المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البروتوكولات: تعريفها وتاريخها ونشأتها وكيفية اكتشافها - اتجاهات فكرية معاصرة - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الماسونية

- ‌تعريف الماسونية، وحقيقتها

- ‌أصل الماسونية العام، ونشأتها، وأقدم كتبها (القوانين)

- ‌انتشار الماسونية وأهدافها القريبة والبعيدة، وشعاراتها ورموزها

- ‌الماسونية والأديان

- ‌الدرس: 2 الماسونية (2)

- ‌مصادر الفكر الماسوني، وأهم محافله المعاصرة

- ‌درجات الماسونية ومراتبها

- ‌أثر الماسونية على المسلمين في العصر الحديث

- ‌مبادئ الماسونية المعلنة والخفية

- ‌الماسونية في ميزان النقد العلمي والعلماء

- ‌الدرس: 3 الروتاري

- ‌تعريف الروتاري

- ‌نشأة الروتاري، وأبرز الشخصيات الروتارية

- ‌الحكومة الروتارية، وأفكار الروتاريين ومعتقداتهم

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لمنظمة الروتاري، وطريقة دخول العضو الجديد فيها، وشعارها

- ‌الأدلة على ماسونية الروتاري، وكيفية الانضمام ومؤهلات الترقي، ولجان أنديتهم

- ‌الدرس: 4 الليونز

- ‌تعريف نوادي الليونز، وأفكار أعضائها ومعتقداتهم

- ‌شروط العضوية في أندية الليونز، والهيكل التنظيمي لها

- ‌خطورة نوادي الليونز، والبذور الفكرية والعقائدية لها

- ‌انتشار أندية الليونز ومواقع نفوذها، والغرض منها، ونشاطها

- ‌الأدلة على علاقة الليونز بالماسونية، وكيفية مواجهتها

- ‌الدرس: 5 منظمة شهود يهوه

- ‌التعريف بمنظمة شهود يهوه، وملاحظات عليها، ونشأتها، وأفكارها ومعتقداتها

- ‌نشاط شهود يهوه التنصيري، وخداعهم للمرأة، وأسماء منظمتهم، وحقيقتها

- ‌كيفية انتشار عقائد منظمة شهود يهوه، وترتيباتها التنظيمية، وشعاراتها ورموزها

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لمنظمة شهود يهوه، وانتشارهم ومواقع نفوذهم، وطريقتهم في العمل

- ‌الدرس: 6 الاشتراكية (1)

- ‌اختلاف الناس في مفهوم الاشتراكية

- ‌الأساس العقدي للاشتراكية

- ‌معنى الاشتراكية

- ‌متى ظهرت الاشتراكية

- ‌الدرس: 7 الاشتراكية (2)

- ‌أقسام الاشتراكية

- ‌هل الاشتراكية هي الشيوعية

- ‌مزاعم الاشتراكيين ودعاياتهم

- ‌قوانين الاشتراكية

- ‌الدرس: 8 الاشتراكية (3)

- ‌خداع الاشتراكيين في زعمهم أن الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام

- ‌كيفية غزو الاشتراكية لبلدان المسلمين

- ‌بعض أساليب الدعوة إلى الاشتراكية

- ‌الواقع التاريخي يبطل مزاعم الاشتراكية

- ‌الأدلة على بطلان الاشتراكية، ونظرية التملك في الإسلام

- ‌الدرس: 9 الشيوعية

- ‌تمهيد عام عن الشيوعية

- ‌قيام الشيوعية الأولى بقيادة "مزدك

- ‌رد زعم الملاحدة أن البشرية قامت على الشيوعية الأولى

- ‌بواعث الشيوعية

- ‌حقيقة الفكر الشيوعي

- ‌الدرس: 10 الشيوعية (2)

- ‌الأسس التي قامت عليها النظرية الشيوعية

- ‌الشيوعية والأسرة

- ‌الدرس: 11 الشيوعية (3)

- ‌هل البشر في حاجة إلى أدلة لإثبات وجود الله تعالى

- ‌شبهات الملاحدة في إنكارهم وجود الله تعالى

- ‌روافد الإلحاد الأخرى

- ‌الدرس: 12 الشيوعية (4)

