الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك ويدعون إلى الوحدة، وهي في نظرهم أساس القوة العربية، والعروبة أو القومية العربية هي أساس قيام الوحدة.
وقد أغفلت الناصرية رباط العقيدة التي لا تؤمن الشعوب العربية إلا بها ولا تتجمع إلا حول رايتها، وهي العقيدة أساس وحدة العرب في الصدر الأول، وهي أساس وحدتهم في الصدر الأخير لمن أراد أن تكون هناك وحدة.
وكذلك نادت الناصرية بالديمقراطية، ومفهوم الديمقراطية لديها هو ديمقراطية التحالف السياسي تبعًا لتحالف القوى الاجتماعية، أو كما وصفها الصحفي محمد حسنين هيكل: أنها ديمقراطية الموافقة، أي أن الزعيم الحاكم ينفرد بالحكم وبإصدار القرارات المصيرية، وأن دور الشعب يقتصر فقط على الموافقة أو على تأييد هذه القرارات؛ لأنه يفترض في الزعيم العصمة والصواب والحكمة وتجسيد إرادة الشعب وحقوق التعبير عنها. وكذلك من أسس الناصرية أيضًا العلمانية أو اللادينية، فليس للدين علاقة بالمجتمع وقوانينه ونظام حياته وإنما هو طقوس تعبدية في المسجد فحسب.
الجذور الفكرية والعقائدية للناصرية، والنفوذ وأماكن الانتشار
البذور الفكرية والعقائدية للناصرية:
إن الناصرية حركة قومية يسارية علمانية برزت بعد وفاة عبد الناصر، ولذلك فهي تعتمد أساسًا على الفكر القومي الذي ظهر بعد سقوط الدولة العثمانية، كذلك تعتمد على رافد من الروافد الأخرى وهو الفكر الماركسي المادي، وهو أيضا أحد روافد الثوب القومي والفكر القومي، ولذلك فالناصرية أبعدت الدين من كل مبادئها وممارساتها.
النفوذ وأماكن الانتشار:
فقد نشأت الناصرية في مصر، وانتشرت في باقي البلاد العربية، وإن كان أتباعها في البلاد العربية قلة، وقد طالب بعض الذين تعاونوا مع جمال عبد الناصر بتشكيل حزب ناصري في مصر وقد سمح لهم بذلك، يتضح مما سبق أن الناصرية تتجسد في قلة من الذين تعاونوا مع جمال عبد الناصر أثناء حكمه وأظهروا الولاء لشخصه، فلما سمح بالتعددية الحزبية في مصر اتفقوا على التجمع باسم القومية العربية، وتحت لواء الحرية والاشتراكية والوحدة، دون تحديد واضح لمضمون هذه الأهداف، ولكنهم على أية حال يدينون بالولاء لعبد الناصر ويعتبرونه رائدهم، مشيدين بمواقفه الإيجابية بحكم أنه أنهى الملكية الفاسدة في مصر -كما يقولون- وأمم قناة السويس وأنهى الاحتلال البريطاني، وبنى السد العالي وحرر اليمن الشمالي وحقق مكاسب للعمال والفلاحين، ولكنهم يتغافلون عن سلبيات حكمه الكبيرة، والتي تتمثل في إعلان الحرب على الاتجاه الإسلامي في الداخل وفي الخارج، وتعذيب حملة لوائه عذابا نكرا، وتقتيل فطاحل علمائه من أمثال عبد القادر عودة وسيد قطب وغيرهم بعد محاكمات صورية.
كما دأب جمال عبد الناصر على الوقوف دائما في صف أعداء الإسلام ومناصرة سياستهم، فقد أيد "نهرو" في مواقفه الجائرة ضد باكستان، كما أيد "نيريري" الذي قام بمذبحة ضد مسلمي "زنجبار"، وأيد "مكاريوس" الذي كافح من أجل إضاعة حقوق المسلمين في قبرص، وعلى الرغم من أنه في أول حكم الثورة كان قد جعل الديمقراطية أحد مبادئها، إلا أنه لم يسمح ببزوغ فجر الديمقراطية بل ووأدها في مهدها، وقضى على الأحزاب المطالبة بها كافة، وأنشأ الحزب الشمولي وألغى الدستور وجمع السلطة كلها في يده، وظل طوال حكمه مثال