الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون قد أخذ عن بعض الصحابة الذين سمعوه منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يحدث بحديث طلق.
الثالث: أنه يمكن الجمع بين الحديثين بنحو ما ذكرناه عن ابن تيمية، فلا مبرر للقول بالنسخ».
(التعليق على مشكاة المصابيح 1/ 105)
الوضوء من مس الذكر إذا كان مسه بشهوة
عن طلق بن علي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ. قال: «وهل هو إلا بضعة منه» . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وروى ابن ماجه نحوه.
وقال: وهو أحسن شيء في هذا الباب.
[قال الإمام]:
قلت: وسنده صحيح، وقد صح القول به عن جماعة من الصحابة منهم ابن مسعود وعمار بن ياسر، ولذلك خَيَّر الإمام أحمد بين الأخذ به أو بالذي قبله، وجمع شيخ الإسلام ابن تيمية بينهما بحمل الأول على المس بشهوة، وهذا على المس بدون شهوة، وفيه ما يشعر إلى هذا المعنى، وهو قوله «
…
بضعة منك».
(التعليق على مشكاة المصابيح 1/ 104)
حال حديث من مس ذكر غيره فليتوضأ، وهل مس الذكر، أو مس فرج الغير ينقض الوضوء
السائل: «من مس ذكر غيره فليتوضأ» رواه الطبراني ما حال الحديث؟
الشيخ: الحديث بهذا اللفظ شاذ، والحديث الذي تَعَدَّدت طرقه إنما هو:«من مس ذكره فليتوضأ» ، ثم إذا كان الصواب في فَهم الحديث الصحيح المحفوظ: «من
مس ذكره فليتوضأ»، أي من مس ذكره بشهوة فليتوضأ، فمن باب أولى لو صح الحديث اللفظ الأول «من مس ذكر غيره فليتوضأ» إنما المقصود إذا كان مَسُّه لذكر غيره من باب إثارة الشهوة لنفسه؛ حينئذٍ يكون تَحَقَّق العلة المفهومة من الحديث الصحيح، بالإضافة إلى حديث طلق بن علي الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن رَجُل وهو يُصَلِّي فمد يده فحك جسده فمس عضوه، هل يتوضأ؟ فقال:«هل هو إلا بضْعَة منك» .
فجمعاً بين الحديث الأول: «من مس ذكره فليتوضأ» ، وبين هذا الحديث الآخر، نفهم من الجمع بينهما أن المسّ الناقض للوضوء هو إذا كان بشهوة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني أنكر على السائل أنه يجب الوضوء من مس الذكر، إذا ما كان مَسّه إياه كما لو مس قطعة من بدنه.
وقد أوضح هذا المعنى أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهو عبد الله ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يقرأ القرآن غَضًّا طَرِيًّا كما أُنْزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» ، ابن مسعود هذا ابن أم عبد سأل نفس السؤال الذي جاء في حديث طلق بن علي:«الرجل يَمسّ عضوه، هل يتوضأ» ، قال: سواءً مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي سواء مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي»، كأنه يُشِير أن الرجل حينما يَمَسّ أنفه، أو يمس أي عضو من أعضاء بدنه؛ لا يتصور وجود شهوة في هذا المس، كذلك إذا كان المَسّ لذاك العضو الذي هو عادةً مكان الشهوة، إذا كان المَسّ مَساًّ عادياً ليس مقرونا بالشهوة، فلا فرق مسسته أو مسست أي مكان من بدنك كالأنف مثلاً.
إذا كان هذا هو معنى الحديث الصحيح «من مس ذكره فليتوضأ» فأولى ثم أولى ثم أولى أن يكون المراد من الحديث الآخر الذي قلنا إنه شاذ «من مس ذكر غيره فليتوضأ» في بعض الأحاديث الثابتة بدل الذكر الفرج والفرج هنا أعم من الذكر لأنه يشمل الأنثى والذكر، حينئذٍ يمكننا أن نتصور أن رجلاً عبث بفرج امرأته، كما يمكننا أن نتصور أن زَوْجَةً عبثت بذكر زوجها، فإذا كان المقصود من
هذا وذاك هو إثارة وتحريك الشهوة، فهذا هو الذي ينقض، وليس مجرد كما يتوهم بعض النسوة حينما يكثرن السؤال «أنا أغسل ابني الرضيع، مسست عضوه» سبحان الله، وأيُّ شيء في هذا، لا شيء في هذا ولا في شيء مما هو أعلى وأكثر من هذا ما دام أنه لم يقترن بذاك المَسّ إرادة إثارة الشهوة، وبهذا القدر كفاية لعله يكفي.
السائل: الدليل على الشهوة الآن عندنا حديثين حديث بُسْرَة وحديث طلق.
الشيخ: سبق -بارك الله فيك-، رجل يُصَلِّي ويومئذ كانوا يصلون بالإزار ليس هناك سراويل، فمس مد يده يحك جسده وإذا به يقع اللمس الغير مقصود بذَكَرِه فسأل الرسول، قال له:«هل هو إلا بضعة منك» ، أي هل كان هناك شهوة، الجواب:«بضعة منك» ، فأوردت أثر ابن مسعود «سواء مسسته أو مسست أنفي» هذا هو الدليل.
