المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تمهيد عام عن الشيوعية - اتجاهات فكرية معاصرة - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الماسونية

- ‌تعريف الماسونية، وحقيقتها

- ‌أصل الماسونية العام، ونشأتها، وأقدم كتبها (القوانين)

- ‌انتشار الماسونية وأهدافها القريبة والبعيدة، وشعاراتها ورموزها

- ‌الماسونية والأديان

- ‌الدرس: 2 الماسونية (2)

- ‌مصادر الفكر الماسوني، وأهم محافله المعاصرة

- ‌درجات الماسونية ومراتبها

- ‌أثر الماسونية على المسلمين في العصر الحديث

- ‌مبادئ الماسونية المعلنة والخفية

- ‌الماسونية في ميزان النقد العلمي والعلماء

- ‌الدرس: 3 الروتاري

- ‌تعريف الروتاري

- ‌نشأة الروتاري، وأبرز الشخصيات الروتارية

- ‌الحكومة الروتارية، وأفكار الروتاريين ومعتقداتهم

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لمنظمة الروتاري، وطريقة دخول العضو الجديد فيها، وشعارها

- ‌الأدلة على ماسونية الروتاري، وكيفية الانضمام ومؤهلات الترقي، ولجان أنديتهم

- ‌الدرس: 4 الليونز

- ‌تعريف نوادي الليونز، وأفكار أعضائها ومعتقداتهم

- ‌شروط العضوية في أندية الليونز، والهيكل التنظيمي لها

- ‌خطورة نوادي الليونز، والبذور الفكرية والعقائدية لها

- ‌انتشار أندية الليونز ومواقع نفوذها، والغرض منها، ونشاطها

- ‌الأدلة على علاقة الليونز بالماسونية، وكيفية مواجهتها

- ‌الدرس: 5 منظمة شهود يهوه

- ‌التعريف بمنظمة شهود يهوه، وملاحظات عليها، ونشأتها، وأفكارها ومعتقداتها

- ‌نشاط شهود يهوه التنصيري، وخداعهم للمرأة، وأسماء منظمتهم، وحقيقتها

- ‌كيفية انتشار عقائد منظمة شهود يهوه، وترتيباتها التنظيمية، وشعاراتها ورموزها

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لمنظمة شهود يهوه، وانتشارهم ومواقع نفوذهم، وطريقتهم في العمل

- ‌الدرس: 6 الاشتراكية (1)

- ‌اختلاف الناس في مفهوم الاشتراكية

- ‌الأساس العقدي للاشتراكية

- ‌معنى الاشتراكية

- ‌متى ظهرت الاشتراكية

- ‌الدرس: 7 الاشتراكية (2)

- ‌أقسام الاشتراكية

- ‌هل الاشتراكية هي الشيوعية

- ‌مزاعم الاشتراكيين ودعاياتهم

- ‌قوانين الاشتراكية

- ‌الدرس: 8 الاشتراكية (3)

- ‌خداع الاشتراكيين في زعمهم أن الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام

- ‌كيفية غزو الاشتراكية لبلدان المسلمين

- ‌بعض أساليب الدعوة إلى الاشتراكية

- ‌الواقع التاريخي يبطل مزاعم الاشتراكية

- ‌الأدلة على بطلان الاشتراكية، ونظرية التملك في الإسلام

- ‌الدرس: 9 الشيوعية

- ‌تمهيد عام عن الشيوعية

- ‌قيام الشيوعية الأولى بقيادة "مزدك

- ‌رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى

- ‌بواعث الشيوعية

- ‌حقيقة الفكر الشيوعي

- ‌الدرس: 10 الشيوعية (2)

- ‌الأسس التي قامت عليها النظرية الشيوعية

- ‌الشيوعية والأسرة

- ‌الدرس: 11 الشيوعية (3)

- ‌هل البشر في حاجة إلى أدلة لإثبات وجود الله تعالى

- ‌شبهات الملاحدة في إنكارهم وجود الله تعالى

- ‌روافد الإلحاد الأخرى

- ‌الدرس: 12 الشيوعية (4)

- ‌الرد على مزاعم الملاحدة الشيوعيين في مسألة الملكية الفردية

- ‌الرد على مزاعم الملاحدة الشيوعيين في نشأة الصراع الطبقي

- ‌زعامة الشيوعية الماركسية وأهم مصطلحاتهم

- ‌قيام الدولة السوفيتية وسقوطها وانتشار الشيوعية ومواقع نفوذها

- ‌الدرس: 13 التفسير المادي للتاريخ والأطوار المزعومة له والرد عليه

- ‌علاقة التفسير المادي للتاريخ بنظرية التطور

- ‌التفسير المادي للتاريخ وأطواره المزعومة والرد عليه

- ‌التفسير المادي للإنسان والقيم الإنسانية

- ‌الدرس: 14 الناصريون والبعثيون

- ‌تعريف الناصرية وتأسيسها وأبرز الشخصيات فيها

- ‌نظرة تاريخية على مؤسسي الناصرية وهو جمال عبد الناصر

- ‌أفكار الناصرية ومعتقداتها

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية للناصرية، والنفوذ وأماكن الانتشار

