الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعملهم، فهم في سيرة أعمالهم كالجمعية الماسونية، تنشد في الظاهر نشيد السلام العالمي، لكنها دعوة سرية لاستتباب حكم التوراة في ربوع العالم.
ويعتمد المستشرقون والمبشرون في تحقيق أهدافهم وتمويلها على ما تقوم به المؤسسات الدينية، والسياسية والتجارية في الغرب، وكذلك تمويل بنوك وأمراء أوربا وأثرياء أمريكا.
آثار الفكر الاستشراقي
ونخص في الحديث آثار السلبية للفكر الاستشراقي في المجال الديني، فقد كان مجال العقيدة الإسلامية من أهم المجالات التي اهتم بها المستشرقون، ووجهوا لها النصيب الأكبر من دراساتهم، فقد نشأ الاستشراق في مجال الدراسات الإسلامية أصلًا لدراسة العقيدة الإسلامية، والبحث عن الوسائل والعوامل التي يمكن تطويرها لهدم هذه العقيدة وتخريبها، وتشويه أصولها. يعتبر الدافع الديني من أهم الدوافع التي وجهت المستشرقين لدراسة العقيدة الإسلامية.
فمنذ ظهور الإسلام وانتشاره في العالم النصراني القديم اكتشف الغرب أن الإسلام خطر عظيم يهدد النصرانية في عقر دارها، عندما فشل الغرب في المواجهة السياسية والعسكرية مع المسلمين، ولم يتمكن من وقف الإسلام وانتشاره السريع في البلاد النصرانية وغيرها من بلاد العالم القديم، اتجه إلى دراسة الدين الإسلامي دراسة دينية عقدية متعمقة، من أجل وضع الخطط الدينية والفكرية للدفاع عن النصرانية بالوسائل الفكرية بعد فشل المواجهة العسكرية. وهكذا تفرغ عدد من علماء النصرانية واليهودية للتخصص في العقيدة الإسلامية، والبحث في أنجح الوسائل الفكرية؛ لنقد الدين الإسلامي وتجريحه
وتحريفه، وتشويه صورته عملًا على منع انتشاره بين النصارى واليهود من ناحية، ولتشكيك المسلمين أنفسهم في أمور دينهم وعقيدتهم من ناحية أخرى.
ومع تطور الدراسات الاستشراقية في العقيدة الإسلامية جمع المستشرقون بين الهدف الدفاعي عن اليهودية والنصرانية ضد الإسلام، وبين الهجوم على الإسلام في محاولة يائسة لوقف تقدمه ومنع انتشاره، وفي هذا يقول أحد الباحثين، وقد نما هذا الهجوم الفكري والعقدي وشب حتى وصل إلى مرحلة متطورة في عصرنا الحاضر، وهو هجوم من شعبتين:
- شعبة موجهة إلى الشعوب المسيحية؛ لتحصينها ضد الإسلام الذي انتشر واتسع نفوذه، وذلك بتشويه صورته وتجريحه والقدح فيه، ونقده والتطاول عليه وعلى القرآن وعلى بني المسلمين مما كون ما يشبه الجدار السميك من الأفكار السوداء عن هذا الدين الحنيف.
- أما الشعبة الثانية: فهي الشعبة الموجهة إلى المسلمين فيما نراه من هجمات تبشيرية بشعة على أمة الإسلام.
إن هذا الهجوم العقيدي الفكري أخذ يتطور مع السنين حتى أصبح علمًا أو علومًا لها مدارس ومناهج، وعلى الرغم من أن الاستشراق لم يتمكن عبر تاريخه الطويل من تحريف العقيدة الإسلامية، وأنه فشل في تحقيق هدف تشويه الدين الإسلامي؛ فقد نجح في إثارة العديد من المشاكل الدينية والقضايا العقدية التي شغلت المسلمين من ناحية في الرد على شبهات الاستشراق في مجال العقيدة، ودفعت المسلمين إلى اتخاذ موقف الدفاع ضد الاستشراق الأمر الذي كان له تأثيره على الفكر الإسلامي الحديث، وصبغه بالصبغة الدفاعية، وإبعاد العلماء المسلمين عن الدراسة العلمية المتعمقة في أمور دينهم، والسعي إلى حل القضايا
الإسلامية المعاصرة من خلال التأمل العميق في تراثهم الإسلامي، وإيجاد الحلول المناسبة لدينهم وحضارتهم، وقد نجح الاستشراق في جذب الفكر الإسلامي الحديث إلى النظر في المشاكل والشبهات التي يثيرها المستشرقون، ووضع المسلمين في موقف الدفاع، وصرف نظرهم عن التعمق في دينهم، وإجبارهم على متابعة القضايا الكيدية.
