الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاضع لتلك القوانين، وأن كل حدث له سبب وأن قوانين الارتقاء قد تكفلت بإتمام كل موجود، وأن الكون كله تكون من مادة حسب سخافتهم، فلا حاجة إلى القول بوجود إله خالق مدبر لهذا الكون، وبالتالي أخذ عظماء الكفر والإلحاد يتبجحون بما توصلوا إليه في اكتشافهم من تلك القوانين الطبيعية، فراحوا يتفنون في إطلاق كلمات الإلحاد، بينما مكتشفو هذه القوانين -كما سبق القول- قالوا: إنها سنة الله في كونه وطريقة الله في عمله في هذا الكون.
روافد الإلحاد الأخرى
استخدم الملحدون روافد لإلحادهم، فسروها وفق ما تمليه عليهم أهواؤهم، منها التقدمية والعصرية والرجعية والتحررية، وغيرها من هذه الأسماء الجوفاء، وهم يستخدمون هذه الأسماء باستخدامات تناسب نظريتهم فهم يقولون: إن الإنسان التقدمي هو الإنسان المهذب في سلوكه والواقعي في حكمه والصادق في التعبير عنه، هذا التعريف لم يقف عند هذا المفهوم، بل أصبح يطلق في جانب العقائد على الإنسان الذي ينبذ التدين والتقاليد، وينفلت من كل ارتباط بالفضائل الدينية ويتخذ الإلحاد مذهبًا، مثل الأحزاب التي أطلقت على نفسها صفة التقدمية في البلاد العربية وفي غيرها.
وفي جانب المظاهر صاروا يطلقون على الشخص أنه متقدم حينما يهتم بمظهره الشخصي، خصوصًا حينما يقلد الإفرنج في لباسهم وسلوكهم، كما يسمونه حينما تلبسه المرأة من أنواع الملابس ملابس تقدمية الموضة لأنواع المكياجات، ولباسها إلى نصف الفخذين وكشفها للرأس وترديد بعض عبارات الغربيين، يعتبرون هذا كله تقدمًا وهي من الأمور التي انعكست الحقائق فيها. قد نجح
الغربيون في الإيحاء إلى الرجل والمرأة أنه ليس بينهم وبين التقدم إلا ركوب تلك المسالك، ومن روافد الإلحاد أيضًا تعبير الرجعية والجمود، فهم يقولون في تعريف الرجعية: إنها هي الميل في السير إلى الوراء والعزوف عن متابعة الحركة نحو اليقظة.
وأما الجمود فهو الوقوف في الحركة عند مرحلة من مراحل تطور الإنسان، في كماله وتمام نمو طاقاته البشرية، ولكن ماذا يقصدون بها؟ لقد اتخذوا من هذا المصطلح نقطة انطلاق في سبهم للإسلام والمسلمين، ولقد قالوا منكرًا من القول وزورًا، فالإسلام والمسلمون بريئان من هذا الوصف، بل إن أعداء الإسلام أحق بهذا الوصف وسلوكهم وأفكارهم هي عين الرجعية والجمود، فإن المتتبع لأقوالهم عن نشأة الإنسان وتطوره لو قارنها بأقوالهم اليوم عن تمدحهم بالتطور لرأى العجب في تناقضهم.
ومن المصطلحات أيضًا مصطلح الخرافة والتقاليد، فالخرافة عندهم هي الاعتقاد بما لا ينفع ولا يضر ولا يلتئم مع المنطق السليم والواقع الصحيح، لكنهم يستخدمون الخرافة بمعاني الروحية ومبادئ الدين وتعاليمه، فالبعث خرافة والإيمان بالغيب خرافة، أما ما هم فيه من الإلحاد وإنكار الأديان فهو العلم والحقيقة، وكذلك مصطلح التقاليد ومصطلح الحرية والكبت، فالحرية عند الماديين يراد بها الانطلاق من كل قيود القيم والمثل والمبادئ التي دعا إليها الدين، ويراد بها العودة إلى الحياة البهيمية من أوسع الأبواب ولكن تحت تسمية التطور والتجديد.
وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.