- ‌تعريف البعثيين والتأسيس وأبرز الشخصيات في حزب البعث، وتقييم الأفكار والمعتقدات

- ‌الدرس: 15 الناصريون والبعثيونالأحباش والبلاليون

- ‌التعريف بفرقة الأحباش، تأسيسها وأبرز الشخصيات فيها

- ‌الأفكار والمعتقدات التي تبنتها فرقة الأحباش

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لفرقة الأحباش، ومواقع نفوذهم

- ‌البلاليون

- ‌الأفكار والمعتقدات للبلاليون، وانتشارهم ومواقع نفوذهم

- ‌الدرس: 16 الاستشراق (1)

- ‌تعريف الاستشراق والمستشرقين

- ‌موجز تاريخ الاستشراق

- ‌مدارس الاستشراق

- ‌دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌مجالات أنشطة المستشرقين، وأخطر وسائلهم الفكرية، والعلاقة بين الاستشراق والتنصير

- ‌الدرس: 17 الاستشراق (2)

- ‌موازين البحث عند المستشرقين

- ‌الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالهما

- ‌آثار الفكر الاستشراقي

- ‌كيفية وسبل مواجهة الفكر الاستشراقي

- ‌الدرس: 18 الصهيونية (1)

- ‌تعريف الصهيونية ونشأتها

- ‌نشأة الحركة الصهيونية

- ‌مراحل الحركة الصهيونية

- ‌ركائز الحركة الصهيونية العالمية، وأهدافها

- ‌الدرس: 19 الصهيونية (2)

- ‌وسائل الصهاينة لتحقيق أهدافهم

- ‌تلخيص لأفكار الصهيونية ومعتقداتها

- ‌البروتوكولات: تعريفها وتاريخها ونشأتها وكيفية اكتشافها

- ‌حركة الصهيونية منذ وعد بلفور

- ‌الدرس: 20 يهود الدونمة

- ‌أصل الدونمة

- ‌اليهود والمسيح المنتظر

- ‌أول الدونمة

- ‌استمرار الدونمة وفرقهم

- ‌بعض تقاليد الدونمة وعاداتهم، وأثرهم وخطرهم، والانتشار ومواقع النفوذ، ودورهم في هدم الخلافة الإسلامية

- ‌الدرس: 21 الأصولية الإنجيلية

- ‌تعريف الأصولية الإنجيلية

- ‌تاريخ الأصولية الإنجيلية

- ‌الحكومات النصرانية التي تدعم الأصولية النصرانية

- ‌بعض الإحصائيات عن الأصولية النصرانية الإنجيلية في أمريكا

- ‌منهج الأصولية النصرانية، وأشهر شخصياتها، وخلاصة فكرها

الفصل: ‌تمهيد عام عن الشيوعية

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس التاسع

(الشيوعية)

‌تمهيد عام عن الشيوعية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد وإنكار وجود الله سبحانه وتعالى، وأن المادة هي أساس كل شيء ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي، وقد ظهرت هذه الفكرة الشيوعية في ألمانيا على يد "كارل ماركس" وصديقه "فريدريك إنجليز"، ثم تجسدت في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917 من الميلاد، بتخطيط من اليهود، وتوسعت على حساب غيرها بالحديد وبالنار، وقد تضرر المسلمون منها كثيرًا، بل إن هناك شعوبًا محيت بسببها من التاريخ لكن الشيوعية أصبحت الآن في ذمة التاريخ، بعد أن تخلى عنها الاتحاد السوفيتي، الذي تفكك بدوره إلى دول مستقلة تخلت كلها عن الماركسية، واعتبرت أنها نظرية غير قابلة للتطبيق.

وقد ذكر بعض الباحثين أن الشيوعية مصطلح يصعب تحديد معناه، بعد أن ذكر أن الشيوعية نظام اجتماعي تكون فيه الملكية في يد المجتمع قال: والشيوعية بهذا المعنى قديمة قدم المجتمع نفسه، وهذا كذب محض، فإن هذا التعبير من الدسائس التي احتوت عليها بعض الكتب، متأثرين بما لفقه زعماء الشيوعية من أن المجتمعات في القديم كانت بدائية، وكانت الملكية فيها مشاعة بين الجميع في شكل اكتفاء ذاتي، يتقاسم أفراده السلع والخدمات نظرًا لظروفهم الخاصة القاسية التي تحتم عليهم ذلك، كما هو الحال على الخصوص في المجتمعات التي تعيش على طمس الحيوان بزعمهم.

