الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاشرًا: استنباط القواعد الكلية العامة من الحوادث الفردية الجزئية التي لا يصح منطقيًّا تعميمها.
الحادي عشر: الاعتماد على الوهم المجرد لتفسير الأمور والوقائع.
الثاني عشر: قياس المؤمن المسلم الذي يخشى الله على الذين لا تردعهم روادع دين ولا خلق.
الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين
فقد رافق جهود المستشرقين فتنة المسلمين بالحضارة المادية الغربية، ووقوع المسلمين فريسة خطط التحويل عن طريق برامج التعليم ومناهجه، وأساليبه، ومضامينه في كل العلوم بما فيها العلوم الإنسانية، والعلوم الدينية والعربية، وكذلك فتنة المسلمين بالشهادات التي تمنحها الجامعات الغربية؛ لا سيما شهادات الماجستير والدكتوراه.
يُضاف إلى ذلك غزو آخر ماكر جمع الجامعات في بلاد المسلمين تحصل المراتب العلمية فيها بحملة هذه الشهادات العليا، بل وتؤثر وتقدم حامليها من الجامعات الغربية على حامليها من الجامعات الإسلامية. ووضعت بهذا الغزو الماكر شروطًا خاصة وشكليات معينة للتدريس في هذه الجامعات، وهذه الشروط والشكليات تحجب عن التدريس فيها الذين لا يحملون الشهادات العليا مهما كانوا على درجة كبيرة من العلم، وتدفع إلى احتلال مراكز التعليم ونيل الألقاب الكبيرة من حملة هذه الشهادات، وإن كانوا فارغين من العلم ومحرومين من الإخلاص لدينهم وأمتهم، مع أن الشهادات العليا الجارية على أصولها دون غش ولا تزوير إنما هي أول الطريق الذي يهيئ للدارس الجاد وسائل متابعة المعرفة، فإما أن يبدأ
الدارس بعمله الذاتي تكوين نفسه بالبحث الجاد الدءوب، وإما أن يجعل الشهادة غاية ينتهي عندها ويقف عند حدودها.
وقد أعلن هذه الحقيقة البروفيسور أرنولد لون إذ يقول: "إن عصرنا هو عصر عقدة الشهادات، فالماجستير والدكتوراه أصبحت غاية في حد ذاتها لشبابنا، ولكن كل ينسى هذه الحقيقة، وهي أن الماجستير والدكتوراه ما هي إلا حروف الأبجدية الأولى لبداية المعرفة، والمعرفة لا يمكن تخزينها في زجاجة الماجستير أو الدكتوراه إن هذه لنظرة مزيفة، جامعاتنا هي فقط مؤسسات علمية لإعداد الطلبة؛ ليتعرفوا على كيفية التحصيل العلمي والمعرفة، قد أدرك المنصرون والمستشرقون عقدة الشهادات في البلاد الإسلامية، فوجهوا توصيتهم للجامعات الغربية بشراء من يستطيعون شراءه من أبناء المسلمين بالشهادات
…
فقد جاء في كتاب (المشكلة الشرقية) ما يلي: لا شك أن المبشرين فيما يتعلق بتخريب وتشويه عقيدة المسلمين قد فشلوا تمامًا، ولكن هذه الغاية يمكن الوصول إليها من خلال الجامعات الغربية، فيجب أن تختار طلبة من ذوي الطبائع الضعيفة، والشخصية الممزقة، والسلوك المنحل من الشرق، ولاسيما من البلاد الإسلامية، وتمنحهم المنح الدراسية حتى تبيع لهم الشهادات بأي سعر؛ ليكونوا المبشرين المجهولين لنا لتأسيس السلوك الاجتماعي والسياسي الذي نصبوا إليه في البلاد الإسلامية، إن اعتقادي لقوي -والكلام لا زال للكاتب- بأن الجامعات الغربية يجب أن تستغل استغلالًا تامًّا من جانبنا؛ لتستفيد من جنون الشرقيين للدرجات العلمية والشهادات، واستعمال أمثال هؤلاء الطلبة كمبشرين ووعاظ ومدرسين لأهدافنا، ومآربنا باسم تهذيب المسلمين والإسلام، وهكذا.
