدة الخصم؛ كمالِ المديون والصبي والمجنون، بأن يقال: الوجوب لو

(2)

أُضيف إلى المشترك لثبتَ الحكم ثَمَّةَ، ولم يثبت لما ذكرتم، إلى آخر ما مرَّ من التوجيهات.

ثم الحكم في الفرع إما أن كان من لوازم العدم في النقض أو لم يكن، فإن كان فنقول: العدمُ ثمةَ لا يخلو إما أن كان ثابتًا أو لم يكن، فإن لم يكن فظاهر، وإن كان فكذلك ضرورة تحقّق الوجوب هنا.

وإن لم يكن فالجواب عنه إمّا بالفرق، أو بتغيير

(3)

المدَّعى بأن يقال: المدّعَى انتفاء المجموع المركَّب من العدم هنا، والوجوب ثَمَّة، وأنه ثابت؛ لأن الوجوبَ ثمة لا يخلو: إما أن كان ثابتًا أو لم يكن، فإن لم يكن فظاهر، وإن كان فكذلك ضرورة تحقق الوجوب هنا لما بيَّنَّا من الدليل السالم عن التخلُّف.

[8 ب] فصل

(4)

وإذا لم يكن المقيس عليه مُعَيَّنًا، فعلى السائل أن يعيِّنَ صورةً هي راجحة على صورة النزاع، وقال: المقيس عليه يساوي تلك الصورة لاستوائهما في الحكم. أو يُعيِّن صورةً هي راجحة على صورة معينة لا يترجح المقيس عليها، إذا لم يكن المقيسُ معينًا أيضًا.

(1)

"التنبيه"(ص 362 - 380).

(2)

"التنبيه": "بأن يقول: لو".

(3)

"التنبيه": "بتعيين".

(4)

"التنبيه"(ص 381 - 392).

ص: 621

ولئن منع عدم الرُّجحان فيقال: المقيس إما قاصر أو مساوٍ؛ لأن الحكم لا يخلو إما أن كان ثابتًا أو لم يكن، فإن لم يكن ثابتًا فظاهر، وإن كان ثابتًا فكذلك ضرورة تحقُّق الدليل على أحدهما، وهو المساواة حينئذٍ، فإنَّ الحكمَ لو كان ثابتًا في المقيس، وجب أن يثبت فيما ذكرنا من الصور بالضرورة أو بالنص أو بالقياس، وحينئذٍ تتحقَّق المساواةُ بينهما.

فصلٌ

(1)

ولئن عارض بالقياس المجهول؛ فكذلك معارَضٌ بمثله، ولئن منع المغايرة فنعيِّن به غير الأول، أو نُعَيِّن صورةً من صور النقوض ابتداء، ونبيِّن الفرقَ بينها وبين صورة النزاع، كما إذا قال: لا يجب في الحلي بالقياس على صورة من صُوَر العدم.

فنقول: المقيس عليه لم يَقْصُر عن ثياب البِذْلة والمهنة، بدليل الاستواء في الحكم. والفرق بَيِّن بينه وبين المقيس لكونها مشغولة بالحاجة الأصلية، وهي دفع نازلة الحر والبرد.

أو نقول: العدمُ غير ثابتٍ في الفرع، وإلا يلزم الاستواءُ بينهما في الحكم مع الافتراق في الحكمة، وأنه غير واقع، وإلا يلزم الترك بالمقتضي لإضافة الحكم إلى العلة أو الفارق.

ولئن قاس ثانيًا [9 أ] وقال: أعني به غير الأوَّل، فنقول: ما ذكرتم غير ثابتٍ وإلا لكان العدمُ فيما ذكرنا من الصورة مضافًا إلى المشترك، وليس كذلك لما بيَّنَّا.

(1)

"التنبيه"(ص 393 - 396).

ص: 622

ولئن قاس ثالثًا، وأثبتَ التغايرَ بينه وبين الأوَّلَين، فنقول: لم يتحقَّق ما ذكرتم، وإلا لتحقَّق أحدُهما.

