الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(الصهيونية (2))
وسائل الصهاينة لتحقيق أهدافهم
على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
يمكن أن نلخص هذه الوسائل بما يلي:
أولًا: استخدام نفوذ الصهاينة المادي في اصطناع الأزمات المالية، وفي شراء الضمائر، وفي إنشاء الجمعيات السرية التي تحقق أغراضهم، وفي دعم مشاريعهم التوسعية، وجمعياتهم الإرهابية، وتشجيع الحركات القومية. وقد ورد في البروتوكول السادس من بروتوكولاتهم "سنشرع رأسًا في إقامة احتكارات ضخمة ومستودعات هائلة للثروة"، فمن الضروري في الوقت نفسه توسيع التجارة والصناعة بقوة وحيوية؛ ولا سيما المضاربة، والمضاربات هي التي تحول مالا بأسره إلى أيدينا، وآنذاك يحني الأغيار هاماتهم لنا طلبًا للحصول على حقهم في الحياة.
وقد ورد في يوميات هرتزل في الصفحة التاسعة عشرة بعد الأربعمائة ما يلي: إن توسيع رأس المال الذي يخطط له الآن سيجعل من البنك اليهودي عاملًا له أهميته في العالم المالي، حتى تنمو الصهيونية؛ لتكون قوة حقيقية، وأشهر أغنياء العالم آل روتشيلد ويعقوب شيف الذي دعم الثورة الشيوعية ينتمون إلى الحركة الصهيونية.
ثانيًا: استخدام العنف والإبادة مع خصومهم ظنًّا منهم بأن الإرهاب والعنف يعطي نتائج إيجابية، فلقد شكل الإرهابي مناحم بيجين حزبه الإرهابي أرجون زفاي ليومي منذ الأربعينيات، وقام هذا الحزب الإرهابي بدوره الهمجي في مذابح دير ياسين الشهيرة بوحشيتها في سنة 1948، كما قام في العصر الحديث بالتخطيط لمذابح صبرا وشاتيلا بمساعدة وزير حزبه الجنرال أرييل شارون، كما
أن أسلوبهم الوحشي مع المجاهدين في الأرض المحتلة، وهدمهم البيوت، وتهجيرهم لأصحابها، وتنكيلهم بالمسالمين لم يعد خافيًا على أحد.
ومن المؤسف أن يصبوا حقدهم في ذبح النساء والأطفال والشيوخ والمسالمين، فلقد عهد موشي ديان في أغسطس سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وخمسين إلى إرييل شارون بقيادة الوحدة 101 المكلفة بأعمال انتقامية ضد القرى العربية، ومما كتبه موسى شاريت في يومياته ما يلي:"كانت أول هجمة لشارون ورجاله على قرية قبية الفلسطينية بالأردن، وذلك في أكتوبر سنة 1954، وذبحوا ستة وستين من الأهالي، ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال"، وقال مراقبو الأمم المتحدة في تقريرهم لمجلس الأمن:"إنهم عندما وصلوا القرية بعد ساعتين من المذبحة رأوا جثثًا مثخنة بالرصاص، ورأوا آثار عدد كبير من الرصاص على الأبواب والنوافذ في البيوت التي هدمت، مما يدل على أن السكان قد حيل بينهم وبين مغادرة منازلهم، فبقوا فيها حتى لقوا حتفهم حتى أنقاض المنازل المنهارة".
وذكرت صحيفة هاعولان ما يلي: "في حرب 1967 كان الجيش الذي هاجم سيناء تحت قيادة شارون هو المسئول شخصيًّا عن مصرع مئات من الجنود المصريين؛ إذ رفض اعتبارهم أسرى حرب خلال الأيام الأخيرة للحرب؛ لأن تعاليم ديان كانت تقضي بعدم الالتجاء إلى أسر الجنود المصريين في سيناء، وتأمر بإبادتهم، وحينما ظهرت فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين لم يتحمس معظم رجال الأعمال اليهود لهذا الأمر؛ لأنهم ليسوا على استعداد أن يضحوا بمكاسبهم المضمونة لقاء مستقبل مجهول، فما كان من عصابات الإجرام الصهيونية الهاجانة ودونزافي ليومي، وشتيرون، وغيرها إلا أن سارعت لتصفية اليهود المناهضين للصهيونية في المجر، وفي ألمانيا، وتشيكوسلوفاكيا، وبولندا.
وحُملت ألمانيا النازية مسئولية هذه المذابح، وطالبت بالتعويض الباهظ عن هذا الإجرام؛ متهمة زعماء النازية بقتل خمسة وعشرين ألف شخص في معتقلات داخاو، وبقي هذا السر غامضًا حتى كشفه الكاتب السياسي الأرجنتيني زويلو سيزوريك بعد أربعين عامًا؛ حيث نشر هذا السر في مؤلفاته عن الصهيونية حين أقدم الكوماندوز الإسرائيلي على اختطاف إخيمان من الأرجنتين، وإعدامه في إسرائيل؛ لأنه الوحيد الذي يعرف أن العصابات اليهودية هي التي قامت بمجازر القضاء على اليهود الأوروبيين، الذين قاوموا الصهيونية، وبالقضاء عليه قضوا على الشاهد الوحيد الذي يدين الصهيونية، مع أن إخيمان كان من أصدقاء رولف كسنز زعيم الحزب الصهيوني، الذي رأسه بن جوريون وجولدا مائير، وتعاون مع المنظمة الصهيونية المجرية في إنقاذ اليهود الأثرياء، وأعضاء منظمة الشباب الصهيوني.
