الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانت النجاسة التي وقعت فيه قليلة، لكن حديث بئر بضاعة ينفي ذلك من القول: ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة.
فلهذا يتضح أن حديث القُلَّتين لا يصلح -من حيث الفقه- أن يكون مبدأ وقاعدة، بخلاف حديث البئر فهو المبدأ وهو القاعدة؛ وما كان كذلك من الأحاديث فَيُسَلَّط أحدهما على الآخر، وهو الذي يقيده ويوضحه ويبينه.
وأخيراً نقول: إن الظاهر أن حديث القلتين خرج جواباً لحادثة معينة، لا لقاعدة مطردة شاملة؛ ولذلك فليس له حكم ثابت مستقل إلى يوم القيامة، وإنما هذا الحكم هو للحديث المذكور آنفاً.
(الهدى والنور / 28/ 13: 8.: 00)
فقه حديث القلتين
الشيخ: كان السؤال حول حديث: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» ، هل هو صحيح؟ وما فِقْهُه؟
فكان الجواب: أنه من حيث إسناده صحيح، لكن من الناحية الفقهية فليس العمل عليه، إنما العمل على حديث أبي سعيد الخدري الذي جاء في بئر بُضاعة، والذي قال عليه السلام فيه:«الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء» .
فحديث القلتين إذا وقفنا عنده وأخذنا بمنطقه ومفهومه ما نستطيع أن نأخذ منه حكماً شرعياً منضبطاً، فمنطوق الحديث: أن النجاسة مهما كانت كمِّيتها فما دام أن الماء بلغ القلتين فهذا غير نجس، وهذا لا يقول به فقيه، وعلى العكس: إذا لم يبلغ قُلَّتين ووقع فيه قطرة من نجاسة بول -مثلاً- أو دم فقد تَنَجَّس، وصار في هنا شيء من التنافر كُلِّي، إذا فرضنا القلتين بالمكاييل المعروفة اليوم، لو فرضنا خمسين كيلو .. لأني ليس واعي الآن، تحفظ قدر ماذا معيرينه الآن قلتين؟
مداخلة: ما أحفظ.
الشيخ: نفترض هي فرضية؛ لأن الحقيقة ليس العمل على القلتين، أنت تستحضر شيئاً؟
مداخلة: لا.
الشيخ: هاه، استرحنا إذاً.
فالمقصود: نفترض أنه ماء وزنه خمسين كيلو، وهذه الخمسين كيلو يساوي قلتين، وقع في هذه الخمسين كيلو كيلو بول، ماذا يعطينا الحديث طاهر الماء أم نجس؟
مداخلة: حديث القلتين طاهر.
الشيخ: طاهر، إذا كان الماء أقل من خمسين كيلو، ووقع فيه قطرة ماء ماذا يكون طاهراً أم نجساً، عفواً قطرة بول يكون طاهراً أم نجساً؟
مداخلة: نجس.
الشيخ: نجس، لو فُحِص هذا الماء، لا أقول بفحص الكيماوي الطبي؛ لأن الإسلام لا يُكَلف المسلمين كلهم أنهم يكونوا هكذا أطباء وكيماويين، لكن أقول: لو فحصنا الصورتين المتنافرتين كلِّياً بمعيار حديث: «الماء طهور لا ينجسه شيء» ، لوجدنا المثال الأول الذي أخذنا منه كون الماء طاهراً مطهراً من حديث القلتين، والمثال الثاني أخذنا منه أنه نجس، لوجدنا أن كلاًّ من المثالين يتنافى مع:«الماء طهور لا ينجسه شيء» ، كيف ذلك؟
المثال الثاني الذي وقع فيه قطرة من بول، الماء طهور، هذه القطرة ضاعت في غمرة هذا الماء الكثير، فلم يبق لهذه القطرة من البول أثر إطلاقاً، فهنا يأتي حديث أبي سعيد:«الماء طهور لا ينجسه شيء» ، طبعاً حينما نستحضر هذا الحديث، ونستحضر المناسبة التي قال الرسول عليه السلام الحديث في مناسبتها، نحن نفهم حينئذٍ الحديث على الوجه التالي: الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء من النجاسات التي تقع فيه حتى يخرج عن كونه ماء مطلقاً، أليس كذلك؟