تحت كل هذه المؤثرات المتعددة اندفع فريق من أبناء المسلمين إلى الجامعات الغربية لنيل شهادة الماجستير والدكتوراه في مختلف العلوم، بما في ذلك العلوم الدينية،
والعلوم العربية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والتي أولاها المستشرقون عناية خاصة؛ لجعلها شبكة مقنعة لاصطياد أبناء المسلمين، وبنائهم بناء جديدًا يجعلهم يخدمون أغراض الاستشراق وأغراض التنصير والاستعمار في أفكارهم، ومفاهيمهم، وفي أعمالهم، وتنظيماتهم داخل بلاد المسلمين، من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون، ويمنحونهم الشهادات العليا، والألقاب العلمية الكبيرة لأقل بحث يكتبونه في غير العلوم البحتة، ويربطون من يربطون منهم بوسائلهم الكثيرة الموصولة بأجهزتهم المستورة، ويعودون إلى بلادهم وقد امتلأت نفوسهم غرورًا؛ يضاف إلى ذلك ما تعرضوا إليه من تحول في السلوك ضمن البيئات الغربية التي أقاموا فيها خلال فترة التحصيل، وافتتان بمظاهر الحضارة المادية التي شاهدوها.
وقد سقطت معظم الجامعات المنشأة في بلاد المسلمين تحت هذه الأيدي الخفية للاستشراق والتنصير والدوائر الاستعمارية، وغدت خططها ومناهجها وتوجيهاتها تخضع بطريق مباشر أو غير مباشر لما تفرضه، وتمليه هذه الأيدي الخفية، وغدت الكنيسة الغربية تفخر بأن العلوم الإسلامية والعلوم العربية يدرس على طريقتها التي تخدم أغراضها في بلاد المسلمين، وتفاخر بأن المشرفين على تدريس هذه العلوم من تلامذة أبنائها. وأي انتكاس أقبح من هذا الانتكاس أن يتعلم المسلمون دينهم ولغاتهم وفق طرائق أعدائهم وأعداء دينهم، هل يقبل اليهود والنصارى أن يتعلموا أصول دياناتهم وفروعها على أيدي علماء المسلمين، وأن يأخذوا منهم الشهادة بذلك؟ فما بال المسلمين يسقطون في هذا الانتكاس الشائن.
إن الاستعمار المادي المباشر أهون من هذا اللون من ألوان الاستعمار، الذي وصل إلى القاعدة الكبرى التي تقوم عليها الأمة الإسلامية، وهي قاعدة دينها
وعلومها المتصلة بهذا الدين. وقد تأثر كثيرون من الذين درسوا في الجامعات الغربية من أبناء المسلمين بدراسات المستشرقين، وانخدعوا بأساليبهم، وأخذوا يرددون شبهاتهم، ويروجون لها بين المسلمين؛ بل ويعتبرونها حقائق علمية مسلمًا بها، وأخذوا يعلمون طلابهم من المسلمين ويكتبون فيها المؤلفات العديدة، وتعمل الدوائر الاستعمارية على ترويج هذه الكتب ودعم مؤلفيها، ودفعهم بأيد خفية إلى أعلى مراكز الإدارة والتوجيه داخل بلادهم؛ للاستفادة منهم في خدمة أغراض التبشير والاستعمار، وفي تهديم الإسلام وتشويه تاريخ المسلمين.
وغدا كثير من الكتاب في العلوم الإسلامية وفي التاريخ الإسلامية، وفي اللغة العربية لا يرجع إلا إلى ما كتبه المستشرقون، ويعتبرون ذلك أفضل المصادر التي يرجعون إليها. أما المصادر الإسلامية فلا يكلفون نفوسهم عناء الرجوع إليها، ولا البحث فيها؛ ثقة عمياء بما كتبه المستشرقون، أو خدمة مأجورة لما توجههم له الدوائر الاستعمارية، وأجهزة الاستشراق، وجمعيات التنصير.
ومن غريب الأباطيل التي يروجها المستشرقون ما ذكره الأستاذ الدكتور وصفي أبو مغلي عن صديقه وأستاذه الدكتور بحر محمد بحر، وهو سوداني ويعمل مدرسًا في جامعة عين شمس في مصر، أنه حينما كان يدرس في انجلترا قال أحد المدرسين وهو يتحدث عن الحضارة الإسلامية:"كان إله محمد الناقة التي كان يركبها، والدليل على ذلك أنه حينما هاجر للمدينة ودعاه أهلها للنزول عندهم قال لهم: دعوا الناقة حيث تبرك"؛ فاستدل من ذلك على أنه كان يعبد الناقة ويتلقى منها الوحي، هل يحتاج مثل هذا التضليل إلى تعليق؟!.