الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس
(منظمة شهود يهوه)
التعريف بمنظمة شهود يهوه، وملاحظات عليها، ونشأتها، وأفكارها ومعتقداتها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
منظمة شهود يهوه:
ومنظمة شهود يهوه هي منظمة عالمية دينية سياسية، تقوم على سرية التنظيم وعلنية الفكرة، وقد ظهرت هذه المنظمة في أمريكا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وتدعي هذه المنظمة أنها مسيحية لكن الواقع يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة اليهود وأنها تعمل لحسابهم، وهي
تُعرف باسم جمعية العالم الجديد إلى جانب اسم شهود يهوه الذي عُرفت به ابتداءً من سنة 1931، وقد اعتُرف بها رسميًّا في أمريكا قبل ظهورها بهذا الاسم.
أما معنى كلمة يهوه فهو الاسم الجديد لله تعالى الذي أوحاه إلى موسى عليه السلام كما يزعم واضعو التوراة ومحرفوها، فقد غيَّروا الاسم الإله من الله إلى ياهو، وهو اسم لا معنى له، ولا يُعرف اشتقاقه على التحقيق، يحاول الأستاذ العقاد أن يجد لهذا الاسم معنًى أو اشتقاقًا فيقول:"يصح أنه من مادة الحياة، ويصح أنه نداء لضمير الغائب، لأن بني إسرائيل كانوا يتقون ذكره توقيرًا له، ويكتفون بالإشارة إليه".
وواضح أن التعليلات التي ذكرها الأستاذ العقاد لا مفهوم لها، فما العلاقة بين لفظ هو وبين مادة الحياة؟ وإذا كان من باب ضمير الغائب فهل يُعقل أن ينادى الإله بضمير الغائب، وهل يعقل أن يكون ذلك توقيرًا له. الذي نعرفه أن الأستاذ لا يعدل عن ذكر اسم شخص إلى الحديث عنه بضمير الغائب إلا تحقيرًا له، فمن أين يأتي بالتوقير؟!.
لكن ما نريد أن نوضحه ونسأل عنه هو ما العلاقة بين حقيقة الله وحقيقة ياهو إله اليهود؟ الواقع أن لفظ الله ومعناه لا علاقة له على الإطلاق بياهو إله اليهود، فهو عندهم كما تصوره توراتهم المحرفة إله خاص ببني إسرائيل، وبنو إسرائيل هم شعبه دون سائر الخلق، وهو عندهم رب الحرب المتكفل فقط بنصرة بني إسرائيل، وبالتالي فهو محب لبني إسرائيل وحدهم، ومبغض لكل من سواهم، وليس عنده -عند إلههم- أيَّ مانع أن يصنع كل ما ليس بأخلاقي في سبيل مصلحة بني إسرائيل من السرقة، والغدر، والقتل، وغير ذلك كما يزعمون، أو كما يقولون.
ومن هنا فإننا نؤكد على أن ياهو لا يمثل صفات الإله الحق، وإنما يمثل انعكاسًا لصفات اليهود وأخلاقهم، فهو ليس خالقًا لهم وإنما هو مخلوق لهم، هو لا يأمرهم بل يسير على هواهم، وكثيرًا ما يأتمر بأمرهم، فيأمرهم بالسرقة إذا أرادوا أن يسرقوا، بل يعلم منهم ما يريدونه أن يعلم، وهو إلههم يميزهم عن سائر الخلق بصرف النظر عن إيمانهم أو طاعتهم، فلقد كان إلهًا لعشيرتهم وحدهم دون سائر العشائر.
ملاحظات على منظمة شهود يهوه:
هناك عدة ملاحظات قبل الحديث عن شهود يهوه وهي:
أولًا: شهود يهوه رغم أنهم يقولون: إنهم فرقة مسيحية لكنهم في الواقع يخالفون كنائس العالم المسيحي على اختلاف فرقها، يخالفونهم في كثير من العقائد والأفكار، بل يخالفونهم حتى في ترجمة كثير من آيات كتبهم المقدسة، حتى إن شهود يهوه أخرجوا بعض الآيات المزيفة وبالطبع تركوا الكثير منها، أخرجوا هذه الآيات المزيفة من هذه الكتب المقدسة التي تُسمى عند النصارى بالكتاب
المقدس، الكتاب الذي يقول شهود يهوه عنه:"نعم الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها"، هكذا يقولون، ومع أنهم يقولون: يهوه الله بصفته مؤلف الكتاب المقدس، إلا أنهم قالوا: إن الذين كتبوا الكتاب المقدس أبقوا أنفسهم بعيدًا عن الأضواء. وفي بعض الحالات -وهذا كلامهم- يصعب تحديد من كتب بعض أجزاء الكتاب المقدس"، ولا ندري أي تناقض هذا، هل الكتاب المقدس موحى به من الله؟ أم أن مؤلفوه من البشر؟ لا ندري!.
