الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي عشر
(الشيوعية (3))
هل البشر في حاجة إلى أدلة لإثبات وجود الله تعالى
؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قضية وجود الله تعالى أو عدمها قضية ما كان لها أن تبحث
…
ففي كل شيء له آية
…
تدل على أنه الواحد
فوجوده سبحانه وتعالى يتمثل بوضوح في كل هذا الوجود، من أصغر مخلوق إلى أكبره ومن الذرة إلى المجرة، بل إن الإنسان من أكبر الأدلة على وجود الله الحكيم الخبير، فأي موجود يستطيع أن يزعم أنه هو الذي أوجد نفسه، وعلى الصورة التي أرادها أو قدر لنفسه رزقه وأجله ومصيره بعد ذلك؟! لكن هناك فئة شاذة استهواهم الشيطان فمات قلبهم وإن كانوا أحياء يرزقون، فذهبوا يعترضون على وجود الله تعالى وهذه الفئة هم الملاحدة، ولقد كثرت الردود على الملاحدة في هذه القضية الخطيرة بما لا يكاد يحتاج إلى زيادة، لكن المؤمن السليم الفطرة الذي لم تنحرف به شياطين الإنس والجن حصل في قلبه تضايق من سرد هذه الأدلة؛ فالله عز وجل أجل وأعظم من أن يحتاج وجوده إلى شخص من الناس يثبته أو يجادل خصومه لإثبات وجوده.
لا يمكن أن نجد إنسانًا سليم العقل والفطرة يعتقد أن الله سبحانه وتعالى يخفى على عباده، فالعقل والكون كله وجميع المخلوقات من نبات وجماد وحيوان وإنسان وغيرها ومن ساكن ومتحرك، كلها تدل على وجود الله سبحانه وتعالى، وتشهد بقدرته وحكمته ولطفه وعظمته جميع ذرات هذا الكون، ولذلك فلسنا في حاجة إلى الإتيان بحشود من الأدلة، وما أكثرها على وجود الله وما أكثرها في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ففي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشفي ويكفي لمن عنده أدنى شك في وجود المولى عز وجل. ومن العجيب أن يستدل الملاحدة على إنكار وجود الله تعالى بأدلة
هي أقوى الأدلة على وجوده وخلقه لهذا الكون وتدبيره له، ولعل الذين جرءوا فنفوا وجود الله عز وجل إنما حملهم على هذا ما وجدوه من أوصاف الإله سبحانه في التوراة والإنجيل، التي حرفت بأيدي اليهود والنصارى، فهم يصفونه في هذه الكتب المحرفة -وحاشاه- من أنه شاخ وكبر وينسى ويأكل ويشرب ويمشي ويجلس ويحزن ويندم ويهم بالشيء ثم لا يفعله، تعالى الله عما يصفون.
نعم؛ إن مثل هذا الإله بصفاته من السهل جدًّا إنكاره، خصوصًا إذا أضفنا إليه الصفات التي وردت في التلمود، من تعلقه ببني إسرائيل وتدليله لهم وغضبه أحيانًا عليهم، ثم يضرب وجهه ويندم ويبكي ويلعب مع الحوت الكبير، إلى آخر تلك الصفات التي تدل على سقوط المتصف بها، فضلًا عن اعتقاد احترامه، ولكننا لا نبحث عن هذا الإله ولا عن الإله الذي اعتقدت الشيوعية فيه أنه يحابي الظلمة، أو أنه لا وجود له إلا في أذهان الرجعيين لأنه غير منظور وغير موجود، متجاهلين أنه ليس كل موجود حتمًا يُرى، كوجود الهواء الذي نحس به ولا نراه وكوجود العقل في الإنسان، إذ نفرق بين المجنون وبين العاقل بوجود الروح إذ نفرق بين الحي والميت، والجاذبية والمغناطيسية والكهرباء وغيرها من الأمثلة التي لا تحصى.
