الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول الجهاد في البوسنة
علي حسن: شيخنا تكميلاً لهذا الموضوع، جرى مباحثة بيني وبين بعض الإخوة حول موضوع البوسنة والهرسك اتصل بي هاتفياً وقال لي ما هو رأي الشيخ ناصر في هذه الكارثة التي أصابت بعض إخواننا المسلمين في بعض البلاد، هل يعني يذهب الشباب المسلم هناك ليجاهد وما شابه ذلك؟ فقلت له: الشيخ يقول بأن هذه المسألة لا يستطيع مجرد الشباب الأفراد ولو كان بضع مئات ولو بضع ألوف ليذهبوا إلى هذا المذهب أو إلى تلك البلاد، وإنما الأمر بحاجة إلى استعداد كبير وإعداد وما شابه ذلك تلخيص لحجة شيخنا في هذا الباب، ثم قلت له نرجو الله عز وجل أن لا يدفعنا حماسنا وعاطفتنا إلى التهور، فبالتالي تصبح عندنا أفغانستان ثانية، فقال كلمة أريد شيخنا أن تعلقوا عليها كفائدة، قال: لكن أيضاً لا نريد أن نكون جبناء.
الشيخ: ما شاء الله.
مداخلة: فحبذا شيخنا لو تكلمت بشيء يسير حول هذا بارك الله فيكم.
الشيخ: الله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً ما جبناء، ولكن مع ذلك ما كانوا أصحاب حماقة ورعونة، فما كانوا ليلقوا بأنفسهم إلى التهلكة قبل أن يعدوا العدة قبل كل شيء، وهذا أسهل شيء وأسهل جهاد وهو الهجرة من بلاد إلى بلاد أخرى، من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، ونحن نرى الآن كثيراً من الشباب المسلم وقد يكون فيهم من
يقول كما نقلت عن صاحبك لا نريد أن نكون جبناء ومع ذلك فنجدهم لجبنهم لا يستقرون في بلدهم؛ لأنهم يتعرضون لبعض المضايقات من بعض الجهات الرسمية، فلا يصبرون على ذلك وينهزمون ويسوغون بانهزامهم الاستيطان ببلاد الكفر التي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديث كثيرة عن السكن في بلاد الكفر كمثل قوله عليه السلام ولا أطيل في هذه المسألة الكلام:«من جامع المشرك فهو مثله» من جامع: أي من خالط المشرك وساكنه فهو مثله في الضلال، وهذا أمر ملموس لمس اليد، أن المسلمين الذين يسافرون ولا أقول يهاجرون من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر؛ لأن الهجرة إنما تكون على العكس من ذلك، تكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، فنحن نجد كثيراً من الشباب ليس عندهم من الشجاعة الأدبية أن يتحملوا شيئاً من الأذى الذي تحمل القسم الأكبر الذي لا نتصوره اليوم الرعيل الأول أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن
…
لما نزل الإذن لهم بمقاتلة الكفار والمشركين كانوا عند حسن نظر الناس جميعاً سواء كانوا من المسلمين أو الكفار، وما العهد عنكم في قصة ثبات أهل بدر وهم نحو ثلاثمائة مقاتل، أمام ألف من الرجال، وعدتهم وعددهم أضعاف مضاعفة عليهم، ولذلك فنحن ننصح هؤلاء الشباب أن يتذكروا معي قول القائل:
الرأي قبل شجاعة الشجعان
…
هو الأول وهي المحل الثاني
فلا نريد باسم الشجاعة أن نورط أنفسنا وأن نهلكها قبل اتخاذ الوسائل التي تجيز لنا بعدها أن نجعل دمنا رخيصاً في سبيل الله تبارك وتعالى، فهذا ما أقوله لمثل هذا الشاب المتحمس، وأنا أقول له وأنا أجهله، قل له عن لساني: اذهب وأظهر شجاعتك في تلك البلاد، فماذا سيفعل المسكين، سيلقي بنفسه بالتهلكة ولا شك، أنا أذكر جيداً أن قوله تبارك وتعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة هي عكس ما نحن نستأنس بها ونقتبس منها الآن، لكن الحقيقة أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، الآية نزلت بعد أن نصر الله عز وجل عباده المؤمنين من الأنصار والمهاجرين وكان الأنصار كما تعلمون أصحاب أرض وزرع وضرع، ولذلك ركنوا إلى هذا ولم ينشطوا للجهاد في سبيل الله يومئذ وبعد أن نصر الله عز وجل هؤلاء المسلمين صار الجهاد فرضاً كفائياً، أي لنقل الدعوة من مكان إسلامي إلى مكان آخر ليس إسلامياً، وهنا تختلف استعدادات الناس في القيام بالفروض الكفائية، ومنهم من يقنع على مذهب ذلك البدوي أو الأعرابي أو النجدي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عما فرض الله عليه في كل يوم وليلة فقال خمس صلوات في كل يوم وليلة، قال هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، فقال الرجل بكل إخلاص، والله يا رسول الله لا أزيد عليهن ولا أنقص، فكان جواب الرسول عليه السلام: أفلح الرجل إن صدق، وفي رواية أخرى دخل الجنة إن صدق، وبهذه المناسبة يحسن بي أن أذكركم بأن زيادة وأبيه، فهي زيادة شاذة وإن كانت وردت في صحيح مسلم وفي غيره من الصحاح، فإنها لا تصح ليس نفي الصحة ناتجاً من النقد الداخلي كما يقول بعض المعاصرين اليوم، وفي التعبير الحديثي نقد المتن، وإنما هو من نقد السلف، فهذه الزيادة وأبيه شاذة غير صحيحة، الصحيح أفلح الرجل إن صدق، دخل الجنة إن صدق، الشاهد من هذا الحديث قنع هذا الرجل بالقيام بما فرض الله عليه فرضاً عينياً، فإذاً هو لا يجاهد جهاد كفائي، لا يأتي
بالسنن والرواتب والنوافل والتطوع، رجل قانع بهذا، وأكثر الناس هكذا، فلما علم الله عز وجل من هؤلاء الأنصار الذين كانوا السبب للتمكين للدين في أرضهم، الركون إلى زرعهم وضرعهم وحرثهم، أنزل الله عز وجل هذه الآية ليذكرهم بأن ترك الجهاد في سبيل الله عامة هذا إلقاء بالنفس إلى التهلكة، لكن هذا كما قلت آنفاً قد يكون الإلقاء بطريقة معاكسة تماماً كما