الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاهرة، وأحب الإسلام واللغة العربية وخدمهما، وألف أكثر من مائة وخمسين كتابًا عن الإسلام منها كتاب (الله أكبر)، وكتاب (الحركات الحديثة في الإسلام)، وكتاب (شوامخ الأدب العربي)، وكتاب (معاني القرآن)، ومنهم الطبيب الفرنسي موريس بوكاي صاحب كتاب (دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة) الذي أثبت فيه موافقة ما جاء في القرآن لأحدث الحقائق العلمية التي توصل إليها الناس بوسائلهم، بخلاف ما في الكتب التي يزعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى أنها مقدسة.
مجالات أنشطة المستشرقين، وأخطر وسائلهم الفكرية، والعلاقة بين الاستشراق والتنصير
قد تخصص المستشرقون في مجالات الأنشطة المعرفية والتوجيهية العليا، منها التعليم الجامعي، والمؤسسات العالمية لتوجيه التعليم والتثقيف، والوظائف الاستشارية العليا للدول الغربية، تأليف وإصدار الكتب والموسوعات العلمية، إصدار المجلات الثقافية، وعقد المؤتمرات، وإلقاء المحاضرات العلمية، وعقد الندوات وغيرها، وقد تفرغ منهم مجموعات متعددة؛ لأداء المهمات الاستشراقية في كل مجال من المجالات ومن هذه المجالات:
أولًا: كراسي الدراسات الإسلامية والعربية والشرقية بوجه عام في الجامعات الغربية، وتُتخذ هذه الكراسي بؤرة لاصطياد أبناء الشعوب الإسلامية، والتأثير عليهم فكريًّا وسلوكيًّا ونفسيًّا، ومن المجالات أيضًا تأسيس الجامعات العلمية في بلدان العالم الإسلامي خاصة، وبلدان الشرق عامة؛ لتخريج أجيال منسلخة من إسلامها، ومستعدة لتقبل المذاهب الفكرية المعاصرة الوافدة، ولكل ما يلقى إليها من أفكار ومبادئ، مثل كلية بغداد، والجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأمريكية في مصر، والجامعة الأمريكية في تركيا.
ومن المجالات أيضًا إنشاء الموسوعات العلمية الإسلامية والشرقية بوجه عام، التي تتناول الشرقيات من جميع جوانب المعرفة، واتخاذ هذه الموسوعات وسيلة لدس الأفكار الاستشراقية السامة، التي يريدون دسها، وإقناع أجيال الشعوب الإسلامية بها مثل: الموسوعة الإسلامية التي أصدرها المستشرقون بعدة لغات، فقد حشد لها كبار المستشرقون، وأشدهم عداء للإسلام، ودس فيها السم بالدسم، ونثرت فيها أباطيل كثيرة عن الإسلام والمسلمين، ومن المؤسف أنها مرجع لكثير من المثقفين من المسلمين؛ إذ يعتبرونها حجة فيما تورده من معارف حول قضايا إسلامية هي فيها غير نزيهة، لأن كتابها منحازون ضد معظم قضايا الإسلام والمسلمين.
ومن المجالات أيضًا عقد المؤتمرات الاستشراقية، وإصدار المجلات الخاصة ببحوثهم حول الإسلام والمسلمين وشعوب الشرقية.
أخطر وسائل المستشرقين الفكرية:
وأخطر وسائل المستشرقين هو التشكيك وإلقاء الشبهات والمغالطات، وتزيين الأفكار البديلة، وافتراء الأكاذيب، ودس السموم الفكرية بخفاء وتدرج، وترجع الوسائل الفكرية الرئيسية التي استخدمها المستشرقون؛ لهدم الإسلام، وتجزئة المسلمين، وتشويه تاريخ الأمة الإسلامية، وتشويه حاضرها، وخداع أجيال هذه الأمة؛ لنبذ الإسلام، واتباع مناهج وأساليب الحضارة المادية المعاصرة، وترجع هذه الوسائل إلى الأصول التالية:
أولًا: التشكيك في مصادر الدين الإسلامي وصحة نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: إلقاء الشبهات حول أحكام الإسلام التشريعية ومصادرها.
ثالثًا: المغالطات.
رابعًا: تزيين الأفكار البديلة.
خامسًا: افتراء الأكاذيب واختراع التعليلات والتفسيرات الباطلة.
سادسًا: التلطف في دس السموم الفكرية بصورة خفية ومتدرجة حتى يبتلعها المغزوون، وهم لا يشعرون قد يأخذونها وهم فرحون بحلاوة ما يرافقها، ونلاحظ في مكتوباتهم حول الإسلام والمسلمين ما يلي:
- التشكيك في صحة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجمهور المستشرقون ينكرون أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا أوحى الله إليه، وأنزل عليه كتابًا من لدنه، ويتخبطون في تفسير مظاهر الوحي التي كان يراها أصحابه؛ لاسيما عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فمن المستشرقين من يرجع ذلك إلى صرع كان ينتاب النبي حينًا بعد حين، ومنهم من يرجعه إلى تخيلات كانت تملأ ذهن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يفسرها بمرض نفسي إلى غير ذلك.
