الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد زار المملكة العربية السعودية عام 1976، وكذلك تركيا وعدد من بلاد المشرق، وقد أعلن في عام 1975 عن الشخصيات التي سيعتمد عليها في رئاسته للجماعة، والذين من أبرزهم مساعداه الخاصان كريم عبد العزيز والدكتور نعيم أكبر، والمتحدث باسم المنظمة عبد الحليم فرخان، ومستشارون للنواحي الثقافية دكتور عبد العليم شباز، ودكتورة فاطمة علي وفهيمة سلطان، والأمين العام جون عبد الحق، ورئيس القيادة العسكرية إليجا محمد الثاني.
ومن أبرز الشخصيات أيضًا ريموند شريف وأمينة رسول المسئولة عن جهاز تطوير المرأة، ودكتور مايكل رمضان الممثل لجميع لجان المساجد ورئيس لجان التوجيه، إبراهيم كمال الدين المشرف على هيئة فرقة الأرض الحديثة، وسلطان محمد أحد أحفاد إليجا محمد، ومحمد علي كلاي الملاكم العالمي المعروف، ويقال: بأن مالكوم إكس هو الذي اجتذبه إلى الحركة كما أنه كان أحد أعضاء المجلس الذي أنشأه والاس محمد بعد تسلمه رئاسة الحركة من أجل التخطيط للأمور المهمة بالجماعة.
الأفكار والمعتقدات للبلاليون، وانتشارهم ومواقع نفوذهم
الأفكار والمعتقدات التي يعتقدها البلاليون:
إن أفكار هذه الحركة قد تطورت تدريجيًّا متأثرة بشخصية الزعيم الذي يدير أمورها، ولذا فإنه لابد من تقسيم تطور الحركات إلى ثلاث فترات:
أولًا: في عهد مؤسسها الأول وهو والاس فورد، وقد عرفت المنظمة منذ تأسيسها باسم أمة الإسلام، كما عُرفت باسم آخر هو أمة الإسلام المفقودة المكتشفة، وبرزت أهم أهدافها فيما يلي:
أولًا: التأكيد على الدعوة إلى الحرية والمساواة والعدالة والعمل على الرقي بأحوال الجماعة.
ثانيًا: التركيز على تفوق العنصر الأسود وأصالته، والتأكيد على انتمائهم إلى الأصل الأفريقي والتهجم على البيض، ووصفهم بالشياطين.
ثالثًا: العمل على تحويل أتباعها من التوراة والإنجيل إلى القرآن، مع استمرار الأخذ من الكتاب المقدس في بعض الأفكار، وقد أنشأ زعيمها منظمتين واحدة للنساء، وأطلق عليها اسم تدريب البنات المسلمات، وأخرى للرجال وأسماها ثمرة الإسلام؛ بغية إيجاد جيش قوي يحمي الحركة، ويدعم مركزها الاجتماعي والسياسي.
ثانيًا: أفكار البلاليين في عهد إليجا محمد:
قد أعلن إليجا محمد أن الإله ليس شيئًا غيبيًّا، بل يجب أن يكون متجسدًا في شخص وهذا الشخص هو فرد الذي حل فيه الإله، وهو جدير بالدعاء والعبادة، وقد أدخل بذلك مفاهيم باطنية على فكر جماعته، واتخذ لنفسه مقام النبوة، وصار يتصف بلقب رسول، وحرم على أتباعه القمار، وشرب الخمور، والتدخين، والإفراط في الطعام، والزنا، ومنع اختلاط المرأة برجل أجنبي عنها، وحثهم على الزواج داخل أبناء وبنات الحركة، كما منع أتباعه من ارتياد أماكن اللهو والمقاهي العامة. وأصر على إعلاء العنصر الأسود واعتباره مصدرًا لكل معاني الخير، مع الاستمرار في ازدراء العرق الأبيض ووصفه بالضعة والدنيا.
ولا شك أن الاكتتاب في الحركة مقصور على السود دون البيض بشكل قطعي لا مجال لمناقشته إطلاقًا. لا يؤمن إليجا محمد إلا بما يخضع للحس، وعليه فإنه لا يؤمن بالملائكة ولا يؤمن كذلك بالبعث الجسماني؛ لأن البعث لديه ليس أكثر من بعث
عقلي للسود الأمريكيين، وكذلك لا يؤمن إليجا محمد بختم الرسالة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل، ويعلن أنه هو خاتم الرسل؛ إذ ما من رسول إلا ويأتي بلسان قومه، وهو -أي إليجا محمد- قد جاء نبيًّا يوحى إليه من قبل فارد بلسان قومه السود.
يؤمن إليجا محمد وأتباعه بالكتب السماوية لكنه يؤمن بأن كتابًا خاصًّا سوف ينزل على قومه السود، والذي يكون بذلك الكتاب السماوي الأخير للبشرية، والصلاة على عهده كانت عبارة عن قراءة الفاتحة، أو آيات أخرى، ودعاء مأثور مع التوجه نحو مكة، واستحضار صورة فارد في الأذهان، وهي خمس مرات في اليوم.
صيام شهر ديسمبر من كل عام عوضًا عن صوم رمضان، ويدفع كل عضو عشر دخله للحركة، قد ألف عددًا من الكتب التي تبين أفكاره منها: كتاب (رسالة إلى الرجل الأسود في أمريكا)، وكتاب (منقذنا قد وصل)، وكتاب (الحكمة العليا)، وكتاب (سقوط أمريكا)، وكتاب (كيف تأكل لتعيش)، وأنشأ صحيفة تنطق بلسانهم أسماها محمد يتكلم.