ومن وسائلهم أيضًا ثالثًا: الهجرة والاستيطان وهو مطلب عندهم وطني لكافة الأحزاب الإسرائيلية، فبواسطته يزداد عدد اليهود في فلسطين كي يفوقوا عدد العرب الذي يتزايد بشكل ملفت للنظر ذلك بسبب ابتعادهم عن تحديد النسل، كما أن زيادة السكان اليهود يساعد على زيادة عدد الجيش الإسرائيلي، وأن اليهود القادمون من بلاد أوربا أكثرهم فنيون وتقنيون، فهم يساهمون في تطوير المهارات الفنية والتكنولوجيا فيها؛ لذلك عملوا بمخططات سرية رهيبة على هجرة اليهود السوفيت والأوربيين إلى إسرائيل، حتى وصل بهم الأمر إلى يهود أثيوبيا المتخلفين الذين هربوهم عن طريق السودان للاستفادة منهم في توفير اليد العاملة، والكوادر العسكرية القاتلة، فنشطوا في إنشاء المستوطنات الصهيونية على الرغم من معارضة الرأي العام الدولي حتى من أصدقائهم، بتدعيم من الجمعية الصهيونية الخاصة لإنشاء المستعمرات؛ لذا راحوا يسعون إليه بكافة
الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وذلك بطرد المواطنين الذين يشتبهون في ولائهم لحركة المقاومة، وبهدم البيوت وباستملاك الأراضي باسم المصلحة العامة، ومضاعفة الأمن، وفرض الضرائب الباهظة التي ينوء بدفعها المواطن العربي في إسرائيل، مما يضطره لبيعها، هذا بالإضافة إلى إغرائهم بأبهظ الأثمان.
رابعًا: من وسائلهم أيضا كسب الرأي العالمي عن طريقين، أولهما: السيطرة على وسائل الإعلام العالمية، وثانيهما: تسلل اليهود إلى المراكز السياسية الكبرى في الدول العظمى لتبرير مشاريعها بواسطتهم، ولا يخفى على القارئ الكريم والمستمع النابه أثر وسائل الإعلام في توجيه الرأي العام واستغلاله.
أما أسلوبهم في ضمان تأثير هذه الصحف والمجلات: فهو ما حددته البروتوكولات بقولهم يجب ألا يرتاب الشعب أقل ريبة في هذه الإجراءات؛ لذلك فإن الصحف الدورية التي ننشرها ستظهر كأنها معارضة لنظراتنا، وآرائنا، فتوحي بذلك الثقة إلى القراء، وتعرض منظرًا جذابًا لأعدائنا الذين لا يرتابون فينا، وسيقعون في شراكنا، وسيكونون مجردين من الثقة.
ولقد تبين من إحصاء أُجري عام ألف وتسعمائة وستة وخمسين أن اليهود الذين لا يتجاوز عددهم في العالم خمسة عشر مليونًا يصدرون ثمانمائة وتسعة وتسعين جريدة ومجلة يهودية في كافة لغات العالم منها، خمسين في انجلترا، وستة وثلاثين في فرنسا، هذا عدا عن الصحف التي تسيطر عليها الصهيونية بشكل أو بآخر في السر والعلن، وقد صرَّح أحد زعماء العرب أنهم سيرمون إسرائيل في البحر، فاستغل إعلامهم هذا التصريح، وراح يستعطف به الرأي العام العالمي وحكوماته المسيرة، فلاقى تحركهم الإعلامي دعمًا دوليًّا منقطع النظير لدولتهم الناشئة.
أما تسللهم إلى مراكز قيادية في الدول العظمى: فقد منحهم في الماضي والحاضر فرصًا كبرى تمكنوا بسببها من تأسيس دولتهم، فوصول بلفور اليهودي إلى وزارة خارجية بريطانيا ساعد على إعطاء وعد بلفور، وعلى تعيين المندوب السامي البريطاني في فلسطين من اليهود؛ ليعمل على تسليمها لهم. أما نفوذ اليهود في أمريكا فهذا لا يحتاج إلى دليل؛ لأن المرشحين لمركز الرئاسة في أمريكا يتنافسون في خطب ودهم، والالتزام بدعم قضيتهم. أما في روسيا فيكفي أن نعلم أن الزعماء الخمسة الذين قاموا بالثورة البلشفية هم من اليهود، وهم لينين، وزينوفيف، وكارنيف، وتروتسكي، وباكوف، وسفرولوف، وغيرهم.
شك البعض في يهودية لينين المتزوج من يهودية، وأول رئيس جمهورية سوفيتية كان يهوديًّا، وكذا الرئيس الثاني، ورئيس أركان الجيش السوفيتي الذي زار بعض دول المواجهة بعد حرب الأيام الست، وكان يهوديًّا؛ وبهذا ندرك الدور الخطير الذي يطلع به اليهود في تحقيق أغراضهم. ومما تقدم في عرضنا لهذه الوسائل نلاحظ ما يلي:
أولًا: أن للصهيونية منظمات دولية يدين لها يهود العالم بالولاء تسهر على مصالح اليهود الأساسية، قد خططت لإقامة دولة إسرائيل ونجحت، وتعمل الآن على مساندتها وتقويتها، ويعمل بعض هذه المؤسسات في جمع التبرعات، والبعض الآخر في إنشاء المستوطنات، والبعض الثالث في الاتصال برجال السياسة والحكم، والبعض في الاقتصاد وهكذا يعمل الجميع بتخطيط وتنسيق.
ثانيًا: إنشاء الأغنياء اليهود مصارف خاصة بهم، رصدوا أرباحها لتحقيق أهداف الصهيونية الاستعمارية التوسعية، فهل وصل أغنياؤنا وهم لا يقلون عن أغنياء اليهود إلى الحد الأدنى من التضحية؛ كي يقدموا جزءًا يسيرًا من فائض ثرواتهم التي ينفقونها في الترف وبطر المعيشة لتحرير بلاد العروبة والإسلام.