- ‌الرد على مزاعم الملاحدة الشيوعيين في مسألة الملكية الفردية

- ‌الرد على مزاعم الملاحدة الشيوعيين في نشأة الصراع الطبقي

- ‌زعامة الشيوعية الماركسية وأهم مصطلحاتهم

- ‌قيام الدولة السوفيتية وسقوطها وانتشار الشيوعية ومواقع نفوذها

- ‌الدرس: 13 التفسير المادي للتاريخ والأطوار المزعومة له والرد عليه

- ‌علاقة التفسير المادي للتاريخ بنظرية التطور

- ‌التفسير المادي للتاريخ وأطواره المزعومة والرد عليه

- ‌التفسير المادي للإنسان والقيم الإنسانية

- ‌الدرس: 14 الناصريون والبعثيون

- ‌تعريف الناصرية وتأسيسها وأبرز الشخصيات فيها

- ‌نظرة تاريخية على مؤسسي الناصرية وهو جمال عبد الناصر

- ‌أفكار الناصرية ومعتقداتها

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية للناصرية، والنفوذ وأماكن الانتشار

- ‌تعريف البعثيين والتأسيس وأبرز الشخصيات في حزب البعث، وتقييم الأفكار والمعتقدات

- ‌الدرس: 15 الناصريون والبعثيونالأحباش والبلاليون

- ‌التعريف بفرقة الأحباش، تأسيسها وأبرز الشخصيات فيها

- ‌الأفكار والمعتقدات التي تبنتها فرقة الأحباش

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية لفرقة الأحباش، ومواقع نفوذهم

- ‌البلاليون

- ‌الأفكار والمعتقدات للبلاليون، وانتشارهم ومواقع نفوذهم

- ‌الدرس: 16 الاستشراق (1)

- ‌تعريف الاستشراق والمستشرقين

- ‌موجز تاريخ الاستشراق

- ‌مدارس الاستشراق

- ‌دوافع المستشرقين وأهدافهم

- ‌مجالات أنشطة المستشرقين، وأخطر وسائلهم الفكرية، والعلاقة بين الاستشراق والتنصير

- ‌الدرس: 17 الاستشراق (2)

- ‌موازين البحث عند المستشرقين

- ‌الجامعات الغربية وأثر المستشرقين فيها على المسلمين

- ‌مقارنة بين التبشير والاستشراق وأعمالهما

- ‌آثار الفكر الاستشراقي

- ‌كيفية وسبل مواجهة الفكر الاستشراقي

- ‌الدرس: 18 الصهيونية (1)

- ‌تعريف الصهيونية ونشأتها

- ‌نشأة الحركة الصهيونية

- ‌مراحل الحركة الصهيونية

- ‌ركائز الحركة الصهيونية العالمية، وأهدافها

- ‌الدرس: 19 الصهيونية (2)

- ‌وسائل الصهاينة لتحقيق أهدافهم

- ‌تلخيص لأفكار الصهيونية ومعتقداتها

- ‌البروتوكولات: تعريفها وتاريخها ونشأتها وكيفية اكتشافها

- ‌حركة الصهيونية منذ وعد بلفور

- ‌الدرس: 20 يهود الدونمة

- ‌أصل الدونمة

- ‌اليهود والمسيح المنتظر

- ‌أول الدونمة

- ‌استمرار الدونمة وفرقهم

- ‌بعض تقاليد الدونمة وعاداتهم، وأثرهم وخطرهم، والانتشار ومواقع النفوذ، ودورهم في هدم الخلافة الإسلامية

- ‌الدرس: 21 الأصولية الإنجيلية

- ‌تعريف الأصولية الإنجيلية

- ‌تاريخ الأصولية الإنجيلية

- ‌الحكومات النصرانية التي تدعم الأصولية النصرانية

- ‌بعض الإحصائيات عن الأصولية النصرانية الإنجيلية في أمريكا

- ‌منهج الأصولية النصرانية، وأشهر شخصياتها، وخلاصة فكرها

الفصل: ‌البروتوكولات: تعريفها وتاريخها ونشأتها وكيفية اكتشافها

‌البروتوكولات: تعريفها وتاريخها ونشأتها وكيفية اكتشافها

وكما قلنا: إن التوراة والتلمود تعتبران من المصادر القديمة للعقيدة والفكر اليهودي. أما البروتوكولات فهي المصدر الحديث الذي يعتمد عليه اليهود في العصر الحاضر، ويستمدون منه فكرهم وخططهم، والفرق بين التلمود والتوراة وبين البروتوكولات أن اليهود جعلوا هذه البروتوكولات مصدرًا سريًّا لا ينبغي لأحد أن يطلع عليه؛ بينما كانت التوراة والتلمود من المصادر العلنية التي يمكن لكل لأحد أن يطلع عليها.