فنحن نؤمن بهذا الإله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الإله الذي يعلم السر وأخفى، إله خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، نؤمن بهذا الإله الحق ونكفر ونلعن من يشك في وجوده، فلقد تيقن كل إنسان أنه لم يخلق نفسه وأن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا المادة ولا الطبيعة خلقت أحدًا، إذ إن المادة والطبيعة مخلوقة مقهورة، كما أنه لا يجرؤ أحد على أن يقول: إنه يخلق شيئًا ما أو إنه خلق نفسه أو غيره، وقد استيقن بهذا حتى أكابر
الملاحدة، وما جحد من جحد منهم وجود الله إلا عنادًا واستكبارًا وبغضًا للكنيسة ورجالها، ولقد صاح المفكرون في أوروبا وشهدوا على النصرانية والإلحاد بالضلال، وهذه الشهادة -الصادرة على ضلال هذه الطوائف من أهلها- إنما هي أكبر دليل على أن الإلحاد لا استقرار له ولا مكان، وإنما هو زوبعة عارضة ستنتهي -إن شاء الله تعالى- كما انتهت سائر الأفكار الباطلة.
ومن الذين شهدوا على ذلك من علماء أوروبا "رسل تشارلز أرمست" وهو أستاذ للأحياء والنبات بجامعة "فرانكفورت" بألمانيا حيث قال هذا الأستاذ: "لقد وضعت نظريات عديدة لكي تفسر نشأة الحياة من عالم الجمادات، فذهب بعض الباحثين إلى أن الحياة قد نشأت من البروتوجين أو من الفيروس، أو من تجمع بعض الجزئيات البروتينية الكبيرة، وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه النظريات قد سدت الفجوة التي تفصل بين عالم الأحياء وعالم الجمادات، ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به أن جميع الجهود التي بذلت -للحصول على المادة الحية من غير الحية- قد باءت بفشل وخذلان ذريعيْن.
ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجميع الذرات والجزيئات من طريق المصادفة يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها، وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية، وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة فهذا شأنه وحده، ولكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجازًا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله، الذي خلق الأشياء ودبرها، إنني أعتقد أن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقد درجة يصعب علينا فهمها، وأن ملايين الملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرته، شهادة تقوم على الفكر والمنطق. ولذلك فإنني أؤمن بوجود الله إيمانًا راسخًا".
ويقول "إرفنج وليم" الحاصل على الدكتوراه من جامعة "أيوا" وأخصائي وراثة النباتات، وأستاذ العلوم الطبيعية بجامعة "ميتشجن" يقول:"إن العلوم لا تستطيع أن تفسر لنا كيف نشأت تلك الدقائق الصغيرة المتناهية في صغرها، والتي لا يحصيها عد، وهي التي تتكون منها جميع المواد، كما لا تستطيع العلوم أن تفسر لنا -بالاعتماد على فكرة المصادفة وحدها- كيف تتجمع هذه الدقائق الصغيرة لكي تكون الحياة"، ويقول "وينشستر" المتخصص في علم الأحياء يقول: "ولقد اشتغلت بدراسة علم الأحياء، وهو من الميادين العلمية الفسيحة التي تهتم بدراسة الحياة، وليس بين مخلوقات الله أروع من الأحياء التي تسكن هذا الكون.
انظر إلى نبات برسيم ضئيل وقد نما على أحد جوانب الطريق، فهل تستطيع أن تجد له نظيرًا في روعته بين جميع ما صنعه الإنسان من تلك العدد والآلات الرائعة؟! إنه آلة حية تقوم بصورة دائبة -لا تنقطع آناء الليل وأطراف النهار- بالآلاف من التفاعلات الكيميائية والطبيعية، ويتم ذلك تحت سيطرة البروتوبلازم، وهو المادة التي تدخل في تركيب جميع الكائنات الحية، فمن أين جاءت هذه الآلة الحية المعقدة؟!.
إن الله لم يصنعها هكذا وحدها ولكنه خلق الحياة وجعلها قادرة على صيانة نفسها، وعلى الاستمرار من جيل إلى جيل، مع الاحتفاظ بكل الخواص والمميزات التي تعينها على التمييز بين نبات وآخر. إن دراسة التكاثر في الأحياء تعتبر أروع دراسات علم الأحياء وأكثرها إظهارًا لقدرة الله".
