الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالهما
وقد كان مما كتبه الأستاذ إبراهيم خليل أحمد في كتابه (المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي) ذكر بعض المقارنات وهو من أهل الذكر قد كان قسيسًا وعاملًا في مضمار التبشير بالمسيحية بين المسلمين، ثم هداه الله إلى اعتناق الإسلام، فهو ذو خبرة مباشرة بالعمل التنصيري، وعلى اطلاع حسن بأعمال المستشرقين وأهدافهم، وقد كشف بعد اعتناقه الإسلام كثيرًا من الحقائق التي يعرفها، وقدم بها شهادة عارف خبير، وقد قال من بين ما قال:
أولًا: أن التبشير والاستشراق دعامتان من دعائم الاستعمار، وعملاء التبشير والاستشراق عملاء الاستعمار وخدام لسياسته، وإن ظهروا بوجوه مقاومة الاستعمار وتحرير البلاد منه.
ثانيًا: تقاسم التبشير والاستشراق والاستعمار جوانب الأعمال المقررة في الخطة العامة لغزو الإسلام والمسلمين، وديار الإسلام، فحمل الاستشراق أعباء الأعمال في ميادين المعرفة الأكاديمية، وادَّعى لنفسه ولبحثه الطابع العلمي العالي، استخدم الكتابة والتأليف، وإلقاء المحاضرات والمناقشات في المؤتمرات العلمية العامة، وحمل التبشير أعباء الدعوة الجماهيرية في حدود مظاهر العقلية العامة، التي تتناسب مع مفاهيم الجماهير، واستخدم التبشير وسائل التعليم المدرسي في دور الحضانة وغيرها.
ثالثًا: استطاع الأمريكيون تحت لواء الامتيازات الممنوحة للأجانب، وباسم الصداقة للشعوب الآسيوية الأفريقية أن يغزو آسيا وأفريقيا بوفود المبشرين والمستشرقين، واستطاعوا بأموالهم أن يؤسسوا لهم مراكز تبشيرية وعلمية كثيرة في العالم الإسلامي.
رابعًا: يسير العمل التبشيري في البلاد التي تتمتع باستقلالها وحريتها مستخدمًا أسلوب الدهاء والمكر، وذلك باستخدام تلاميذ المبشرين والمستشرقين من الوطنيين حتى لا يصطدموا بقوانين البلاد، فيكرهوا على الرحيل الفوري.
خامسًا: استعان التبشير بالقوى العسكرية الاستعمارية ليقوم بمهماته وهو آمن على نفسه، واستعان بأفكار ومؤلفات المستشرقين، قد نجح التبشير والاستشراق والاستعمار في كثير من البلاد الإسلامية بتربية أجيال متعاقبة لا تفقه الإسلام، ولا تحفظ من القرآن إلا آيات معدودات؛ لذلك كان من اليسير جدًّا غزو هذا الجيل غزوًا فكريًّا واسعًا.
لم يكن المبشرون ولا معظم المستشرقين يومًا يُنصفون الحقيقة العلمية، فللعلم كانت أبحاثهم موسومة بصورة واضحة من أسس عقائدهم ومقاصدهم الخبيثة، وقد سلك المبشرون -كما يقول- والمستشرقون معهم كل مسلك ظنوه محققًا لأهدافهم، واستطاعوا أن يتسللوا إلى المجمع اللغوي بمصر، والمجمع العلمي بمصر، والمجمع العلمي ببغداد، كما تدخلوا بتأييد من الاستعمار في مجال التربية والتعليم محاولين غرس مبادئ التربية الغربية في نفوس المسلمين، ونجحوا في هذا إلى حد كبير.
ويعمل المستشرقون وفق خطة مدروسة، إذ يجتمعون في هيئة مؤتمرات بين الحين والحين، وكذلك يعمل المبشرون. وإذا كان الاستشراق والتبشير قد قام على أكتاف الرهبان والآباء في أول الأمر، ثم اتصل من بعد ذلك بمستعمرين؛ فإنه لا يزال حتى اليوم يعتمد على أولئك، وإن تظاهروا برسالتهم الدينية والخيرية فإنهم يقظون دائما، يحدقون بعيونهم، ويصيخون بآذانهم إلى مختلف الأوساط لمعرفة كل الاتجاهات؛ حتى يستطيعوا أن يذللوا أي عقبة تعترض سبيل نشاطهم