ومن الممكن أن نعد بعض الآثار السلبية للفكر الاستشراقي في المجال الديني فيما يلي:
أولًا: إثارة الشكوك في العقيدة، فقد عمل الاستشراق على إثارة الشكوك لدى فريق من العلماء المسلمين في عقيدتهم؛ في القيم الدينية والحضارية المنبثقة عن هذه العقيدة، وكان التأثير الفكري الاستشراقي عظيمًا في عدد من هؤلاء المسلمين الذين تعلموا في الغرب، أو الذين تحقق لهم نوع من الاتصال بالغرب وحضارته ومؤسساته الثقافية، وأصابهم ما أصاب الغرب عامة من هجر للدين واحتقار له، والفصل بينه وبين أمور الدنيا. وقد خضع هؤلاء للقيم الغربية وتأثروا بمعطيات الحياة الغربية، وحاولوا نقل قيم الحضارة الغربية إلى عالمنا الإسلامي على اعتقاد منهم بأفضلية هذه القيم على القيم الإسلامية، نتيجة الانبهار الشديد بحضارة الغرب وتقدمه العلمي.
كما أثيرت الشكوك لدى بعض المسلمين في العديد من الموضوعات الدينية من بينها التهوين من أمر الكتب المقدسة والنظر إلى القرآن الكريم، والحديث النبوي مصادر العقيدة الإسلامية على أنها خاضعة للنقد العلمي، وحض المسلمين على ضرورة التحرر في دراسة هذه الكتب، والمصادر الدينية، وإخضاعها للرؤية النقدية العقلية، وبالتالي التقليل من قداستها، والتخفيف من احترام المسلمين لها؛ بل والحض على هجرها واستبدالها بالقوانين الوضعية والقيم الإسلامية.
ومن الآثار السلبية للاستشراق في بلاد المسلمين: تشويه صورة الإسلام في الغرب، فقد عمل الاستشراق على تشويه صورة الإسلام والمجتمع الإسلامي في الغرب، ويعتبر هذا الأمر من أخطر الآثار السلبية للاستشراق، فالمسلمون في بلادهم ثابتون على عقيدتهم، عاملون بها، ومطمئنون إليها؛ بينما صورة الإسلام خارج العالم الإسلامي يتم تشويهها وتقديمها في صورة مزيفة غير حقيقية بواسطة الاستشراق، وهي صورة تعطي انطباعًا سلبيًّا للإسلام كدين وحضارة في ذهن الإنسان الذي تلقى معرفته عن الإسلام من خلال المستشرقين الذين يمثلون المصدر المعرفي الأساسي للمعلومات الخاصة بالإسلام، وبالمجتمعات الإسلامية.
ولا يخفى أن أحد أهداف الاستشراق الأساسية حجب المعرفة الصحيحة عن الإسلام حتى لا يؤثر هذا الدين الكامل في أهل الغرب، وهي حرب فكرية موجهة لمنع انتشار الإسلام في العالم الغربي، والتعتيم على المثقف الغربي، وإعطائه معلومات خاطئة ومضللة عن الإسلام كما تنفر الغرب منه كدين وحضارة، ولا شك أن كلمة المستشرقين مسموعة في الغرب؛ لأنهم علماء تخصصوا في الإسلام، وأصبحوا خبراء في شئون المجتمعات الإسلامية، وما يصدرونه من أحكام وآراء عن الإسلام والمجتمع الإسلامي يتقبله المجتمع الغربي دون أن يشك في صحته. فالمستشرقون هم الحجة في تخصصهم وعادة ما يؤخذ برأيهم في كل المسائل التي تخص العالم الإسلامي، وقد اكتسبوا ثقة الإنسان الغربي بما يمثلونه من علم وخبرة نادرة يستعين بها المسئولون الغربيون في الشئون السياسية والاقتصادية والفكرية الخاصة بالبلاد الإسلامية.
ومن الآثار السلبية أيضًا للاستشراق: التركيز الاستشراقي على الطوائف والأقليات في المجتمع الإسلامي، فهم يهتمون أولًا بالفرق الإسلامية، ويهتمون ثانيًا بالطوائف والأقليات في المجتمعات الإسلامية، والهدف من هذه الدراسات