هذه نماذج من أقوال علماء الغرب عن عظمة الكون وشهادته على وجود الله، وهناك عشرات -بل مئات الأدلة- على خالق هذا الكون ومدبره، وشهادة هؤلاء العلماء -كل في مجال تخصصه- شهادة حق والحق مقبول من أي شخص كان.
والملاحدة وهم ينكرون وجود الله تعالى، ولا يعترفون بأنه هو الخالق المدبر لهذا الكون وما فيه، هم أقل وأذل من أن يصلوا إلى قناعة بإنكارهم، وهذا إجرام شنيع ولم يكتفوا به، بل أضافوا إلى هذا الإجرام زعمهم أن العلم هو الذي دل على هذا، وأن البديل عن الله تعالى هي الطبيعة، التي قالوا عنها بأنها هي التي خلقت السموات والأرض والإنسان والنبات وسائر المخلوقات، فكيف تم ذلك حسب تعليلهم؟
قالوا -وبئس ما قالوا-: إن وجود هذا الكون وما فيه إنما هو نتيجة حركة أجزاء المادة، وتجمعها على نسب وكيفيات مخصوصة بوجه الضرورة بدون قصد ولا إدراك، وبسبب تلك الحركة أخذت تتجمع أجزاء المادة المختلفة الأشكال على كيفيات وأوضاع شتى، فنتجت تلك المتنوعات. هذا هو مبلغهم من العلم، مبلغهم من العلم أن كل شيء وجد بطبيعته عن طريق الصدفة والحركة التطورية دون قصد ولا إدراك، على أن هذه الطبيعة التي يزعمون أنها تفعل كل ما تريد نجد أن بعضهم لا يحترمها، بل يتعمد الإساءة إليها وإهانتها بأنواع السباب واللمز في إرادتها وقوتها ووفائها.
وإليك ما قاله وزير خارجية أكبر دول العالم وأقواها، في عتابه المرير وتهكمه بالطبيعة حينما لم تحقق لهم آمالهم وما يطلبونه منها، فقد قال "كولن باول":"إننا ندين تخلف الثلج عن موسم الأعياد، راجيًا الطبيعة الأم أن تعالج هذه المسألة". إلى أن قال: "لا يمكن لشيء أن يبرر إفساد هذا الحدث الهائل. إننا ندعو الطبيعة إلى القيام بمبادرة فورية". وقال: "إننا نعتبر استمرار الطبيعة في رفض القيام بواجباتها حيال الدول المتحضرة عملًا استفزازيًّا". فيا ترى ماذا يقصد بالطبيعة الأم؟! إنه إلحاد وكفر وسخف، فما هي الطبيعة الأم التي يتحدث عنها هؤلاء ويقولون:
إنها هي التي تخلق وتحيي وتميت وترزق من تشاء وتمنع من تشاء، وتخاطب بتلك اللهجة الحارة المفتقرة إلى الأدب؟! فمن المعروف أن الطبيعة لا تخلو عن أن تكون:
أولًا: إما أن تكون هي نفس الذوات الموجودة في الكون من الحيوان والنبات والجماد، وهذه كما نرى لا يصح الاستغاثة بها ليتساقط الثلج في موسم الأعياد، ليلهوا ويلعب بها طغاة اليهود. ثانيًا: وإما أن تكون هي صفات الأشياء الموجودة في العالم؛ من حركة وسكون وحرارة وبرودة وليونة ويبوسة إلى غير ذلك، وهذه أيضًا كذلك لا تملك لنفسها وجودًا ولا عدمًا، ومهما كان الجواب فإنه خطأ وجهل شنيع حين يسند إيجاد هذا الكون البديع عن طريق طبيعة لا تعقل، فلا تملك لنفسها ولا لغيرها ضرًا ولا نفعًا، فهل يتصور أحد أن من لا يعقل يخلق من يعقل، وهل يستطيع شيء لا إرادة له ولا غاية أن يخلق كائنًا له إرادة وغاية؟!.
إن الإنسان كائن عاقل مدبر وله إرادة وله هدف وله غاية، والطبيعة ليست لها تلك الصفات فهي ناقصة، فهل يمكن للناقص أن يوجد الكامل؟! إن هذا الكون محكم متقن كما قال الله تعالى:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40).
