الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث على فرض صحته فقال «1/ 197 - 198» : «ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة، لأن نصه يبين أنه إنما كان قبل النهي، لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط، ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك المجال، هذا ما لا يظنه مسلم ولا ذو عقل، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم، لو صح لكان منسوخا بلا شك» . قلت: لكن يرد على هذا الافتراض أنه يبعد أن يكره الصحابة شيئا دون توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وافتراض ثبوت ذلك عنهم فيه إساءة الظن بهم وأنهم يشرعون بآرائهم، وهذا ما لا يجوز أن نظنه بهم، ولذلك فالحديث كيف ما أُوِّل فهو منكر عندي. والله أعلم.
السلسلة الضعيفة (2/ 359 - 360).
هل يُصرف حكم استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط من التحريم للإباحة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم
-؟
مداخلة: هل حديث عن أحد الصحابة أنه تسلق بيت زينب فرأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته وقد استقبل القبلة، هل هذا الحديث حديث حفصة بحديث:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة أو استدبارها» .
يعني: هذا الحديث يَصْرِف عموم التحريم؟
الشيخ: لا.
مداخلة: هذا الحديث.
الشيخ: لا، كان في سؤالك خطآن صححت أحدهما وبقي الآخر وهو قولك: تسلق، ما هو حرامي هو؟
مداخلة: الصحيح بالنسبة للنص أنا ناسيه لكن عَرَضت المعنى.
الشيخ: لا تُبَرِّر خطأك، استر نفسك، المهم هو وقع على بيت حفصة.
مداخلة: أي نعم.
الشيخ: وهي أخته بنت عمر، زوجة الرسول عليه السلام، فوقع بصره عفو الخاطر على الرسول عليه السلام وهو يقضي حاجته، هذا لا يُخَصِّص عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط، ولكن شَرِّقُوا أو غَرِّبوا» .
لا يصح تخصيص عموم هذا الحديث الذي هو من لفظه عليه الصلاة والسلام مُوجِّهاً إلى كل فرد من أفراد أمته بمثل هذه الحادثة التي لا يظهر فيها، أولاً، قصد الراقي على السطح أن يكتشف كيف يقضي الرسول حاجته، هذا أمر مستحيل.
وثانياً: أيضاً ليس هناك ما يُشْعرنا؛ بأن النبي صلى الله عليه وسلم قصد مخالفة هذا الحديث ولو لبيان الشرع، أي: للتخصيص كما جاء في حديث مُنْكر أقول ابتداءً: حديث منكر لا يصح روي في «سنن أبي داود» وغيره عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن أقواماً يستنكفون عن استقبال القبلة، أو استدبارها ببول أو غائط فقال عليه السلام:«أو قد فعلوها؟ حَوِّلوا مقعدتي أو مقعدي إلى القبلة» هذا حديث من أنكر الأحاديث مع ضعف السند.
أما حديثك فهو صحيح، لكن يرد عليه ما ذكرته آنفاً:
أولاً: الراقي على السطح ليس قَصْدُه يكتشف هذا الأمر الكتيم عادة.
ثانياً: الرسول عليه السلام -أيضاً- ليس هناك ما يمكن أن يؤخذ أنه تعمد ذلك، وإلا لكان صح عنه مثل حديث عائشة؛ لأنه هذه الأمور الشخصية البيتية الكتيمة ليس المفروض فيها أن تكون ظاهرة بَيِّنة، المفروض فيها أن تكون كيف؟ في السِّرية، فإذا كان هناك حكم شرعي يخالف عموم قوله عليه السلام:«ولكن شرِّقوا أو غَرِّبوا» يقتضي وظيفة: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] أن يبين ذلك للناس بلسانه ليس بفعله الذي لا يمكن الاطلاع عليه عادةً، هذا من جهة.
من جهة ثانية: أن راوي هذا الحديث أبو أيوب الأنصاري: «ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا» قال: «فلما أتينا الشام وجدنا الكنف موجهةً إلى القبلة، فنحن نستغفر الله» .
فإذاً: راوي الحديث يَفْهَم من الحديث أنه لا يزال على عمومه وشموله للنهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط، ولو في البنيان؛ لأن الكُنُف تكون في البنيان في البيوت، ولذا قال:«فنحن نستغفر الله» هذا ثانياً.
وثالثاً وأخيراً: من حيث الرواية قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من بصق تجاه القبلة جاء يوم القيامة وبَصْقه أو بزقه بين عينيه» .
مداخلة: أثناء الصلاة يا شيخ؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: أثناء الصلاة وإلا أي وقت؟
الشيخ: سامحك الله اسمع الحديث: «من بصق تجاه القبلة» ذكر لك الصلاة؟ ! «من بصق تجاه القبلة جاء يوم القيامة وبصقه» بالصاد أو بالزاي لغتان، «جاء بصقه» أو «بزقه بين عينيه» .
وإذا كان معلوم لدى الجميع أن البصاق طاهر، وليس كالبول والغائط نجساً كل ما فيه أنه مُسْتَقْذَر طبعاً مع ذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم نهياً عاماً المسلم أن يبصق تجاه القبلة، فمن باب أولى أن ينهى عن توجيه البول والغائط إلى القبلة؛ لأنهما نجسان، هذا من حيث الرواية.
أخيراً: من حيث الدراية: ما الفرق يا جماعة يا أيها المسلمون والعلماء قديماً وحديثاً الذين يذهبون إلى تخصيص هذا النص العام: «ولكن شرقوا أو غربوا» بمثل هذه الحوادث العينية التي لا تدل أنها مقصودة بالذات، ونهمل هذه الأدلة من قوله عليه السلام.
نقول من باب الدراية: ما الفرق بين صلاة المصلي في الصحراء أو صلاة المصلي في البنيان؟ أليس معنى هذا أنه سواءً صلى في الصحراء أو في البنيان فهو يُعَظِّم حرمة البيت الحرام والمسجد الحرام، فالحُرْمَة هي ليست قائمة في الصحراء دون البنيان، هي قائمة في كل مكان سواءً كان عراءً أو كان محاطاً بجدران.