ثانيًا: لا يؤمن شهود يهوه بالعقيدة المشهورة التي ما زالت تتبناها حتى اليوم غالبية كنائس العالم، وهي عقيدة الثالوث، وأن المسيح هو الله تعالى، تعالى الله عما يصفون علوًّا كبيرًا، بل خرج شهود يهوه بتفسير جديد، وعقيدة جديدة في المسيح، وفي الثالوث: وهو أن المسيح هو المخلوق الوحيد الذي خلقه الله مباشرة، ثم بعد أن خلقه كان أن ساعد الله، وهذا في زعمهم طبعًا، فهم يزعمون أن المسيح ساند الله وساعده في خلق الكون كله، ولقد وصل عمق خلافهم مع العالم المسيحي حتى في الشيء الذي صلب عليه المسيح، فيقولون -يقول منظمة شهود يهوه-: إن يسوع مات على خشبة مستقيمة، وليس كما يقول النصارى على الصليب التقليدي، وبعد أن كانت أغلفة مجلاتهم مزركشة بالصليب لمدة طويلة، وبعد أن كانوا في بدايتهم العصرية يستعلمون الصليب ويؤمنون به، أصبحوا الآن يرفضونه ورفضوا تقديسه اتباعًا لزعمهم الجديد أن المسيح لم يصلب على الصليب وإنما على خشبة مستقيمة، ونؤكد على أن الحق في الإسلام والذي ورد في كتاب ربنا سبحانه وتعالى أنهم ما قتلوه يقينًا، {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (النساء: 157)، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (النساء: 157، 158). هذه هي عقيدتنا أما عقيدة هؤلاء وهؤلاء، فكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا.
ونعود إلى ملاحظاتنا على شهود يهوه وخلافهم للعالم المسيحي: فقد رفضوا استخدام الأيقونات وتقديسها، كما رفضوا وضع هذه الأيقونات في أماكن عبادتهم، وفي أماكن اجتماعاتهم، ويسمون هذه الأماكن قاعات الملكوت لا يسمونها كنيسة أو كنائس، حتى عند بنائها لا يبنونها بناءات الكنيسة، ولكن يبنونها قاعات اجتماعات، وبعد أن كانوا يلقبون رئيسهم الأول بالقسيس وبعد أن كانوا يستعملون المصطلحات المشهورة للألقاب الكنسية قسيس وشماس وراهب وغيرها رفضوا هذه جميعًا، واستعملوا ألفاظ جديدة، فللمنتمي لفرقتهم يقولون: أخ وأخت، وللقسيس يقولون: شيخ، وناظر دائرة، وناظر كورة، وناظر فرع، ولهم مصطلحات أخرى لمهمات أخرى داخل تنظيمهم التنصيري مثل: مصطلح فاتح، وفاتح إضافي، وفاتح قانوني، وفاتح خصوصي، وغير ذلك مما أرادوا به التميز عن العالم المسيحي.
ثالثًا: من الملاحظات أيضًا أن منشورات شهود يهوه لا تباع في المحلات العامة ولا في الدكاكين ودور النشر والتوزيع، بل توزع فقط بطريقتهم في الشوارع لعرضها على الناس المارة، أو بطريقة طرقهم على أبواب بيوت الناس، وكانت في البداية توزع بقليل من المال ولكنها الآن توزع مجانًا.
رابعًا: من الملاحظات أيضًا أنهم كمحاولة منهم لترقيع المسيحية يفتي شهود يهوه أنفسهم بلعن الكنائس، والفرق المسيحية الكبيرة والصغيرة في كتبهم ونشراتهم ومجلاتهم، يلعنون الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، ويحاولون دائمًا أن يميزوا أنفسهم عن الهيئات المسيحية الأخرى، بل يقولون: إن ديانة العالم المسيحي هي ثمرة ارتداد لألف وتسعمائة سنة عن المسيحية الحقة، وإن العالم المسيحي إنما هو بكامله جزء من عالم الشيطان، هكذا يقولون، ومع أنهم
جزء من العالم المسيحي باعتبار أنه بحسب زعمهم مجتمع مسيحي، إلا أنهم وبالكلمات المتقدمة يظنون أنهم أعادوا للمسيحية وضعها الطبيعي، وهيهات لهم ذلك، بل جعل شهود يهوه من الحكومات التي شاركت في الحرب العالمية ملك لإبليس، وجزء مهم آخر من عالم الشيطان.