- ويتبع التشكيك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إنكارهم كون القرآن كتابًا منزلًا عليه من عند الله عز وجل، وإذ أنكروا رسالة محمد؛ لزمهم أن يعلنوا بأن الإسلام ليس دينًا منزلًا من عند الله، وإنما هو ملفق من الديانتين اليهودية والنصرانية، وهم في هذا يخبطون خبط عشواء؛ إذ لا يملكون أي مستند يؤيده البحث العلمي السليم، جُل ما يملكونه ادعاءات تستند إلى وجود نقاط التقاء بين الإسلام، والديانتين السابقتين، الأمر الذي يرجع في حقيقته إلى وحدة الرسالات الربانية في أصولها الصحيحة.
- وأيضًا يشككون في صحة الحديث النبوي الشريف الذي اعتمده علماء المسلمين المحققون، ويتذرعون بما دخل على الحديث النبوي من وضع، ودس
متجاهلين تلك الجهود التي بذلها علماء المسلمين؛ لتنقية الحديث الصحيح مستندين إلى قواعد بالغة الدقة في التثبت والتحري، مما لم يُعهد عندهم في دياناتهم عشر معشاره في التأكد من صحة الكتب المقدسة عندهم. وأيضًا يشككون في قيمة الفقه الإسلامي الذاتية، ذلك التشريع العظيم الذي لم يجتمع مثله لجميع الأمم في جميع العصور، وقد سقط في أيديهم حين اطلاعهم على عظمته، وهم لا يؤمنون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يجدوا بدًّا من الزعم بأن هذا الفقه مستمد من القانون الروماني أي: أنه مستمد من الغربيين.
قد بين علماء المسلمين الباحثون تهافت هذه الدعوى، وفيما قرره مؤتمر الفقه المقارن المنعقد بلاهاي بأن الفقه الإسلامي فقه مستقل بذاته، وليس مستمدًّا من أي فقه آخر ما يفحم المتعنتين منهم، ويقنع المنصفين الذين لا يبغون غير الحق سبيلًا.
العلاقة بين الاستشراق والتنصير فالعلاقة بين الاستشراق والتنصير علاقة وثيقة وفي غاية المتانة، ذلك إن الاستشراق هو الرافد الآخر للتنصير، كلاهما ينبعثان من الكنيسة؛ فهم -كما بينا- جميعًا قساوسة كلهم يخدمون الكنيسة على حد سواء. وتتركز مهمة الجميع في هدم الإسلام، أو تشكيك أهله فيه، وتشويه تاريخ الأمة الإسلامية ونبيها العظيم، وجعل العالم الإسلامي مناطق نفوذ للغرب، ولهذا يلقى المستشرقون الدعم بسخاء من كافة الدول الكبرى التي تتطلع إلى العودة؛ لاستعمار الدول الإسلامية من جديد. وقد أقامت لهم مختلف الجماعات بدراسة كيفية التنصير والاستشراق؛ للتغلغل إلى ديار المسلمين، وإلى قلوبهم، وإلى استعمال بلدانهم، وإيجاد المبررات لذلك.
فمن هنا ينبغي التنبه لمغالطتهم في زعمهم أن الاستشراق هو غير التنصير، وأن الاستشراق يخدم الثقافة بعيدة عن التأثر بأي معتقد، وقد عرفنا أن الغرض الحقيقي لدعاة التنصير هو الرغبة في إدخال الناس النصرانية، فلا ريب أن من صدق هذا فقد جانب الحقيقة. نعم، قد تختلف الوسائل بين المنصرين والمستشرقين لكنها في النهاية تصبُّ في مكان واحد.
الفرق بين المستشرقين والمنصرين في الوسائل:
يقول الدكتور محمد البهائي: "إن الاستشراق أخذ صورة البحث العلمي، وادعى لبحثه الطابع العلمي الأكاديمي، أما دعوة التنصير فقد بقيت في حدود مظاهر العقلية العامة أي: العقلية الشعبية، أينما استخدم الاستشراق الكتاب والمقال في المجلات العلمية، وكرس التدريس في الجامعة، والمناقشة، والمؤتمرات العلمية العامة؛ فقد سلك التنصير طريق التعليم المدرسي في دور الحضانة، ودور الأطفال، والمراحل الابتدائية والثانوية للذكور والإناث على السواء، كما سلك سبيل العمل الخيري الظاهري في المستشفيات، ودور الضيافة، والملاجئ للكبار، ودور اليتامى واللقطاء.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.