الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: هذه قضية تُعَالج بمعالجة أخرى، وهي معروفة عندنا، من يرى أن المضمضمة والاستنشاق في الوضوء فرض، وهذا الذي نتبناه، فنقول: لابد والحالة هذه لمن يصب ولا يتوضأ، أن يتمضمض ويستنشق، لقيام الدليل على وجوب ذلك، ومن يرى أنه سنة فقد سبق الجواب على ذلك.
(الهدى والنور /299/ 13: 50: 00)
حكم الاغتسال في الماء الدائم
مداخلة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» وفي حديث آخر [اغتسلت إحدى] أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة فجاء ليغتسل فيها وقالت: إني كنت جنبًا، فقال: إن [الماء لا يجنب] يعني: كيف يكون الجمع بين الحديثين.
الشيخ: أين التعارض؟ أرني التعارض حتى أزيله وإلا فهو زائل بنفسه، نهى عن ماذا يا أخي، انظر بدقة.
مداخلة: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» .
الشيخ: نعم، فهل اغتسل الرسول في الماء الدائم؟ هل في الحديث الثاني ..
مداخلة: لا ما اغتسل.
الشيخ: إذًا ليس هناك تعارض.
مداخلة: لكن يا شيخنا!
الشيخ: إلى هنا فهمت علي؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب! الآن دع الحديث الأول وقف عند الحديث الثاني: ما قصة الجفنة؟ أن امرأة الرسول زوجة من زوجاته اغتسلت طيب، فماذا هل هي اغتسلت
في الجفنة؟ قل لي الآن.
مداخلة: يقول الحديث.
الشيخ: لا، لا تقل الحديث، أنا أسألك أنت، هل تفهم من الحديث بارك الله فيك أن زوجة الرسول اغتسلت في الجفنة؟
مداخلة: يفهم عندنا: في الماء الذي في الجفنة.
الشيخ: نعم، لكن ما اغتسلت في الجفنة، الحديث الأول ماذا يقول؟ «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم» فما في فرق بين اغتسلت من الجفنة ولا تغتسل في الجفنة؟ ما هي الجفنة دعنا نتعلم .. ما هي الجفنة هي البحيرة؟
مداخلة: لا، الجفنة [إناء]
الشيخ: فهل يمكن الاغتسال في الجفنة؟ حروف الجر يقول العلماء: يقوم بعضها مقام بعض، وهذا من حجج أهل السنة على أهل البدعة، لما قال تعالى حكاية .. لما أسلم السحرة ماذا كان موقف فرعون منهم؟ أنه هددهم بالقتل شر قتلة، فماذا قال في سورة طه، ماذا قبل قوله تعالى حكاية عنه:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أول الآية ماذا؟ قال: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] هل هناك من عربي يفهم: في جذوع النخل: أنه سيشق الجذع مثلًا بابين ويضعهم داخل ويقفل عليهم الجذع ويموتوا خنقًا؟ ما أحد يفهم شيء من ذلك، وإنما قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] الآية لأصلبنكم على جذوع النخل فيقولون أهل المعرفة باللغة العربية: أن حروف الجر يقوم بعضها مقام بعض، فهنا إذا وجدت في رواية: في الجفنة، فالمقصود: من الجفنة، ضرورة أن الجفنة لا تتسع للإنسان ليغتسل فيه.
كذلك من هذا القبيل: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الأنعام: 11] يعني: في جوف الأرض مع الديدان والأفاعي والحيايا ونحو ذلك؟ لا، سيروا على وجه الأرض،
فحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض.
أخيرًا: نصل معكم إلى حديث متداول على الألسنة وهو والحمد لله من الأحاديث الصحيحة، وفيها اعتقاد أهل السنة أن الله عز وجل على العرش استوى، وأنه كما قال في القرآن الكريم:{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16 - 17] ما هو الحديث؟ قال عليه الصلاة والسلام: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» قوله: ارحموا من في الأرض، يعني: الديدان والحشرات؟ لا، يعني: ليرحم بعضكم بعضًا هكذا، يرحمكم من في السماء، وهذه نقطة الهامة التي أريد أن ألفت نظركم إليها ربطًا لهذا الحديث بالآية السابقة:{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] لأن بعض المبتدعة قديمًا وحديثًا يشكل عليهم هذا النص القرآني والحديث أيضًا، لكن الحديث النبوي يزيل الإشكال؛ لأنه قال:«ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» فلا أحد يفهم من قوله في الجملة الأولى من الحديث: من في الأرض، يعني: من في جوف الأرض وإنما من على الأرض، يعني: من البشر «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» في السماء أيضًا هنا بمعنى: على السماء، فحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض.
فقوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] هذه نقطة يجب أهل السنة أن يعرفوها حتى إذا ما جهلوها استغلوا من قبل المبتدعة حيث يقولون: أنتم تقولون: إن الله عز وجل على العرش استوى، وتفسرون استوى بمعنى استعلى، هذا ربنا يقول:{أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] فإذًا: الله في السماء، والسماء خلق من خلق الله، فهل السماء ظرف لله عز وجل أحاط به؟ والواقع أن الله وصف نفسه بقوله:{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} [النساء: 126] فهو أكبر من كل شيء، لذلك نحن نستفتح صلواتنا بقولنا: الله أكبر، فكيف ربنا في السماء، وما معنى قول الجارية حينما سألها الرسول: أين الله؟ فقالت: في السماء، أي: على السماء؛ لأن حروف الجر يقوم بعضها مقام بعض، وعلى ذلك يتفق قوله تعالى:{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]