ولئن قاس رابعًا فنعيِّن صورةً أخرى، ونقول بمثلِ ما قلنا مرةً بعد أُخرى، إلى أن قاس سابعًا فصاعدًا.

فصل في التمسُّكِ بالنص، وهو الكتابُ والسنة

(1)

واعلم أوَّلًا بأنه لا يُراد من اللفظ معنًى إلَّا وأن يكون جائزَ الإرادة، والمعنيُّ من جواز الإرادة أنه لو ذكَرَ وأرادَ ما أرادَ لا يُخَطَّأُ لغةً، ويُقال في الخلافيات: جواز الإرادة مما يوجب الإرادة؛ لدوران الظن بالإرادة معه وجودًا وعدمًا.

ويقال: إذا كان جائزَ الإرادة يكون مرادًا؛ لأنه لو لم يكن مرادًا، فلا يخلو إما أن كان غيره مرادًا، [أو لم يكن، فإن لم يكن مرادًا يلزم تعطيل النص، وإن كان مرادًا] فلا يخلو إما أن كان جائزَ الإرادة، أو لم يكن، فإن لم يكن يلزم إرادة ما لا يجوز إرادته، وإنَّه قبيحٌ جدًّا، وإن كان جائزَ الإرادة يلزم اختلال الفهم، وخرجَ الانقسامُ بين كونه مرادًا وعدم كونه مرادًا.

فصلٌ

(2)

ثم التمسُّك بالنصِّ من وجوه:

أحدها: دعوى إرادة الحقيقة إذا لم ينعقد الإجماع على عدم إرادة الحقيقة، فيقال: الحقيقة مرادة؛ لأن الأصل في الكلام هو الحقيقة، فإن

(1)

"التنبيه"(ص 444 - 459).

(2)

"التنبيه"(ص 460 - 472).

ص: 623

الغرض من الكلام هو الإفهام، [9 ب] فلو لم يكن الأصل ما ذكرنا يلزم اختلال الفهم، فلا يوجد الإفهام؛ ولأن الثابت بطريق الحقيقة أسبق إلى الفهم بالنسبة إلى غيره، والظاهر من حال العاقل الإقدام على ما هو أسرع إفضاءً إلى الغرض، فَتُرَاد الحقيقة، على أن عدم الإرادة مما يفضي إلى ترك الاصطلاح والعهد والإخلال بالظن فينتفي.

الثاني: دعوى إرادة صورة النزاع، بأن يقال: جاز إرادتها: فَتُراد كما مرَّ.

الثالث: دعوى إرادة المقيد بقيدٍ يندرج فيه صورة النزاع كالحلي التي هي نصابٌ كامل حوليٌّ مملوك رقبة ويدًا في قوله عليه السلام: "في الحلي زكاة".

[الرابع]: أو دعوى إرادة شيء يلزمُ منه الحكم في صورة النزاع.

أو أحد الأمور الأربعة، أو الأول مع أحد البواقي، أو الثاني كذلك إلى الرابع، أو إرادة أحدها على تقدير عدم إرادة أحدها، ويلزم من هذا إرادة أحدها ضرورة تحقّق اللازم، أو نقيض الملزوم بأن نردّد في اللازم أو في الملزوم.

ولئن قال: شيءٌ يلزم منه عدم الحكم في صورة النزاع مراد من هذا النص.

فنقول: نعني به ما يستحيل انفكاك الحكم في صورة النزاع من الإرادة. ولئن منع فنعيّن صورةَ النزاع، أو نقول: نعني به ما لا يُغاير صورةَ النزاع في الوصف ولا يمكن للخصم أن يقول بمثل ما قلنا.