لأننا إن وقفنا عند الحديث الأول: «من مَسّ ذَكره فليتوضأ» لا شك أن إطلاق المس يعني كل مس سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، لكن ماذا نفعل في الحديث الآخر:«هل هو إلا بَضْعَةً منك» ، هل هذا القول يتمشى مع القواعد العلمية الأصولية، هل الأصل الجمع بين الحديثين المتعارضين، أم نسخ أحدهما بالآخر، ما هو الأصل؟ الأصل الجمع، وقد أمكن، وخاصة بفهم أحد السلف الصالح وهو عبد الله ابن مسعود الذي رأيتُ من الحِكْمَة أن أذكر قول الرسول في مَدْحه:«من أحب أن يقرأ القران غَضَّا طَرِيَّا كما أُنْزِل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» ، وهناك بعض الأحاديث الأخرى التي تأمر بالتمسك بهدي ابن أم عبد.
مداخلة: الرد على قول الأحناف الذين قالوا بأن حديث «إن هو إلا بضعة منك» رفع ذلك الحديث من الإيجاب إلى الاستحباب.
الشيخ: هذا يُحَوّل إلى الدكتور، نضرب كلامه الذي نقله عن بعضهم بهذا الكلام الذي نقله بعضهم، يعني لماذا يَصِلون إلى النَّسْخ للعجز، أم الجمع هو الأصل؟
مداخلة: في أدلة على النسخ، وأن حديث «هل هو إلا بضعة منك» حديث
طلق بن علي، ثم نفس طلق يروي «من مس ذكره فليتوضأ» لما -يعني- أكثر الصحابة، أكثر من عشرة من الصحابة يروون حديث «من مس ذكره فليتوضأ» ثم يرون أنه تحقق «انقطاع» طرق بحديث بسرة.
الشيخ: طيب، أنت يا دكتور لاحظت على كلامك ثلاث مرات ثم ثم ثم كل ثم هذا تحتاج إلى بحث على حده فهل أنت تعيد قولك ثم الأولى حتى نقف عندها وننظر أصحيح ما قلت أم لا، ما هي ثم الأولى فإذا أنت نسيت هذا ..
مداخلة: يعني حقيقة أنا أريد الحق.
الشيخ: أنا لا أشك فيما تريد، لكن لأني لا أشك فيما تريد أريد أن تتأني في إلقاء الإشكالات على ما سمعت.
مداخلة: أولا: حديث طلق بن علي قيل أنه منسوخ.
الشيخ: قيل.
مداخلة: ويوجد وجوه على النسخ.
الشيخ: لا، أنا أخشى من ثم الثانية، أن تأتي قبل أوانها، ما دام تقول قيل ما قيمة هذا القيل.
مداخلة: يعني، ليس ثابتا صحيح.
الشيخ: رَيِّح حالك منه، وعيد إطاحة «ثم» الأولى.
مداخلة: ويدل على النسخ ما يلي:
أولا: أن أكثر الصحابة يروون حديث يوافق حديث بسرة بن صفوان، حوالي سبعة أو ثمانية من الصحابة.
الشيخ: أين في علم أصول الفقه: أن الحديث الذي تواتر، الذي تواتر ما أقول سبعة رووه من الصحابة تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز التوفيق بينه وبين حديثٍ حَسَنٍ، ما أقول أيضاً حديث صحيح، أقول حديث حسن؟
لا يوجد شيء من هذا في الأصول إطلاقاً، بل الموجود نقيض ذلك تماماً، كما أذكر جَيِّدا في «شرح النخبة للحافظ ابن حجر العسقلاني» ، حينما يتكلم عن التوفيق بين الأحاديث فيقول: إذا كان الحديث من قسم المقبول فعارضه حديث مثله، حينئذٍ وَجَب التوفيق بين الحديثين، بوجه من وجوه التوفيق، هكذا هو يقول بإيجاز لأن رسالته مختصرة كما هو معلوم، أنا ما أنهيت كلامي، لك ملاحظة فيما مضى؟ لا ما انتهينا.
قلت آخر ما قلت: بأن الحافظ ابن حجر العسقلاني هكذا يقول باختصار، يُوَفَّق بين الحديث إذا كان من قسم المقبول يدخل في قسم المقبول الحسن فصاعداً، حتى المتواتر يُوَفَّق بوجه من وجوه التوفيق، ما هي وجوه التوفيق؟ أكثر من مائة وجه، فإذا عجز الفقيه العالم عن التوفيق بين حديثين متعارضين، وكل منهما من قسم المقبول، حينئذٍ صار إلى تَطَلُّب النسخ، معرفة الناسخ من المنسوخ، فإن لم يتمكن من ذلك صار إلى الترجيح.
هنا الآن يُفِيد هذا حديث حسن وذاك حديث صحيح، أو هذا حديث صحيح وذاك حديث مستفيض أو مشهور، أو هذا حديث صحيح مستفيض أو مشهور وذاك حديث متواتر، هنا يُصَار إلى الترجيح، فيقال: الحديث المتواتر أقوى من الحديث الصحيح المستفيض أو المشهور أو الحديث المستفيض المشهور، أو المشهور أقوى وأصح من الحديث الصحيح الفرد، أو الحديث الصحيح الفرد أقوى من الحديث الحسن لذاته والحديث الحسن لذاته أقوى من الحديث الحسن لغيره، متى يصار إلى هذا؟ حينما سُدَّت أمامنا طرق التوفيق، وهي أكثر من مائة طريق، ثم سُدَّ أمامنا طريق معرفة الناسخ من المنسوخ، حينئذٍ يُصَار إلى رَدّ أحد الحديثين بالآخر بقاعدة الأصح الأصح.
فنحن الآن نقول: حديث «من مس ذكره فليتوضأ» ، حديث متواتر وليس فقط رواه سبعة رواه عشرة وعشرين فرضا وهو كذلك، طيب، عارضه حديث طلق ابن علي، ماذا نفعل؟ نَرُدَّه بدعوى النسخ، أم نحاول التوفيق؟ نحاول التوفيق،