فالكواكب محكمة بإتقان والبحار لا يطغى بعضها على بعض، والحيوانات لا تلد إلا نفس الحيوان من جنسها، والشجرة لا تنبت إلا نفس الشجرة، وقس على هذا سائر ما تراه في هذا الكون، فالإنسان هو الإنسان والبقرة هي البقرة والكبش هو الكبش أينما اتجهت في هذه الأرض، مما يدل على أن الخالق واحد، فكيف تستطيع الطبيعة أن تدير هذا الكون بهذه الدقة المعجزة، التي تشهد آياتها في كل ما حولنا من شؤون الكون؟! والحياة تشهد أن لها خالقًا قاهرًا.
ثم يقال أيضًا لهؤلاء الملاحدة: هل لأجزاء المادة إرادة وقصد في تنويع المخلوقات في العالم؛ من نجوم وكواكب ومعادن ونباتات وحيوانات وبشر؟! كيف يفترض إنسان أن يكون كل هذا وجد بفعل ذرات الطبيعة الصماء؟! إن المادة لا عقل لها ولا بصر كي ترتب المخلوقات وتنظم شؤونها، ولا منطق لها كي تفكر في مستقبل الأشياء وما تحتاجه، وهذا يعني أن القول بخلق الطبيعة للوجود لا يخرج عن تفسير الماء بالماء، فالأرض خلقت الأرض والسماء خلقت السماء، والأصناف صنعت نفسها والأشياء أوجدت ذواتها، فهي الحادث وهي المحدث وهي المخلوق والخالق في الوقت ذاته، وبطلان هذا القول بين وهو لا يخرج عن أمرين: إما الادعاء بأن الشيء وجد لذاته من غير سبب وهذا قول فاسد، وإما ازدواج الخالق والمخلوق في كائن واحد، فالسبب عين المسبب وهو مستحيل وهو تهافت وتناقض لا يحتاج لشرح.
ولو كانت الطبيعة هي الخالق -كما يقولون- لكانت قوانينها واحدة، المريض لابد أن يموت والصحيح لا يمرض، والنبات الذي يسقى بماء واحد لا يختلف طعم ثمره، لكننا نرى العكس أحيانًا نرى المريض يشفى والصحيح يموت بدون مرض أو علة، ونرى الزرع والنبات في ساحة واحدة يمتص غذاءه في الأرض من تراب واحد ويسقى بماء واحد، ولكن الثمر قد يختلف في المذاق وفي الألوان وفي الروائح والمنافع والمضار، فهل هذا كله من صنع الطبيعة الصماء أو المادة العمياء، وهل هذا هو العلم الذي يقولون به؟! إن هذا هو الجهل بعينه وليس بالعلم!.
ثم تأمل قول الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (الرعد: 4). وقوله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} (النحل: 13).
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} (الحج: 65، 66)، وقوله تعالى:{أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (النمل: 60 - 62)، وتأمل هذه الآيات ودلالاتها إذا أردت أن تخرج من ظلمات الجهل إلى نور العلم واليقين، فهذا هو الحق وهذا هو البرهان الذي يجب أن نطأطئ له الرءوس والعقول إجلالًا وخضوعًا.
ومما يجدر بنا في هذا المقام أن نعرض لبعض ما سجله العلماء التجريبيون؛ مِن الإيمان بالله تعالى عن قناعة ويقين، من خلال بحوثهم وتجاربهم في اكتشافاتهم العلمية، وقد ذكر بعض الباحثين أمثلة كثيرة لهؤلاء العلماء، منها ما جاء في كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) وقد عرض لثلاثين مقالة لمجموعة من كبار العلماء الأمريكيين، في تخصصات علمية مختلفة في علوم الكون والحياة من كيمياء وفيزياء وتشريح وأحياء وغيرها، وكلهم أدهشهم ما توصلوا إليه من ملاحظات وما شاهدوه من عجائب خلق الله سبحانه وتعالى.
فمنهم من قال: إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود فكيف نفسر وجوده ونشأته؟ هناك احتمالات أربعة للإجابة على هذا السؤال. فإما أن يكون هذا الكون هو مجرد وهم وخيال، وهذا يتعارض مع ما سلمنا به من أنه موجود، وإما أن يكون