الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل تشترط الطهارة لقراءة القرآن ومس المصحف؟
مع بيان معنى آية {لا يمسه إلا المطهرون}
السؤال: [هل تشترط الطهارة لقراءة القرآن]؟
الشيخ: أقول: لا شك أن ذكر الله تبارك وتعالى له قداسته وله قيمته، ولذلك فمن المجمع عليه بين علماء المسلمين أن قراءة القرآن على طهارة كاملة هو الأفضل وهو اللائق بعظمة كلام الله عز وجل، وإذا كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبى أن يتلفظ باسم من أسماء الله عز وجل ألا وهو السلام إلا على طهارة في الحديث المعروف في السنن ومسند أحمد وغيره أن رجلاً سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان منه عليه السلام إلا أن بادر إلى الجدار وتيمم ورد السلام وقال:«إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر» أن يذكر الله؛ لأن السلام اسم من أسماء الله كما جاء أيضاً في الحديث الصحيح في كتاب «الأدب المفرد» للإمام البخاري من حديث عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم» هذا السلام كره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرده على من سلم عليه إلا على طهارة.
[لكن لا نحرم عليه قراءة] القرآن وهو غير طاهر سواء الطهارة الصغرى أو الكبرى، لعدم وجود دليل يحرم على المسلم أن يقرأ القرآن وهو على غير طهارة، لكن هذا الحديث فيه حض واضح جداً على أن يقرأ القرآن وهو على طهارة كاملة.
لكن هنا شيء، هذا الحكم وهو الأفضل، الشرط الأكمل الكامل لا يستطيعه كل مكلف من المسلمين إلا الرجال فقط، أما النساء فتارة وتارة، وآنفاً سمعتم قول الرسول عليه السلام للسيدة عائشة التي حاضت، قال لها:«اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي» فهي إذاً لا يقال لها: توضئي كما نقول للرجل؛ لأنها لا تستطيع شرعاً أن تتوضأ، لا تستطيع شرعاً أن تتطهر، ولذلك فلها أن تقرأ ما شاءت من القرآن بدون ما نقول مرجوح وراجح كما نقول بالنسبة للرجل وهو
جنب نقول: عليه أن يغتسل؛ لأنه يستطيع أن يغتسل وبذلك يتطهر، فنقول له: أفضل لك أن تتوضأ، أما المرأة الحائض أما المرأة النفساء التي قد [يمر] عليها في بعض الأحيان أو في جنس من أجناس النساء أربعون يوماً أو أكثر وهي في حالة النفاس، فيقال لها: لا تقرأي، ليس عندنا دليل يمنع أن المسلم عامة رجالاً فضلاً عن النساء يمنعهم من قراءة القرآن إلا على طهارة.
والحديث الذي رواه الترمذي في السنن من حديث ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقرأ القرآن حائض ولا جنب» هذا حديث منكر كما يقول إمام السنة أحمد بن حنبل، لا يصح هذا الحديث، لو هو صحيح لوجب الانتهاء إليه.
بالإضافة إلى ضعف هذا الحديث، وما قد يكون في الباب من أمثاله من الضعاف، فأمامنا حديث السيدة عائشة حيث أمرها وأذن لها أن تصنع كل شيء يصنعه الحاج إلا أنها لا تصلي ولا تطوف، تُرى الحاج لا يقرأ القرآن، أم هناك
…
قراءة قرآن، يعني: هناك فراغ وهناك التوجه إلى الله تبارك وتعالى بلا شك يقرأ القرآن.
أيضاً في هذا الحديث إذن مباشر للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن، فلا يجوز أن نمنع النساء من قراءة القرآن بحجة أنها غير طاهرة، لو أن الله منعها كما منعها من الصلاة لوقفنا عند هذا وانتهينا، لكننا نجد الشارع الحكيم قد أوحى إلى الرسول الكريم بالتفريق بين الصلاة وبين أجزاء الصلاة، لأن بعض الناس يقولون: يا أخي القراءة ركن من أركان الصلاة، فلماذا لا يجب الطهارة لهذه القراءة وهي جزء من أجزاء الصلاة؟
فنقول: ليست القراءة فقط هي جزء من أجزاء الصلاة، أول ما يستفتح الصلاة به هو قولنا: الله أكبر، فلنقل: إنه لا يجوز للمسلم أن يقول الله أكبر إلا على طهارة؛ لأنها ركن من أركان الصلاة
…
التسبيح والتحميد والتكبير إلخ، لا يوجد مانع من ذلك أبداً، مع الاحتفاظ بما ذكرناه من الأفضل أن يذكر الله على طهارة.