لقد قامت الشيوعية الماركسية كالمارد الجبار تريد أن تقيم مجدًا زائفًا على أنقاض الديانات الإلهية كلها، تريد أن تحل الديانات الوضعية البشرية مكانها شعارهم

ص: 157

"لا إله، والحياة مادة"، وهدفهم هدم الدين وإعلاء اليهودية، ومع أن شعارهم "لا إله" فهو شعار كاذب، فقد أحل الطغاة الشيوعية أنفسهم محل الإله العظيم، وأحلوا تعاليمهم الإلحادية محل الدين وقوانينهم محل الشريعة، فقد احتوت الشيوعية على جميع نواحي الحياة من ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية، بل وكل ناحية في حياة البشر بدلًا عن الإله وعن الأديان وكافة النظم البشرية.

إذا كانت السمة الظاهرة للناس أن الشيوعية لا شأن لها بأية ناحية غير الناحية الاقتصادية، وأن مهمتها خدمة الشعوب لكي تعيش في جنة عالية قطوفها دانية، إذا طبقوا التعاليم الماركسية الجهنمية، التي زعم أقطابها أن البشر سيعيشونها في يوم ما، وسيحكمون أنفسهم بأنفسهم بلا عداوة ولا فقر ولا جهل إلى آخر هذه الدعايات، فإن هذه السمة الظاهرة هي من خداع الشيوعية وترهاتها، التي نجحت على كثير من البشر ونجحت في خداعه، فأصبحوا ضحايا خاسرة للشيوعية ومبادئها الجوفاء.

ولقد تظاهرت الشيوعية بذلك لتعمل في الخفاء وبعيدًا عن الأنظار لما قامت من أجله، وهو تحقيق أحلام اليهود وليس تحقيق أحلام الفقراء، فزعموا للناس أنهم ركبوا كل صعب وذلول للاهتمام بالنواحي الاقتصادية أولًا وأخيرًا، وزعموا أن كل ما يصدر عن هذا الفكر من سلوك وتقنين إنما هو تابع لتحقيق هذا الجانب لا غيره، إذ سيتبين -إن شاء الله- حين نرد عليهم أن هذا الزعم أصبح سرابًا كاذبًا وهباء في مهب الريح، ويعبرون عن هذه الظاهرة بالمادة التي صارت هي المعبود والنظام والتاريخ، أقطاب الشيوعية -كما هو معروف- كانوا نصارى في الأساس وأغلبهم يهود، وقد وصفوا نظريتهم الإلحادية بالمادية وجعلوها محور كل شيء في الوجود والتاريخ وأقاموه على التفسير المادي للتاريخ، فكل

ص: 158

مظاهرهم إنما هي تابعة لتصورهم المادي، كما أن مظاهر الفرويدية كلها متوجهة نحو الجنس، وكلتا النظريتين موجهتين بدقة من قبل الماسونية اليهودية للقضاء على كل ما عند غير اليهود؛ ليصبحوا حميرًا لشعب الله المختار كما تمنيهم بذلك تعاليم التوراة المحرفة، والتلمود الجهنمي المملوء حقدًا على جميع البشر مما عدا اليهود.

وكان "ماركس" قد تضلع من دراسة الحضارة الإغريقية الرومانية، في الوقت الذي كانت فيه تعاليم المسيحية المحرفة تتهاوى إلى الحضيض، وتداس تحت أقدام أولئك الذين خرجوا عن طغيانها الذي لا حد له، وعن صلاحيات البابوات ورجال الدين التي لا نهاية لها، وفي الوقت الذي نشط فيه دهاة الماسونية ومنهم "كارل ماركس" لتحطيم كل حضارات العالم، وإقامة هيكل سليمان الذي هو نصب أعين اليهود كلهم، ظهرت الماركسية لتجعل الإنسان هو مصدر كل سلوك ومعرفة، لتجعل الإنسان هو الإله المشرع وهو الخالق المبدع، وهو كل شيء وليس وراءه أي شيء، فلا وجود للإله الذي مارس طغاة الكنيسة كل جبروتهم باسمه، ولا وجود للأديان التي تضطهد اليهودية واليهود ولا وجود للحياة الأخرى التي هي مصدر الخلاص، إذا كان الشخص هو الذي يملك صك الغفران عن البابا.