خامسًا: يشتم يهود يهوه الإسلام ويصفونه بصفات قبيحة، مع غيره من الأديان الأخرى، يصفونه مثلًا بأنه العاهرة، أو الزانية العظيمة، بل يقولون: بكل جرأة إن لديهم كل سبب ليخاطبوا الإسلام وغيره كعدو، ويتعاملوا مع الإسلام كعدو.
سادسًا: صنع شهود يهوه تبعًا لسلفهم من اليهود والصهاينة صورًا مزيفة توهموها للأنبياء صلوات الله عليهم وسلاماته، وهي صور كان أولى بهم -لو أحسنوا الظن وأحسنوا النظر- أن ينكروها ويخرجوها كما أخرجوا غيرها من كتابهم المقدس، أو المدعو مقدسًا، فلقد قالوا: عن سليمان عليه السلام: إنه تزوج بزوجات كثيرة، وسمح بعبادة الأوثان في إسرائيل، وكانت سنوات حكمه الأخيرة ظلمًا، بل إنه مات مرتدًّا، وحاشاه -صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا محمد. وزعموا -كما في كتابهم المقدس- أن نوحًا عليه السلام شرب خمرًا، فسكر، وتعرى، ولعن من لا ذنب له، وزعموا أن هارون عليه السلام هو الذي صنع العجل لبني إسرائيل، وقالوا: إن بني إسرائيل وجهوا هارون ليصنع تمثالًا، وبنى لهم هارون هذا التمثال، وبنى لهم أيضًا مذبحهم، وغير ذلك أيضًا من التخريفات التي نقلوها عن التوراة المحرفة الموجودة بأيدي اليهود.
أما نحن فنؤمن إيمانًا يقينيًّا بعصمة الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن، ونسموا بهم -صلوات الله وسلامه عليهم- عما يقول به هؤلاء الأفاكون.
نشأة منظمة شهود يهوه:
قد أسسها الراهب شارلز راسل، وكانت تعرف باسم الراسلية أو الراسليين، نسبة إلى مؤسسها، كما عُرفت باسم الدارسون الجدد للإنجيل، وعُرفت بعد ذلك باسم جمعية برج المراقبة والتوراة والكراريس، ثم استقر الأمر أخيرًا على اسم شهود يهوه؛ نسبة إلى يهوه إله بني إسرائيل على ما تردد توراتهم.
كما ورد في سفر الخروج في الإصحاح السادس 2 - 4 يقول: وكلم الله موسى قال له: أنا الرب أنا الذي تجليت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب إله قادرًا على كل شيء، وأما اسمي يهوه فلم أعلنه لهم.
ويقول تشارلز راسل عن بداية هذه المنظمة: "أنه في سنة 1878 تألفت هذه المنظمة، منظمة شهود يهوه، من إسرائيليين روحيين حقيقيين كرسوا أنفسهم لله العلي، هكذا يقول، فأدخلهم هو عندئذٍ في العهد الجديد؛ ليكونوا شعبًا على اسمه، وأدخلهم في عهد الملكوت أيضًا من ملك الملوك ورب الأرباب، وقد بدءوا يجتمعون سويًّا مدفوعين بمحبة الحق خصوصًا منذ حوالي 1878 فصاعدًا".
ادَّعى راسل هذا الكلام، كما ادعى أنه مسيحي الظاهر والباطن، وادَّعى خلفاؤه أنهم مسيحيون يقينًا، ودائمًا ما يذكرون مثال سارة زوجة إبراهيم عليه السلام التي رسمت مثالًا كما يقولون: للخضوع والتقوى، وذلك في حالتين عندما قدمها إبراهيم بصفتها أخته أمام حاكميْن وثنييْن، في كلتا المرتين تعاونت معه على الرغم من أنها نتيجة لذلك صارت تقريبًا عضوًا من حريمهما، يقول راسل عن هذه الطائفة التي بدأ بها: "أنهم لما تحققوا أنهم في عبودية الخرافات والدين وخداع الإكليروس الأمور التي تقيدت بها كل الأمم المسيحية نشدوا الحرية
فنالوها، وخرجوا من كل الطوائف الدينية كاثوليكية وبروتستانتية ويهودية وغيرهم، وانضموا إلى منظمته، منظمة شهود يهوه.