كذلك يقال تماماً بالنسبة لمس القرآن، أيضاً مس القرآن يشرع، فقد جاءت آثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يمتنعون - يمتنعون فكراً - عن مس القرآن إلا على وضوء، وهذا فيه بيان لما هو الأفضل لمن يريد أن يمس القرآن أو أن يقرأ من القرآن، أما الإيجاب والقول بأنه يحرم على المرأة غير الطاهرة أن تمس القرآن فهذا لا دليل عليه أبداً.
والناس بلا شك متوهمون، في ناس سيقول لك: وليست بدليل إطلاقاً، من ذلك مثلاً ما يشتبه الأمر على كثير من الناس خاصة الذين لا يولون عناية بتلاوة القرآن، حينما يقرأ قول الله عز وجل في القرآن:{لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]. وقد وصل الخطأ في حمل هذه الآية على هذا الموضوع الذين نحن فيه، أي بأن يفسروا قوله عز وجل:«لا يمسه» أي: هذا المصحف الذي بين أيدينا «إلا المطهرون» أي: إلا المتوضئون، وصل هذا الوهم إلى أن ينشر على كل نسخة تطبع في العالم الإسلام من القرآن الكريم عنوان: لا يمسه إلا المطهرون، وهذا خطأ يشبه خطأ آخر من حيث الخطأ الفكري العلمي أولاً، ثم من حيث نشره وتعميميه للناس ثانياً، الآية التي تكتب على المحاريب {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37]. المحراب يعني: الطاقة؛ هذا كذب، هذا زور، المقصود بالمحراب هو مكان الصلاة، كلما دخل عليها زكريا المحراب يعني: الغرفة التي كانت منعزلة فيها عن الناس تعبد الله عز وجل، هذا هو المحراب، وليس المحراب هو هذا الذي أدخل المساجد منذ قديم مع الأسف الشديد تأثراً بمحاريب الكنائس، محاريب النصارى في كنائسهم، وأما في الإسلام لم يوجد المحراب، مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب، وللحافظ المصري السيوطي، الحافظ السيوطي صاحب الجامع الكبير والجامع الصغير رسالة يمكن أنا ناسي ..
مداخلة: «إعلام الأريب بحدوث المحاريب» .
الشيخ: «إعلام الأريب» وهذا بحث قيم جداً ينقل هناك نصوصاً عليه أن وجود المحاريب في المساجد من محدثات الأمور، الشاهد: الآية السابقة {لا يَمَسُّهُ
إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]. ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن الذي هو بين أيدينا.
هذا له شبه كبير أُوْجِزُهُ بقدر الاستطاعة فأقول: لا يمسه: الضمير هنا يرجع إلى الكتاب المكنون المذكور من قبل؛ لأن الله عز وجل يقول: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 77]. {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78]. {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]. لا يمسه راجع للكتاب المكنون، كتابنا هذا والحمد لله ليس مكنوناً، يعني: ما معنى مكنون، يعني: مختوم، يعني: ولا تراه ولا تطوله أيدي الشياطين، ولذلك للإمام مالك رحمه الله فهم جيد ولطيف جداً في كتابه الموطأ في تفسير هذه الآية، حيث يقول: أحسن ما سمعت في تفسيرها أنها كالآية التي في سورة عبس: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} [عبس: 11]. {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [عبس: 12]. {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} [عبس: 13]. {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس: 14]{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: 15]{كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 16]. من هم السفرة؟ الملائكة، هؤلاء الملائكة هم أنفسهم المقصود أنهم يمسوه، وأن غيرهم لا يمسوه ذلك الكتاب المكنون.
هذه قرينة، وهناك قرائن أخرى ومِن أقواها أنه قال تعالى:«إلا المطهرون» نحن معشر البشر لا يجوز أن نصف أنفسنا مهما سمونا وعلونا في الصلاح والتقوى بأننا مطهرون، نحن لسنا مطهرون، لا يوجد إنسان مطهر أبداً، بل نحن ملوثون والصالح منا من يتكلف فيتطهر، الصالح منا من يتكلف يعني: يتصنع الطهر، وإلا ليس بإمكانه أنه طاهر، المطهرون هم الملائكة الموصوفون بقوله عز وجل:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. أما البشر فهم الذين [وصفوا بقوله] عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. كذلك لما ذكر مسجد قباء قال: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108]. فنحن إذا كنا مثلهم فهنيئاً لنا، وعلينا أن نتطهر، أما المطهَّرِين فهيهات هيهات.
الشاهد من الاستدلال بهذه الآية وربطها بهذا الموضوع هذا خطأ شائع، ومن أحسن من تكلم على هذه الآية في أحسن ما ذكرنا، ومنه نحن استمددنا، هو