ثالثًا: عقائد هذه الفرقة في عهد وارث الدين محمد، وقد اختار وارث الدين في سنة 1975 اسمًا جديدًا لمنظمته هو البلاليون، نسبة لبلال الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألغى وارث الدين في السنة نفسها قانون منع البيض من الانضمام إلى الحركة. في سنة 1976 ظهر في قاعة الاحتفالات عدد من البيض المنضمين إليهم جنبًا إلى جنب مع السود، قد صار في عهده العلم الأمريكي يوضع إلى جانب علم المنظمة بعد أن كان ذلك العلم يمثل الرجل الأبيض ذا العيون الزرقاء، الشيطان القوقازي كما يقولون، وفي التاسع والعشرين من شهر أغسطس سنة 1975 صدر قرار بضرورة صوم رمضان، والاحتفال بعيد الفطر. وفي الرابع عشر من شهر نوفمبر سنة 1975 تحول اسم الصحيفة من محمد يتكلم إلى اسم بلاليان نيوز،
ثم أصبح بعد ذلك اسمها الجريدة الإسلامية، وبعد ذلك أعلن وارث الدين محمد أن لقبه هو الإمام الأكبر بدلًا من رئيس الرؤساء، كما أنه غير كلمة رؤساء المعابد إلى كلمة إمام.
وقد حصر اهتمامه في الأمور الدينية، بينما وزع الأمور الأخرى على القياديين في الحركة، وتم إعداد المعابد؛ لتكون صالحة لإقامة الصلاة، وأصدر في الثالث من أكتوبر سنة 1975 أمرًا بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة لدى المسلمين خمس مرات في اليوم، كما أكد على الخلق الإسلامي والأدب والذوق، وحسن الهندام، ولبس الحشمة بالنسبة للمرأة، ويقوم الدعاة في الحركة بزيارة السجود؛ لنشر الدعوة بين المساجين، وقد لاحظت سلطات الأمن أن السجين الأسود الذي يُعرف عنه التمرد وعدم الطاعة داخل السجن يصبح أكثر استقامة وانضباطًا بمجرد دخوله للإسلام، ومن هنا فإن السلطات تسر بقيام الدعاة بدعوتهم هذه بين المساجين. ويصر أيضًا على تصحيح المفاهيم الإسلامية التي اعتنقتها الحركة منذ أيام فارد وإليجا محمد بطريقة خاطئة، فيحاول وارث الدين محمد أن يصوبها. والأمور التي ذكرناها تدل على أن هناك تحسنًا نوعيًّا قد طرأ على أفكار ومعتقدات الحركة قياسًا على ما كانت عليه في من سبقه، لكنها لا تزال بحاجة إلى إصلاحات عقائدية وتطبيقية حتى تكون على الجادة الإسلامية.
الجذور الفكرية والعقائدية لفرقة البلاليين:
قد قامت هذه الحركة على أنقاض حركتين قويتين ظهرت بين السود هما الحركة المورية التي دعا إليها الزنجي الأمريكي تيموث إينوبل، الذي أسس حركته سنة 1913، وهي دعوة فيها خليط من المبادئ الاجتماعية والعقائد الدينية المختلفة، وهم يعدون أنفسهم مسلمين لكن حركتهم أصيبت بالضعف إثر وفاة زعيمها.
والحركة الثانية التي قامت على أنقاضها هي منظمة ماركوس جرفي، وقد أسس منظمة سياسية للسود، وتتصف هذه الحركة بأنها نصرانية لكن على أساس جعل المسيح أسود وأمه سوداء، وقد أُبعد زعيمها عن أمريكا سنة 1925 مما أدى كذلك إلى اندثار هذه الحركة، لهذا يمكن أن يقال: بأن هذه الحركة تنظر إلى الإسلام على أنه إرث روحي يمكن أن ينقذ السود من سيطرة البيض، ويدفع بهم إلى تشكيل أمة خاصة متميزة لها حقوقها ومكاسبها ومكانتها.
الانتشار ومواقع النفوذ لهذه الفرقة:
يبلغ عدد السود في أمريكا أكثر من 35 مليون نسمة، منهم حوالي مليون مسلم، وكانوا يسمون مساجدهم معابد، ولهم الآن ثمانون شعبة في مختلف المدن الأمريكية، كما أن مدارسهم قد بلغت أكثر من ستين معهدًا في شتى أنحاء أمريكا، وتخصص الحصة الأولى كل يوم لتعليم الدين الإسلامي، ويتركز المسلمون السود في ديترويت، وشيكاغو، وواشنطن، ومعظم المدن الأمريكية الكبيرة، ويحلمون بقيام دولة مستقلة، وهم يناصرون قضايا السود عامة.
ويتضح مما سبق أن أمة الإسلام في الغرب هي حركة مذهبية فكرية ادَّعت انتسابها إلى الإسلام، ولكنها أفرغته أمدًا طويلًا من جوهره ومضمونه، ذلك أنها في عهدها الأول إن كانت قد دعت إلى تحويل أتباعها صوب القرآن، إلا أنها أبقت على فكرة الاستمرار في الأخذ من التوراة والإنجيل، وكذلك في عهدها الثاني اتبعت المفاهيم الباطنية، وفي عهدها الثالث اتخذت هذه المنظمة اسمًا جديدًا هو البلاليون نسبة إلى بلال الحبشي مؤذن الرسول، وقد أمر وارث الدين محمد بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة مع تصحيح المفاهيم الإسلامية السابقة لديهم، وبدأ الاتجاه الحقيقي لهم صوب الإسلام بمفهومه الحق.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.