الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثامن
(الاشتراكية (3))
خداع الاشتراكيين في زعمهم أن الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
الاشتراكية وخطورتها وخداعها:
يتظاهر كثير من المخادعين دعاه الاشتراكيين بأنهم إنما يؤيدون الاشتراكية لأنها تحمل الرحمة للفقراء، وتحمل الكبت للأغنياء، ولأنها فوق كل اعتبار لا تتعارض مع الإسلام، ولا تتعارض مع الأديان، وهي تلتقي مع الإسلام في مبادئ كثيرة مثل اشتراك الناس في الماء العام، وفي الهواء، وفي الكلأ النابت في الأرض، تشترك مع الإسلام في النفقة الواجبة -كما قلنا- في نظام الأسرة الإسلامي، تشترك مع الإسلام في الزكاة المفروضة في الشريعة الإسلامية، ونقول بأنه وبغض النظر عن صحتها هذه الدعاوى أو كذبها فإن مجرد التوافق في التسمية لا يكون توافقًا في الحقيقة، وإلا لكانت كل الاختلافات لا قيمة لها؛ لأنه ما من مختلفين في قضية من القضايا ألا وتجد بينهما توافقًا ما، فإقرار الإسلام لتلك الأمور وغير إقرار الاشتراكية لها، ترتيبه لها غير ترتيب الاشتراكية لها، مفهومه غير مفهوم الاشتراكية. اشتراك الناس في تلك الأمور في الإسلام هو اشتراك مودة ورحمة وإخاء وتسامح؛ بينما هو في الاشتراكية حق واحد للسبع الكبير الذي هو الدولة تؤخذ منها شبعها، ثم تسمح بالباقي للآخرين في مقابل -كما يقولون- من لم يحترف لم يعتلف.
وفوق كل ما تقدم نقول لمخادعي الاشتراكية: من أين جاء الإسلام؟ من أين جاء الاشتراكية؟ وهل يلتقي التشريع الإلهي والتشريع البشري على حد سواء؟!.
إن الإسلام لا يعترف بأي نظام جاهلي وضعي، فكيف يقال: إن الإسلام يعضده ويوافقه سواء أكان اشتراكيًّا أو رأسماليًّا أو شيوعيًّا، إنه من الكذب والافتراء الفاحش القول بأن الإسلام يتوافق مع الاشتراكية أو غيرها من هذه الأنظمة الجاهلية.
إذا سلمنا جدلًا بتوافق الإسلام مع تلك الأنظمة، فما هو السبب في قتل الاشتراكيين الشيوعيين للمسلمين في الاتحاد السوفيتي قتلًا لا يتصور العقل أهواله، ودمارًا لا حد له، ولقد حاربوا الإسلام حربًا شعواء وهدموا المساجد، وحاربوا وجود أي كتاب إسلامي على امتداد البلاد السوفيتية، وأصبحت تهمة الشخص بأنه مسلم كافية لإباحة دمه، وتدمير منزله حتى تناقص أعداد المسلمين وعدد مدارسهم وعدد مساجدهم تناقصًا مذهلًا، فما هو جواب هؤلاء عن هذا؟ ما هو جواب الاشتراكيين عن هذا السلوك؟ ألم تنكشف خدعهم للعالم أجمع؟ ألم تظهر الحقيقة لكل ذي رأي وعين أن العداوة بين الحق والباطل دائمًا على أشدها؟.
ومن الأدلة الواضحة على بُعد الاشتراكية عن الإسلام ما نراه من الفشل الذريع الذي مُنيت به الاشتراكية في ديار المسلمين، رغم ما يبذله أقطابها من مغريات جمة؛ لإنعاشها بين المسلمين، ذلك أن الإسلام والمسلمين ينفرون منها ويرفضونها جملة وتفصيلًا.
ثانيًّا: أنها لم تنجح إلا في أوساط المتخلفين اقتصاديًّا وثقافيًّا ودينيًّا، أو في أوساط المتسلطين المتزلفين إلى أقطاب الاشتراكية، أو يتبعها كافر حاقد، أو إباحي مجرم، أو جاهل بحقيقتها. أما ما نسمعه من نجاحها في بعض البلدان العربية فإنما هي دعايات وزوبعات مؤقتة ورائها الحديد والنار، ثم انجلت الغمة عن تلك البلدان، فإذا بالاشتراكية وأقطابها قد اندحرت، ولنا في دخولها البلدان ونهايتها، وفي دخول الإسلام البلدان المفتوحة وبقائه فيها خير شاهد على مدى الفرق بينهما.