الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعية حلق الشعر غير مقيدة بمواسم معينة
[روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال]:
«لا توضع النواصي إلا في حج أو عمرة» منكر.
[قال الإمام]:
«فائدة» : ظاهر الحديث أنه لا يشرع حلق الرأس إلا في الحج أو العمرة فهو مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «احلقوه كله أو اتركوه كله» . وهو حديث صحيح مخرج في «الصحيحة 1123» .
ولو ثبت أمكن حمله على معنى أنه لا يشرع قصد التقرب إلى الله بحلق الشعر كما كان يفعل بعض مشايخ الطرق حين يدخلون أحداً في الطريق فإنهم يأمرونه بحلق شعره تذللاً!
(السلسلة الضعيفة (12/ 1/ 481))
الأمر بإكرام الشعر
[قال الإمام]: أما الأمر بإكرام الشعر فهو ثابت في عدة أحاديث، وقد خرجت بعضها في «الصحيحة»
…
[تمام المنة ص (73)]
هل ورد ما يفيد كراهية الخضاب
؟
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
قوله في تغيير الشيب بالحناء:
«قلت: وقد ورد ما يفيد كراهية الخضاب» .
قلت: لم أجد للمؤلف في هذه الدعوى سلفا ولا علمت لها أصلا ولعله يعني
ورود ذلك عن الصحابة والذي نقله الشوكاني عنهم في «النيل 1/ 103» إنما هو الاختلاف في الأفضل وليس الكراهة وعلى افتراض أنه روي ذلك عن أحد منهم فلا حجة فيه لأمرين:
الأول: أن الصحابة لم يتفقوا على ذلك بل منهم من خضب كالشيخين رضي الله عنهما وهو في «صحيح مسلم» وغيره ومنهم من ترك والترك لا يدل على كراهة الخضاب بل على جواز تركه.
الثاني: أنه مخالف للثابت عنه صلى الله عليه وسلم في قولا وفعلا.
أما القول فقد ذكر المصنف فيه حديثين.
وأما الفعل ففي «صحيح البخاري» وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها أخرجت من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخضوبا. وفي معناه أحاديث أخرى بوب لها الترمذي في «الشمائل المحمدية» : «باب ما جاء في خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» فراجعها إن شئت في كتابي «مختصر الشمائل 41/ 37 - 41» .
وإن كان يعني ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما هو المتبادر فنقول: إن كان يريد مطلق الورود - أعني سواء كان صحيحا أو ضعيفا فمسلم. وإن كان يريد الصحيح كما هو المتبادر من عبارته فمردود لأن غاية ما روي في ذلك حديثان: أحدهما ضعيف والآخر لا أصل له.
أما الأول فحديث عبد الرحمن بن حرملة أن ابن مسود كان يقول:
«كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال: الصفرة يعني الخلوق وتغيير الشيب .. » الحديث رواه أبو داود 2/ 197 وأحمد رقم 3605 - 3774 - 4179 وعبد الرحمن هذا قال ابن المديني فيه: «لا نعرفه من أصحاب ابن مسعود» . وقال البخاري:
«لا يصح حديثه» . يعني هذا فقد ساقه الذهبي عقب عبارة البخاري هذه ثم قال الذهبي:
«وهذا منكر» . ثم سها الذهبي عن هذا فوافق في «التلخيص» الحاكم على تصحيحه للحديث في «المستدرك» !
وأما توثيق ابن حبان لعبد الرحمن هذا فلا يعتد به لما ذكرته في «المقدمة» ولذلك لم يلتفت إلى توثيقه لهذا الرجل الذهبي في «الميزان» والحافظ في «التقريب» حيث أفاد أنه لين الحديث وعليه فلا يغتر بتصحيح الشيخ أحمد محمد شاكر لهذا الحديث لأنه بناه على توثيق ابن حبان للمذكور وكثيرا ما يفعل ذلك ويصحح أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها وقد كنت ناقشته في هذه المسألة في المدينة المنورة وهو في «الفندق» سنة 69 م بعد موسم الحج ولكني لم أصل معه إلى نتيجة مع الأسف والله يرحمنا وإياه.
والحديث الثاني: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه بلفظ:
«من شاب شيبة فهي نور إلا أن ينتفها أو يخضبها» .
هكذا أورده بعضهم وهو في «سنن أبي داود» والترمذي وحسنه وابن ماجه من هذا الوجه لكن دون قوله: «إلا أن ينتفها أو يخضبها» وكذلك هو في «المسند» 6672، 6675، 6937، 6962، 6989.
وفي رواية له: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب وقال: «هو نور» .
فهذا يدل على أن ذكر الخضاب في الحديث لا أصل له وتد قال الحافظ في «الفتح» بعد أن ساق الحديث باللفظ الأول:
«أخرجه الترمذي وحسنه ولم أر في شيء من طرقه الاستثناء المذكور» .
قلت: ويستدرك عليه برواية أحمد التي فيها ذكر النتف.
وثمة حديث ثالث ممكن أن يؤخذ حكم الخضاب من لفظه المطلق وهو: عن أم سليم مرفوعا:
رواه الحاكم في «الكنى» كما في «الجامع الصغير» ورمز لحسنه كما قال المناوي في شرحه ولكن النفس لا تطمئن لتحسين السيوطي له لما عرف من تساهله فراجع «المقدمة: القاعدة الثامنة» .
ثم وقفت على سند الحديث وتبين لي أنني كنت على صواب في عدم الاعتماد على تحسينه وقد كشفت عن علته في «الصحيحة» تحت الحديث 1244 وحكمت بوضعه فأوردته في «ضعيف الجامع الصغير 5651» وهو كتاب حافل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة لا مثيل له. والله الموفق.
وخلاصة القول أنه لا يجوز معارضة الأحاديث الصحيحة المتضمنة لجواز الخضاب واستحبابه بهذه الأحاديث الضعيفة ولو صح شيء منها لوجب التوفيق بينها بوجه من وجوه الجمع بين الأحاديث وما أكثرها والوجه هنا أن يقال: إن التغيير المذكور في الحديث الأول والثالث هو النتف وهو منهي عنه صراحة في رواية أحمد للحديث الثاني. أو هو الخضب بالسواد فإنه منهي عنه. وبهذا شرح الحديثان انظر الخطابي في «المعالم» والمناوي في «الفيض» وقال ابن القيم في «تهذيب السنن 6/ 103» : «والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها بوجه فإن الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من تغيير الشيب أمران: أحدهما: نتفه. والثاني: خضابه بالسواد كما تقدم. والذي أذن فيه هو صبغه وتغييره بغير السواد كالحناء والصفرة وهو الذي عمله الصحابة رضي الله عنهم» .
قال: «وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم وهو الصواب بلا ريب لما تقدم وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله.
ورخص فيه آخرون ومنهم أصحاب أبي حنيفة وروي ذلك عن الحسن والحسين وفي ثبوته عنهم نظر ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أحق بالاتباع ولو خالفها من خالفها».
قلت: وللأحاديث المتقدمة في الحض على الخضاب كثر اشتغال السلف بهذه السنة فترى المؤرخين في التراجم لهم يقولون: «وكان يخضب» و «كان لا يخضب»