أيضًا هناك فرق: وهو أن اليهود يعترفون بالتوراة والتلمود كمصدر لهم، بينما لا يعترفون بالبروتوكولات حين اكتشفت رغمًا عنهم، وقد أعلنوا أنهم لا يعرفون عنها شيئًا ولكن الأحداث الجارية، وتفاصيل ما جاء بهذه البروتوكولات كانت تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه البروتوكولات يهودية صرفة، فلم تكن في واقع الأمر أكثر من تفصيل وتحليل لما ورد في تلمودهم الحقير، ومن هنا فإننا نضع البروتوكولات ضمن مصادر العقيدة اليهودية حتى ولو كان اليهود ينكرون صلتهم بها؛ لأنه لا يستطيع أي عاقل أن ينكر الصلة الوثيقة بين البروتوكولات وبين التلمود وكثير من نصوص التوراة المحرفة.

سوف نبدأ بالحديث عن تعريف البروتوكولات وتاريخها، وبعض الأدلة الصحيحة على نسبتها لليهود، ثم نعرض لها بالتحليل والتوضيح بإيجاز؛ مبينين أهداف اليهود من هذه البروتوكولات وعلى ضوئها، وأساليبهم التي وضعوها في هذه البروتوكولات.

ص: 353

تعريف البروتوكولات:

ومعنى كلمة بروتوكول في اللغة: القرار أو محضر الجلسة، أو المحاضرة، أو مسودة خطة العمل؛ فقد كانت هذه البروتوكولات عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها حكماء اليهود على أعضاء المؤتمرات اليهودية التي عقدها اليهود؛ لتجميع أنفسهم، ووضع خطة معينة للسيطرة على العالم. قد تحدثنا عن بعض هذه المؤتمرات في المحاضرة السابقة. وأما معنى كلمة بروتوكول في الاصطلاح: فهي المخطط التفصيلي للسيطرة على العالم بواسطة منظمة يهودية سرية بأساليب متنوعة.

أما تاريخ هذه البروتوكولات: فيرى بعض الباحثين أن البداية الحقيقية لهذه البروتوكولات كان في مؤتمر بال في سويسرا؛ حيث عرضت هذه البروتوكولات على المؤتمرين في صورة قرارات سرية لم يعلن عنها المؤتمر، وقد سبق أن قلنا في المحاضرة السابقة: إن هذا المؤتمر قد انعقد في مدينة بال أو بازل في سويسرا سنة ألف وثمانمائة وسبعة وتسعين، ولكن عند التحقيق نلاحظ أن تاريخ هذه البروتوكولات أقدم بكثير من هذا التاريخ، فقد أشار السيد وليم غاي كار في كتابه (أحجار على رقعة الشطرنج) إلى موجز مختصر لهذه البروتوكولات، كان قد أعده رجل المال اليهودي ماير باور، الذي اتخذ لنفسه اسمًا آخر هو روتشيلد، ومعنى كلمة روتشيلد أي: الدرع الأحمر بالألمانية، هو رمز لعلم أحمر كان يعلقه الجد الأكبر، قد كتب ماير باور على باب دكانه الذي كان يمارس فيه الصرافة والربا، هذه العبارة، وعلق عليها العمل الأحمر، وقد اتخذت الثورات والفرنسية العمل الأحمر رمزًا لها.

وقد جمع روتشيلد رجال المال اليهود، ووضع أمامهم خطة لإثارة الثورات في العالم، وحينما نقارن خطة روتشيلد بالبروتوكولات نلاحظ أنها صورة موجزة

ص: 354

منها: معروضة بنفس الترتيب، وبها تكرار بعض النصوص بعينها، مما يؤكد أن البروتوكولات ما هي إلا شرح وتوضيح لخطة روتشيلد، يقول وليم غاي كار: وأنا على اقتناع بأن الوثائق التي وُقعت سنة 1701 بحوزة البروفيسور تيروس الروسي، والتي نشرها في كتاب تحت عنوان (الخطر اليهودي) سنة 1905 في روسيا لم تكن إلا نسخة موسعة من المؤامرة الأصلية.

