الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماء لا ينجس إلا بالتغير
عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال: «إذا كان الماء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الخَبَثَ» . «إسناده صحيح على شرط الشيخين» .
وعن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال: حدثني أبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس» . «إسناده صحيح» .
[قال الإمام]:
فائدة: مفهوم الحديث على أن الماء ينجس إذا كان أقل من القلتين، وهو
معارض لعموم الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا؛ فلذلك- ولأمور أخرى
ذكرها ابن القيم رحمه الله في «التهذيب» -: الأرجح عندنا العمل بهذا العموم
وترك هذا المفهوم. والله أعلم.
قلت -جامعه- أراد الشيخ بالحديث الآتي:
باب ما جاء في بئر بُضَاعة، عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خَديج عن أبي سعيد الخدري أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بُضاعة؟ وهي بثر يُطرح فيها الحِيَض ولحم الكلاب والنتْن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماء طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ» . «صحيح» .
صحيح سنن أبي داود (1/ 109 - 110)
فقه حديث القلتين
السائل: حضرتك صَحَّحت حديث القُلَّتين؟
الشيخ: نعم.
مداخلة: بالنسبة لفقه الحديث؟
الشيخ: فقه الحديث -أي حديث كان- لا يجوز أن يُسْتَنبط الفقه منه إلا مع التوجه والنظر للأحاديث الأخرى المتعلقة بالباب، فمن الأحاديث المعروفة حديث بئر بضاعة:«فالماء طهور لا يُنَجِّسه شيء» . فحينئذٍ لا بد من النظر في كُلٍّ من الحديثين معاً، لا يجوز النظر في حديث القُلَّتين لوحده، ولا في حديث البئر لوحده وإنما كليهما معاً، فإذا كان الأمر كذلك فحديث القلتين واضح الدلالة من حيث المعنى، وإن كان ليس واضح الدلالة من حيث عمومه وشموله، بخلاف حديث البئر فهو يحتاج إلى شيء من التوضيح والبيان.
«الماء طهور لا يُنَجِّسه شيء» ما معنى: لا ينجسه شيء؟ توضيحه في رواية أخرى لا تصح من حيث إسنادها، لكن الإجماع على العمل بها، وهي التي تقول:«ما لم يتغير طمعه أو لونه أو ريحه» وحينئذٍ فقوله عليه السلام: «الماء طهور» يعني: ما بقي على طهوريته وعلى إطلاقه، إذا رأيته قلت عنه ماء، إذا كان هذا هو معنى الحديث -وهو كذلك يقيناً- حينئذٍ نعود للنظر في حديث القلتين.
«إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» هل هو على إطلاقه؟ بمعنى: وعاء فيه متَّسَع لأكثر من قُلَّتين ولنقل يتسع لأربع قُلَل من الماء، فيه ما أذكر يمكن عشر تنكات، أو ما أشبه ذلك ..
القصد: هذا الوعاء الذي يتسع لأربع قُلَل من الماء فيه قُلَّتان من الماء فالحديث يقول: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» ترى ما نسبة الخبث الذي إذا وقع في هذا الماء البالغ قلتان يظل طاهراً، ولا يحمل الخبث، أي: لا يغلب عليه الخبث.
وكما أقول في كثير من المناسبات: دعنا نضربها -على التعبير السوري-: «علاوية» هذا الوعاء يتسع لأربع قُلَل، فيه قُلَّتين من الماء النقي الطاهر، وقع فيه قلتان بول، هل يقال: لا يحمل الخبث أو لم يحمل الخبث؟ ! ما أظن أحداً يقول بظاهر هذا الحديث: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» هذا واضح.
انزل الآن من فوق إلى تحت .. فننزل ونقول: بدل القلتين بول، قلة .. بدل القُلَّة نصف قلة .. وهكذا.
إذاً؛ ما هي نسبة النجاسة التي إذا وقعت في القُلَّتين لم تُنَجِّسه عملاً بهذا الحديث، أما أن يقال مطلق النجاسة؛ فهذا لا أحد يقول به.
إذاً: ما هي المقدار من النجاسة التي إذا وقعت في الماء ذو القلتين تَنَجَّس؟ طبعاً -أيضاً- لا يمكن أن يقال أن النسبة ثابتة، سواء حَدَّدناها بقليل أو بكثير من المياه الصحية؛ لأن أنواع النجاسات يختلف تأثيرها، مثلاً: إذا وقع فيه بول -مثلاً- فسوف لن يؤثر إذا وقع فيه قليل من البول .. سوف لا يؤثر في تغييره، كما لو وقع فيه دم نجس مثلاً، فالقليل من الدم النجس يُغَيِّر هذا الماء بسرعة وبنسبة أقل من وقوع البول نظراً لكون البول يتضاءل من حيث اللون مع الماء.
فهنا الإنسان يستطيع أن يتصور احتمالات عديدة جداً، وصور متعددة جداً جداً، من حيث كثرة النجاسة وقِلَّتها من جهة ونوعية النجاسة وقلتها من جهة أخرى، فما الحكم؟ حينئذٍ سنجد أنفسنا مضطرين إلى حديث البئر، هو الذي يتحكم في حديث القلتين، فسنقول: النجاسة التي وقعت في القُلَّتين ولم تُنَجِّسه هي التي أشار إليها الحديث: «الماء طهور» أي: بقي ماء القلتين طهوراً لم يتغير [شيء] من الأنواع الثلاثة، فإذاً يبقى طاهراً وإلا تنجس، واضح إلى هنا؟
مداخلة: إلى هنا واضح.
الشيخ: طيب! نمشي الآن خط منعكس تماماً: الماء قلتين لا يحمل الخبث، فإما أنه ليس على إطلاقه واضح أن الماء دون القلتين وقع فيه قطرة من بول تنجس على حديث القلتين؟ تنجس لكن على حديث البئر لم يتنجس لماذا؟
لأنه أعطانا قاعدة: أن الماء الذي وقعت في نجاسة ما دام أنه لم يخرج عن كونه ماء مطلقاً وذلك بألا يتغير أحد أوصافه الثلاثة فهو طهور لا يُنَجِّسه شيء.
حينئذٍ يظهر لنا تماماً أن حديث البئر كما تسلط على حديث القلتين، من حيث البيان والتوضيح أنه ليس على إطلاقه، فكذلك هو يتسلط على حديث القلتين من حيث مفهوم المخالفة له .. مفهوم المخالفة: أنه إذا كان لم يبلغ القلتين تنجس، مهما