في سنة 1916 مات راسل، وخلفه فرانكلين ريزرفورت كرئيس ثانٍ بالانتخاب، ومن الأشياء التي غيرها ريزرفورت اسم المنظمة والتي كانت تُسمى تلاميذ الكتاب المقدس، فغير ريزرفورت هو وزملاؤه هذا الاسم إلى شهود يهوه، ثم خلف ريزرفورت ناثان هيرمركنور ليكون الرئيس الثالث للمنظمة، وهكذا.
أفكار شهود يهوه ومعتقداتهم:
ونورد بعض الأفكار لهذه المنظمة فنقول:
أولًا: هم مؤمنون بيهوة إلهً لهم كما يؤمنون بعيسى رئيسًا لمملكة الله.
ثانيًا: يؤمنون بالكتاب المقدس للنصارى، ولكنهم يفسرونه حسب مصالحهم، بل ويحذون منه بعض الأجزاء، كما يعترفون أيضًا بقداسة الكتب التي تعترف بها اليهودية وتقدسها، وهي تسعة عشر كتابًا.
ثالثًا: يستغلون اسم المسيح والكتاب المقدس للوصول إلى هدفهم، هذا الهدف هو إقامة دولة دينية للسيطرة على العالم، وتهيئة النفوس لإقامة الدولة اليهودية الكبرى.
رابعًا: تنكر منظمة شهود يهوه الحساب والعقاب في الآخرة، فلا إثم على من يقترف ذنبًا أو معصية في دنياه، وكذلك هم لا يؤمنون بالآخرة، ويعتقدون أن الجنة ستكون في الدنيا في مملكتهم هم.
خامسًا: يعتقد أتباع هذه المنظمة بقيام حرب تحريرية يقودها عيسى عليه السلام وهم جنوده يزيحون بها جميع حكام الأرض.
سادسًا: يقتطفون من الكتاب المقدس الأجزاء التي تحبب إسرائيل واليهود إلى الناس، ويقومون بنشرها.
سابعًا: لا يؤمنون بالروح ولا بخلودها ولهم معابد خاصة بهم يسمونها القاعة الملكية أو بيت الرب.
ثامنًا: الإخوة الإنسانية مقتصرة عليهم دون سواهم من البشر، ويعادون النظم الوضعية، ويدعون إلى التمرد، ويعادون الأديان إلا اليهودية، وجميع رؤسائهم من اليهود.
تاسعًا: يدعون إلى إشاعة الفوضى الخلقية والتحلل من جميع الفضائل الإنسانية التي حثَّت عليها التعاليم الدينية، كما يدعون إلى إشاعة الفوضى العالمية بتحريض الشعوب على التمرد على حكوماتها، ومقاطعة جميع النشاطات الرسمية في الدولة، ويبررون ذلك بما جاء في كتابهم الأخضر "ليكن الله صادقًا بأنهم سفراء الله في ملكوته المقدس"، ومن ثم لأنهم سفراء الله وفي ملكوته المقدس فهم يتمتعون بحصانة تعفيهم من الخضوع للحكومات المدنية أيًّا كانت مقوماتها.
عاشرًا: يمر العضو فيها بمراحل معقدة ويخضع للالتحاق بها إلى شروط قاسية، وتنتظم عضوية جمعية شهود يهوه ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: ويسمونهم أعضاء الرجاء السماوي، وهم أعضاء الإدارة العليا، ويرأسهم ما يسمونه العبد العظيم أو الحكيم، ويعرف مقره ببيت إيل، أي: بيت الله.
والمرتبة الثانية: فيسمونهم صف جلعاد أو الرجاء الأرضي، وتشمل من الأعضاء الرواد والمعاونين، ونظار المناطق، وهؤلاء هم أعضاء الإدارة التنفيذية.
أما المرتبة الثالثة: في هذه الجمعية فهم المبشرون ويعرف أعضاؤها بالخدم، وتضم هذه المرتبة الشهود، وهم أعضاء الجمعية المكلفون بتوزيع مطبوعات الجمعية ورسائلها.