وبعض الباحثين يرى أن البروتوكولات أقدم من هذا التاريخ بكثير، حتى أقدم من روتشيلد، وخاصة إذا عرفنا أن المحافل الماسونية يرتدُّ تاريخها إلى ما قبل ذلك بكثير، وأن هذه المحافل الماسونية هي التي صنعت الصهيونية، وهي التي خططت لها منذ القدم بحيث إننا نستطيع أن نقول: إن مؤتمر بازل المنعقد سنة 1867، أو مؤتمر روتشيلد المنعقد سنة 1773 لم يكون أكثر من نقطة الانتهاء. والإعلان عن الخطة الصهيونية التي بدأت سرية منذ أزمان بعيدة، ولا أدل على ذلك من أسلوب البروتوكولات، فكاتبها يتحدث دائمًا عن الخطة اليهودية بصفتها مخطط قديم بدءوا في تنفيذه، وأوشكوا على الانتهاء منه، وقد جاء في البروتوكول الثالث اليوم نستطيع أن نذكركم أننا قد أصبحنا قيد خطوات من هدفنا.

ومن غير المعقول أن تكون هذه البروتوكولات موضوعة في مؤتمر بال سنة ألف وثمانمائة وسبعة وتسعين، وفي نفس الوقت وصلوا إلى تحقيق هدفهم، فهذا دليل على أنها موضوعة منذ زمن بعيد، وفي نص آخر يصرح كاتب البروتوكولات بأن الخطة اليهودية الموضوعة في البروتوكولات إنما هي نتاج عمل قرون ماضية؛ حيث يقول: وبين أيدينا خطة عليها خطٌّ استراتيجي موضح، وما كنا لننحرف عن هذا الخط، وإلا كنا ماضين في تحطيم عمل قرون فهذه النصوص تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن تاريخ وضع هذه البروتوكولات أقدم بكثير من الفروض التي أشار إليها الباحثون.

ص: 355

وأنتقل الآن للحديث عن كيفية اكتشاف هذه البروتوكولات: فكما اختلف الكاتبون في تاريخ وضع هذه البروتوكولات اختلفوا أيضًا في تاريخ اكتشافها، وفي الطريقة التي ظهرت بها إلى العالم، وأقدم هذه الروايات ما يرويه وليم غاي كار في كتابه السالف الذكر (أحجار على رقعة الشطرنج) من أنه في سنة ألف وسبعمائة وخمسة وثمانين، كان أحد الفرسان يسير بجواده بين فرانكفورت وباريس حاملًا معلومات مفصلة حول الحركة الثورية عامة، وتعليمات خاصة حول الثورة الفرنسية، وكانت تلك التعليمات صادرة من اليهود في ألمانيا إلى رئيس المحفل الماسوني في فرنسا، قد أصيب ذلك الفارس بصاعقة قضت عليه، ووقعت الوثائق التي بحوزته في يد رجال الشرطة الذين سلموها بدورهم إلى السلطات المحلية في بافاريا.

ويرى فراي أن تاريخ اكتشاف البروتوكولات سنة 1884 على يد الآنسة جستن جلنكا التي كانت تعمل جاسوسة لروسيا في باريس قد استطاعت أن تجند يهوديًّا يُدعى جوزيف جورست الذي عرض عليها ذات يوم أن يحصل لها على وثيقة ذات أهمية عظمى لروسيا نظير دفع مبلغ ألفان وخمسمائة فرنك، وما أن استلم المبلغ حتى سلمها الوثيقة، وقدمت الآنسة جلنكا الأصل الفرنسي من الخطة مترجمًا إلى الروسية للجنرال أدرجفسكي، الذي سلمها بدوره لرئيسه الجنرال جرفين؛ لنقلها إلى القيصر، ولكن جرفين بحكم ارتباطه بأثرياء اليهود رفض نقلها وحفظها في الأرشيف، إلا أن الآنسة جلنكا احتفظت لنفسها بنسخة سلمتها إلى أليكسس سختم حاكم مقاطعة أورل؛ فقام سختم بعرضها على صديقين له هما سبانتوف سبتانوف ونيلاس.

أما الأول فقد قام بطبعها وتوزيعها على أخصائه، وأما الثاني وهو نيلاس فقد قرأها وقدر خطورتها على كل بني البشر، فقام بنشرها سنة 1901 في كتاب

ص: 356

بعنوان (العظام داخل الصغار)، في نفس الوقت أخرجها بوتني وهو صديق نيلاس، وأودع منها نسخة في المتحف البريطاني في أغسطس سنة 1906.