ص: 624

فصلٌ

(1)

إذا ادَّعى أحدَ الأمرين اللذين أحدهما لازم الانتفاء، لا يتم، كما إذا ادَّعى إرادة الحقيقة، أو صورة النزاع من نصٍّ انعقد الإجماعُ على عدم إرادة الحقيقة، كقوله عليه السلام:"في الحليِّ زكاة" فإنَّ الخصمَ يقول: أحدُ الأمرين لازم، وهو إما إرادة الحقيقة، أو عدم إرادة صورة النزاع، والأول منتفٍ، فيتحقق الثاني، [10 أ] ويلزمُ من هذا عدم إرادةِ كلِّ واحدٍ مما ذكرتم.

هذا إذا ادَّعى في نفس الأمر، أمَّا إذا ادَّعى على تقدير غير واقع عنده، فإنه يتم، كما إذا ادَّعى أحدَهما على تقدير انتفاء ملزوم من ملزومات الحكم في صورة النزاع، أو على تقدير عدم إرادة الحكم من قوله عليه السلام:"أدُّوا زَكاةَ أموالِكُم"، ويلزم منه الحكم في صورة النزاع؛ لأن الحالَ لا يخلو عن تحقُّق ذلك التقدير أو عدمه.

وإن كان كلُّ واحدٍ من الأمرين محتمل الثبوت والانتفاء، فلا حاجة إلى هذا التكلُّف، وكذلك إذا كان أحدهما منكرًا.

فصل

(2)

ثم الأمرُ هو اللفظ الدالُّ على طلبِ الفِعْل بطريقِ الاستعلاء. ولئن منع فنقول: هذا أو اللازم أمر بالنقل، فإنه يدلُّ على كونِ أحدهما أمرًا، أو نقول: اللازم لا يخلو إما أن كان أمرًا، أو لم يكن، فإن كان أمرًا فظاهر، وإن لم يكن

(3)

يكون ذلك أمرًا بالدليلِ السالم عن معارضة كون اللازم أمرًا.

(1)

"التنبيه"(ص 473 - 480).

(2)

"التنبيه"(ص 481 - 489).

(3)

"التنبيه": "يكن أمرًا".

ص: 625

على أنَّ أحدهما أمر في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34]، بدليل قوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12].

وهذا يدلُّ على أنه للوجوب؛ لأنه لو لم يكن للوجوب ما ذمَّه الله تعالى على التَّرْك.

وكذلك قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية [النور: 63].

ولأن التارك عاصٍ لقوله تعالى: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 93]، والعاصي يستحقُّ العقابَ لقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: 23]، فكذلك تارك الأمر.

ولئن قال: لو كان الأمر للوجوب لكان الترك معصيةً في كلِّ صورةٍ من صور الأمر صيغةً، وليس كذلك.

فنقول: الكلامُ فيما إذا كان عاريًا عن القرينة النُّطْقية والعقلية.

[10 ب] فصل

(1)

ثم النهيُ وهو: طلب الامتناع عن الفعل على طريق الاستعلاء مما يقتضي الحرمة، وإلَّا لما صحَّ إطلاقُ اسم المعصية على ارتكابِ المنهيِّ عنه، وقد صحَّ بالنقل والاستعمال، على أن المنهيَّ عنه مشتمل على المفسدة الراجحة، وإلَّا لَقَبُحَ النهيُ عن الفعل المباح، وليس كذلك.

ولأنه لو لم يكن محرَّمًا لما كان العاقل محترزًا عن ارتكاب المنهيِّ عنه حال كون النفس داعيةً إليه، وقد كان محترزًا فيكون حرامًا.

(1)

"التنبيه"(ص 490 - 501).

ص: 626

فصل

(1)

في التمسُّك بالنافي للضَّرَر

مثل قوله عليه السلام: "لا ضرر ولا إضْرار في الإسلام"، فيقال: الإيجاب إضرار؛ لأنه يفَوِّت سلامة الملك عن الزوال لو أُدِّي، وسلامة النفس عن العقاب لو تُرك، والمجموع مطلوب، والإضرار يدور مع المفوت للمطلوب وجودًا وعدمًا، فيكون حقيقة له.

ولئن قال: المفوت فعل العبد، وهو أداء الواجب أو تركه.