بل الإنسان عندهم هو الإله والدنيا هي غاية الإنسان يسعد أو يشقى، ولا عبرة بما قالته الأديان الإلهية من وجود قوة أخرى غير الإنسان، أو حياة أخرى غير هذه الحياة، بل إن ما وراء الطبيعة من الغيبيات هو في نظرهم سراب، يجب أن يختفي أمام الحضارة اللادينية العاتية هي عالم المحسوسات، فعالم المحسوسات لا تؤمن الشيوعية الملحدة إلا به، وهو وحده هو علة وجود هذا

ص: 159

الكون ونشأته، فنشأة التدين عند الإنسان إنما هي ناتجة عن خرافات كاذبة خيالية لا يسندها عقل ولا منطق، فالكون عندهم تجمع من ذرات والإنسان عندهم أصله قرد.

ومن العجب أنهم يسمون هذه التخيلات المفتراة على البشرية التي تنافي ما أكرمهم به الله من حفظ ورعاية، ومعرفة بأمور دنياهم ودينهم، يسمونها حقائق ويدافعون عنها كأنهم عايشوها من أول يوم عرفت فيه البشرية، ومن كذبهم في هذا فإنهم يصفونه بالرجعية والتخلف، وهذه الصفات جاهزة في قواميسهم التي لا تتورع عن هدر أعراض الناس ودمائهم، وهذا الذي يقولون عن بدأ الكون وعن أصل الإنسان هو رجم بالغيب، وظلم للبشرية وتصديق لأقوال الكذابين أمثال "ماركس" و"داروين" و"فرويد" وغيرهم من أشرار البشر الحاقدين {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (الزخرف: 19).

قد ساعد على تعميق الإلحاد الشيوعي تلك النظريات الكثيرة، والشبه التي سموها حقائق لمعرفة هذا الكون، وقيامه على القوانين التي عرفت أخيرًا، مثل قانون الجاذبية الذي أرسى أن كل شيء في الوجود له سبب في مكانه، وقانون تجمع أجزاء المادة التي انفجر عنها هذا الكون، وغير ذلك مما زعموه مؤيدًا لنظريتهم الملحدة، فحجبت تلك المفاهيم الخاطئة للشيوعية والنصرانية العقل عن التعلق بموجد لهذا الكون، وأن مجرد التفكير فيه يعد رجعية، ولهذا كما سمعنا أن الروس قتلوا العائدين من سطح القمر في أول رحلة فضائية لأنهم أيقنوا أن لهذا الكون موجدًا.

وما أن أطل القرن التاسع عشر الميلادي إلا وقد ظهر قرن الشيطان، وساد القول بسيادة الطبيعة على الدين والعقل، فهي الحاكم المطلق والإله الذي لا ينازع، قد

ص: 160

تولى كبر هذه الدعوة "أوجست كونت" و"خرباخ" و"ماركس" وغيرهم بدافع قوي من الحقد الشديد على رجال الدين الكنسي، الذي يمثل حسب تعليلهم قوة ما وراء الطبيعة من الأمور الغيبية والروحية، والتي اعتبروها وهمًا وخداعًا لا حقيقة له لعدم اندراجها تحت قوة الإحساس والإدراك المباشر، وأن الالتجاء إلى ذلك الغيب إنما نتج عن الوراثة والبيئة والحياة الاجتماعية في تلك الأزمان المختلفة بزعم دعاة الإلحاد، وقد ظلت الشيوعية قرابة سبعين عامًا في صولة وجولة قوية يحسب لها حسابها، إلى أن أذن الله بزوال قوتها سبحانه بقدرته وحده، إذ ما كان أحد يفكر في النيل منها، فإذا بها يأتيها حتفها بظلفها على يد آخر زعيم لما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي، وهو "ميخائيل جورباتشوف" وأفل نجمها وجبروتها وثارت الشعوب واقتصوا من كل الظالمين.

والآن وبعد أن تبين المصير النهائي للماركسية الشيوعية نقول: إنه من الغريب جدًّا أن تموت الشيوعية في عقر دارها -الاتحاد السوفيتي سابقًا- وأن تكتشف الشعوب أن هذا المذهب فاشل باطل لا يجر إلى خير، بل إلى الخراب والدمار وإثارة البغضاء وانتشار البطالة والفواحش، وأن الجنة الأرضية التي وعد بها "كارل ماركس" إن هي إلا سراب خادع وآمال كاذبة، وأن تعاليمه إن هي إلا جحيم لا يطاق وتعاسة وشقاء، وأن الشعوب كانوا يساقون إلى الموت وهم ينظرون طائعين أو مكرهين، وإن في التخلص من هذا المذهب راحة لا تعدلها راحة وفوزًا لا يعدله فوز، فهبت تلك الشعوب المظلومة لتنفض عنها غبار تلك السنين العجاف، ثم داسوا مبادئ "ماركس" ونظرياته تحت نعالهم وتنفسوا الصعداء، وبعضهم قام بشنق تمثال بعض طغاة الشيوعية القدماء وبعض الحكماء الحاليين وقالوا: لا رجعة للشيوعية هنا.

ص: 161