وفي هذه الأثناء وعن طريق أفراد الشرطة الروسية حصلت الإدارة الروسية على محاضر جلسة مؤتمر بال، فوجدت أنها مطابقة تمامًا لبروتوكولات، وفي يناير سنة ألف وتسعمائة وسبعة عشر أعد نيلاس طبعة ثانية مدعمة بوثائق النشر، ولكن قبل طرحها في السوق قامت الثورة الروسية في مارس سنة 1917، وقام اليهود وأذنابهم بإتلاف طبعة الكتاب.

وفي سنة 1924 اعتقل نيلاس وعُذب بواسطة أذناب اليهود، حيث قال له رئيس المحكمة اليهودي: إن هذه المعاملة قد فصلت عليك تفصيلًا؛ لأنك ألحقت بنا ضررًا جسيمًا بنشر البروتوكولات، ولكن أنقذت بعض نسخ من طبعة نيلاس الثانية، وأرسلت إلى دول أخرى؛ حيث نشرت في ألمانيا قد قام بنشرها جوانر يدستون في إنجلترا نشرها الصحفي الإنجليز فيكتور مارون، ثم تُرجمت بعد ذلك إلى معظم لغات العالم الذي اكتشف أخطر مؤامرة على حريته وأمنه. ومن هذه الترجمات الترجمة العربية التي قام بها الأستاذ محمد خليفة التونسي، الذي كان يلقب بالشهيد الحي؛ لجرأته على نشر هذه البروتوكولات، فقد كان اليهود يقومون بقتل كل من يحاول نشرها.

أثر نشر البروتوكولات:

وقد تسبب نشر هذه البروتوكولات في كشف أهداف اليهود وافتضاح نواياهم الخبيثة ضد كل بني الإنسانية، فعمت المذابح ضد اليهود الذين أنكروا صلتهم بها، ولم يصدقوا العالم إنكارهم؛ فقد كانت مؤامراتهم وصلت إلى حيز التنفيذ

ص: 357

العملي في العالم؛ فقد قارن نيلاس بين البروتوكولات وبين الأحداث الجارية في العالم، فتنبأ بكثير من النبوآت الخطيرة التي وقعت بعد سنوات قليلة، ومنها نبوأته بتحطيم القيصرية الروسية ونشر الشيوعية فيها على يد اليهود، وتوقعاته بسقوط الخلافة الإسلامية على يد اليهود كخطوة أولى قبل تأسيس دولة إسرائيل في فلسطين، ومنها نبوءته بقيام دولة اليهود في فلسطين، ومنها النبوءة بوقوع حرب عالمية يخسر فيها الغالب والمغلوب معًا، ولا يظفر بمغانمها إلا اليهود وهكذا لم يجدِ إنكار اليهود وادعاؤهم عدم المعرفة بها شيئًا، كما أن هذه البروتوكولات لم تكن إلا صورة أخرى من تعاليم التلمود اليهودي.

كذلك دمغهم هنري كلين وهو محام يهودي مشهور حين أعلن بصراحة أن البروتوكولات هي الخطة التي وضعها اليهود للسيطرة على العالم، وأنه حين اعترض على اليهود طردوه من صفوفهم، وهكذا تتضافر الأدلة على صحة نسبة البروتوكولات إلى اليهود مما يكذبهم حين ينكرون صلتهم بها، لكن اليهود اتجهوا إلى أسلوب آخر غير أسلوب الإنكار، وهو أسلوب المواجهة السرية؛ فقد حاولوا مصادرة نسخ البروتوكولات حيث اشتروها من السوق، وأحرقوها قبل أن تصل إلى أيدي القراء، كما استعانوا بنفوذ بريطانيا التي ضغطت على روسيا؛ لإيقاف المذابح ضد اليهود، ومصادرة نسخ الكتاب رسميًّا لم تفلح هذه المحاولات، فقد ترجمت البروتوكولات بحمد الله إلى معظم اللغات العالمية، ولكن هنا سؤال ما مدى خطورة هذه البروتوكولات؟

هذا ما سنجيب عنه حين نتحدث عن عرض وتحليل لبعض هذه البروتوكولات، فيلاحظ أن البروتوكولات الموجودة الآن ليست هي كل ما وضعه اليهود، وإنما هي جزء من عمل أخطر، وللأسف إن بداية هذا العمل مفقودة، ولم تكتشف حتى الآن، وعلى أية حال فنحن لا نملك أكثر من العرض لما هو موجود بين

ص: 358

أيدينا الآن، ولعل الله يفضح اليهود، ويمكِّن العالم من اكتشاف كل مخططاتهم الشريرة. أما عدد البروتوكولات المكتشفة فهو أربعة وعشرون بروتوكولا مكتوبة بطريقة غير منظمة؛ حيث أن موضوعاتها متداخلة، فلم يتناول كاتبها كل موضوع على حدة، وإنما كان ينتقل في البروتوكول الواحد من موضوع إلى موضوع، وقد يكرر موضوع الواحد في أكثر من بروتوكول.