فنقول: هذا لا ينفكُّ عن ذلك، فيكون جهةً فيه، ولا يكون مانعًا.

ولئن قال: لا نُسَلِّم بأن المجموع مطلوب، وكيف هو والعاقل يسعى في إبطاله؟

فنقول: هذا مُعَارَض بمثله.

ولئن منع كونه إضرارًا في الإسلام.

فنقول: الإضرار في أحكام الإسلام مُجْمَلٌ بطريق حذفِ المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، وقد تحقَّق في واحدٍ منها فيتحقَّق فيها.

فصلٌ في الأثر

(2)

والتمسُّك به أن قول الصحابي يُحَصِّل غَلَبة الظن بثبوت ذلك الشيء، وهو المعنيّ من الدليل. على أنه ظنَّ بتحقُّق ذلك الشيء فيتحقَّق لقوله عليه

(1)

"التنبيه"(ص 502 - 528).

(2)

"التنبيه"(ص 529 - 567).

ص: 627

السلام: "ظنُّ المؤمنِ لا يُخطئ".

على أن قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم بأيِّهم اقتديتم اهتديتم" يدلُّ على ذلك، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر عن الاهتداء في الاقتداء. وما هو

(1)

بمثله من الإخبارات يدلُّ على كون المخْبَر عنه متحقِّقًا، وإلا لكان الاقتداءُ بهم ضلالًا لا اهتداءً. والله أعلم.

[11 أ] فصلٌ في الإجماع المركَّب

(2)

وهو اتفاق الطرفين بعلّتين مُختلفتين، كما يقال: لو جاز نكاح الثيِّب الصغيرة لما جاز نكاح البكر البالغة؛ لأن الإجماع منعقدٌ على انتفاءِ هذا المجموع، وهو الجواز هنا، مع الجواز ثمة، على أن الاختلاف في القولين اتفاقٌ على بطلان قولٍ ثالث، كما في النظائر.

ولئن قال: المجموع متحقِّق بالإجماع ضرورةَ تحقُّقِ الجواز عندكم في تلك الصورة، وعندنا في هذه الصورة، فنقول: ما ذكرتم مُعارَض بمثله، بخلاف ما ذكرنا؛ لأنا نتمسَّكُ بقول كلِّ واحدٍ من المجتهدين على انتفاء المجموع.

فصلٌ

(3)

والاستصحابُ على نوعين:

أحدهما: استصحاب الحال، كما يقال: كان، فيستمرّ. مثالُه في مسألة المنفرد: عدمُ وجوب الكفارة عليه في الماضي من الزمان، مما يوجبُ العدَم

(1)

الأصل: "وهو"، والمثبت من "التنبيه".

(2)

"التنبيه"(ص 568 - 577).

(3)

"التنبيه"(ص 578 - 601). وفيه: "فصل في الاستصحاب وهو

".

ص: 628

في هذا الزمان، أو في سائر الأزمان.

أو يقال: العدم متحقِّق في أحد الزمانين، فوجبَ أن يتحقق في الحال أو في سائر الأزمان، وإلا لوجبَ في زمان لم يجب في ذلك الزمان بالدليل السَّالم عن المعارض القطعي.

والمسطور في أصول الفقه: أنَّ الحالَ يصلح حجة للدفع، وإبقاء ما كان على ما كان دون الإثبات، والثابتُ هذا.

والثاني: استصحاب الواقع كما يقال: كان، فيبقى على التقادير الجائزة.

وقد يُقال في التمسُّك به: إن الواقع واقع على هذا التقدير؛ لأنَّ ما هو الثابت على هذا التقدير ثابتٌ في نفس الأمر، أو على تقديرٍ يُثْبِت جملةَ الأمور الواقعة على ذلك التقدير، وأيًّا ما كان يكون واقعًا على هذا التقدير، وإلا يلزم اجتماع النقيضين في الواقع، أو على ذلك التقدير. والله أعلم بالصواب.

تم الفصول، والحمد لله وحده.

ص: 629