وسنتحدث عن تحليل بعض هذه البروتوكولات من خلال طريقتين: من خلال عرض أهدافهم في البروتوكولات وأساليبهم التي وضعوها للوصول إلى أغراضهم؛ لأننا حينما نستخرج هذه الأهداف نوضح توضيحًا جليًّا خطتهم السرية -كما يقولون- لمعاملة الأمميين.

أما هدفهم الأساسي من خلال تحليل هذه البروتوكولات، فهي محاولة السيطرة على العالم كله، وحكمه حكمًا خفيًّا أو ظاهريًّا بيد من حديد؛ بحيث لا تفلت من أيديهم أية حكومة في العالم، وهذا ما ورد في البروتوكول الخامس عشر، سنعمل كل ما في وسعنا لمنع المؤامرات التي تدبر ضدنا، حين نحصل نهائيًّا على السلطة متوسلين إليها بعدد من الانقلابات السياسية المفاجئة، سننظمها بحيث تحدث في وقت واحد في جميع الأقطار، سنقضي على السلطة بسرعة عند إعلان حكوماتها رسميًّا أنها عاجزة عن حكم الشعب، وقد تنقضي فترة طويلة من الزمن قبل أن يتحقق هذا، ربما تمتد هذه الفترة قرنًا كاملًا، ولكي نصل إلى منع المؤامرات ضدنا حين بلوغنا للسلطة سننفذ الإعدام بلا رحمة في كل من يشهر أسلحة ضد استقرار سلطتنا.

أما الهدف الثاني الذي يظهر من خلال هذه البروتوكولات بعد الهدف الأول، وهو السيطرة على حكومات العالم، أو حكم العالم حكمًا علنيًّا أو خفيًّا، هذا

ص: 359

الهدف الثاني من أهدافهم هو السيطرة على الاقتصاد العالمي، فالمال والتجارة هما عصب الحياة، وهما أهم مصادر الرزق. قد أدرك اليهود هذه الحقائق، فاهتموا بالتجارة، وجمعوا المال، واتخذوا منه أسلوبًا، لا للربح الحلال بل للسيطرة، وطريقًا للتحكم في مقدرات العالم، وهذا ما يشير إليه البروتوكول الثامن بقوله: إننا سنحيط حكومتنا بجيش كامل من الاقتصاديين، وهذا هو السبب في أن علم الاقتصاد هو الموضوع الرئيسي الذي علمه اليهود، وسنكون محاطين بألوف من رجال البنوك وأصحاب الصناعات وأصحاب الملايين، وأمرهم لا يزال أعظم قدرًا، في الواقع أن كل شيء سوف يقرره المال.

كذلك يشير البروتوكول الخامس إلى أن أهمية المال عند اليهود أعظم من أهمية تاج الملك فيقول: إن عجلات جهاز الدولة كلها تحركها قوة، وهذه القوة في أيدينا، وهي التي تسمى الذهب، وعلم الاقتصاد السياسي الذي محصه علماؤنا الفطاحل قد برهن على أن قوة رأس المال أعظم من مكانة التاج، ويجب الحصول على احتكار مطلق للصناعة والتجارة؛ ليكون رأس المال مجالًا حرًّا، وهذا ما نسعى لاستثماره فعلًا بيد خفية في جميع أنحاء العالم.

ومن أهدافهم ووسائلهم أيضًا نشر الأدب المريض اللا أخلاقي، فهم يقولون في بروتوكولاتهم قد نشرنا في كل الدول الكبرى ذوات الزعامة أدبًا مريضًا قذرًا يغشي النفوس، وسنستمر فترة قصيرة بعد الاعتراف بحكمنا على تشجيع سيطرة مثل هذا الأدب. وهكذا يحاول اليهود شغل الناس عن الأديان بهذا الأدب الجنسي، إشاعة الفاحشة، والمجون، وشرب الخمر. فهم يقولون: ومن المسيحيين أناس قد أضلتهم الخمر، وانقلب شبابهم مجانين بالكلاسكيات، والمجون المبكر الذي أغراهم به وكلاؤنا ومعلمونا، وخدمنا، وكتبتنا، ونساؤنا في أماكن

ص: 360